<!--[if !mso]> <style> v\:* {behavior:url(#default#VML);} o\:* {behavior:url(#default#VML);} w\:* {behavior:url(#default#VML);} .shape {behavior:url(#default#VML);} </style> <![endif]-->
<!--<!--<!--[if gte mso 10]> <style> /* Style Definitions */ table.MsoNormalTable {mso-style-name:"Tableau Normal"; mso-tstyle-rowband-size:0; mso-tstyle-colband-size:0; mso-style-noshow:yes; mso-style-parent:""; mso-padding-alt:0cm 5.4pt 0cm 5.4pt; mso-para-margin:0cm; mso-para-margin-bottom:.0001pt; mso-pagination:widow-orphan; font-size:10.0pt; font-family:"Times New Roman"; mso-ansi-language:#0400; mso-fareast-language:#0400; mso-bidi-language:#0400;} </style> <![endif]-->
الأسد والاختيار بين روسيا وإيران
السبت 07 كانون الثاني 2017
إيهاب زكي - بيروت برس -
إنّ الطرف الذي أمر السعودية بالخرس منذ ما قبل الخروج المذل من حلب، قد يكون هو ذات الطرف الذي أمر أردوغان بتوسيع فيه للحد الأقصى، فقد بدأ العدوان الأمريكي الصهيوني على سوريا بتسليم قطر دفة القيادة، وبعد الفشل القطري تنطعت السعودية لحمل راية الإرهاب، والآن جاء دور القيادة التركية بعد الفشل السعودي. وللمفارقة أن من قدم الخدمة القصوى وفتح الطريق للقيادة التركية، كان الخصم السعودي التاريخي بوهابيته، لا الحليف القطري بإخوانيته، فالقيادة السعودية لمشروع العدوان اتخذت منحىً مذهبيًا، بعكس القيادة القطرية التي كانت تتلطى خلف شعارات حداثية وديمقراطية، رغم مذهبية نخاعها، وهذه المذهبية النافرة ساعدت أردوغان في حمل راية المذهب، ليقدم نفسه كطرفٍ وحيد قادر على مواجهة المد الإيراني. لذلك، فإنّ فشل السعودية في رشوة روسيا للتخلي عن سوريا، يعيد أردوغان تدويره باستدارته المؤقتة ليوهم أصحاب مذهبه بأنه قادر على النجاح حيث فشلت السعودية، التي كانت تقدم نفسها زعيمة المذهب ولا تقبل بمنافسين لها عربًا وأعاجم. يعوّل معسكر العداء لسوريا على تركيا باستدارتها المستجدة والمؤقتة، لتحقيق ما عجزت عن تحقيقه الرشوة السعودية لروسيا، وما عجزت عن تحقيقه بثقلها المالي والمذهبي، لذلك يقوم إعلام النفط بالتصويب على روسيا من خلال تصويرها كطرفٍ ضعيف أمام "التعنت" الإيراني لإفشال الهدنة، ولكي تثبت روسيا أنها طرف فاعل وشريك موثوق لتركيا في الحل السياسي، عليها لجم السلوكيات الإيرانية. ويقوم إعلام النفط عبر أطراف وهيئات وشخصيات "معارضة" ببث الإشاعات التي تثبت الخروقات التي تمارسها إيران عبر "أذرعها" للهدنة، واللافت أن تضطر روسيا لملاحقة تلك الشائعات بالنفي، كما حدث مع تصريح فايز سارة بمنع حاجز لحزب الله قوة روسية من الدخول إلى عين الفيجة لإصلاح منابع المياه، فاضطرت روسيا لنفيه جملة وتفصيلًا. ويمتلك المفاوض التركي من الصفاقة ما يمكنه من مواجهة المفاوض الروسي بملفات ووثائق جمعها عبر "شهود عيان" بالنهار إرهابيين بالليل، كأدلة على خروقات "النظام" للهدنة، مقابل الملفات الروسية التي تعتمد على الأقمار الصناعية والطائرات بدون طيار وكل الوسائل التكنولوجية المتاحة لقوة عظمى، وهذا من ضمن أسباب كثيرة تجعل التعويل الروسي على الاستدارة التركية هي شراء لسمك في البحر.ولكن من شدة تعويل معسكر العداء لسوريا خصوصًا النفطي منه، يصل إلى حد التبشير بقرب المأزق القاتل لـ"النظام" السوري والرئيس الأسد، حيث إن هذه الاستدارة التركية والانخداع الروسي بها سيجعل الرئيس الأسد بين خيارين لا ثالث لهما، فإما التخلي عن روسيا أو القطيعة مع إيران، وهذا لا يذكر إلا بالكيد الحمواتي الشهير بتخيير الأم ابنها بينها وبين زوجته، وهذا بالمناسبة أقصى ما يمكن أن تبدعه ما تسمى بـ"المعارضة" من سياسة، وأسمى ما يمكن أن يجترحه النفط من أفكار. أما الحلف السوري، فهو حلف أثبت فولاذيته، رغم أن أعضاءه ليسوا نسخًا متطابقة في المآلات والمنطلقات، فالتنسيق الذي يتم بشكلٍ دوري وعلى مدار الساعة كفيل بتذليل كل العقبات وتخطي كل الخلافات، ويكون الاختلاف مسموحًا قبل التوافق على قرار أو الالتزام به، كما أن قرار بحجم الذهاب إلى أستانة ليس بإمكان أي طرف تقريره بشكل منفرد، كما أن إفشاله أيضًا ليس بمتناول أي طرف منفرد، وهذا باستثناء الحكومة السورية، التي تمتلك خياراتها كصاحبة الأرض، وهي تأخذ بعين الاعتبار حقن الدماء فوق كل اعتبار. فبما أنها تمتلك قرار النصر، وهي قادرة مع حلفائها على تحقيقه في أي معركة بغض النظر عن توقيتها ومكانها، تعطي فرصة لكل مبادرة تحقن دماء السوريين وتخفف أعباء الحرب عن كاهلهم. ففشل "أستانة" يعني تحقيق الأهداف عبر الميدان بكل ما ينجم عن ذلك من دماء تسعى الدولة السورية لتجنبها، ويعني فشلًا تركيًا في تحقيق استدارة حقيقية بما يجنبها نتائج كارثية لحسم الجيش السوري ميدانيًا.فالحسم الميداني يعني إعادة البضاعة التركية من إرهابيين لأصحابها، فتصبح تركيا دار مقر للإرهاب لا دار ممر، أما نجاح أستانة فيعني أن تقوم تركيا بتسليم رقاب الإرهابيين للدولة السورية فتضمن بقاءهم خارج حدودها. وكما قال اليوم زير الخارجية التركي "إن تحرير إدلب خرق لاتفاق الهدنة"، ولكن إعادتها للدولة السورية ليس خرقًا للهدنة، وهذا هو خيار تركيا الأمثل للحفاظ على ما تبقى من أمنها وتماسكها. أما سوريا فليست بين اختيارات معقدة وقاتلة، هي فقط بين اختيارين، إما انتصار عبر حلٍ سياسي يضمن وحدتها الجغرافية والشعبية وسيادة قرارها، وإما عبر حسمٍ عسكري يؤدي إلى ذات النتائج، وهي تفضل الخيار الأول بما يحمل من مؤونة أقل على كل المستويات. أما أهداف حلف دمشق، فدون تحقيق هذه الأهداف السورية المحضة، لا يمكن لأيٍ منهم تحقيق أهدافه، فإيران وحزب الله دون تحقيق هذه الأهداف لا يمكن لهما الحفاظ على عمود خيمة المقاومة دمشق، ولا الحفاظ على عمق استراتيجي للمقاومة في لبنان أو فلسطين، وبالتالي خوض معارك مصيرية مع كيان العدو الصهيوني. وأما روسيا فدون أن تحقق دمشق أهدافها تلك، فلا يمكن لها العودة كقوة عظمى فاعلة ومؤثرة وقادرة على خوض الحرب وصنع السلام، فدمشق ليست مخيرة بين الروس والإيرانيين، هم حلف يخير العالم بين تحقيق أهدافه سلمًا أو حربًا، وهو يثبت أنه قادر على تبني كلاهما وتحقيقه.
ساحة النقاش