<!--
<!--<!--<!--
العدالة والتنمية.. الليبرالية على الطريقة الأمريكية(4)
التاريخ: 02 مايو، 2016
فلاش بريس = إعداد: محمد اليوبي – كريم أمزيان – النعمان اليعلاوي.
<!--
<!--<!--
3 أسئلة لعلي لطفي : «الحكومة الحالية تتعامل وفق قيم النيوليبرالية المتوحشة»
هل تحمل القرارات التي اتخذتها حكومة بنكيران في المجال الاجتماعي (الصحة، التعليم…) سمة ليبرالية؟
بالفعل هناك ازدواجية بين الخطاب والممارسة في التعاطي الحكومي مع المسألة الاجتماعية، فالحزب الحاكم يدعي أنه يؤمن بالديمقراطية ويسعى إلى تكريس العدالة الاجتماعية لكنه يمارس نقيضهما، يرفع شعار الشفافية ومحاربة الفساد وكل يوم يصطدم المواطنون بفضائح فساد أبطالها من الحكومة أو من المنتسبين لها.
إن قرارات الحكومة وخاصة الحزب الحاكم يستمدها من الفكر والقيم النيوليبرالية بل الليبرالية المتوحشة، إنه يقدس علانية القطاع الخاص والخوصصة وتدمير القطاع العام، فالسيد رئيس الحكومة الأستاذ بنكيران دعا في مناسبات عدة وهذا مسجل بالصوت والصورة بالقول «على الدولة أن ترفع يدها على التعليم والصحة، أي أنه يدعو إلى إنهاء دور الدولة وإنهاء القطاع العام، وتشجيع القطاع الخاص الذي يستثمر فيه، هذه القرارات أدت إلى مشاكل اجتماعية واقتصادية كبيرة ازداد معها عدد الفقراء واتسعت فجوة الفوارق في الدخل والفوارق الاجتماعية أمام ضعف الحماية الاجتماعية وتدني المستوى المعيشي للسكان».
رفع الحكومة للديون المفروضة على المغرب لدى المؤسسات المالية الدولية هل هو سبب توجه الحكومة نحو الليبرالية بشكلها الحالي؟
أعتقد أن الحزب الحاكم يؤمن بالمنطق وبالمقاربة والتوجه النيوليبرالي، ويمكن أن نقول إنه كذلك تلميذ نجيب ينفذ ويطبق بشكل جيد ودون تعثر إملاءات المؤسسات الدولية دون أخطاء، وفي هذا السياق لم يسبق للمغرب أن وصل إلى هذا المستوى من المديونية إذا اعتمدنا على فترة حكومات عبد الرحمان اليوسفي وجطو وعباس الفاسي إلى اليوم.
نحن أمام رقم مهول وبفوائد مرتفعة جدا، فقد حطمت حكومة بنكيران الرقم القياسي في الاقتراض والمديونية بما لم تعرفه أية حكومة في تاريخ الحكومات المتعاقبة، لقد انتقلت مديونية المغرب من (19.37 مليار دولار) المسجلة في نهاية 2009 إلى أزيد من 60 مليارا دولار سنة 2015، أي حوالي 81 في المائة من الناتج الداخلي الخام، وهو ما ساهم في إثقال كاهل الأسر المغربية بالقروض العمومية، إذ سيكون على كل أسرة تتحمل أزيد من 29 ألف درهم من القروض، التي سيتعين عليها أداؤها، من خلال الضرائب التي تؤديها إلى الدولة، إضافة إلى رهن مستقبل أجيال بكاملها للمؤسسات المالية والشركات العابرة للقارات وتهديد وتقويض القرار الاقتصادي وحتى السياسي، مع العلم أننا لازلنا نؤدي اليوم فقط فوائد الدين وبأسعار فائدة مرتفعة جدا.
ويبقى السؤال المحير والذي لا تجيب عنه الحكومة، هو أين تنفق هذه القروض والديون ولفائدة من وفي أية استثمارات؟ خاصة مع تراجع فاتورة البترول وإعدام نظام المقاصة، علاوة على سوء تدبير المديونية الداخلية المرتفعة جدا وإفلاس المقاولات الصغرى والمتوسطة (ما يقارب 7000 مقاولة سنويا) بسبب المنافسة غير الشريفة من طرف شركات تركية غزت السوق الوطنية دون حسيب أو رقيب، في إطار اتفاقية غير متوازنة للتبادل الحر مع تركيا، وما نتج عنه من تسريح لليد العاملة وأجراء هذه المقاولات المغربية، والرمي بهم في أحضان البطالة، كما هو الشأن اليوم بجامعاتنا التي لم تعد تنتج إلا الخريجين العاطلين عن العمل، بسب فشل وإخفاق السياسات العمومية وركود الاقتصاد الوطني ونتيجة حتمية للمقاربة النيوليبرالية المتوحشة المعتمدة من طرف الحكومة الحالية.
ما تأثير هذا التوجه الاقتصادي والمالي للحكومة الحالية على المواطنين وبالخصوص الأجراء والموظفين؟
لم يعد هناك مجال للشك في أننا أمام حكومة إسلامية تؤمن بالفكر والقيم وفلسفة النظام الليبرالي، إن لم نقل النيوليبرالي المتوحش، وتطبق حرفيا التوجهات العامة للاقتصاد النيولبيرالي المدمر لكل ما هو عمومي واجتماعي وإنساني، والذي يلغي دور الدولة ومسؤولياتها في دعم وتمويل القطاعات الاجتماعية من تعليم وصحة وسكن وماء وكهرباء، وتوفير مناصب الشغل للعاطلين من جهة، ومن جهة ثانية سمحت لنفسها برفع أسعار المواد الأساسية وخدمات الماء والكهرباء والنقل وأسعار السكن، بدعوى حرية الأسعار والمنافسة واقتصاد السوق، كما اختارت تحويل المشاريع الاجتماعية إلى مجرد صدقة أو إحسان من الحكومة إلى فقراء الأمة، كما وقع لمشروع الراميد أو نظام المساعدة الطبية لذوي الدخل المحدود، الذي تم تحويل أمواله بقدرة قادر إلى مجالات أخرى، وحرمان ملايين من الفقراء من الرعاية الصحية ومن مجانية العلاج، مما كانت له انعكاسات جد سلبية على القدرة الشرائية للطبقة العاملة من موظفين وموظفات وعمال وعاملات، وكذلك الشأن بالنسبة للمتقاعدين والفئات الفقيرة والمتوسطة في المجتمع.
إن عجز الحكومة وإخفاق سياساتها الليبرالية المتوحشة وما نتج عنها من مآس اجتماعية وأزمة مالية جعلها ترفض تطبيق حتى المقتضيات الدستورية المتعلقة بالحوار الاجتماعي كآلية مؤسساتية للتفاوض والتشارك بين الفرقاء الاجتماعيين، بدءا بتجريمها للإضراب، باللجوء إلى تأويل آية قرآنية والاقتطاع من أجور المضربين دون سند قانوني، ورفضها تنزيل المادة الثامنة من الدستور لتنظيم المشهد النقابي عبر قوانين واضحة، ومحاولة فرضها لمشاريع قوانين مجحفة كالإصلاح المقياسي لنظام التقاعد، وبالتالي اختارت المنهج النيوليبرالي المتوحش لإعدام الحوار الاجتماعي حتى لا تنفذ اتفاق 26 أبريل 2011 مع النقابات، ومواجهة الاحتجاجات السلمية بالعنف والتهديد. وعلى سبيل المثال لا الحصر التعاطي مع ملف الأساتذة المتدربين من مناورات وتهديد ووعيد لحرمانهم من الإدماج المشروع، وبعد 5 أشهر من الاحتجاجات تعود لتقبل بمحضر اتفاق بين والي الرباط والنقابات والمجتمع مدني، مقابل رفضها لمحضر 20 يوليوز القاضي بتوظيف وإدماج الأطر العليا المعطلة والموقع بين حكومة عباس الفاسي وممثلي الأطر العليا والمرسوم الصادر عن نفس الحكومة، وبالتالي نحن مع حكومة تكيل بمكيالين لا رؤية ولا تصور لها إلا الارتجال والعشوائية والظرفية من منطلقات نيوليبرالية متوحشة.
ساحة النقاش