http://kenanaonline.com/AAC-ES-SMARA

الفرع المحلي للجمعية الوطنية لقدماء المحاربين بالسمارة

<!--[if !mso]> <style> v\:* {behavior:url(#default#VML);} o\:* {behavior:url(#default#VML);} w\:* {behavior:url(#default#VML);} .shape {behavior:url(#default#VML);} </style> <![endif]-->

<!--<!--<!--[if gte mso 10]> <style> /* Style Definitions */ table.MsoNormalTable {mso-style-name:"Tableau Normal"; mso-tstyle-rowband-size:0; mso-tstyle-colband-size:0; mso-style-noshow:yes; mso-style-parent:""; mso-padding-alt:0cm 5.4pt 0cm 5.4pt; mso-para-margin:0cm; mso-para-margin-bottom:.0001pt; mso-pagination:widow-orphan; font-size:10.0pt; font-family:"Times New Roman"; mso-ansi-language:#0400; mso-fareast-language:#0400; mso-bidi-language:#0400;} </style> <![endif]-->

ويبقى الشق السياسي في هذه العملية هو الذي جعل الدبلوماسية الملكية تحظى باهتمام عدد كبير من الدول من أوروبا وأمريكا والشرق الأوسط . والتي وجدت أنها دبلوماسية نجحت في تجميع كل المجالات التي تحتاجها إفريقيا اليوم لإعادة بناء ذاتها، وتحديدا المجال الاقتصادي والاجتماعي، إلى جانب مجالات الدين والأمن.

هكذا اشتعلت الحرب الدبلوماسية بين المغرب والجزائر

أشعلت فتيلها قضية الحدود وزادت في نيرانها قضية الصحراء المغربية

اختار جمهور فريق الرجاء البيضاوي في إحدى المناسبات أن يرفع لافتة كتب عليها «لله يا جزاير»، حينما كان الفريق يواجه وفاق اسطيف الجزائري، وهو مقطع من أغنية شهيرة للشاب خالد، بعد أن منع أمن ملعب المركب الرياضي محمد الخامس بالدار البيضاء لافتة أكبر كانت تتضمن تتمة للأغنية التي تقول: «لله يا جزاير.. عشنا وشفنا.. خفنا وتخالفنا.. لكن اليوم رجعنا حباب».

رسالة جمهور الكرة إلى الأشقاء الجزائريين تكاد تلخص عمق الأزمة بين البلدين والتي لم تضع بعد أوزارها منذ الستينيات.
يعيش المغرب والجزائر منذ عقود ما يشبه الحرب الباردة، حيث أغلقت معها
الحدود، وشنت الآلة العسكرية الجزائرية هجمات دبلوماسيتها على كل خطوة مغربية تراهن على إصلاح ذات البين. أما المبرر الذي تعتمده الجارة الجزائر، فهو قضية الصحراء المغربية من خلال احتضانها ورعايتها لما يسمى الجمهورية الصحراوية الوهمية.

يصنف الخبراء النزاع المغربي الجزائري، على أنه أحد أطول النزاعات بين الدول المتجاورة في العالم، حيث صنف في آخر تقرير في الرتبة السابعة على مستوى الأهمية.

أما أسبابه فتتحكم فيها عوامل تاريخية وجغرافية وسياسية، على الرغم من كل روابط الدين واللغة والجوار، بل والنضال المشترك ضد المستعمر.
يعود تاريخ الخلاف بين الرباط والجزائر إلى العهد الاستعماري الفرنسي،
عندما أعادت باريس ترسيم الحدود بين البلدين المتجاورين، باعتبار منطقة «الحاسي البيض» و«كولومب بشار» ضمن المقاطعة الفرنسية للجزائر آنذاك، وهو ما سيطالب المغرب بتصحيحه بعد الاستقلال سنة 1956، إضافة إلى مناطق أخرى. غير أن الجارة الجزائر سترفض طلب المغرب، مما أشعل فتيل الأزمة بين البلدين والتي ستعرف ذروتها مع حرب الرمال سنة 1963حينما تحركت القوات الجزائرية على الحدود ليرد المغرب. ولم تتوقف الحرب إلا بتدخل من منظمة الوحدة الإفريقية التي سهرت على وقف إطلاق النار في بداية سنة 1964. لكن ترسيم الحدود بين البلدين لم يتم إلا سنة 1972 على عهد الرئيس هواري بومدين والملك الراحل الحسن الثاني. غير أن الصراع ظل حاضرا بين الإخوة الأعداء.

كان لتأسيس جبهة البوليساريو في بداية السبعينيات الأثر الكبير على العلاقة بين المغرب والجزائر. لقد اختارت الجارة الشرقية أن تقدم دعمها اللامشروط لهذه الجبهة وصل حد المشاركة في الحرب على المغرب، كان من أبرزها معركة امغالا سنة 1976، سنة واحدة على استقلال الأقاليم الجنوبية عن طريق المسيرة الخضراء. وهي الحرب التي فقدت فيها الجزائر قرابة 200 من جنودها على أرض المعركة خلال يومين فقط.
لم يهدأ للجزائر بال، وظلت تقدم لجبهة البوليساريو دعمها المالي والعسكري،
بمبرر «حق تقرير المصير» خصوصا بعد أن نجح المغرب في بناء جداره الأمني الذي امتد العمل به من سنة 1980 إلى سنة 1987.

حينما جاء الشادلي بن جديد إلى الحكم، كانت مبادرة المغرب بإطلاق سراح الأسرى الجزائريين الذين شاركوا في معركة امغالا، وهي الخطة التي كادت تذيب جليد العلاقات المغربية الجزائرية، خصوصا بعد أن تلقى الحسن الثاني دعوة للمشاركة في أشغال القمة العربية التي احتضنتها الجزائر في 1988. خطوة كادت تعيد الدفء للعلاقات الدبلوماسية بين البلدين التي توقفت منذ سنة 1976، على أن تترك قضية الصحراء المغربية لهيئة الأمم المتحدة للنظر فيها.

غير أن هذه الهدنة القصيرة سرعان ما تحولت إلى انتكاسة بعد أن فجر مسلحون فندق أطلس أسني بمدينة مراكش.
حدث هذا سنة 1994، ولم يكن المتهمون في هذا التفجير إلا الجزائريين، لذلك
ستبادر السلطات المغربية إلى فرض تأشيرة الدخول عليهم. أما سلطات الجزائر، فستبادر إلى إغلاق الحدود البرية بين البلدين. إغلاق لا يزال ساري المفعول إلى اليوم على الرغم من كل الأصوات التي نادت بضرورة إنهاء هذا الوضع، خصوصا وأن أهالي البلدين متواجدون هنا وهناك، ناهيك عن التبادل التجاري الذي كان نشيطا على الحدود بين البلدين.
كانت الآمال قد عقدت على حكم الرئيس عبد العزيز بوتفليقة، الذي كان مقررا
أن يعقد لقاء مع الملك الراحل في 1999. غير أن وفاة الحسن الثاني أجلت هذا الأمل لتعود العلاقات المغربية الجزائرية للانهيار بعد أن اتهمت الجزائر جارتها الغربية باحتضان الجماعات الجزائرية المسلحة، وهو المبرر الذي وجده بوتفليقة سالكا لكي يواصل عدوانه الدبلوماسي على المغرب، ناهيك عن عدوانه الميداني وهو يحتضن مخيمات تيندوف حيث يحتجز المغاربة تحت شعار تقرير المصير.

نفس العدوان ظل متواصلا من قبل السلطات الجزائرية في كل المحافل، خصوصا على المستوى الإفريقي، بعد أن قدم المغرب مقترحا لحل المشكل هو مشروع الحكم الذاتي الموسع للأقاليم الصحراوية في إطار السيادة المغربية. مشروع صفقت له الأمم المتحدة واحتضنته العديد من الدول المعنية بالقضية. وحدها الجارة الجزائر هي التي رفضت المقترح، وظلت إلى اليوم تنادي بما تسميه حق تقرير المصير، الحل الذي تجاوزته الأمم المتحدة ولم تعد مقتنعة به.

ومثل أي حركة للمد والجزر، عاد الهدوء نسبيا للعلاقة بين الجارين حينما تبادل المغرب والجزائر بعض الزيارات الرسمية في 2012، شملت التعاون والتنسيق في عدد من المجالات، دون الاقتراب من ملف الصحراء المغربية. وهي العلاقة التي وصلت حد تهنئة الرئيس بوتفليقة للملك محمد السادس بمناسبة الذكرى 58 للاستقلال سنة 2013، ضمنها الدعوة إلى «توطيد أواصر الأخوة بين البلدين وإزالة الخلافات».
غير أن حبل الود هذا سرعان ما انقطع حينما اختار بوتفليقة نفسه أن يقول
خلال مؤتمر القمة الإفريقية في أبوجا، إن بلاده تدعم ما وصفها بـ»حقوق الإنسان في الصحراء»، وما تلا ذلك من أحداث وصلت حد اقتحام القنصلية الجزائرية في الدار البيضاء، ثم سحب السفير المغربي من الجزائر للتشاور، قبل أن يعود.

لم يتردد محمد السادس بعد الذي حدث، حيث سيقول في خطاب لذكرى المسيرة الخضراء إن الجزائر تشتري أصوات معادية لقضية الصحراء المغربية، وهو ما أعاد العلاقات للتدهور من جديد حيث جاء ملف الوثائق المسربة التي تخص وزارة الخارجية المغربية وجهاز الاستخبارات الخارجية، وهو الأمر الذي دفع المغرب إلى اتهام جارته بتسريب هذه الوثائق. كما سيوجه المغرب من خلال وزارة الخارجية تهمة تسميم العلاقات المغربية الفرنسية وتخريب هذه العلاقة.

هكذا انتعشت الحرب الدبلوماسية بين المغرب والجزائر، وهي حرب أشعلت فتيلها قضية الحدود على العهد الاستعماري، وتقوت اليوم بسبب ملف الصحراء المغربية حيث ترفض الجارة الجزائر أن يكون إلى جوارها مغرب قوي مطل على الأبيض المتوسط والمحيط الأطلسي.
وعلى الرغم من أن حطب هذه الحرب هو الغاز الجزائري، الذي توزعه جارتنا على
بعض الدول الأفريقية، تحديدا، لجرها إلى معسكرها المعادي للمغرب ولقضيته الأولى، إلا أن الدبلوماسية القوية التي نهجها العاهل المغربي الذي اختار أن يتوجه جنوبا، فوتت على جيراننا الكثير من الفرص.

محمد الخصاصي *: الدبلوماسية المغربية تعاني ضعفا في التمويل
قال إنه يجب الرهان على الدبلوماسية الموازية للدفاع عن القضايا الوطنية
حاوره – يوسف منصف

–        ما هي قراءتك لأداء الدبلوماسية المغربية على ضوء المستجدات الخاصة بملف الوحدة الترابية والموقف المحرج الذي أعلنت عنه مملكة السويد بنيتها الاعتراف بالكيان الوهمي «بوليساريو»؟
< موقف المملكة السويدية لم يكن مفاجئا، نحن نعرف مسبقا مواقف هيئات
ومجموعات داخل الحزب الديمقراطي الاشتراكي السويدي منذ فترة طويلة، كما نعرف مدى علاقاتهم الوطيدة مع مراكز القرار بالجزائر ومع البوليساريو، وخاصة علاقات الشبيبة الاشتراكية الديمقراطية مع البوليساريو. فموقف السويد، إذن، لم يكن مفاجئا لنا، ربما المسألة التي تتطلب وقفة تأمل، تكمن في السؤال التالي: لماذا تتجرأ الحكومة السويدية اليوم وتخطو مثل هذه الخطوة العلنية بتحضير مشروع للاعتراف بما يسمى بــ«الجمهورية الصحراوية» المزعومة..؟. في هذا السياق، لابد من تسجيل ملاحظة جوهرية، مفادها أن التراث النضالي والسياسي للحزب الاشتراكي الديمقراطي السويدي كان دائما في صف الوحدة الترابية للدول، وهنا يحضرني موقف الكاتب العام للحزب الاشتراكي الديمقراطي ورئيس الحكومة السويدية سابقا «أولوف بالم»، حينما كانت الفيتنام تناضل في سبيل توحيد بلادها واستكمال وحدتها الترابية، كان «أولوف بالم» مناصرا شديدا لوحدتها الترابية، كما اشتهرت عنه كذلك مواقف مناصرة قضايا السلم والاستقرار بالعالم، فأنا أعتبر بأن هذا الموقف-الحالي- بهذه الظرفية بالذات هو عبارة عن تنكر سافر للتراث السياسي-النضالي للزعماء المشهورين في تاريخ الحزب الاشتراكي الديمقراطي. - بحكم تجربتك الدبلوماسية، ما هي الواجهات التي تقترحها كمداخل للدفاع عن قضايا الوطن خارجيا؟ < على ضوء هذا التطور المفاجئ، يمكن اقتراح ما يلي: أولا، اتخاذ الوقت الكافي لإجراء تقييم للانتشار الدبلوماسي المغربي في «المناطق الجغرافية الرمادية»، أي تلك المناطق التي نعاني فيها ضعفا دبلوماسيا، وبالتالي نعاني فيها من مواقف مفاجئة على غرار موقف الحكومة السويدية الأخير.. وأقصد بالمناطق الرمادية، الجهة الأسكندنافية بدولها الأربع، والمناطق الأنجلوسكسونية الأفريقية، والاقتراح الثاني يتمثل في تعبئة عدد كبير من الأكاديميين المغاربة المشهود لهم بالكفاءة والتخصص في مجالات القانون الدولي والإنساني، وإشراكهم في إغناء هذا البرنامج التقويمي، في ما يتعلق بالعمل على تلك المناطق الرمادية السالفة الذكر، سواء في إطار ندوة تشاركية أو في أي إطار مناسب، وذلك بغية الإشراك الفعلي لهذه الكفاءات العلمية في هذه العملية التقويمية للأداء الدبلوماسي.. - يتم-عادة- انتقاد تدبير الملفات السيادية، كونها تدار في «مربع ضيق» ولا يتم استدعاء «الدبلوماسية الموازية» إلا وقت الأزمات، ألا يضر ذلك بالأدوار التواصلية المفترضة للدبلوماسية المغربية؟ < مما لا شك فيه، أن ما يسمى بـ«الدبلوماسية الموازية» التي تشارك فيها الأحزاب السياسية وتشارك فيها كذلك مراكز الأبحاث المتخصصة، كما يشارك فيها البرلمان بغرفتيه، لا تزال دون المستوى المطلوب منها، فهل هذا الوضع تعود مسؤوليته للدبلوماسية المغربية، أي إلى وزارة الخارجية، أم إلى تلك المؤسسات المعنية بالدبلوماسية الموازية نفسها، فهذا سؤال يجب علينا ملامسته بكيفية موضوعية وبناءة. وهذا ما يستدعي اليوم انخراط مؤسسات الدبلوماسية الموازية بشكل أكثر فعالية، وأكثر تنظيما. لأنه في مجال الدفاع عن الوحدة الترابية يجب الأخذ بمعايير صارمة، والتي تتجلى في المعرفة الدقيقة بالملف ومختلف حيثياته القانونية والتاريخية، ومعايير القوة الإقناعية التي يجب أن تتوفر في مبعوثي الدبلوماسية الموازية، إلى جانب معايير المصداقية والحجة في القول. - ما هي الجهود التواصلية التي تبذلها التمثيليات الدبلوماسية في البلدان المستقبلة لتسويق القضايا الوطنية لدى الفاعلين المحليين وصناع القرار؟ < في هذا الصدد، أشير إلى أن الدبلوماسية المغربية تقوم بجهد جبار، وتعمل بشكل متواصل موظفة كل طاقاتها. لكن، تبقى الوسائل التمويلية لوزارة الخارجية ضعيفة جدا، مقارنة بالمهام الجسام المنوطة بها، وعلى ضوء هذا الموقف السويدي –الحالي- يجب التفكير في إطار قانون مالية السنة المقبلة، أن تعمل الحكومة بجهد إضافي لتغطية الجوانب التمويلية لأنشطة وزارة الخارجية، خاصة إذا علمنا أن الدبلوماسية الجزائرية تتحرك بموازنة تبلغ ثلاثة أضعاف ما هو مخصص للدبلوماسية المغربية، وليس لها من شغل داخل المحافل الدولية التي تتردد عليها سوى التشويش على المغرب وعلى قضية الوحدة الترابية. في حين أن الدبلوماسية المغربية تبقى منخرطة في مجموعة من القضايا والملفات ذات الاهتمام الدولي والإنساني، وأذكر هنا بالأنشطة الدولية للمغرب في مجال التنمية المستدامة، ومجال البيئة النظيفة، ومساهمته كذلك في حفظ السلم الدولي تحت لواء الأمم المتحدة، إلى جانب حضوره في الحد من انتشار الأسلحة النووية. إذ تبقى الدبلوماسية المغربية في مواجهة عدة ملفات، إلى جانب اعتنائها بملف الوحدة الترابية. لكن تبقى وسائلها التمويلية الضعيفة عاجزة عن استيعاب مساهمة مغربية فعالة على مستوى كافة هذه الواجهات، وكذا الانتشار الأمثل داخل المناطق الرمادية التي تحدثت عنها آنفا. - إلى جانب العائق المالي، ما هي الإكراهات العملية التي تحول دون دبلوماسية مغربية نشطة وفعالة؟ < إضافة إلى هذه الإكراهات المالية، التي أرى أنها ليست جديدة ومستمرة في الزمن، لأنه منذ سنوات والدبلوماسية المغربية تعاني من هذا الجانب، هناك ضرورة ملحة لتجديد منهجية العمل الدبلوماسي، وذلك على ضوء تحديد دقيق للمناطق الرمادية التي تؤثر سلبا على القضايا السيادية التي تهم المغرب، وإعادة الانتشار الدبلوماسي بناء على المعطيات المبنية على دراسات مستفيضة في هذا الجانب. - هل يمكن لبعض الأشكال من الدبلوماسية الموازية كـ»الدبلوماسية المدنية» أو «الدبلوماسية الاقتصادية» أن تعوض الفراغات والضعف في أداء الدبلوماسية الرسمية بهذه «المناطق الرمادية»؟ < أكيد أن الدبلوماسية الموازية إذا كانت نشطة ومضبوطة ومطلعة على الملفات بصيغة كافية، يمكن أن تلعب دورا مفصليا وحاسما في الدبلوماسية المغربية، وفي الصدد ذاته أشير إلى المتغيرات والتحولات الطارئة داخل بنية العلاقات الدولية، التي باتت تتسم بطغيان القضايا ذات الصبغة الحقوقية والإنسانية في المجال الدبلوماسي، فالعلاقات الدبلوماسية لم تعد تقتصر على تلك العلاقات التقليدية لدولة مع دولة، حيث أصبحت المواقف والرؤى ذات الصبغة الحقوقية تلعب دورا مركزيا داخل تلك العلاقات بين الدول، وأنا أقصد هنا بالذكر أشكال الدبلوماسية الموازية التي تقوم بها الأحزاب ومنظمات المجتمع المدني ذات الصلة، التي يمكن لها أن تلعب دورا حاسما في هذا الباب، وبالنسبة إلى حالة السويد التي نعيش فصولها اليوم، يمكن للدبلوماسية الحقوقية أن تلعب دورا كبيرا جدا، لا يقل أهمية عن الدور الذي تلعبه الدبلوماسية التقليدية بين كل من المغرب ودولة السويد. * سفير سابق بسوريا أعطاب الدبلوماسية المغربية.. من «الفهرية» إلى «التفعفيع» سعيد الخمسي

خرج وزير الخارجية المغربي، صلاح الدين مزوار، بتصريح يقول فيه إن وزيرة الخارجية السويدية عندما حاورها بنيويورك بخصوص ما وصفه وزير خارجيتنا بتجاوز السويد للخطوط الحمراء في قضية عزم السويد الاعتراف بجبهة الانفصال وبدولة البوليساريو، أمر يطرح أكثر من سؤال على دبلوماسيتنا وجودتها وتكوينها وتأثيرها. ما قاله صلاح الدين مزوار لإحدى الفضائيات ينم عن فقر لغوي فظيع، هل يعقل أن يقول وزير الخارجية إن الوزيرة السويدية تفعفعات وتهزات، تعبير بعيد كل البعد عن لغة الدول وتعبير عفوي عن عمق القرار الدبلوماسي الذي تكون مصالح المغرب وقضاياه من يدفع ثمنه.

هفوات الدبلوماسية المغربية

يجمع العامة والخاصة من المغاربة على تراجع الدبلوماسية المغربية منذ مدة، ويذهب الكثير إلى اعتبار الفاسي الفهري آخر وزراء الخارجية بالمغرب، فالرجل الذي ولد في 9 من أبريل عام 1958 بالدار البيضاء. استكمل تعليمه الثانوي في العلوم الرياضية بثانوية «ديكارت» بالرباط عام 1976 ثم حصل على دبلوم في هندسة الإحصاء التطبيقي من المعهد الوطني للإحصاء والاقتصاد التطبيقي في الرباط. وحصل على درجة الماجستير في الاقتصاد العام والتخطيط من كلية باريس بونيتوه بجامعة السربون عام 1981 ثم الدكتوراه في التحليل والاقتصاد السياسي من معهد الدراسات السياسية في باريس عام 1984.

تكوين الفاسي الفهري الذي يجمع بين الرياضيات والعلوم السياسية من جهة، وتدرجه في وزارة الخارجية من موظف إلى مسؤول ثم إلى وزير منتدب فوزير جعله أكثر حنكة وقدرة على قيادة سفينة الدبلوماسية المغربية، ففي عام 1986 تقلد منصب رئيس قسم التعاون شؤون الاتحاد الأوروبي بوزارة الخارجية وفي عام 1989 أصبح مديرا للشؤون الخارجية بالوزارة. وفي عام 1993 عُين في منصب وزير الدولة المعني بالشؤون الخارجية والتعاون وهو منصب تقلّده في حكومات 1994 و1995 و1997.

في عام 2002، قاد الطيب الفاسي الفهري المفاوضات التي أثمرت توقيع اتفاق التجارة الحرة مع الولايات المتحدة. وفي أواخر تلك السنة، عُيّن وزيرا منتدبا للشؤون الخارجية ثم وزيرا للخارجية في 15 أكتوبر 2007.

مرحلة الفاسي الفهري تلتها مرحلة سعد الدين العثماني، الذي كان تعيينه مفاجئا لكل المتتبعين، فالمعروف أن وزارة الخارجية كانت على مر الحكومات حقيبة سيادية في الغالب تمنح لشخصية تكنوقراطية أو لأمين عام لحزب، كما حدث مع محمد بوستة وعبد الله إبراهيم وغيرهما، خصوصا أن شخصية العثماني يغلب عليها طابع المهادنة وهو أقرب للفقيه منه إلى السياسي كما يصفه مقربوه. سعد الدين العثماني من مواليد 16 يناير 1956، بانزكان، جهة سوس، ذو تكوين طبي تخصص الطب النفسي، سبق له أن شغل منصب الأمين العام لحزب العدالة والتنمية بين 2004-2008. سعد الدين العثماني بتقلده حقيبة منصب وزير الشؤون الخارجية والتعاون  بحكومة بنكيران بين 2012-2013. تذهب بعض الروايات إلى كون بنكيران ضحى به وأسقطه من المنصب لأن مزوار اشترط لدخول الحكومة وملء الفراغ الذي خلقه خروج حزب الاستقلال إلى المعارضة، تمكينه من وزارة الخارجية والتعاون. وتذهب قراءات أخرى إلى كون خروج سعد الدين العثماني من البناية الزجاجية المطلة على شالة التاريخية كان بسبب تراكم أخطائه في تدبير الدبلوماسية المغربية، وما راج من كون سعد الدين العثماني لم يتمثل ولم يستوعب معنى رئيس الدبلوماسية، هل صحيح أن سعد الدين العثماني أدخل معه سائقه الخاص على الرئيس الجزائري عبد العزيز بوتفليقة؟ هل صحيح أن بنكيران عند زيارته لبعض العواصم الأوربية كان يلتقي النشطاء الإسلاميين، وخصوصا المقربين من حركة التوحيد والإصلاح ومن حزب العدالة والتنمية؟ هل صحيح أن دولة من الخليج أبلغت جهات عليا في المغرب أنشطة العثماني الموازية وتقربه من الإسلاميين؟ هل عجلت هذه الأخطاء برحيله؟ ثم ماذا حققت وزارة الخارجية في عهده.

التعديل الحكومي الذي أدخل حزب الأحرار للحكومة بدلا عن حزب الاستقلال حمل الأمين العام لحزب الحمامة ومعه مباركة بوعيدة وأنيس بيرو من نفس الحزب، الثلاثي أصبحوا وزراء للخارجية وللوزارة المنتدبة في الخارجية ولوزارة الجالية. هذا الانسجام في استوزار ثلاثة وجوه من نفس الحزب لنفس القطاع لم يواكبه انسجام في العمل الدبلوماسي، الشيء الذي يفسره حجم التراجعات التي عرفتها الخارجية المغربية لتكون قضية السويد وما دار ويدور من عزم مملكة السويد ستعترف بجمهورية البوليساريو في الجنوب المغربي بمثابة القشة التي قصمت ظهر البعير.

كفاءة دبلوماسيتنا على المحك

قضية السويد تحيل إلى الواجهة سؤالا جوهريا عن كيفية اشتغال الدبلوماسية المغربية، وما مدى استباقية الفعل الدبلوماسي المغربي، وما هي الموارد البشرية التي تتوفر عليها هذه الدبلوماسية؟ وكيف تدبر الخارجية المغربية وجودها في كل بقاع العالم؟ وهل لقضية غياب السفراء المغاربة في كثير من العواصم تأثير على قضايا المغرب الكبرى؟ هذه أسئلة يستلزم أمر فهم أعطاب سياستنا الخارجية الوقوف عليها وقبل ذلك لابد من تحليل ولو سريع لمواردنا البشرية، خصوصا على مستوى منصب السفير في كثير من العواصم التي لها تأثير عالمي سواء سلبيا أو إيجابيا. ففي الكويت لا وجود لسفير مغربي منذ إعفاء يحيى بناني على إثر حضور ناشطة من البوليساريو لحفل حضره أفراد من العائلة الحاكمة في الكويت وهو ما يعتبر اختراقا غير مسبوق ولا مقبول من جبهة البوليسارية لدولة تعتبر من المدافعين الأساسيين عن الطرح المغربي ووجهة نظر المغرب. وبالنظر إلى بروفايل السفير المعفى وهو ابن الجنرال عبد العزيز بناني، نجد أنه لا يتقن اللغة العربية ولا يدرك جيدا المجال الجيوسياسي الذي يشتغل فيه، غير أن هناك من ربط إعفاء السفير بقضية استضافة الوزير، وقتئذ، سعد الدين العثماني خلال زيارة له للكويت لفاعلين سياسيين لهم علاقة بالإخوان المسلمين في الكويت. وأيا كان السبب فالثابت في الأمر أن منصب سفير بالكويت ليس منصب مجاملة ولا منصب قرابة بل هو منصب حساس في بلد له روابط خاصة بالمغرب وتعيين سفير فيه لا بد أن يراعي الأهداف والخيارات والمصالح الكبرى للمغرب وأن تراعى في اختيار السفير القدرة على تدبير المجال وحماية مصالح البلد.

وإلى الآن تبقى سفارة المغرب بالكويت بدون سفير فهل يا ترى الأمر لا يتطلب التحرك، هل فراغ السفارة ليس له تأثير على مصالح المغرب وفرص المغرب.

بالانتقال بعيدا إلى باكستان نجد سفيرا اسمه مصطفى صلاح الدين، تعيين صلاح الدين مصطفى سفيرا بباكستان أثار الكثير من الجدال والنقاش الصحفي، فالتقارير الصحفية تقول إنه أمضى سبع سنوات ببلجيكا لم يحقق فيها أي شيء وبعد أن تقاعد مدة أعيد استدعاؤه وتكليفه بسفارة باكستان وإذا أضفنا للملاحظة حجم التيارات الدينية والسياسية والأفكار المتطرفة التي تعج بها باكستان يطرح السؤال: أليس من الجدير أن نعين سفيرا بباكستان له تكوين في الجماعات الدينية؟ له القدرة على رصد الأفكار القابلة للهجرة نحونا، ألم تخرج أغلب المشاريع المتطرفة من تلك الأرض، هل تكوين وتجربة وعمر السفير المغربي بباكستان كلها عوامل تسمح له بممارسة مهامه وخدمة بلده؟ هل له قدرة على تطوير النقاش الاقتصادي والتفاعل التجاري، هل هناك أي دراسة أو تقارير من شأنها أن تقيم حجم الربح والخسارة التي يمكن أن يحققه المغرب من خلال تعيين هذا السفير أو ذاك.

في القاهرة سفير للمغرب هو سعد الدين العلمي، القيادي السابق بحزب الاستقلال ووزير الوظيفة العمومية سابقا. سعد الدين العلمي بالإضافة لسفارة المغرب بالقاهرة يتحمل مسؤولية ممثل المغرب في

 جامعة الدول العربية، وسفير المغرب في الصومال، في زمن الأزمة السورية وتداعياتها وفي زمن ما تعرفه مصر من صراع الشرعيات، علما أن السفير كبير في السن ولا يغادر إقامته كثيرا في عاصمة تتطلب الكثير من التحرك وبناء العلاقات والبحث عن فرص للاقتصاد المغربي.
أما في السعودية، وهي كبرى الدول العربية والبلد الذي تربطه بالمغرب علاقات
خاصة ومصالح خاصة، فالسفير عبد السلام بركات، الذي تدرج في التدبير المحلي وفي وزارة العلاقة مع البرلمان ثم سفيرا في أمريكا اللاتينية ومنها إسبانيا فالسعودية، ماذا يمكن أن يقدمه للعلاقات المغربية السعودية خصوصا على المستوى الاقتصادي وعلى مستوى التنسيق في بعض القضايا.

في أوربا، يتحمل عالم لمنور سفارة المغرب وهو في الغالب مريض شفاه الله ولا يظهر في العمل إلا نادرا، فمؤسسة بحجم الاتحاد الأوربي تتطلب سفيرا على مستوى السن والكفاءة واللغات والعلاقات لابد أن يكون متفوقا وله قدرة وتكوين مرتبطين أساسا بالاقتصاد. هكذا تشتغل الدبلوماسية الذكية، يكفي أن نذكر أن السفير الفرنسي بالمغرب له تكوين وسبق له الاشتغال بمصالح الطرق والقطارات بفرنسا، مما يجعل مشاريع فرنسا بالمغرب في هذه اللحظة تجد سفيرا خبيرا يستطيع الدفاع عنها وتجميع المعلومات لها وتسويقها وتحقيق أفضل النتائج لبلده.
كل هذه العوامل والأمثلة تجعل سؤال كفاءة دبلوماسيتنا على المحك وتجعل سؤال
مواصفات السفراء على الخصوص مستعجلا وتجعل سؤال السفارات الفارغة ومسؤولية من أولى الأولويات، فهل يعقل أن تظل سفارة المغرب في السويد من دون سفير لمدة تفوق الثلاث سنوات؟ وهل من المعقول أن تظل سفارة المغرب في الكويت إلى الآن بدون سفير؟ وهل يعقل أن يعين سفير لعدة دول؟ وهل من المعقول أن ترفض سفيرة المغرب في الدانمارك استقبال المواطنين وترفض استقبال ممثل مجلس الجالية المغربية بالخارج ؟ هل بهكذا مسؤولين يمكن تعبئة الجالية حول موضوع الدفاع عن الوحدة الترابية للمملكة.

من كل ما سبق نخلص إلى كون الحاجة ملحة لتدوير النقاش العمومي حول مهمة السفير وأدواره الاقتصادية والسياسية ومدى استراتيجية المنصب كما تظهر الحاجة ماسة لتحديد المهام والمواصفات من منطلق أن منصب السفير ووجوده من عدمه لا يرتبط بوجود الجالية أم لا في بلد ما، فالمعروف أن مصالح الجاليات من اختصاص القناصلة والقنصليات، أما السفارات فهي مرتبطة بمصالح البلد، ومادام المغرب لم يحسم قضية الصحراء وما دامت الجزائر تشتغل على كل فراغ تتركه الدبلوماسية المغربية مهما كان بسيطا فإننا ملزمون حتما بالتواجد في كل بقاع العالم . نحن ملزمون ببناء شبكات سفراء وتحديد تقسيمات جيوسياسية حسب الدول والتوجهات.

فمثلا، في دول السويد والنرويج والدانمارك النزعة الحقوقية قوية ومستوى الرخاء جعل نظرة هذه الدول للقضايا السياسية دائما يكون من منظر حقوقي، وبالتالي فقضية تقرير المصير عند هذه الدول والشعوب تعتبر مبدئية، ومنه يجب تفهيمهم أن القضية ليست قضية تقرير مصير وإنما قضية منازعة بين جارتين يتطلب كفاءات وموارد بشرية خاصة . في حين نجد في دول أخرى من جنوب أوربا مثلا أن المقاربة الأمنية والاقتصادية أجدى من المقاربة الحقوقية، وقد تجد في منطقة أخرى من العالم مقاربات من نوع آخر، من هنا يجب أن يراعي تعاطي المغرب مع الملف هذه الخصوصيات وأن يأخذ تعيين السفراء بعين الاعتبار هذه المعطيات وهذه الخصوصيات.

دبلوماسية موازية أم ريع سياسي؟

إذا كان هذا حال الدبلوماسية الرسمية بأعطابها ونقائصها وهفواتها التي ينتظرها الخصم بإصرار وانتهازية، فإن الدبلوماسية الموازية أشد وأمر، فما نراه ونتابعه من ريع سياسي من بعض الذين يشتغلون على ملف الصحراء، ومنهم من حوله إلى سجل تجاري يبتز به مؤسسات الدولة، الدبلوماسية الموازية ليست هي تجييش الناس وحشدهم، وما تابعناه من تغطية من بعض المنابر الإعلامية خصوصا الرقمية منها يعكس أن الاشتغال في الدبلوماسية الموازية وخصوصا المدنية منها لازال بعيد عن المراد ولا زال بعيدا عن تحقيق اختراق في صفوف أعداء قضية الوحدة الترابية للمملكة.

وخلاصة القول إن الدبلوماسية المغربية تعاني من أعطاب منهجية وأخرى بنيوية وثالثة تنظيمية. والاشتغال على ملف الصحراء يحتاج استراتيجية وطنية وشفافية في التدبير وجرأة في الاقتراح ومسؤولية جماعية من كل مكونات المجتمع.

المصدر: المساء: أكتوبر 11، 2015، العدد: : 2803 ( تتمة )
  • Currently 0/5 Stars.
  • 1 2 3 4 5
0 تصويتات / 35 مشاهدة
نشرت فى 12 أكتوبر 2015 بواسطة AAC-ES-SMARA

ساحة النقاش

الفرع المحلي للجمعية الوطنية لقدماء المحاربين بالسمارة

AAC-ES-SMARA
»

أقسام الموقع

ابحث

تسجيل الدخول

عدد زيارات الموقع

281,951