<!--[if !mso]> <style> v\:* {behavior:url(#default#VML);} o\:* {behavior:url(#default#VML);} w\:* {behavior:url(#default#VML);} .shape {behavior:url(#default#VML);} </style> <![endif]-->
<!--<!--<!--[if gte mso 10]> <style> /* Style Definitions */ table.MsoNormalTable {mso-style-name:"Tableau Normal"; mso-tstyle-rowband-size:0; mso-tstyle-colband-size:0; mso-style-noshow:yes; mso-style-parent:""; mso-padding-alt:0cm 5.4pt 0cm 5.4pt; mso-para-margin:0cm; mso-para-margin-bottom:.0001pt; mso-pagination:widow-orphan; font-size:10.0pt; font-family:"Times New Roman"; mso-ansi-language:#0400; mso-fareast-language:#0400; mso-bidi-language:#0400;} </style> <![endif]-->
صراع العبودية وسؤال آل سعود
السبت 30 تموز 2016
إيهاب زكي - بيروت برس -
يقول رئيس وزراء بريطانيا الأشهر وينستون تشرشل "السياسة هي أن تأخذ الناس إلى الجحيم بطريقة تجعلهم يسألونك عن الطريق المؤدي إليه"، وهذا يجعل السياسة أكثر من كونها "أفيون الشعوب" كما قال ماركس عن الدين، خصوصًا أنه لم يكن يقصد الفهم الشائع شعبيًا الذي قام بترسيخه الضخ الإعلامي للرأسمالية عن كونه تحقيرًا للدين، بل كان يقصد أنه سلة المضطهدين، لذلك يزهدون في حقوقهم الدنيوية مقابل التطلع لثواب الآخرة-أو هكذا على الأقل أنا أفهم مغزاه بعيدًا عن التطبيق العملي السوفييتي-، ولكن شعار تشرشل هو التعبير الحقيقي عن مفهوم الاستحمار عند مالك بن نبي، كما أنه صورة فاضحة عن ثقافة القطيع، وهو فهم بريطانيا العظمى للحريات والديمقراطية على المستوى المحلي، أما على المستوى الإمبراطوري فهي كوَريثتها أمريكا تتصرف كعصابة من قطاع الطرق منذ ما قبل حرب الأفيون الأولى، واللافت أن فرنسا -أحد أطراف الثالوث الإمبريالي في تلك الحرب- بلد"التنوير والعلمانية" اشترطت على الصين كطرفٍ مهزوم أن يكون لها حق التبشير الكاثوليكي، فيما هذا الثالوث ذاته يصر على حقه في التبشير للدفاع عن أهل السنة "المعتدلين" كالجولاني مثلًا، وهذه العجالة التاريخية ليست إلا واقعًا نلمسه وليس مجرد أسطرًا في كتب.رغم أنّ هناك ما يقارب القرن من الزمان بين مقولة تشرشل وما قاله اليوم المبعوث الخاص للرئيس الأمريكي في التحالف لمحاربة الإرهاب بريت ماكغورك، إلّا أنه المتن ذاته والمنطلقات ذاتها وإن اختلفت الوجوه والتواريخ والأسماء، حيث قال إنّ "الرئيس السوري يقول أنه سيعيد كل شبر من الأراضي السورية، وهذا نوع من الخيال العلمي، وهو لن يحدث أبدًا"، وهو ينطلق من افتراض أنّ شعوب القطيع ستسأله عن طريق الجحيم حين يبشرها به. فهو يعتقد أن ما صنعوه في سوريا من جحيم على أسس دينية مذهبية وطائفية سيجعل من تبشيره بالتقسيم جنة مقارنة بجحيم الواقع الذي افتعلوه، كما أنهم ينطلقون من "أفيَّنة" الدين، ولكن ليس بالمفهوم الماركسي بل بالمفهوم الوهابي، حيث الدين رسن المضطهدين لا سلواهم، وهذا التقسيم الذي يحاول أن يدفعنا للتساؤل عن طريقه هو أصل العدوان على سوريا، والاعتدال الذي أعلن عنه الجولاني يأتي في إطار هذا الهدف، فالولايات المتحدة كانت تتجنب توجيه القصف لجبهة النصرة، كما كانت تتلكأ بتقديم لوائح الفصل بين النصرة والمعتدلين، وأنه من غير الممكن لروسيا أو سوريا استهداف النصرة بحجة تداخل مواقعها مع "معتدلين"، والهدف هو حماية النصرة لحين اكتمال حفلة المكياج ومواقع التصوير لدعابة الجولاني بالتحول لمعتدل.
وهنا من المفيد التذكير ولو بعجالة بالتطور التاريخي لموقف ما يسمى بـ"المعارضة" السورية من جبهة النصرة، فقد بدأت بالمنافحات والمرافعات القانونية والسياسية التي كان يمارسها جورج صبرا وميشيل كيلو والجربا والخطيب وكل أعضاء ما يسمى بـ"المعارضات" السورية عن جبهة النصرة، وأن تصنيفها كحركة إرهابية هو استهداف لـ"الثورة السورية"، ثم مرحلة من الصمت الذي يعني القبول بأنها حركة إرهابية، ثم مرحلة اشتراط إعلان انفصالها عن القاعدة لاعتبارها حركة ثورية ومقاتلة من أجل الحرية، وكل هذه المراحل تنم عن طبيعة المراوغات الأمريكية والتبعية المطلقة لأدعياء الثورة والحرية، فقد كانت النصرة وداعش بالنسبة للولايات المتحدة كفَرَسيّ رهان. وفي مقالٍ هنا قبل ثلاثة أعوام قلت بأنّ النصرة ستفوز بالرهان، وأن داعش ستكون كبش فداء للنصرة، باعتبار داعش شياطين الإنس والنصرة ملائكتهم، وكانت ديباجة وخاتمة كل المرافعات عن النصرة تنطلق من اعتبارهم سوريين، رغم أنه في إعلان التوبة الاعتدالي كان المدعو أبو الفرج المصري على يمين الجولاني، وهذا الوجود لا يتسق مع التحليل القائل بأنّ أمريكا تسعى لضم النصرة بمسماها الجديد لوفد الرياض للتفاوض، فبأي صفة سيفاوض المصري وأتباعه الدولة السورية، بل هو أقرب للرغبة الأمريكية بتهميش الدولة في سوريا ومحاولة فرض حل تقسيمي عبر روسيا، من خلال فرض خطوط حمراء على استهداف المناطق التي تحتلها النصرة بالنسخة المعدلة.
والحقيقة أنّ الخيال الهوليودي خصب جدًا، وهذا ينسحب على المسؤولين الأمريكيين، لذلك فهم يتحفوننا بخيالهم العلمي، وقلنا ونقول على الدوام وبواقعية شديدة بأنّ الانتصار في أي معركة يخوضها الجيش السوري وحلفاؤه هو مجرد قرار، وعدم القبول بالتقسيم هو القرار المتخذ والأهم، وإلّا فلن يكون أي معنى لكل تلك التضحيات والانتصارات. وبالأمس على قناة الميادين قال محلل سعودي، المدعو خالد باطرفي، "بأننا كسعوديين وأنا شخصيًا كسعودي لن أسامح نصرالله عما قاله عن السعودية"، وإذا كان هؤلاء العبيد لا يرغبون بمسامحة من قال فيهم كلمة حق، فكيف بالأحرار في سوريا يُطلب منهم السماح بأرضهم لحثالات الأرض وبدمائهم التي سفحتها الأموال والفتاوى والإعلام السعودي، كما أنّ السيد نصرالله لم يطلب السماح من العبد السعودي، بل إن العبد السعودي يمارس التذلل على أعتاب نتن ياهو ليسمح له بالاستحواذ على عرش العبودية، وهو بحق صراع العبودية، فيما السيد نصرالله ومحوره يصارع من أجل السيادة والحرية لكن المعاتيه يعدلون.
في الخلاصة، هناك صراع على العبودية لأمريكا بالتطرف تارةً وبالاعتدال أخرى، في مقابل محور يصارع لأجل بقاء سيادته وقراره وامتلاك مصيره، وبغض النظر عن الطريقة التي يتبعها أو التكتيك العسكري إقدامًا أو إحجامًا فهو سيكسب الحرب ولو بعد حين، وأنّ الذين ينتظرون هيلاري كلينتون لتأتيهم بعتبات الجامع الأموي من معاتيه آل سعود، سيكتشفون يومًا أنهم كانوا يسألون ورثة تشرشل في البيت الأبيض عن أقصر الطرق نحو الجحيم.
ساحة النقاش