<!--
<!--<!--[if gte mso 10]> <style> /* Style Definitions */ table.MsoNormalTable {mso-style-name:"Tableau Normal"; mso-tstyle-rowband-size:0; mso-tstyle-colband-size:0; mso-style-noshow:yes; mso-style-parent:""; mso-padding-alt:0cm 5.4pt 0cm 5.4pt; mso-para-margin:0cm; mso-para-margin-bottom:.0001pt; mso-pagination:widow-orphan; font-size:10.0pt; font-family:"Times New Roman"; mso-ansi-language:#0400; mso-fareast-language:#0400; mso-bidi-language:#0400;} </style> <![endif]-->
حتى نشوفو الوزير!!
المساء = حسناء زوان
سبتمبر 16، 2015، العدد: 2784
كنت في زيارة لإقليم اشتوكة آيت باها، وبالتحديد الجماعة القروية «تنالت» أو«بلاد العلامة سيدي الحاج الحبيب» كما يحلو لأهلها تسميتها، وتبعد عن مدينة أكادير بـ180 كيلومترا.
في تلك الزيارة، صادفت إضرابا شلَّ جل المؤسسات التعليمية التابعة لهذه المنطقة. وحين سألت عن السبب، قيل لي إن السكان يحتجون على غياب إعدادية ثانوية في المنطقة من خلال مقاطعة أبنائهم للمقاعد الدراسية، حيث إن التلاميذ الذين أنهوا للتو المرحلة الإعدادية لم يجدوا أين يكملون المرحلة الثانوية، ولكي يفعلوا عليهم أن يقطعوا 80 كيلومترا (يعني ما يعادل المسافة التي تفصل ما بين الدار البيضاء ومدينة تمارة)، فبعد طيِّ هذه المسافة كاملة يمكنهم فقط أن يعثروا على أقرب ثانوية إليهم.
تصوروا معي أن يكون على تلاميذ وتلميذات في سن المراهقة قطع كل هذه المسافة بشكل يومي من أجل استكمال دراستهم الثانوية، ببساطة لأنهم لا يتوفرون على أي وسيلة نقل ولا أي منحة دراسية، تمكنهم من الإقامة في «إداوكنيضيف»، حيث توجد تلك الثانوية التي أرسلتهم إليها وزارة التربية الوطنية!!
وحين احتج آباء وأولياء هؤلاء التلاميذ على ذلك، قال لهم مسؤول بوزارة التربية الوطنية، بكل وقاحة ودون أن يخجل من نفسه، إن الدراسة بعد مستوى السادس ابتدائي ليست إجبارية.. !!
السيد المسؤول لم يقف عند هذا الحد، إذ لما أخبره السكان بأن أبناءهم لهم الحق، مثلهم مثل أبناء بقية المغاربة، وبأن عد م وجود إعدادية ثانوية في منطقتهم يساهم في ارتفاع مستوى الهذر المدرسي، رد عليهم بقوله: «عندنا الحق نتصرفو في مصير التلميذ.. نلوحوه فينما بغينا…».
هكذا يفكر مسؤول في وزارة التربية الوطنية!؟ وهكذا ينظر إلى تلاميذ تلك المنطقة. وحينما زاد استعطافهم له طمعا في الرفق بأبنائهم، قال لهم «انتوما مشيتو تضربو بالحجر من الفوق»، ويقصد بقوله هذا أنهم راسلوا جهات عدة وعلى أعلى المستويات طلبا للإنصاف.
في زيارتي تلك، التقيت بممثلين عن جمعيات آباء وأولياء التلاميذ، فحدثوني عن الحجرات الدراسية التي لا تصلح أن تكون حتى زرائب للبهائم وعن معاناة أبنائهم مع «القطرة»، حيث يضطرون إلى البقاء بمعاطفهم البلاستيكية داخل تلك الحجرات، وأيضا عن الغياب المتكرر للمعلمين دون أن يكون له من مبرر يذكر، حتى إن معلما في المنطقة يعرف بكونه «ماكايفلت حتى عراضة»، حيث يشارك المدعوين ولائمهم أينما وجدت وحتى خلال الساعات التي من المفترض أن يكون فيها داخل قاعة الدرس بصدد القيام بواجبه الذي يتقاضى عنه أجرا من الدولة.
وحدثني ممثلو تلك الجمعيات أيضا عن المليون محفظة التي لا تضم إلا أدوات مستعملة وأخرى ممزقة، وعن المطعم المدرسي الذي لا يحمل من المطعم إلا الاسم لا غير، وعن أشياء أخرى تكشف عن مدى تردي التعليم في هذه المنطقة ومعاناة السكان الذين يجمعون على أنهم يعيشون واقعا «ماشي بحال اللي كايبان في التلفزة».
وأنا أستعد لمغادرة جماعة تنالت، سمعت بخبر وصول وفد رفيع المستوى من وزارة التربية الوطنية للاجتماع بالسكان المحتجين والاستماع إلى شكواهم.
وبالفعل وصل الوفد، متحملا عناء السفر والمسالك الوعرة و»الفيراجات». دام الاجتماع ثلاث ساعات، لكن دون أن يسفر عن نتيجة تذكر، حيث لم يجد الوفد لتبرير كل تلك المشاكل التي يتخبط فيها أبناء المنطقة سوى القول بأن الميزانية لا تسمح… وحين ألح السكان على ممثلي الوزارة في ضرورة أن تجد وزارة التربية الوطنية حلا لمشاكل أبنائهم التلاميذ، كان جواب الوفد بسيطا وصادما في الآن نفسه: « حتى نشوفو الوزير..؟؟ ».
بدون تعليق..
ساحة النقاش