<!--
<!--<!--<!--
بانوراما ميدانية من حلب الى خان الشيح..
السبت 29 تشرين الأول 2016
عمر معربوني - بيروت برس - *ضابط سابق - خريج الأكاديمية العسكرية السوفياتية.
ليس مفاجئًا ما نشاهده من تصعيد على اغلب الجبهات السورية وخصوصًا جبهات حلب، فما يحصل هو النتيجة الطبيعية لفشل كل أشكال الاتصال بين روسيا وأميركا وفشل الهدنة الأخيرة التي أعلنت عنها الدولة السورية مع روسيا، والتي تهدف الى خروج حوالي ألف مسلح من جبهة النصرة وتسهيل خروج الأهالي من الأحياء الشرقية لحلب عبر ممرات خاصة تم توفير كل ما يلزم من إمكانيات عندها لاستقبال المواطنين الذين كان يُفترض أن يخرجوا عبرها.
على المستوى الميداني لجبهات حلب، كان متوقعًا أن تقوم الجماعات المسلحة بهجمات جديدة معتمدة نفس الأساليب والأنماط التي اعتمدتها خلال هجومها على منطقة الكليات العسكرية، حيث حشدت على محوري الزهراء شمال المدينة والبحوث العلمية غربها آلاف المسلحين.
الهجوم الذي بدأته الجماعات المسلحة اعتمد نمط الأنساق الثلاثة، حيث كانت المفخخات في النسق الأول لإحداث الخرق في خطوط دفاع الجيش السوري وحلفائه، بينما تولى الإنغماسيون المهمة التالية عبر استغلال انفجارات المفخخات للتسلل الى داخل الخطوط وتفجير أنفسهم فيها لتبدأ بعدها مهمة مجموعات الاقتحام التي اعتمدت على العربات المدرعة للانتقال من مواقع تموضعها الى نقاط الترجل تحت غطاء ناري كثيف.
الجيش السوري وقوات الحلفاء التي باتت تمتلك الخبرة في التعاطي مع هذه الأنماط الهجومية أخلت بعض مواقعها الأولى لتخفيف أضرار الهجمات، وانتقلت الى كمائن معدّة مسبقًا ضمن ممرات إجبارية لتبدأ عملية اصطياد عناصر الجماعات المسلحة، حيث تشير المعلومات الى وقوع أكثر من 500 قتيل وألف جريح حتى اللحظة ومنذ بدء الهجمات.
هذا التدبير الذي تعتمده وحدات الجيش السوري هو الإجراء الأفضل لاحتواء صدمة الهجمات، ومن ثم وضع المهاجمين ضمن بقعة مسيطر عليها بالنار لاستنزافهم أطول فترة ممكنة، مع اعتماد أسلوب استهداف خطوط الإمداد القريبة والبعيدة للمسلحين الذي يقعون ضمن بقع القتل.
وان كان الكلام عن نتائج الهجمات سواء على جبهة ضاحية الأسد أو الزهراء مبكرًا، إلّا أننا ومن خلال معرفة تفاصيل عديدة عن طبيعة أنماط القتال لدى الجماعات المسلحة والجيش السوري يمكننا القول أن نتيجة هذه الهجمات ستكون مماثلة لنتيجة معركة الكليات العسكرية، وما المسألة إلا مسألة وقت ترتبط بسير العمليات، حيث يمتلك الجيش السوري معطيات تمكنه من التحكم بسير المعركة الى حد كبير، حيث استفاد القادة الميدانيون من التجارب في معارك سابقة على نفس المحور وفي محاور أخرى.
في جبهات حلب نتوقع أن يكون التصعيد كبيرًا وان تستمر المعارك الجارية، حيث يمكن أن تكون هذه المعارك مجرد معارك إلهاء وإشغال للجيش السوري بهدف تشتيت قواته وعدم تمكينه من التعامل مع أي تقدم للمسلحين المدعومين من تركيا على جبهة مدينة الباب، وهو الأمر الذي تتنبه له القيادة العسكرية السورية وتترك له احتياطيًا بشريًا وتسليحيًا يمكنها من خلاله التعاطي مع أية مستجدات ميدانية سواء على جبهات المدينة الداخلية أو على جبهات الأطراف المباشرة للمدينة، مع قناعتي أن استعادة الجيوب التي تغلغلت بها الجماعات المسلحة لن يكون صعبًا وسيتم ضمن التوقيت الملائم.
في ريف حماه الشمالي، كان لاستعادة بلدة صوران وقع ايجابي على سير العمليات ببعدها الموضعي واستعادة الوضع السابق المرتبط بأهمية المنطقة التي استعادها الجيش السوري، حيث تشكل المنطقة مساحات تموضع تؤمن لمدينة حماه الدفاع البعيد عن مداخل المدينة مما يمنح المدينة عوامل أمان أوسع واصلب، إضافة الى وقوع المناطق المحررة على أطراف ذات قرب متوسط من خط الربط مع مدينة حلب عبر طريق إثريا – خناصر الذي يمر عبر مدينة حماه. وعليه، يمكن اعتبار العمليات الحالية مندرجة ضمن معارك القتال المتحرك المرتبطة بشكل أساسي بالطريق الواصل الى حلب التي يدور الصراع حولها بأبعاد إقليمية ودولية تتجاوز البعد المحلي.
التطور الأبرز اليوم كان مواكبًا للحظات كتابة هذه المقالة، حيث استطاعت وحدات الجيش السوري من التشكيلات المقاتلة في المنطقة أن تُحكم الطوق بالكامل على خان الشيح وتعزلها عن كامل محيطها، وهو أمر هام جدًا حيث ستتجه الأمور إمّا نحو استكمال العمليات العسكرية أو الدخول في تسوية أو مصالحة. وهنا لا بد من ذكر أن المقيليبة وزاكية التي تسير فيها الأمور نحو المصالحة كانتا تشكلان قاعدة إمداد خلفية لخان الشيح، ومع سيطرة الجيش السوري على كتيبة الدفاع الجوي بين زاكية وخان الشيح وكذلك قلعة زاكية انهارت الجماعات المسلحة ضمن خطوط تموضعها وتراجعت الى تخوم خان الشيح، وبات الجيش يسيطر على منطقة الطريق الترابي التي كانت تعتبر هامش مناورة وتحرك للجماعات المسلحة بين زاكية وخان الشيح.
إنّ عزل خان الشيح سيزيد الضغط على زاكية للدخول في مصالحة، وسيسرع الضغط من داخل خان الشيح على الجماعات المسلحة للدخول في مصالحة أو تسوية، وإلّا فإننا سنكون أمام مرحلة من الضغط العسكري عبر استكمال العمليات للسيطرة عسكريًا على المنطقة والتي يمكننا القول انه بالسيطرة عليها ستكون المنطقة ما بين منطقة المثلث على مشارف منطقة القنيطرة والعاصمة دمشق تحت السيطرة الكاملة للجيش السوري، وهو بحد ذاته انجاز كبير سيزيد من قدرة الجيش على استكمال عملياته في المنطقة الجنوبية.
ساحة النقاش