<!--
<!--<!--[if gte mso 10]> <style> /* Style Definitions */ table.MsoNormalTable {mso-style-name:"Tableau Normal"; mso-tstyle-rowband-size:0; mso-tstyle-colband-size:0; mso-style-noshow:yes; mso-style-parent:""; mso-padding-alt:0cm 5.4pt 0cm 5.4pt; mso-para-margin:0cm; mso-para-margin-bottom:.0001pt; mso-pagination:widow-orphan; font-size:10.0pt; font-family:"Times New Roman"; mso-ansi-language:#0400; mso-fareast-language:#0400; mso-bidi-language:#0400;} </style> <![endif]-->
على أية حال.. هنيئا للمغاربة بالعُرس الديمقراطي!
المساء = عبد الله الدامون
سبتمبر 08، 2015، العدد: 2777
هناك قاسم مشترك بين الديمقراطية والكبش أو، على الأصح، بين عيد الأضحى والانتخابات، لأنه مباشرة بعد الحدثين تبقى شوارع وأزقة المدن المغربية متسخة لوقت طويل بمخلفات الأكباش والمرشحين والجزارين وسماسرة الانتخابات؛ والأسوأ من كل هذا أن الرائحة تستمر لوقت أطول، ففي العيد تبقى روائح فضلات وأحشاء الخروف، وفي الانتخابات تبقى روائح الفساد وأحشاء التعفن الديمقراطي.
هناك نقطة تشابه أخرى بين الانتخابات وعيد الأضحى، وهي أنه في المناسبتين معا يكثر السماسرة و«الشنـّاقة»، وهؤلاء يفعلون في العيد ما يفعلونه تماما في الانتخابات، أي أنهم يحاصرون المواطنين ويجعلونهم يقتنعون بأن كبشا معينا هو الأفضل، مع أن كل الأكباش متساوية في «التـّبعْبيع».
نقطة التشابه الأخرى بين عيد الأضحى والانتخابات هي أن تجار الأكباش كثيرا ما يلجؤون إلى تسمين الخراف بمختلف الوسائل، فيطعمونها، قبيل عرضها في السوق، الكثيرَ من الملح والماء، وإذا لم تنتفخ كفاية فإنهم يعمدون إلى نفخها بالهواء بنفس الطريقة التي ينفخ بها الناس بالونا مطاطيا. هذا ما يفعله المرشحون وسماسرتهم بالضبط.. ينفخون أنفسهم بالهواء ويتقدمون إلى المقترعين على أنهم يستحقون ثقة المواطن، وعندما يصوت عليهم المواطن يكتشف أنهم مجرد بالونات منفوخة تنفجر مع أول هبة ريح.
نقاط تشابه عيد الأضحى والانتخابات كثيرة، لكن من بين أبرز نقاط التشابه أن عيد الأضحى يخلف الكثير من الرؤوس «المشوّطة» بالنار، وفي الانتخابات تتشوط رؤوس الكثير من المرشحين الذين ينفقون أموالا طائلة، معتقدين أنهم سيفوزون، وفي النهاية يتحولون إلى مجرد رؤوس محترقة.
هناك، أيضا، نقطة تشابه أساسية بين عيد الأضحى والانتخابات، فقبل العيد يتحدث تجار الماشية وسماسرة الأكباش بكلمة واحدة وهي «الرؤوس، أو «الرّيوسْ»، وذلك لتعويضها عن كلمة كبش أو «حولي»، فيقول التاجر للسمسار «أنا عندي ألفين راس»، أو يقول السمسار للمشتري «شْحال من راس بْغيتي» «أو «شْحال كيْساوي الرّاسْ»، وهكذا دواليك، وعندما يمتلئ السوق تصبح كلمة «ريُوس» هي سيدة المصطلحات.
الشيء نفسه يتم استعماله في الانتخابات، فالمرشح يسأل سمسار الأصوات «شحال من راس عندك؟»، فيجيبه السمسار «عندي ألف راس، ويمكنْ ندبر ليك على ألفين من دابا يُومين». وكما يحدث في العيد ،فإن «رْيُوس» الانتخابات لها أسعارها طبعا.
نقطة التشابه الأخرى هي أنه بعد العيد يحصي كل تاجر وكل سمسار أرباحه وخسائره.. هناك من يعود من السوق بأرباح كبيرة ويستعد للعيد المقبل، وهناك من يتعرض لخسائر مهينة ويقرر ألا يعود لتجارة الأكباش أبدا.
نفس الشيء يحدث في الانتخابات، حيث يحصي كل مرشح وكل سمسار خسائره وأرباحه، وكل واحد يقرر ما إن كان سيعود إلى سوق الانتخابات المقبلة أم لا.
لكن، في كل الأحوال، فإن كثيرين في هذه البلاد يصرون، في كل مرة، على وصف الانتخابات بالعرس الديمقراطي، وأحيانا يقولون إنها حدث تاريخي، وفي أحيان أخرى يقولون إنها مرحلة حاسمة في تاريخ الشعب المغربي، مع أنه لم يثبت يوما أن الانتخابات المغربية كانت حاسمة في شيء، اللهم في زرع آلاف اللصوص والناهبين الجدد في أحشاء الإدارات والجماعات ومجالس المدن.
في الانتخابات المغربية، يحدث ما لا يمكن أن يحدث في انتخابات أخرى. الأحزاب كلها، تقريبا، صارت اليوم دكاكين تعلن سمسرة عمومية قبيل الانتخابات من أجل منح التزكيات، وهي سمسرة حقيقية وليست مجازية، حيث تضع أوراقا بيضاء في مكاتبها رهن إشارة الراغبين في الحصول على تزكيات، وكل مرشح يكتب اسمه وهاتفه والمبلغ الذي سيشتري به التزكية، وبعد ذلك يعلن الحزب عن المرشح الفائز بالتزكية، وطبعا يكون هو الذي قدم أعلى مبلغ.
في مدن كثيرة، تقدم إلى الانتخابات سجناء سابقون وأصحاب سوابق ومتهمون بالاتجار في المخدرات وأباطرة عقار ارتكبوا آلاف المخالفات الفظيعة في مجال التعمير ومبيضو أموال وأشياء كثيرة أخرى.
هناك وجوه مافيوزية كانت تتصدر لوائح الانتخابات وفازت، وهناك مرشحون مارسوا من الألاعيب الشيطانية ما يعجز الشيطان نفسه عن ممارسته، وبعد ذلك وجدوا أنفسهم يتبوؤون مناصب المسؤولية لتقرير مصير شعب في تفاصيل حياته اليومية، وأيضا مصير الأجيال المقبلة.
انتهى الفصل الأول من سوق الانتخابات ونحن على موعد مع الفصل الثاني لتشكيل مجالس المدن والمقاطعات، وفي هذه الفترة يصبح السوق خاصا بـ«الصّرْدي» ويغيب «الحولي» العادي.
ساحة النقاش