<!--
<!--<!--<!--
"ثورة الجوع" تدفع "علّوش" للانتحار
13 أيلول ,2015 03:33 صباحا
ماهر خليل - عربي بريس
فجأة.. خفُت صوت الرّصاص القادم من مدينة الزبداني التي كانت على موعد "قريب" مع بيان التحرير النهائي، وضجّت الساحة السوري بأزيز رصاص جديد، لكن هذه المرة كان بالقرب من دمشق، فـ"جيش الإسلام" قرر أخيراً تحرير العاصمة السورية من "سكّانها"، وقرر أن ينفض عن أكتافه الموسومة بشعار "لا إله إلا الله - محمّد رسول الله" تُهمة "الخيانة" و"اللعب بأقدار الناس" التي وجهها ويوجهها إليه مواطنو الغوطة الشرقية المتاخمة لدمشق. "زهران علّوش" القائد العام لـ"الجيش الإسلامي" جرّب هذه المرّة دخول دمشق من "نوافذها" بعيداً عن أبوابها التي أُغلقت أكثر من 10 مرّات في وجهه سابقاً، فاختار "الالتفاف" واستخدام أنفاق جديدة تمكنه من النفاذ مباشرةً على خطوط دفاع الجيش السوري وخوض معارك لها عدّة أهداف، لكن وقبل الخوض في "الأهداف"، يمرُّ علينا سؤال مهم ألا وهو "ما أسباب اختياره هذا التوقيت لفتح معركة على تخوم العاصمة بنسبة نجاح قد لا تتجاوز الـ5% فقط، خاصة وأنه شارك في "عملية فتح دمشق" أكثر من 5000 مقاتل تم دمجهم بين "جيش الإسلام وفيلق الرحمن" ..؟؟
بدايةً.. المعركة التي أعلنها "علوش" فجر الأربعاء - الخميس، جاءت بعدة دوافع أوّلها: أن "علّوش" يتعرّض منذ أكثر من شهرين لتظاهرات "شعبية"من أهالي الغوطة وانتقادات كبيرة حول سياسته"العدوانية" تجاه أهل الغوطة المحاصرين"،والذين لم يُخفوا دوره في فرض الحصار عليهم وحرمانهم من أبسط مقوّمات الحياة من "طعام وشراب ....الخ"، وبالتالي فإن الانتقادات هذه عكست الصورة المأخوذة عن محيط دمشق على الأقل"دولياً،حيث كان يعتبر الغرب أن الجيش السوري هو من يفرض هذا الحصار وليس"الثوّار"كما يحبّذ الغرب تسميتهم،لتظهر الحقيقة "من خلال هتافات أهالي الغوطة"بأن تنظيم"جيش الإسلام وفصائله الإسلامية الأخرى هي من تفرض الحصار وليس "النظام"، وهذا ما ظهر بعدد من الصور التي تداولها نشطاء "معارضون" تُظهر سهرات "الثراء" التي يقيمها "علّوش" على شرف مقاتليه وقادة عصابته، بينما آلاف الجوعى ينتظرون "وعوده" بتحرير مناطقهم من سيطرة الجيش السوري ...
ثانياً: يُقاتل تحت قيادة "علوش" مئات المقاتلين تحت مسمّى "جيش الإسلام" الذي يمتلك معدّات عسكرية ضخمة "دبابات - مدرعات - مضادات طيران "متوسط" - رشاشات بكافة أنواعها"، بحسب ما ظهر في فيديو بثّته الماكينة الإعلامية التي تعمل تحت قيادته لعرض عسكري أجراه في إحدى ضواحي دمشق،وبالتالي فإن هذا"الجيش" لم يحقق أي انتصار عسكري بدءاً من "معارك دمشق" بأجزائها الأربعة الأساسية، إضافة إلى "المعارك الجانبية" في دوما وجوبر وحرستا وبعض بلدات الريف الدّمشقي، دون أن يأتي بنتيجة تبرر له هذا الكم العسكري الذي يعمل تحت قيادته، والذي بحجّته يحرم أهالي الغوطة من مقومات حياتهم. إذاً بات عليه أن يفتح معركة "حتى لو كانت خاسرة"، ليقول للجميع "على الأقل حاولت .. وما استطعت"، مع التذكير بفشله في إحراز أي تقدم أو سيطرة على محور حرستا - إدارة المركبات بعد أسبوعين من خوض معركتها ..
المعركة التي بدأها "علّوش" الخميس - الجمعة فعلياً، جاءت بعد توحيد الجّهود مع "فيلق الرحمن" أو "لواء الأمة" سابقاً، الميليشيا التي تم تصفية قادتها سابقاً وعلى رأسهم "أبو صبحي طه". وبعد تصفية "أبو علي خبية" قائد ميليشيا "شهداء دوما"، إضافة إلى علاقات سيئة مع "أحرار الشام" وغيرها من الفصائل التي تنتشر في محيط دمشق، والتي كان آخرها "اللواء الأول" الذي أصدر بيان يؤكد فيه منع "جيش الإسلام" من الاقتراب من خطوطه في "برزة والقابون وحرستا" واستخدام "مزارعها" لمهاجمة نقاط الجيش السوري، إذاً معركة "علوش" التي لم تحقق حتى اللحظة أي تقدّم استراتيجي يهدد دمشق، مازالت محفوفة بالمخاطر وبأي لحظة يُكتب لها الفشل كما سابقاتها، لذا نلحظ "الهدوء" بالتعامل معها من قبل وحدات الجيش السوري منذ انطلاقتها ..
أما البحث في أهداف المعركة التي أطلقها "جيش الإسلام"، فحقيقةً وحتى اللحظة ليست واضحة، خاصة وأنه اختار الهجوم من أبعد نقطة على العاصمة وهي شمال دمشق، المنطقة المحاذية لـ"ضاحية حرستا"، لكن التمعّن مطوّلاً في حركة الميليشيات نستطيع القول أن علّوش بدء معركة سريعة تهدف إلى "مفاجأة الجيش" من محورين، الأول: "تل كردي - مخيّم الوافدين"، هذا المحور الذي يشهد حركة "نزوح" من أبناء الغوطة،وهي النقطة التي تشهد حالة هدوء و"مفاوضات"بين الدولة السورية ولجان المصالحة في ريف دمشق، حيث يهدف من السيطرة عليها فتح طريق"إمداد" لمدينة دوما، والظهور أمام أبنائها بأنه يريد تزويدهم بالمعونات اللازمة "حتى لو كلّفه ذلك عشرات القتلى" ..الثاني: محور طريق دمشق - حمص الدولي وصولاً إلى "َضاحية حرستا" التي يقطنها آلاف الأسر والمهجرين، وبالتالي فإن السيطرة على الضاحية السكنية يعني أنه تمكّن من إحداث خرق في إحدى "قلاع النظام" كما يسمّوها كونها مؤيدة للدولة السورية ومنها خرج مئات المقاتلون في "الدّفاع الوطني" الرديف للجيش السوري، إلا أنه اصطدم بالرغم من مشاركة 3000 مقاتل في عملية "جيش الإسلام"، بجدار دفاعي قوي من أبناء الضاحية والجيش السوري، وهذا ما انعكس سلباً على "التقدّم" الذي حصل على جبهة تل كردي، وأوقع ميليشيات "جيش الإسلام" في كماشة الجيش السوري، خاصة وأن عناصر الجيش المنسحبة من تل كردي،أعطت لنفسها الوقت الكافي للعودة إلى المَيدان وحرمان "علوش" من استثمار "انتصاره المؤقت"، وهو ما يمكن إسقاطه على ما حدث بمحيط "سجن دمشق المركزي"، عندما أوهمت القوات المدافعة، الميليشيات المهاجمة بانسحابها من مبنيين مطلّين على مزارع دوما، ما دفع الميليشيات لاقتحامها ووقوعهم في كمين داخل المبنيين اللذين تم إخلاءهما قبل أيام قليلة تمهيداً لصدّ الهجوم بحسب معلومات كانت قد وصلت للجيش السوري هناك. وهنا خسر "علّوش" البادرة في السيطرة على "طريق دمشق - حمص" الدولي، وقطعه بوجه قوات الجيش القادمة لدعم جبهات القتال .. بالاطلاع على حيثيات "الجبهة الجديدة"، سنجد أن "علوش" فعلياً اتخذ من حيث لا يدري طريق "الانتحار الجماعي" على خطوط التماس المستحدثة، والتي تعتبر خطوط حمر تم تحصينها سابقاً من قبل الجيش السوري، ستكون كلفة اختراقها "إن نجحت" عالية جداً، وبالتالي فإن "التثبيت" فيها واتخاذها مستقبلاً منصة لتهديد دمشق ستكون مهمة "مستحيلة" جداً، لذا من المتوقع أن يحسم الجيش السوري الوضع هناك خلال أيام قليلة، مع تمكّنه في الساعات الأولى لوصوله إلى خطوط النار، من "حصر التمدد" الذي حاول "جيش الإسلام" تسويقه إعلامياً، بالتعاون مع ماكينات إعلامية خليجية بصورة رئيسية، وبالتالي إن نجح الجيش السوري في ردّ الهجمة، سيكون بانتظار "علّوش" محرقة في قلب حاضنته الريفية، كمعركة متممة لما بدأه الجيش العربي السوري في محيط دمشق.
ساحة النقاش