<!--[if !mso]> <style> v\:* {behavior:url(#default#VML);} o\:* {behavior:url(#default#VML);} w\:* {behavior:url(#default#VML);} .shape {behavior:url(#default#VML);} </style> <![endif]-->
<!--<!--<!--[if gte mso 10]> <style> /* Style Definitions */ table.MsoNormalTable {mso-style-name:"Tableau Normal"; mso-tstyle-rowband-size:0; mso-tstyle-colband-size:0; mso-style-noshow:yes; mso-style-parent:""; mso-padding-alt:0cm 5.4pt 0cm 5.4pt; mso-para-margin:0cm; mso-para-margin-bottom:.0001pt; mso-pagination:widow-orphan; font-size:10.0pt; font-family:"Times New Roman"; mso-ansi-language:#0400; mso-fareast-language:#0400; mso-bidi-language:#0400;} </style> <![endif]-->
المحيسني من الهروب إلى إسقاط الطائرة الروسية
الثلاثاء 02 آب2016
إيهاب زكي - بيروت برس -
لله جنودٌ لم تروهم ولا تعرفونهم، هذه القاعدة هي التفسير العلمي والمنطقي والفقهي وليس الصدفة لتزامن الدعوة الأمريكية لفتح جبهة جنوبية في سوريا تحت ذريعة محاربة الإرهاب مع دعوة المدعو عبدالله المحيسني لفتح نفس الجبهة وتوحيد جهود "المجاهدين" لقتال "النظام"، فقد أصدر المذكور فتوى مع 50 "عالمًا وطالب علم" -كما جاء في مقدمة الفتوى- بحرمة البقاء تحت راية أي فصيل لا يفتح معارك جديدة مع النظام جنوبًا لتخفيف الضغط عن المجاهدين في حلب وداريا، ومن لم يفعل فقد خان الله ورسوله وهذه "الثورة". الفرق الوحيد بين فتوى وزير الدفاع الأمريكي آشتون كارتر وفتوى المحيسني أن كارتر لم يتحدث باسم الله، وهذا التزامن يذكرنا بتزامن وصول المحيسني إلى سوريا مع انتقال الملف السوري من اليد القطرية إلى اليد السعودية وبندر بن سلطان بشكل قيادي تخطيًا لمنطق المناصفة أو القيادة القطرية التي كانت سائدة، فقد وصل المحيسني إلى سوريا بعد ثلاثة أشهر أو يزيد من تاريخ الإنقلاب الأبيض واستلام تميم للحكم بدلًا عن أبيه في حزيران/يونيو 2013.
لا يوجد شبه بين الحبكة الروائية لوصول المحيسني إلى سوريا إلّا حبكة فك ارتباط النصرة بالقاعدة، حيث يدَّعي أنه حين شعر باقتراب اعتقاله من قبل السلطات السعودية-وهو الذي لا سوابق اعتقالية له ولا جهادية- قرر الزهد في شهادة الدكتوراه التي كان على وشك مناقشتها والهروب من السعودية، وذلك بعد أن تم منعه من السفر، ورغم أن في رقبته وفي رقبة أبيه بيعة لعائلة آل سعود، وهم في الفقه القاعدي من الطواغيت الذين تجب البراءة منهم فلم يتبرأ، وأباه من القراء الشهيرين والموالين لآل سعود والذي بدوره لم يعلن البراءة أو حتى الاستنكار لالتحاق إبنه بالخوارج، وهي الصفة التي تطلقها المؤسسة الكهنوتية لآل سعود على كل من يخالفهم الرأي، خصوصًا القاعدة وأتباعها ومتفرعاتها في الداخل السعودي. أما في الخارج، فهم مجاهدون وثوار خصوصًا حين يقاتلون لتحقيق المصالح الأمريكية، والمخالفة في الرأي هنا ليس القصد منها الخلاف الفقهي أو المرجعي فهم فيه سواء، إنما الخلاف يدور حول أحقية آل سعود بقيادة ونشر واستغلال الفكر الوهابي، وليس من حق القاعدة بكل متفرعاتها ادعاء الأحقية بذلك، بل ما عليها سوى التنفيذ، كما حدث حين غزا صدام حسين الكويت، فقد أرسل أسامة بن لادن رسالة للملك فهد بن عبدالعزيز يعرض خدمات "المجاهدين" لمحاربة العراق وإخراجه من الكويت.
وتعتبر تجربة المحيسني محاكاة لتجربة بن لادن، حيث تكرر المخابرات السعودية بتوجيهات أمريكية نفس السيناريو، حيث افتتح المحيسني مكتب "دعاة الجهاد" في سوريا على غرار مكتب "جهاد العرب" الذي افتتحه بن لادن إبان الغزو السوفييتي لأفغانستان، وكما تقول سيرة بن لادن فقد كان شغوفًا بالجهاد منذ نعومة أظافره، وهذا ما يقوله المحيسني عن نفسه، كما وبدأ بن لادن بحملة علاقات عامة لصالح المجاهدين الأفغان وجمع التبرعات قبل أن يقرر المكوث هناك. يقول المحيسني إنه دأب على جمع التبرعات لـ"مجاهدي الشام" قبل أن يقرر الهروب إليها والمكوث فيها، بينما كان أسامة بن لادن يتنقل كثيرًا بين السعودية وأفغانستان لم نسمع أن المحيسني قام بأي زيارة للسعودية بعد هروبه منها، فلن تكون زيارته منطقية بحكم أنه من الهاربين، ولكن هناك الكثير ممكن يتلقون دعم المحيسني يحجون ويعتمرون ويطوفون حول أجهزة المخابرات السعودية، ويزورون المملكة سرًا وعلانية، وحتى لو قام المحيسني بالإعلان عن زيارة لها فليس هناك من حرج، حيث أن السلطات السعودية لم تعلن أنه مطلوب لديها، فهو من قال أنه مطلوب هارب، وفي حين قرر العودة قبل أن تطاله يد الجيش السوري ليعرف الفرق بين الجهاد والقوادة سيخضع لحفلة مناصحة إعلامية ويعلن توبته على طريقة المناصحات السعودية، ليعود بعدها إلى دور آخر تحدده له المخابرات الأمريكية، وقد يكون جهاد النفس بمرافقة أنور عشقي إلى "تل أبيب".
في معرض تعليقه على فك ارتباط النصرة بالقاعدة، اعتبر المحيسني أنها دليل زهد وتقوى من "الأمير" الجولاني، حيث أنه تنازل عن إمارة القاعدة في الشام ليصبح أميرًا لفصيل شامي دون أي ارتباطات، وذلك في سبيل حرصه على وحدة "المجاهدين" ودمائهم، حيث وجه نداءً لجميع الفصائل للتوحد تحت هذه الراية لمحاربة "النصيرية والعلوية والرافضة"، وفي ذات الوقت الذي يدعو فيه لحرب هؤلاء اعتبر أن هذه الخطوة تعد اختبارًا للغرب وأمريكا وادعاءاتهم بالديمقراطية والحريات وحقوق الإنسان، رغم أن أمريكا تنافح عن اعتدالهم قبل التحول، إلا أنه قال تقصفوننا بحجة القاعدة فالآن لا قاعدة بيننا، والتاريخ سيحكم عليكم، ولا أعرف لماذا لا يترك "النصيرية والعلوية والرافضة" كالغرب للتاريخ ليحكم عليهم، بل يحكم عليهم في الدنيا بالقتل وفي الآخرة بالنار. وفي التسجيل الأخير له وهو يعلن عن معركة فك حصار حلب، كان شديد التوتر حد الإباحية، وهذا النوع من التحريض يعطينا فكرة عن نوعية الذهنية التي يخاطبها المذكور، ذهنية القُصَّر والجهلة أو كلاهما، وهي الفئة الأكثر قابلية للاحتناك والركوب، وتنقية هؤلاء من اللوثة الوهابية قد تكون المعركة الأشرس بعد انتهاء المعارك العسكرية.
تقول إحدى القواعد الفلسفية علة العدم عدم العلة، وهذه القاعدة تنطبق على العدم في أدمغة تلك المجاميع الإرهابية تابعها ومتبوعها، فهي لا تحتاج لمناطه حيث التفكير، فهي تنفذ الأوامر بلا عقل فلا علة لوجوده، كحادثة إسقاط الطائرة، حيث أنها جاءت بعد ثلاثة أيام من إعلان فك ارتباط النصرة بالقاعدة، وهي المظلة الأمريكية لحماية النصرة وإرهابها من الضربات السورية الروسية. ويبدو أن الولايات المتحدة استحضرت سحل طياريها في الصومال عام 1993، مما اضطرها للانسحاب مباشرة، فأوحت للمحيسني عبر رؤسائه في المخابرات السعودية بإعادة المشهد من باب التأثير على قرارات بوتين من خلال صدمة الرأي العام الروسي، مما سيشكل ضغطًا فتبادر القيادة الروسية بقرار الانسحاب أو على الأقل عدم رفع سقف المشاركة، ومن ناحية أخرى عدم خسارة ورقة الضغط الأمريكي للدفع باعتدال النصرة من خلال إعلان النصرة عن جثمانين فقط من مجموع خمسة، حتى يتسنى اتهام فصيلٍ آخر بعملية السحل أو لـ"المدنيين" الذين اكتووا بالغارات الروسية. وهذا التذاكي حسب الرؤية الأمريكية يجعلها تفوز أيًا كانت النتائج، باستثناء أن يعتبر بوتين أن هذه العملية حافزًا للبدء من المربع الأول، حيث العودة للمنطق السوري بأن كل من حمل السلاح ضد الدولة فهو إرهابي وبالتالي فهو هدف مشروع وهو الأرجح.
ساحة النقاش