<!--[if !mso]> <style> v\:* {behavior:url(#default#VML);} o\:* {behavior:url(#default#VML);} w\:* {behavior:url(#default#VML);} .shape {behavior:url(#default#VML);} </style> <![endif]-->
<!--<!--<!--[if gte mso 10]> <style> /* Style Definitions */ table.MsoNormalTable {mso-style-name:"Tableau Normal"; mso-tstyle-rowband-size:0; mso-tstyle-colband-size:0; mso-style-noshow:yes; mso-style-parent:""; mso-padding-alt:0cm 5.4pt 0cm 5.4pt; mso-para-margin:0cm; mso-para-margin-bottom:.0001pt; mso-pagination:widow-orphan; font-size:10.0pt; font-family:"Times New Roman"; mso-ansi-language:#0400; mso-fareast-language:#0400; mso-bidi-language:#0400;} </style> <![endif]-->
انتصار تموز.. معادلات وتحولات
الأربعاء 13 تموز 2016
عمر معربوني - بيروت برس - *ضابط سابق - خريج الأكاديمية العسكرية السوفيتية.
لم تكن القيادة الصهيونية تعلم أنّ نتيجة الحرب على لبنان في تموز 2006 ستنتهي بالإخفاق بحسب ما ورد في تقرير فينوغراد، وهي الكلمة التي استخدمت بديلًا عن الهزيمة للتخفيف من وقع الصدمة. بدايةً، لا بدّ من تعريف الانتصار والهزيمة لتذكير البعض ممّن لا يزالون يقعون فريسة التفوق الصهيوني ونظرية الجيش الذي لا يُقهر. في بداية العدوان أعلنت القيادة الصهيونية مجموعة من الأهداف على رأسها تسليم الأسيرين الصهيونيين وضرب البنية القيادية والتحتية للمقاومة وإنهاء حزب الله، وهي أهداف لم تتحقق بعد 33 يومًا من العدوان، ما يعني أنّ "إسرائيل" وبعد استخدام كامل قوتها بالوصول إلى مرحلة الذروة اضطرت إلى التوقف عن العدوان والالتزام بالقرار 1701 الذي كان مطلبًا أميركيًا - صهيونيًا بشكل رئيسي لإنزال "إسرائيل" عن الشجرة، في الوقت الذي كانت فيه دول عربية وقوى 14 آذار اللبنانية تطلب استمرار الحرب لإنهاء حزب الله، وهي أمور لم تعد خافية وخرجت للعلن منذ زمن بعيد سواء بالتسريب أو التصريحات المباشرة أو المواقف العلنية المرتبطة بالصراع في المنطقة بكليته.
إذًا، وبحسب التعريفات المتعارف عليها، إنّ عدم تحقيق الصهاينة لأهدافهم لا يعني إلّا الهزيمة، وهي الهزيمة التي يتردد صداها حتى الآن ويتعاظم الخوف في الكيان الصهيوني من مفاعيلها المتطورة يومًا بعد يوم بسبب تنامي قدرات المقاومة غير المسبوقة بعد عشر سنوات من العدوان.في مثل هذا اليوم من تموز 2006، بدأت الطائرات الصهيونية باستهداف واسع للبنية التحتية اللبنانية والمدن والقرى بهدف إسقاط اكبر عدد من الشهداء وتحقيق الرعب وتهجير الناس للضغط على المقاومة بجمهورها، وهو أمرٌ استمرّ طيلة أيام العدوان بعنف متصاعد لكنه لم يصل إلى غاياته رغم العدد الكبير من الشهداء والجرحى والدمار الهائل الذي أحدثته الغارات.
التطور الأهم كان بالرّد الأول للسيد حسن نصرالله، عندما قال للصهاينة "أردتموها حربًا مفتوحة فلتكن هذه الحرب المفتوحة"، وهو ما لم يفهمه الصهاينة ومن معهم إلّا عندما بدأت المعادلات ترتسم بشكل واضح من "إلى حيفا وما بعد حيفا"، إلى استهداف البارجة ساعر، إلى استهداف الدبابات في سهل الخيام، إلى مجزرة الدبابات في وادي الحجير، إلى معارك مثلت بنت جبيل ومعارك الالتحام في مارون الراس وعيتا الشعب حيث وقع جنود القوات الخاصة الصهاينة ضمن بؤر القتل التي أعدّتها المقاومة ضمن تكتيك قتال البقعة الذي كانت فعاليته كبيرة.هذه الأمور وغيرها من تفاصيل الحرب سنتعرّض لها تحليلًا في الأيام القادمة، وسنركز في هذا المقال على المعادلات والتحولات التي نشأت بسبب العدوان الصهيوني.
في المعادلات، وهنا نحن أمام معادلات تكتيكية وأخرى استراتيجيه كبرى. ففي المعادلات التكتيكية يمكن القول:
- إنّ مسرح العمليات كان معدًّا بشكل دقيق راعى عامل المفاجأة بالنار وضمن شروط احترافية عالية وفّرت لها المقاومة كل ما يلزم من معلومات استخباراتية ووسائط قتالية، كان أهمها في المعارك ضد الدبابات صواريخ الكورنيت التي حولت الميركافا الصهيونية إلى نعوش متحركة إضافة إلى منظومات أخرى أحدثت التكامل بين وحدات المضاد للدروع وعناصر الكمائن، حيث ظهر للعلن في عمل المقاومة القاذف آر بي جي 29، وهو قاذف لا يقل فاعلية عن الكورنيت ولكنه بحكم مسافته القصيرة استخدم في القتال المتقارب من قبل الكمائن المتقدمة إضافة إلى العديد من القناصات الحديثة.
- في البحر كانت المفاجأة الكبرى في استهداف فخر الصناعة الصهيونية البارجة ساعر، وهي بارجة مجهزة بأحدث منظومات الاتصال والمتابعة والتشويش والأسلحة لكنها لم تصمد أمام ضربة واحدة من صاروخ سي 802 الصيني المطور بواسطة الهندسة العكسية في إيران، ما أخرجها من الخدمة لفترة طويلة إضافة إلى مقتل وجرح عدد من طاقمها.
- في الجو كان لاستهداف الطوافات بمختلف أنواعها صدىً سلبيًا لدى الصهاينة أدّى إلى تخفيف استخدام الطوافات.
- المعادلة الأهم التي نتجت عن العدوان كانت للأثر الكبير الذي أحدثته صواريخ المقاومة القصيرة والمتوسطة المدى والتي ألزمت مليون صهيوني على مغادرة مستوطناتهم في شمال فلسطين المحتلة إلى أماكن في وسط فلسطين، وإجبار العدد الباقي للمكوث في الملاجئ طيلة أيام العدوان الـ33، ما يُعتبر برأيي ضربة كبيرة للفكرة التي قام عليها الكيان الصهيوني وهي الهجرة إلى فلسطين المحتلة، خصوصًا إذا ما علمنا أنّ حوالي 100 ألف صهيوني غادروا الكيان الغاصب نهائيًا إلى الأماكن التي أتوا منها، وهو أمر سيكون اكبر بكثير بعد حصول المقاومة على آلاف الصواريخ بعيدة المدى والتي تحمل رؤوسًا حربية تتراوح بين 500 و1000 كلغ من المواد شديدة الانفجار.
في التحولات، يمكن القول إنّ عصرًا جديدًا قد بدأ وهو عصر الانتصارات مع أفول عصر الهزائم، إضافةً إلى أنّ الرعب المتنامي بسبب تعاظم قوة المقاومة ذهب بالقيادة الصهيونية إلى اعتماد عقيدة عسكرية جديدة عن تلك التي اعتمدها الكيان طيلة 50 عامًا وأكثر والتي كانت قائمة على الحرب السريعة المتحركة، وبدأ بعد خروجه ذليلًا من لبنان باعتماد عقيدة تعتمد بنسبة عالية على حماية الجبهة الداخلية بنتيجة قدرات المقاومة على نقل الحرب إلى الداخل، وهو أمر لن يقتصر على استهداف العدو بالصواريخ بل سيتعداه إلى عمليات هجومية من الجو باعتماد الطائرات بدون طيار كمنصات متفجرة، ومن البحر عبر استهداف القواعد البحرية الصهيونية بالغواصات الصغيرة وزوارق الطوربيد وإغلاق كامل شواطئ فلسطين بصواريخ ياخونت التي تؤكد أوساط العدو حصول المقاومة عليها.ويبقى أنّ الترجمة الفعلية لهذه التحولات هي باعتماد اسم "تحوّل" مع رقم متسلسل لجميع مناورات الجيش الصهيوني منذ عشر سنوات، ما يؤكد التغيير الجذري في العقيدة العسكرية الصهيونية لمواجهة التحديات القادمة والتي لا مهرب منها.
ساحة النقاش