<!--[if !mso]> <style> v\:* {behavior:url(#default#VML);} o\:* {behavior:url(#default#VML);} w\:* {behavior:url(#default#VML);} .shape {behavior:url(#default#VML);} </style> <![endif]-->
<!--<!--<!--[if gte mso 10]> <style> /* Style Definitions */ table.MsoNormalTable {mso-style-name:"Tableau Normal"; mso-tstyle-rowband-size:0; mso-tstyle-colband-size:0; mso-style-noshow:yes; mso-style-parent:""; mso-padding-alt:0cm 5.4pt 0cm 5.4pt; mso-para-margin:0cm; mso-para-margin-bottom:.0001pt; mso-pagination:widow-orphan; font-size:10.0pt; font-family:"Times New Roman"; mso-ansi-language:#0400; mso-fareast-language:#0400; mso-bidi-language:#0400;} </style> <![endif]-->
أردوغان وزلازل «المايكروفون»
السبت 26 تشرين الثاني 2016
إيهاب زكي - بيروت برس -
يوم الخميس في الرابع والعشرين من شهر تشرين الثاني/نوڨمبر، تعرضت القوات التركية داخل الأراضي السورية إلى هجومٍ أدى إلى مقتل ثلاثة جنود أتراك وجرح آخرين، وعلى الفور قامت تركيا باتهام الجيش السوري بالوقوف خلف هذا الهجوم رغم الصمت السوري، وتوعدت بردٍ مزلزل على حد تعبير رئيس الوزراء التركي بن علي يلدريم. وباستثناء قبائل الإخونج وبعض عشائر السلف الذين يعتقدون بنبوة أردوغان أو نصف ألوهيته، فإنّ الجميع يدرك ماهية الزلازل التركية وحدودها، حيث أنّ الشيء الوحيد الأكثر شعورًا بتلك الردود الزلزالية هو "المايكروفون". وفي نهاية ذات اليوم، تعرضت القوات التركية لما قالت إنه هجوم ثانٍ أدى إلى مقتل جندي تركي، ولكن هذه المرة نسبت الهجوم إلى طائراتٍ مجهولة، وهذا التجهيل يعني خشيتهم على ذوي القلوب الضعيفة من أنصارهم بعدم القدرة على احتمال الزلزلة الثانية بعد الزلزلة الأولى، هؤلاء الأنصار الذين لم تستطع مداركهم بعد ملامسة الحقيقة المطلقة، والتي مفادها أن تركيا أردوغان لا تستطيع اتخاذ أي قرارٍ دون غطاء أمريكي وأضواء خضراء روسية وإيرانية، كما قرار دخوله الأراضي السورية.
تورط الأتراك بالتصريحات الزلزالية كعادتهم بهواية استجلاب مقت الله، حيث أنهم يقولون ما لا يفعلون، فهم يدركون ما لا يدركه أنصارهم من قبائل وعشائر بعد، بأن"المايكروفون"هو الكائن الوحيد والمسكين الذي يحتمل زلازلهم، وبما أنهم فقدوا الغطاء الأمريكي للرد المزلزل، فلجئوا إلى استجداء الأضواء الخضراء، فقام أردوغان بالاتصال بالرئيس الروسي، ووصل وزير خارجيته إلى طهران في زيارة مفاجئة، وبعيدًا عن الصياغة الكلاسيكية لوكالات الأنباء، التي اعتبرت أن الطرفين ناقشا الوضع السوري، فإنّ التحرك التركي يبحث عن ضوء أخضر من روسيا وإيران لردٍ يحفظ ماء الوجه إن وجد، وإلا فمحاولة بيع ماء الوجه والسكوت ونسيان المزلزلات مقابل استخلاص بعض المكاسب سياسيًا أو اقتصاديًا. ولا أستطيع الجزم بماهية تلك المكاسب، ولكن ما أستطيع الجزم به، هو أن أردوغان أدرك ويدرك أن المرور تحت القدم "الإسرائيلية " هي الطريق الأقصر للقدرة على ابتزاز أوروبا دون خشية العواقب ومحاباة أمريكا، لذلك فهو شديد الحرص على علاقته بـ"إسرائيل"، وتكاد تكون هي الحليف الوحيد له في المنطقة، هذا إذا ما استثنينا قطر وعاصمتها الإستراتيجية قناة الجزيرة.
وبالمناسبة، فقد استضافت الجزيرة كاتبًا تركيًا وسألته عن طبيعة الردود التركية تلك، فقال إنّ الأمر ستتم معالجته دبلوماسيًا من خلال الاتصال مع روسيا أو حتى مع"النظام"السوري بشكلٍ مباشر، فشكره المذيعون وأنهوا اللقاء، فهذه الإجابة لا تتناسب مع ما تتوقعه الجزيرة من زلازل. وقد لفت نظري جملة في خاتمة دراسة أعدها مركز دراسات وهو أحد الأذرع الإعلامية لقطر كما الجزيرة، حيث يبدو أنها تختصر استراتيجية الإبقاء على استمرارية العدوان على سوريا وديمومته، وهي الآتي "إنّ عدم التوصل إلى اتفاق دولي-إقليمي حول الانتقال السياسي في سوريا، سيُبقي فرص المعارضة في تحسين شروطها السياسية والعسكرية قائمة"، وهذه الجملة هي الوجه الآخر لما اقترحه ديمستورا بعد مغادرته دمشق ونفيه تقديم اقتراح الإدارة الذاتية، ووقاحة تقديمه ذلك المقترح الفضيحة يتناسب تمامًا مع كذبة نفيه، أما مبادرته الجديدة والتي تقترح تقاسم سلطات رئيس الجمهورية مع رئيس حكومة ورئيس برلمان، ومشاركة ما أسماها "الغالبية السنية" في محاربة داعش، والتي دونها لا يمكن إيقاف العنف، وأن مصير الأسد يتحدد بالتفاوض بين الأطراف السورية، فهي الوصفة السحرية لتطبيق استراتيجية تلك الجملة، حيث الدوران في الفراغ لمنع أي توافق دولي-إقليمي على أي حل سياسي للأزمة السورية، لذلك فلا حلول سياسية خارج الميدان.
وبالرجوع عن الاستطراد حول مبادرة ديستورا والعودة إلى تركيا، فاللافت أن تهديد أردوغان بإغراق أوروبا باللاجئين هذه المرة لم يكن على خلفية المطالبة بمناطق آمنة، كما ادعى دائمًا حرصًا على حياة السوريين،بل على خلفية قرار البرلمان الأوروبي -غير الملزم- بتعليق مفاوضات انضمام تركيا للاتحاد الأوروبي، أي أنه يتخذ من مليوني لاجئ سوري رهائن لممارسة الابتزاز المالي والسياسي، بشكل يكاد يتفوق على طباع النخاسين دناءةً، ومن الأخلاق أن يفتح لهم حدود بلادهم كما شرعها للإرهاب ليعودوا إليها. ويقول الكاتب التركي أحمد تاشكاتيران في أبلج تصوير لمنطق أردوغان وحزبه لمفهوم الأخلاق "على الغرب أن يدرك أنّ هذه المنطقة لن تقبل بإذلال أردوغان، وسيتعرض الغرب لاختبار فيما إذا كان قد استوعب أم لم يستوعب الحقبة التي نعيشها"، وهذا يعني أنّ المنظومة الأخلاقية لأردوغان وجماعته تقتضي أنه من المشروع أن يحرقوا هذه المنطقة، إن رفض الغرب استعبادهم بما يتناسب مع قدراتهم.
ساحة النقاش