<!--[if !mso]> <style> v\:* {behavior:url(#default#VML);} o\:* {behavior:url(#default#VML);} w\:* {behavior:url(#default#VML);} .shape {behavior:url(#default#VML);} </style> <![endif]-->
<!--<!--<!--[if gte mso 10]> <style> /* Style Definitions */ table.MsoNormalTable {mso-style-name:"Tableau Normal"; mso-tstyle-rowband-size:0; mso-tstyle-colband-size:0; mso-style-noshow:yes; mso-style-parent:""; mso-padding-alt:0cm 5.4pt 0cm 5.4pt; mso-para-margin:0cm; mso-para-margin-bottom:.0001pt; mso-pagination:widow-orphan; font-size:10.0pt; font-family:"Times New Roman"; mso-ansi-language:#0400; mso-fareast-language:#0400; mso-bidi-language:#0400;} </style> <![endif]-->
قابل للكسر
22 آذار، 2016 15:32 مساء
عربي برس: عفيف دلا
كقطعة من زجاج داخل علبة كرتونية كتب عليها "محتوى هش أو قابل للكسر" أي يتطلب تعاملاً لطيفاً للحفاظ على المضمون، وأي تعامل غير مناسب سيهشم الزجاج أو ربما يحطمه فما نفع الشكل الخارجي بمضمون محطم .. عندئذٍ لا قيمة للشكل ولا للمضمون ..
كذلك خيارات البعض هي كألواح الزجاج ، سوء فهمها أو التعاطي معها يؤدي إلى تحطيمها بالكامل ، فخيار الفدرلة التي يلوح بها البعض من باب أثني كردي في سورية ، يكاد لا يرى ملاحظة كتبها التاريخ لكل أثنية أو عرق أو مذهب وهي عبارة " قابل للكسر " أي إذا أسيء التعامل مع هذا العرق أو المذهب في إطاره الوطني الحاضن له ، فسينكسر ويندثر ؛ ويخسر إطاره الحاضن الأبد .. فلا يغدو بذاته موجوداً ولا يبقى له وطن يحميه من الضياع .
ينسى البعض منطق الانتماء أو يريد المزايدة على حسابه ، أو يندفع بجهل لا بعلم تجاه هاوية يراها جنة لكن في حضن السراب لا اليقين، فالبقاء للأقوى ، والقوة في الاتحاد لا الانفصال ، والفيدرالية لا تتم بخيار أحد الأطراف دون الآخرين ، ولا يمكن أن يطبق دون توفر مقومات وعوامل موضوعية تتعلق بإرادة جماعية أولاً؛ ووجود الأرض المهيأة جغرافياً لذلك ثانياً؛ ووجود عوامل الاستمرار لا الاندثار ثالثاً . وإذا ما نظرنا إلى إمكانية قيام مشروع الفدرلة اليوم في شمال شرق سورية ، لوجدنا أن الإرادة الجماعية غائبة في ظل انتشار وانصهار أبناء سورية من الكرد في جميع أنحاء سورية لا في الشمال الشرقي فحسب وارتباطهم بنسيجهم الاجتماعي وعدم وجود الرغبة للهجرة الداخلية أو النزوح المجاني من قرى أو مدن شكلت على امتداد الزمن تاريخهم وحياتهم وذكريات أجدادهم ومستقبل أولادهم بالتجرد عن كل الاعتبارات السياسية التي لن تكون اليوم على حساب الاعتبارات الوطنية والإنسانية والأخلاقية لديهم ، وإذا ما اقتربنا أكثر من فكرة الفدرلة لوجدنا أيضاً أن الشمال الشرقي لسورية لا يتمتع بقدرة الانعزال عن نسيجه الذي يغذيه بأسباب الوجود اقتصادياً وخدمياً فكل ما يوجد هناك ما كان ليكون لولا دولة وطنية ومواطنين لهم الحق بخدماتها مجاناً لا استيراداً فكيف لقطعة من الأرض أن تتنفس ويصل الهواء لرئتي سكانها دون الاتصال مع محيطها ؟! فأنابيب الأوكسجين المستوردة لن تكفي لزمن طويل ..
وعند حد الحد نطرح تساؤلاً كبيراً لمن يتبنى مشروع الفدرلة " هل يصب حقاً في صالح الأكراد السوريين ؟؟ " ونجيب دونما عناء في التفكير .. لا ليس لمصلحة السوريين الأكراد إطلاقاً بل هو على العكس تماماً تصفية لقضيتهم النضالية المشروعة ضد الأتراك المغتصبين لحقوقهم وإنهاء لكل قيم النضال من أجل تحصيل تلك الحقوق ، وإمعان في التشرذم والتشظي من خلال العزل على عمقهم الوطني الاستراتيجي الذي يمدهم بالقوة للاستمرار بنضالهم القومي، تشتيت للقضية لا تركيز لها ، وفتح لبوابة الانقسام والنزاع على سلطة موهومة لجزء من جغرافية بالأصل كانت لهم ، أما تلك الجغرافية الحقيقية المسلوبة فباتت بعيدة المنال جداً، إضافة إلى تسخير الذات للآخرين الذين سيستغلون حاجة الناس لمتطلبات العيش ويحاولون توفيرها لكن ليس بشكل مجاني، والنفط وحده لا يكفي في ظل صراع مع التركي واختلاط الحسابات مع العراقي الكردستاني الأمر الذي لن يستقيم دون تنازلات قد تكون مريرة للغاية وعلى حساب أهلنا الأكراد الذين سرعان ما سيجدون أنفسهم بين مطرقة الجيران وسندان السلطة لديهم، وسيدفعون هم فاتورة حساب صراع السلطة مع الجيران أو ضريبة الاتفاق بينهم فلا يوجد ما هو مجاني في لعبة الكبار .
نسأل سؤالنا هذا ونجيب دون تمترس إثني أو تخندق قومي بل من وحي نسيج سوري وطني استمد قوته من غناه وتماسك مكوناته كافة في ظل الحفاظ على خصوصيتها واعتبار ذلك واجب للحفاظ على الهوية الوطنية الشاملة ، فسورية كانت ولا تزال وطن لأثنيات وأعراق جاءت واستقرت في هذه الجغرافية هرباً من بطش السيوف أو طلباً للمأكل والمشرب والأمان فهذه الطبيعة لا يمكن تغييرها فكل من سكن سورية من مئات السنين بات جزءاً أصيلاً منها وله الحق بها كغيره دون تنازع على تراب هو ينتمي لمن عمر عليه كما ينتمي الجميع له ، ودون تلطي خلف صفحات التاريخ المكتوبة بأيدي الجميع من كرد وعرب وآشوريين وسريان وكلدان ... ألخ من صفحات التاريخ القديمة إلى تلك الحديثة كانت اليد السورية واحدة بكل ألوانها وستبقى كذلك ..
ولا يعدو طرح مشروع الفيدرالية في سورية كونه ورقة سياسية استخدمت في مرحلة تفاوض سياسي استبعد المكون الكردي فيها، نتيجة اعتراضات تركية سعودية حيث أنهما لا يعترفان إلا بمن يكون عبداً لديهم فقط ، واليوم يتنامى الحديث عن مشروع الفدرلة دون التوقف عند منطقيته أو نفعيته أو جدواه ، بل فقط يتم تناوله في سياق الصراع الكلي الذي سيلتهم كل من سيغني خارج سربه ، فهاهي دول إقليمية تدفع اليوم فواتير حساباتها الخاطئة ضمن الصراع ولا تزال الفاتورة مفتوحة لم تغلق بعد ، فكيف الحال لمن لا يملك هذه الدولة بعد بل يسعى إليها في ظل حرب مستعرة مع الإرهاب ومشاريع تمولها قوى كبرى في هذا العالم لن تعترف بأحد يتخلى عن قوته أو يخسرها راضياً أو مكرهاً ، فالوجود اليوم للأقوى كما أسلفنا القول لكن لمن يدرك حقاً معنى القوة بحيث لا تكون مرحلية أو مرتبطة بدعم أحد بل قوة ذاتية قبل كل شيء وقابلة للاستمرار وهذا لم يكن يوماً في التاريخ ولن يكون في المستقبل إلا من خلال الحاضن الوطني الجامع والدولة الوطنية المتماسكة والمتمكنة من مواجهة التحديات كافة.
ساحة النقاش