<!--[if !mso]> <style> v\:* {behavior:url(#default#VML);} o\:* {behavior:url(#default#VML);} w\:* {behavior:url(#default#VML);} .shape {behavior:url(#default#VML);} </style> <![endif]-->
<!--<!--<!--[if gte mso 10]> <style> /* Style Definitions */ table.MsoNormalTable {mso-style-name:"Tableau Normal"; mso-tstyle-rowband-size:0; mso-tstyle-colband-size:0; mso-style-noshow:yes; mso-style-parent:""; mso-padding-alt:0cm 5.4pt 0cm 5.4pt; mso-para-margin:0cm; mso-para-margin-bottom:.0001pt; mso-pagination:widow-orphan; font-size:10.0pt; font-family:"Times New Roman"; mso-ansi-language:#0400; mso-fareast-language:#0400; mso-bidi-language:#0400;} </style> <![endif]-->
معركة حلب: بين الخداع والتهويل الأميركي والرد المرتقب
2016-06-21
دام برس : أمين حطيط
عندما صدر القرار القاضي بوقف العمليات العدائية أو القتالية في سورية كان تطبيقه مرتبطا بأمرين الأول فصل المجموعات الإرهابية عن الجماعات التي تسميها أميركا معارضة معتدلة ـ والثاني وقف أعمال الميدان بكل صنوفها في المناطق التي لا يوجد فيها جماعات إرهابية بالمعنى المحدد في قرار مجلس الأمن ـ أي عدم شمول قرار وقف العمليات لمناطق تواجد جبهة النصرة وداعش الإرهابيتين تنفيذا لقاعدة لا مهادنة مع الإرهاب بل حرب عليه مستمرة متواصلة.
و في التطبيق برزت عقدة حلب حيث كان معسكر العدوان قد شكل سابقا جيش الفتح الذي قوامه جبهة النصرة الإرهابية و معها فصائل تصنفها أميركا معارضة معتدلة ، خاصة و أن مواقع مكونات هذا الجيش متداخلة بشكل يضع المعني بالأمر أمام خيار من اثنين: إما أن يتابع الحرب على جبهة النصرة الإرهابية و يصيب في هذا السياق مواقع المسلحين غير المصنفين إرهابيين ، و هنا يكون انتهاك لقرار وقف العمليات القتالية و انهيار لما اسمي لاحقا هدنة رغم انه ليس كذلك ، أو يلجأ إلى الخيار الثاني بالامتناع عن العمل في المنطقة تلك كليا فتستفيد جبهة النصرة غير الملتزمة أصلا و غير المعنية أصلا بقرار وقف العمليات ، تستفيد من الوضع و تستثمره لصالحها في أكثر من اتجاه .
تحت ضغط أميركي على روسيا أو لنقل وعود أميركية متتابعة لروسيا بالعمل على فرز الإرهابي عن المعارض، اخذ بالخيار الثاني منذ آخر شباط الماضي تاريخ العمل بقرار وقف العمليات، وتقليص المساعدة العسكرية الروسية لسورية. لكن النتائج الميدانية لهذا الأمر جاءت في غير مصلحة سورية و مصلحة معسكر الدفاع عنها حيث أدى اعتماد هذا الخيار إلى وقف العمليات في محيط حلب و تاليا تأجيل معركة حلب الإستراتيجية وتحول قوى هذا المعسكر إلى وضع الدفاع ثم إعطاء تركيا و قطر و أيضا معهم السعودية و بأشراف أميركي لا بل مساعدة و قيادة أميركية ، إعطاءهم فرصة كافية لإعادة تنظيم الإرهابيين في محيط حلب و تعزيزهم بالعديد و العتاد المرسل من تركيا جهارا نهارا و بشكل مكن جبهة النصرة و حلفائها من شن هجمات هامة في ريف حلب الجنوبي نجح بعضها في السيطرة على مناطق مهمة هناك من العيس و تلتها إلى خان طومان ، ووصل الأمر اليوم إلى تهديد منطقة الحاضر أيضا ، فضلا عن الأعمال الإجرامية اليومية بحق مدينة حلب حيث يستمر قصفها يوميا بعشرات القذائف التي تسقط عشرات الضحايا من المدنيين .
لقد استفاد معسكر العدوان على سورية من قرار وقف الأعمال القتالية أيما استفادة ، وفي الوقت الذي أعلنت فيه أميركا بلسان ما تسميه معارضة وقف العملية السياسية أو تعليقها و إشعال الجبهات (كما صرح وفد الرياض إلى جنيف) و في الوقت الذي تقدم فيه وحدات من الناتو (أميركية و فرنسية و ألمانية و بريطانية ) مساعدة عسكرية ميدانية ل "قسد" (قوات سورية الديمقراطية ) لتمكينها من السيطرة على مناطق في الشمال السوري و تندفع إلى الغرب من مواقعها باتجاه منبج و الباب ، في هذا الوقت تنكر أميركا على سورية حقها في العمل في منطقة حلب ضد الإرهاب ، و تنكر على روسية حقها في تقديم المساعدة العسكرية لسورية من اجل التعامل مع الوضع في حلب وفقا لما يقتضي الموقف .
ففي أسبوع واحد صدرت عن أميركا بهذا الصدد ثلاثة مواقف مستهجنة و مستغربة و مثيرة للدهشة نظرا لكونها مواقف غير مسبوقة في العرف السياسي أو الدبلوماسي أو السياسات الخارجية للدول ، الأول جاء على لسان جون كيري وزير خارجية أميركا الذي أعلن فيه أن صبر أميركا بدأ ينفد بشأن سورية و أن على روسيا و سورية الاستجابة للموقف الأميركي بوقف كل العمليات العسكرية في سورية عامة و في محيط حلب خاصة، و الثاني صدر عما اسمي موظفي الخارجية الأميركية وتوقيع خمسين منهم على عريضة أو وثيقة تطالب الإدارة الأميركية بقصف الجيش السوري ودمشق كون سورية لا تلتزم بالهدنة الشاملة، والثالث عن مسؤول أميركي في البيت الأبيض يتضمن طلبا أميركيا مباشرا من روسيا للضغط على الرئيس الأسد و حكومته لوقف كافة العمليات القتالية في سورية و الالتزام الشامل بالهدنة أو وقف إطلاق النار على حد ما ذكر .
نقول إنها مواقف تثير الدهشة والاستغراب خاصة وأنها تتمحور حول عمل جيش وطني يعمل على أرضه لتطهيرها من إرهاب إجرامي يفسد الأمن وينتهك البشر والحجر عليها، ثم كيف لنا أن نستوعب أو نتفهم قيام موظفين من الفئة الثالثة أو الرابعة في وزارة الخارجية الأميركية بطلب من إدارتهم الاعتداء على جيش دولة مستقلة وعلى عاصمتها وهل في تاريخ العلاقات الدولية شيء من هذا القبيل، والجواب قطعا لا. أما المضحك المبكي أيضا هو أن يقول كيري أن صبره بدا ينفد في سورية، وهل كان كيري ينتظر من سورية أن ستستلم للعدوان وتسلم قيادها لأميركا من غير مقاومة أو دفاع عن النفس؟
لقد ردت سورية و معها محور المقاومة و الآن روسيا أيضا، على العنجهية والسلوك المخادع والتصرف الاستفزازي الأميركي في الميدان والسياسة على حد سواء بما يفرضه الموقف، فبعد الرفض والإدانة لوجود قوات من الأطلسي على الأرض السورية بدون إذن أو تنسيق مع الحكومة السورية وهو ما يشكل عدوانا و انتهاكا لسيادة دولة مستقلة، كان اجتماع طهران الثلاثي الذي شاركت فيه روسيا إلى جانب إيران وسورية والذي أكد مضي المعسكر هذا في الحرب على الإرهاب ، ثم كانت كما يبدو المهلة الروسية الأخيرة التي أعطتها لأميركا لفصل من تصفهم بمعارضة عن إرهابيي جبهة النصرة و إلا لن يكون بعد هذا مراعاة للاختلاط من شانها أن تمنح جبهة النصرة حماية و تحييد تستفيد منه في إجرامها، و أخيرا كانت زيارة وزير الدفاع الروسي إلى سورية وميدانية في عمل يبدو انه تحضير لشيء ميداني مهم.
إن أربعة أشهر من المماطلة والتسويف الأميركي والوعود الكاذبة بضبط الجماعات المسلحة وفصلها عن داعش والنصرة، إن هذه المدة هي مدة كافية لكشف الخديعة وإسقاط القناع، وبالتالي أن معسكر الدفاع عن سورية لا يمكنه البقاء في حلب في مواقع دفاعية يستنزف فيها بشكل يومي ويدفع أثمان باهظة وهو في حال الترقب لإطلاق معركة حلب.
إن معركة حلب التي تريد أميركا تأجيلها أو منع الجيش العربي السوري اليوم من خوضها هي معركة مفصلية و أساسية في كامل الأزمة السورية إلى الحد الذي يمكننا معه أن نقول أن حلب بعد التطورات الميدانية والسياسية باتت تختصر كل الأزمة ففيها كل خطوط الصراع وعليها تبنى نتائج الصراع الدائر على سورية و في أرضها ، لذلك نجد أن أميركا تريد تأجيل معركة حلب إلى الوقت الذي تكون قد جهزت فيه القوى اللازمة لربح هذه المعركة و إخراج الحكومة السورية الشرعية منها و إنتاج واقع ميداني يكون ربطه مع ما تحققه "قسد" المدعومة أميركيا، منتجا لبيئة التقسيم أو الفدرلة بالمفهوم الأميركي أي التقسيم المقنع، و أن أميركا تريد تجميد العمليات السورية الرامية لاستعادة الأجزاء الخارجة عن سيطرتها لمدة شهرين على الأقل تعول عليهما لتحقيق متغيرات ميدانية على يد "قسد" و تجميع قوى تكون جبهة النصرة عمادها الرئيسي للسيطرة على حلب .
إن أميركا التي فشلت في رفع اسم جبهة النصرة عن لائحة الإرهاب، تصر بعد فشلها في ذلك على منح جبهة النصرة الحصانة الدفاعية في مواجهة الطيران الروسي بإبقاء ما تسميه معارضة معتدلة مندمجة ميدانيا بقوى جبهة النصرة فإذا استهدف الطيران تلك المراكز علا العويل والتهديد الأميركي المتضمن القول بان الروس يقصفون مواقع معارضة موالية لهم، ويهددون بالتدخل.
إن الخطة الأميركية باتت مكشوفة واضحة،وان الحلم الأميركي بكسب الوقت أولا ثم التحضير لكسب حلب ثانية،خطة لن تمر ولن تستطيع أميركا أن تمرر خديعتها على معسكر المقاومة وباتت معركة حلب تفرض نفسها وبأسرع ما يمكن وان الخسائر التي تكبدتها قوى معسكر الدفاع عن سورية مؤخرا لن تثني هذا المعسكر عن مواصلة التحضير السريع والمحكم لهذه المعركة التي لا يمكن لسورية إلا أن تنتصر فيها دفاعا عن وحدتها.
ساحة النقاش