<!--[if !mso]> <style> v\:* {behavior:url(#default#VML);} o\:* {behavior:url(#default#VML);} w\:* {behavior:url(#default#VML);} .shape {behavior:url(#default#VML);} </style> <![endif]-->
<!--<!--<!--[if gte mso 10]> <style> /* Style Definitions */ table.MsoNormalTable {mso-style-name:"Tableau Normal"; mso-tstyle-rowband-size:0; mso-tstyle-colband-size:0; mso-style-noshow:yes; mso-style-parent:""; mso-padding-alt:0cm 5.4pt 0cm 5.4pt; mso-para-margin:0cm; mso-para-margin-bottom:.0001pt; mso-pagination:widow-orphan; font-size:10.0pt; font-family:"Times New Roman"; mso-ansi-language:#0400; mso-fareast-language:#0400; mso-bidi-language:#0400;} </style> <![endif]-->
الصورة والحكاية
الثلاثاء 25 تشرين الأول 2016
إيهاب زكي - بيروت برس -
تداولت بعض الصحف والمواقع صورة لامرأة سورية في مخيم كيليس التركية، وهي تقوم بتقبيل يد وزير الخارجية الفرنسي، وليس من السهل تجاوز هذه الصورة برغم كل ما افتعلته ما تسمى بـ"المعارضة السورية" من ذلٍ وتذلل، فما زال فينا عروقٌ تنبض، وبرغم أنها نتيجة ثابتة وقطعية لأهداف ما يسمى بـ"الثورة السورية" في حال نجاحها، وهي نتيجة حتمية لـ"ثورة" اتخذت من أذلاء الصحاري أدلاء عز ونباريس هدى، فإذا كان الغراب دليل قومٍ، يمر بهم على جيف الكلاب، إلا أنه لا يمكن بأي حال من الأحوال أن تكون هذه صورة عابرة، فالإجلال الذي تمارس به المرأة قُبلتها، واللاتمنع حد الانتشاء الذي تبدو عليه يد الوزير الفرنسي، تجعل من أشد الناس بلادةً واستهتارًا يتلوون قهرًا وقرفًا، فلم يحظ هذا الوزير بقبلة إجلال وامتنان فرنسية ولن يحظى بها وإن عَمَّر، ولا أعرف دوافع هذه الأم لممارسة هذا الفعل المشين، إن كانت مالية أو غذائية أو اعتيادية، ولكن لم نجد أي تعليق من "ثوار الحرية والكرامة"، بعكس لو كانت الصورة لنفس المرأة وهي تُقبل يد الرئيس الأسد مثلًا، لأصبحت دليلًا على معادلة إما تقبيل يدي وإما البراميل، هذا على الرغم من أن إباء وحياء الأسد يأبى له السماح بتلك القبلة بعكس نذالة الوزير الفرنسي ووقاحته.
هذه المقدمة وإن بدت طويلة إلا أنها تتناول صورة تختزل الصراع معنا والعدوان علينا مهما اختلفت دوافعه التجميلية الكاذبة، فالغرب وعلى رأسه الولايات المتحدة يمارس العدوان تحت عناوين إنسانية وديمقراطية، وكما قال أحد شيوخ العراق "إذا كان لا إكراه في الدين، فهل تكون الديمقراطية بالإكراه". ولأن الولايات المتحدة تريد إكراهًا ديمقراطيًا، فقامت بصناعة أبشع ثيوقراطية تبناها عقل بشري، وهذا حتى تصبح خياراتنا محدودة، بين ثيوقراطية غربية غير مباشرة وبين ديمقراطية غربية مباشرة، فإما البغدادي والجولاني وأشباههم، وإما كيلو والجربا وحجاب وأشكالهم. وأما أتباع الغرب من نُظم ومنظمات مدنية وعسكرية ومثقفين وإعلاميين، فهم يمارسون العدوان كلٌ حسب مشاربه، فإما قوميات أو مذهبيات أو حريات وإنسانيات. وبما أننا في زخم معركة الموصل فلنأخذها مثالًا، فبالرغم من تنوع الجبهات وتنوع المقاتلين وخلفياتهم، يتم تصوير الأمر نفطيًا باعتباره حربًا مذهبية، وحين يظهر رجل دين سني أو إعلامي سني أو أي شخص سني مهما كان موقعه تأييدًا للجيش العراقي والحشد الشعبي، يتم رميه بهتانًا أنه لا يمثل أهل السنة، ويتم رشوتهم لتمرير مشاريع مذهبية، وحين نتتبع هذه التهمة بعدم التمثيل وكل من يصيبونه بها، نصل إلى خلاصة واحدة لا ثانية لها، وهي أنه لا يمثل أهل السنة في الموصل وعموم العراق والمنطقة سوى داعش.
بعد سبات عقيم استيقظ الملك السعودي-زعيم العروبة حينًا وزعيم السنة أحيانًا حسب ما تقتضيه المصالح الإسرائيلية- على قرار بمواصلة كفاح "إرهاب" حزب الله، ولا أعرف ما الذي كان يدور في رأس الملك من وسائل حين جدد إعلان الحرب على الحزب، قد يكون "DNA" نديم قطيش مثلًا، وشدد على "الاستمرار في العمل مع الشركاء في أنحاء العالم لكشف أنشطته الإجرامية والإرهابية"، وطبعًا على رأس الشركاء المعنيين بالحرب السعودية على حزب الله هي "إسرائيل"، تأتي وهذه اليقظة الملكية بُعيد بوادر انفراج أزمة الفراغ الرئاسي في لبنان، بما تحمل من ضمانات لتولي سعد الحريري رئاسة الحكومة، وسيرتكب الحريري خطًا مميتًا على مستوى مستقبله السياسي، إن اعتقد أنه سيشكل رافعةً لمشروع سعودي ينهزم في كل المنطقة، من خلال التجني على الحزب تلبيةً للرغبات الملكية، وعليه أن يستفيد من تجربة الفراغ الرئاسي للحد الأقصى، فلم يستمعوا للسيد نصرالله حين كان يكرر "لا تراهنوا على التغييرات وانقلاب الموازين، وتعالوا ليكون الرئيس قرارًا لبنانيًا خالصًا"، ولكن العناد والأوهام أطالا أزمة الرئاسة، وهذه نصيحة يجب الاستفادة منها للحد الأقصى بأن لا يراهنوا على عربةٍ سعودية تسير بسرعة قياسية نحو الهاوية.
وتشكل مبادرة ولد الشيخ المبعوث الأممي-السعودي-لليمن أحد سمات الهزائم السعودية، فرغم كم الحقد اللامسبوق الذي يحمله آل سعود، ولا يوازيه إلا كم السلاح والدعم الذي استخدموه وحازوه في عدوانهم على اليمن، فقد بدئوا يخضعون للإرادة اليمنية رويدًا رويدًا منذ بدء مفاوضات الكويت، وقد سأل مذيع الجزيرة أحد روادها اليمنيين، هل يحق للحوثيين بعد هذه المبادرة إعلان النصر، ولكن الضيف استكبر وقال "لا، لكنهم لم ينهزموا وما زلنا في منتصف الطريق فلم تنته الحرب". وإن استمرار العدوان طرديًا مع استمرار الصمود اليمني، سيجعل من هذه المبادرة -برغم ما فيها من هوان سعودي- مجرد حلمٍ لن يناله آل سعود، وعليهم إن أرادوا نجاةً وإن تلطخت بأوحال اليمن، أن يستسلموا للإرادة اليمنية دون قيدٍ أو شرط، وهو بكل الأحوال أفضل من استبدال صورة تلك المرأة بالملك سلمان والوزير الفرنسي بأصغر طفلٍ يمني، إن سمح له أطفال اليمن بحيازة هذا الشرف.
ساحة النقاش