<!--
<!--<!--<!--
طوفان الأجساد: تجارة البشر تحت غطاء السياحة في المغرب واستغلال الأطفال والنساء في الدعارة الراقية
الرباط ـ “راي اليوم” ـ نبيل بكاني
جدير بالذكر أن فيلم “الزين لي فيك” لمخرجه نبيل عيوش، وبعيدا عن النقاش الأخلاقي أو الفني الذي دار حوله، فانه بدون أي شك، قد فتح الباب واسعا لتطارح مواضيع تتعلق بالدعارة في الأماكن الراقية والسياحة الجنسية أو تجارة الأجساد،وهو موضوع شائك وحساس في مجتمع كالمجتمع المغربي يحتكم إلى التقاليد البائدة في وضع تغيب فيه الديمقراطية المتينة.
إن موضوع الاتجار بالشر، أو السياحة الجنسية أو الدعارة الراقية، وما تكتسيه من خطورة بالغة تهدد الاستقرار الاجتماعي، بل والأمن القومي للبلد، ولنا في ما خلفه موضوع ما عرف إعلاميا بـ”العفو الملكي على البيدوفيل دانيال”، أو مغتصب الأطفال، مثال صارخ، لواقعة كادت تزلزل أركان الدولة..
والسياحة الجنسية كما تعرّفها الأوساط الإعلامية والحقوقية وحتى السياسية والمجتمع المدني، هذا الأخير الذي مافتئ ينادي بضرورة التصدي لها، لا تسيء فقط لسمعة البلد في الخارج، أو تمس بكرامة الإنسان فحسب، ولكن خطورتها تتجلى في أنها جريمة كبرى بحق المجتمع، تخلف ضحايا اجتماعيين على مستوى الأفراد والأسر، يصعب، إن لم نقول يستحيل جبر الضرر الذي لحقهم.وضحاياها الأساسيون حسب العديد من الاستبيانات غير الرسمية، أمام غياب دراسات رسمية في الموضوع، هم النساء والأطفال الذين يمثلون الشريحة المستهدفة بشكل رئيسي.
تعريف السياحة الجنسية:
يظل إطلاق تعبير “السياحة الجنسية” على الظاهرة المتعلقة بالاتجار بأجساد البشر واستغلالها استغلالا بشعا، تعريفا مخففا لقضية تمس عمق الإنسانية، إذ أن “سياحة الأجساد” وفق ما ذهبت إليه المنظمة العالمية للسياحة، في تعريفها للسياحة، أن هذه الأخيرة يجب أن تكون عاملا للتقارب بين الشعوب والتفاهم والازدهار، غير أن كل ذلك تعرض عنه السياحة الجنسية بل تقوم بنقيضه.
ويجمع كثيرون على وصف السياحة الجنسية بأنها قيام بعض الأشخاص بالسفر إلي دول أخرى للانخراط في أفعال أو أنشطة جنسية مع الأطفال.
وتنص الفقرة الخامسة من المادة 9 من بروتوكول الاتجار بالأشخاص على تعزيز تدابير تشريعية أو تدابير أخرى، مثل التدابير التعليمية أو الاجتماعية أو الثقافية، بوسائل منها التعاون الثنائي والمتعدد الأطراف من أجل صد الطلب الذي يحفز جميع أشكال استغلال الأشخاص، وبخاصة النساء والأطفال، التي تفضي إلى الاتجار.
وقد بدأ مصطلح السياحة الجنسية يشيع داخل الأوساط الإعلامية والمدنية بشكل ملموس أواخر السبعينات وبداية الثمانينات، ولم يتأتى ذلك بمحض الصدفة، وإنما لأسباب موضوعية أبرزها؛
1- الحرب الأهلية في لبنان:
تدفق السياح الأوروبيين، وهذا راجع إلى عامل إقليمي مهم، ويتعلق بقيام الحرب الأهلية في لبنان بين 1975 و1990، والتي أثرت بشكل كبير في وضع السياحة في البلد الذي كان يستقبل نحو مليوني سائح وهو ما كان يمثل 20 بالمائة من الناتج القومي، ومن تم هروب السياح ومن ضمنهم السياح العرب من هذا البلد الذي تربع على عرش السياحة الجنسية خاصة من بلدان الخليج العربي ومن تم هروبهم نحو وجهات أخرى تقدم لهم المتعة والخدمات السياحية والأمان.
فقد زار المغرب الذي ظل يُنظر إليه كواحد من أكثر البلدان استقرارا سياسيا في المنطقة، خلال الفترة من منتصف سنة 1980 و منتصف 1990، ما بين مليون ومليون ونصف أوروبي، وكان معظمهم من جنسيات فرنسية واسبانية، وحوالي مائة ألف من بلدان جنسيات انجليزية وألمانية وهولندية. زار هؤلاء المناطق الممتدة على الساحل الأطلسي، خاصة أغادير، التي تتوفر فيها منتجعات شاطئية، وزار حوالي 20 ألف سائح سعودي البعض منهم اشترى منازل وفللت للاصطياف، وفي سنة 1985 أنشأت الحكومة المغربية لأول مرة وزارة السياحة.
1- سياسات الجوار:
ظل المغرب يعرف كحديقة خلفية خاصة للفرنسيين من ساسة ورجال أعمال وذلك على مر عقود من الزمن، منذ خروج المحتل من أرضه، وهذه التبعية السياسية والاقتصادية، أو ما يسمى بسياسات الجوار، جعلت الحكومات المتعاقبة على تسيير الشأن العام، تنحو نحو استجداء ود الطرف الأوروبي على حساب حقوق المواطن المغربي أحيانا، وهذا التفضيل الذي حضي به الوافد الأوروبي كما حضي به الوافد الخليجي على حد سواء، داخل المغرب، حتى في أقصى تجليات التعارض مع مصلحة المواطن ومع حقوقه وكرامته، جعل شأن المغربي دائما محط تقليل إن لم نقل تحقيرا في كثير من الأحيان، وفي المقابل منح الأوروبي والخليجي الثري الوافدين إحساسا بالتفوق من حيث الامتيازات التي يحضون بها داخل عدد من المرافق والمؤسسات ومن ضمنها الإدارة الأمنية والقضاء، فبرز من بين هؤلاء من استغل الوضع الاعتباري في التمادي على أعراض المغاربة وعلى أجسادهم، أمام كل الظروف المناسبة، فمن جهة وكما سبق الذكر، تغاضي السلطات على كثير من الجرائم التي يقترفها هؤلاء الوافدون أو الاكتفاء بترحيلهم دون عقاب، ومن جهة أخرى استشراء مظاهر الفقر والفاقة وحاجة الملايين من الناس لليورو أو الدولار أو البيترودولار،الذي من شأنه حل مشاكل يومية لنساء أرامل أو فقيرات ولأسر أفقدها الواقع اليومي الإحساس بالكرامة فباتت مستعدة لتأجير أجساد فلذات أكبادها لأشخاص في أعمار آباءهم أو حتى أجدادهم، ليجد هؤلاء كل التشجيع والترحيب في بلد شرع أبوابه للرساميل والاستثمارات الوافدة عليه لتطوير منشآته السياحية والاستجمامية، وللتدفقات المالية الهامة من العملة الصعبة التي يدخلها سياح أوروبا والخليج، والتي من شأنها حل مشاكل عديدة تتهدد الموازنة العامة للمملكة بالعجز.
ترتيب غير مشرف للمغرب في تقارير دولية:
وضعت تقارير مختصة أعدتها منظمات دولية منها حكومية ومستقلة، المغرب كثاني قبلة للسياحة الجنسية بعد تايلاند، فقد جاء تصنيف المغرب في تقرير أعدته منظمة “إكبات إنترناشنال” العام الماضي، ضمن 23 بلد في العالم ومن ضمن ست بلدان أخرى في أفريقيا تنتشر فيها سياحة أجساد الأطفال القاصرين، وتشير الأرقام التقريبية حسب ما ذكر في صحيفة الباييس الاسبانية التي تناولت مضمونه مستعينة بمعطيات عن اليونيسيف، إلى وجود قرابة مليون و80 ألف.
وقد كشف تقرير حول الاعتداءات الجنسية التي يتعرض لها الأطفال القاصرين، صدر هذا العام عن الائتلاف ضد الاعتداءات الجنسية، معطيات بالغة الأهمية، مسجلا تعرض 70 طفلا كل يوم لاعتداء جنسي بالمغرب. وقد وصلت الشكايات التي تلقاها الائتلاف 360 حالة اعتداء جنسي على الأطفال، وسجلت سنة 2012 اعتداءات جنسية على 65 طفلا، من ضمنه 40 ذكور، و25 فتاة، فيما تعرض سنة 2013 للاغتصاب عدد من القاصرين بلغ 76 طفلا، منهم 56 ذكور و20 إناث.
ولم تحد الخطوات التي تتخذها الحكومة من استمرار الاعتداءات الجنسية خاصة على الأطفال، وتشير المعطيات السنوية إلى تصاعد وثيرة الاعتداءات الجنسية على الأطفال متخذة منحى مقلق، وبحسب بيانات التقرير السابق، فقد عرفت السنة الماضية 2014 حالات اعتداء وصلت إلى 81 حالة، بينها 59 طفلا ذكرا. وفيما سجل التقرير خلال النصف الأول من السنة الحالية اعتداء على 42 طفلا، 27 منهم ذكور، فقد ذكّر التقرير بضعف القوانين المتعلقة بتجريم الاعتداءات الجنسية على الأطفال بما في ذلك من ثغرات قانونية تحول دون تمكن من هم دون الـ 15 سنة من التبليغ عن تعرضهم للاعتداء لدى أقسام الشرطة، إذ يشترط القانون مرافقة أولياء أمورهم لهم. ليخلص التقرير في النهاية إلى ما يفيد أن السياحة الجنسية هي أهم المصادر المغذية للاعتداءات الجنسية في حق الأطفال القاصرين، واضعا مدن أغادير ومراكش والصويرة وطنجة وتطوان على رأس قائمة المدن المعنية باستفحال السياحة الجنسية، واصفا المغرب بـ”الوجهة المغرية للسياح الجنسيين”، حيث يختار “الشواذ الجنسيون” المغرب “قبلة لتلبية نزواتهم المرضية، لإدراكهم الجيد لهشاشة الحماية المخصصة للأطفال وانتشار الجهل والفقر” وفق ما جاء في التقرير.
وأثار الحكم الصادر عن ابتدائية مراكش في حق مدير دار الأوبرا الفرنسي الذي حجزت الشرطة من داخل غرفة النوم بالفيلا التي يقيم بها بمراكش أثناء اقتحامها، أدوات جنسية عبارة عن قضيب تناسلي اصطناعي وقفازات بلاستيكية ومراهم وعوازل طبية، إضافة إلى صور بورنوغرافية ومشاهد إباحية في صيغ رقمية عثر عليها المحققون في ذاكرة الكمبيوتر الشخصي للمتهم، أثار الحكم الذي قضت به المحكمة في حقه، اندهاش واستغراب رئيسة جمعية «ما تقيش ولدي» نجاة أنور في تصريح ليومية “الصباح” المغربية، إذ اعتبرت ضعف العقوبات الزجرية ضد كل معتد أجنبي جنسيا على الأطفال تشجيع على معاودة الكرة أكثر من مرة من قبل الشخص نفسه، وفسح المجال أمام معتدين ومتحرشين جدد وبالتالي تناسل ظاهرة السياحة الجنسية بالمغرب.
وفي السياق نفسه، كشف تقرير حقوقي لجمعية “ما تقيش ولدي” معطيات مثيرة تتعلق بارتفاع حالات الاعتداء على الأطفال جنسيا بنسبة 536 في المائة؛ 306 حالات، 166 حالة منها تبنتها الجمعية، واشتغلت عليها على امتداد السنة، كما استقت الجمعية 140 حالة مما نشرته الصحافة الوطنية، موزعة على 56 منطقة في المغرب.
وتوجه الانتقادات غالبا إلى تقصير الحكومة في وضع قوانين رادعة وتشديد العقوبات على جرائم الاستغلال الجنسي للأطفال والبالغين، ويساهم فساد الجهاز القضائي في تفاقم هذه الظاهرة، بسبب إبداءه تسامحا كبيرا مع الاستغلال الجنسي للأطفال، ففي سنة 2008 أصدر القضاء المغربي حكما “غريبا” على سائح فرنسي متهم باستغلال أطفال جنسيا، بعشرة أشهر سجنا وغرامة قدرها 2700 يورو.
صناعة الجنس والمتاجرة فيه:
لا تقتصر مظاهر السياحة الجنسية على إشباع الرغبات الجنسية للسائح الجنسي، وإنما تمتد إلى نمط احترافي يمكن وصفه بصناعة الجنس من أجل إعادة تسويقه، وهنا تبرز أهمية المواقع الالكترونية المتخصصة في إنتاج مادة جنسية قابلة للعرض والشراء في نسخ رقمية على شكل فيديوهات أو صور تتضمن لقطات وحركات مختلفة وفي أوضاع شاذة، وأحيانا يتم ذلك باتفاق بين طرفين، حيث يتلقى الطرف الثاني مبلغا ماليا لقاء القبول بالتحول إلى بضاعة جنسية قابلة للتسويق، وبما أن القانون المغربي يعاقب على الأفعال المخلة بالحياء العام، فانه من الصعب العثور على مغاربة مستعدين للظهور في صور أو أشرطة تسجيلية إباحية، فحسب مقتضيات المادة 483 من القانون الجنائي فان “من ارتكب إخلالا علنيا بالحياء، وذلك بالعري المتعمد أو بالبذاءة في الإشارات أو الأفعال، يعاقب بالحبس من شهر واحد إلى سنتين وبغرامة من مائتين إلى خمسمائة درهم”، ما يجعل منتجي المواد الإباحية يلتجئون في الأغلب إلى استعمال كاميرات خفية لتصوير المشاهد الجنسية ودون اطلاع الطرف الثاني على مجريات الأمور. في هذا الجانب، يظهر دور السياح الجنسيين المحترفين وهم في الغالب من السياح الأجانب، ومن الأمثلة عن هذه الفئة أيضا، قضية “فيليب سرفاتي” التي تجاوزت شهرتها الحدود المغربية، وصارت مرجعا للمطالبين بتشديد العقاب على المجرمين الجنسيين. فقد جاء البلجيكي “سرفاتي” سائحا إلى مدينة أغادير حيث أوقع بعشرات الفتيات مستغلا ميول الكثير من المغاربة للزواج بالأوروبيين، واعدا إياهن بتحقيق أحلامهن بالهجرة إلى أوروبا، أو الفردوس كما يسميه الإعلام المغربي، وبدل أن تجد الفتيات صورهن على تأشيرات العبور، اكتشفن المئات من الصور لهن وهن في أوضاع مخلة على شبكة الانترنت، متضمنة نصائح وتوجيهات للسياح الجنسيين للإيقاع بالضحايا بأسهل الطرق.
ليست المرة الأولى التي تكتشف فيها شبكة مختصة في إنتاج المواد البورنوغرافية، التي يقع الأطفال ضحايا لها، فالجميع يتذكر قضية الفرنسي هيرفيه الذي عثر بحاسوبه على 170 ألف صورة بورنوغرافية لأطفال مغاربة تم التقاطها في أوضاع خليعة بداخل رياض سكني بمدينة مراكش و140 ألف شريط فيديو لأطفال قام بتسويقها على مواقع الكترونية متخصصة في المواد الإباحية، وقد كشفت التحريات عن شبكة من المغاربة يتكلفون باستدراج الأطفال من أحياء فقيرة كحي الزيتون والملاح مقابل 200 درهم (20 يورو) للطفل.
عوامل تساعد على تعاظم السياحة الجنسية:
إن من أهم العوامل التي ساعدت منذ عقود في تزايد أعداد الوافدين على المغرب من أجل الجنس، تساهل الحكومات المتعاقبة في سياق الإرادة الرسمية للتقرب من دول الجوار الأوروبي والمجموعة الأوروبية المشتركة، وتشدق المغرب لولوج هذا النادي كعضو رسمي أو شريك فوق العادة في أضعف الأحوال؛مساعي المغرب في ضمان علاقة الود التي تربط الرباط بصديقتها باريس الشريك الأول في الاقتصاد والسياسة والثقافة والداعم التاريخي للمغرب في كثير من المواقف، كملف الصحراء الغربية المتنازع حولها.
أيضا، من أهم العوامل لازدهار هذا الصنف من السياحة في المغرب، هنالك عامل خارجي أو لنقل كوني مهم، ويتعلق بالطفرة التكنولوجية فيما يخص شبكة الانترنت ووسائل الاتصال التي قربت بين الأمم والأفراد وكسرت الحواجز والعوائق، ثم ظهور مواقع التواصل الاجتماعي التي سهلت عملية التعارف، ثم التقارب حيث يتم من خلالها استقطاب العديد من الأشخاص، وعليه تنشط عديد من الشبكات المنظمة، أما عن الأفراد الذين ينشطون بشكل ذاتي، فان هذه الوسائل مكنت من تبادل المعلومات الشخصية بين الأفراد في مختلف أنحاء العالم ومن إقامة علاقات صداقة وتعارف افتراضية، لكنها قد تتكلل في النهاية بلقاء مباشر بين الطرفين المتواعدين بالمغرب. وغالبا ما يكون بإلحاح من النساء تحت وعود بالزواج والهجرة إلى أوروبا.
تاريخ السياحة الجنسية بالمغرب:
حسب معطيات توثيقية، فقد عرف المغرب بداية انتشار ظاهرة السياحة الجنسية في فترة الحماية من ثلاثينات القرن الماضي، حينها كانت تعتبر مدينة طنجة منطقة نفوذ دولي، يؤمها الأجانب المنحدرون من عدة بلدان أبرزها الجارة الشمالية اسبانيا في المرتبة الأولى، ثم فرنسا المرتبة الثانية وانجلترا ثالثا.
عرفت تلك الفترة من تاريخ المغرب، نشوء ظاهرة اجتماعية دخيلة على المجتمع المغربي سميت بـ“الدعارة الكولونيالية” (الدعارة الامبريالية)، قبل أن تأخذ طريق الانتشار بسرعة مهولة صوب مدن أخرى، أبرزها المدينة العمالية الدار البيضاء التي عرفت إذاك فترة ازدهار اقتصادي قل نظيره في المغرب،ثم العاصمة الإدارية الرباط حيث كان يستقر أكبر عدد من الإداريين والموظفين وجلهم فرنسيون،حينها بدأ المغاربة يكتشفون بدورهم دعارة حديثة تعرض خدمات جنسية على شكل مواخير مرخصة من طرف سلطات الحماية الفرنسية استقرت جلها في مدينتي الدار البيضاء والرباط. فقد كانت الدعارة متواجدة في المغرب خلال الفترة الاستعمارية، كما الشأن في جميع البلدان الواقعة تحت سلطة المستعمر، وكانت سلطات الانتداب الفرنسي تعمل على تقنين الدعارة تلبية لحاجيات قواتها العسكرية وكوادرها المدنية المتواجدة على أرض المغرب. لهذا، وخلال السنوات الأولى على الدخول الفرنسي للمغرب،سمحت السلطات الفرنسية بالمغرب،بفتح حي للدعارة،وقام مواطن فرنسي يسمى “بروسبير” بتشييد أول ماخور للدعارة في الدار البيضاء، وذلك بعد سنة واحدة من هجوم القوات الفرنسية على شواطئ الدار البيضاء، وأنشئ تحديدا بـ “أنفا” القديمة وكان الحي يمتد على مساحة 24 ألف متر مربع، ويضم حوالي الألف امرأة تعمل في تقديم خدمات الجنس لزبائن بمعدل 1500 زبون في اليوم، وضم الماخور يهوديات مغربيات إلى جانب فرنسيات واسبانيات. وقد فطنت سلطات الحماية إلى انتشار الدعارة في المجتمع المغربي رغم مظاهر المحافظة، لذلك سعت نحو تقنينها وتأطيرها بالقوانين والمراسيم. وفي أيار/ مايو من العام 1906م تشكلت لجنة من ممثلي السفارات والقنصليات الموجودة بطنجة وأصدرت القانون الفرنسي المتعلق بالبغاء على مدينة طنجة.
السياحة الجنسية الداخلية:
أدى فتح الحدود بين المغرب والجزائر إلى ارتفاع أعداد الوافدين من الجزائر على المناطق الشرقية على وجه الخصوص، لتشهد سوق السياحة الجنسية ارتفاعا ملموسا خاصة في مناطق الأطلس، منها آزرو والحاجب وخنيفرة، وهي المدن التي عانت ظلما وتهميشا منذ الاستقلال، والى حدود سنة 1994 عقب حالة التوتر في العلاقة بين المغرب والجزائر، التي أدت إلى إغلاق الحدود، لتمسي السياحة الجنس حكرا على السياح الداخليين في غياب إمكانات اقتصادية وبنيات اجتماعية وخدمية قادرة على سد الحاجيات الأساسية لساكنة هذه المناطق، وبدت الدعارة عموما، والسياحة الجنسية طريقا للانتعاش مع ظهور وسطاء محترفين في هذا المجال، ومن خلال توسط الآباء بين بناتهم والباحثين عن الجنس داخل منازل أصبحت ميزتها الدلالية علامات وعبارات يُستدل من خلالها على أنها أوكار معدة للدعارة.
تسونامي السياحة الجنسية:
نشرت صحيفة “لوموند” الفرنسية، على صفحتها تحقيقا بعنوان “أمواج التسونامي حملت رواد السياحة الجنسية من التايلاند إلى المغرب”،كشفت فيه أن موجة التسونامي التي ضربت دول جنوب شرق آسيا سنة 2004، ومنها طالت على وجه الخصوص تايلندا، دفعت رواد السياحة الجنسية إلى تغيير الوجهة باتجاه المغرب، ونحو مدينة مراكش السياحية بامتياز، بشكل خاص. ورصدت الصحيفة كيف يتم استقدام الأطفال القاصرين وكيف يتم ترويج هذا الصنف من “التجارة” بحيث يكفي المرور عبر احد زقاق الحي الفرنسي بـ”غيليز″ وسط مدينة النخيل أو بميدان جامع الفناء لمشاهدة أعداد من الأطفال يعرضون أنفسهم للباحثين عن اللذة. فيبادر أحيانا الزبون من داخل سيارته، هو نفسه،لدعوة أحد أو عددا منهم للغذاء أو العشاء، فيوافق الطفل من اللحظة الأولى ودون طرح أي سؤال مقابل جني عشرات أو مئات الدراهم. وقد أشارت الصحيفة إلى انزعاج السلطات الأمنية بمدينة مراكش والجمعيات المدنية من هذه الوضعية، حتى أن جمعية “ماتقيش ولدي” نصبت نفسها طرفا مدنيا في قضية مدير أحد الفنادق الفخمة.
وتحدثت أوساط إعلامية وصحفية في المغرب عن شبكات تحترف القوادة والوساطة شبكات منظمة وصفتها بـ”مافيا الجنس بالمغرب” التي تتاجر في أجساد الأطفال القاصرين بأسعار تتراوح بين 50 درهما و500 درهم (5 و50 يورو) للساعة الواحدة. فقد حولت أمواج التسونامي بلدان من شرق آسيا إلى مناطق شبه منكوبة وخيم الرعب والخوف من الكارثة الطبيعية وبحسب ما تداولته التقارير الإعلامية تمت وجه آخر للقضية لم يراد الكشف عنه، ويتعلق الأمر بوجود أعداد هائلة من الشواذ المتاجرين بأجساد الأطفال ممن ابتلعتهم الأمواج العاتية ممن قصدوا المنطقة بهدف السياحة الجنسية.
وأضافت التقارير أن الغلمانيون والسياح الجنسيون قد غيروا وجهتهم منذ تسونامي سنة 2004 بشرق آسيا نحو وجهات سياحية أخرى آمنة من حيث الاستقرار السياسي والبيئي،ومن ضمن هذه الوجهات المغرب، وتم ذلك استنادا إلى تقارير منظمات الدفاع عن الأطفال الدولية.وفي اليونان تحدثت مصادر إعلامية عن وجود يونانيين ضمن المفقودين،وذكرت صحيفة “أفريياني” التي نشرت تقريرا بعنوان “غضب الإله يضرب المتاجرين بالأطفال”، أن تمت مأساة تجري خلف الكواليس منذ اللحظات الأولى للإعلان عن الكارثة.
وذكر موقع قناة الجزيرة أن قانون الحماية الشخصية اليوناني منع الإعلان عن هويات الكثير من السياح اليونانيين الذين غمرتهم الأمواج في آسيا، ممن صدرت بحقهم عقوبات قضائية بشأن الاستغلال الجنسي للأطفال بالكثير من المناطق المنكوبة.
أكثر المدن جلبا للسياح الجنسيين وأهم الجنسيات:
ألقى فيلم “جنة الحب” لمخرجه النمساوي، أولريخ سيدل، الذي تم عرضه في مهرجان “كان” السينمائي سنة 2012، الضوء على مجاهل عوامل المرأة الأوروبية المسنة التي تقصد بلدان العالم الثالث، ومنها دول القارة الإفريقية، بغرض السياحة الجنسية، حيث يتوفر شبان في كامل نشاطهم الجنسي يعيشون بالطالة والفقر.
وأفصحت الممثلة النمساوية، مارجريت تيسال، وهي في الخمسينات من العمر، والتي مثلت دور “تيريزا” السائحة التي تزور كينيا أملا في ربط علاقة جنسية مع شاب يقدر حاجاتها الجنسية، الأمر يتعلق بالوحدة التي تعيشها الأنثى.. أنت مرغوب بك (في كينيا) لأن بشرتك بيضاء.”
ولاحظت تقارير إعلامية مختصة أن السائحات الغربيات اللائي يأتين لإفريقيا يفضلن قضاء عطلهن في بلدان منها الرأس الأخضر وغامبيا وكينيا ومدغشقر والمغرب(…)، حيث يعيش شبان عاطلون على ما تقدمه نساء جلهن متقدمات في العمر جئن من بلدان غربية لقضاء لحظات حميمية وجنسية افتقدنها في بلدانهن الأصلية.
لم تعد ظاهرة الدعارة مرتبطة بالأحياء الفقيرة والهامشية فقط، وإنما شهدت توسعا نحو أحياء سكنية راقية،خاصة تلك المرتبطة بالسياحة.
في العام 2007 وضع تقرير أصدره “التحالف ضد الاستغلال الجنسي للأطفال” مدينة مراكش ونواحيها على رأس قائمة المدن المغربية التي تشهد إقبالا كبيرا للسياح الجنسيين، متبوعة بأغادير ثم الصويرة وطنجة وأخيرا تطوان، معلقا على الترتيب بالقول أن هذه المناطق تبهر السياح الذين يستغلون أجازاتهم في البحث عن الفتيات اللواتي يلجأن إلى هذه المدن بحثا عن الزواج والعملة الصعبة.
ولاحظ “التحالف ضد الاستغلال الجنسي للأطفال” أن الأجانب المتورطين بالاعتداءات الجنسية على أطفال المغرب ليسوا فرنسيين أو بلجيكيين أو هولنديين أو ألمانيين فحسب بل فيهم أيضا عرب. ومع تطور هذا الصنف من السياحة وانتعاشها في المغرب، لم يعد المجال يقتصر على المغربيات فقط، بل إن السنوات الأخيرة شهدت تدفق فتيات من عدة أقطار عربية وكذا بلدان أوروبية خاصة الشق الشرقي من القارة الأوربية،وقد أضحى للوافدات من بلدان البلقان مكانة كبيرة بين ممتهنات الجنس الراقي في مراكش، وأصبح الطلب عليهن كبير بسبب جمالهن الساحر،فضلا عن كونهن لا يضعن الكثير من الاشتراطات، بحسب مصدر من داخل أحد الكازينوهات في تصريح لصحيفة هيسبريس الالكترونية، وذكرت نفس الصحيفة أن عددا من الروسيات والألبانيات يعملن في مجال الجنس لدى مواطن لبناني يدير كازينو كبير في مراكش، مشيرة إلى أن الكثير منهن يملأن الفنادق ذات الخمسة نجوم والأكثر، بعد أن أضحى الطلب عليهن كبيرا وفي تزايد مستمر خصوصا من قبل رجال الأعمال المغاربة ممن يفضلون قضاء نهاية الأسبوع في عاصمة النخيل.
ولم يعد سوق الجنس في المغرب يقتصر على الوافدات من بلدان الشرق الأوروبي، إذ يظهر أن هجرة الإسبان من أجل العمل في المغرب،خاصة في القسم الشمالي،لم تعد مقتصرة على المسرحين من العمل أو العاطلين الاسبان بسبب اشتداد الأزمة الاقتصادية ، فحسب ما أوردت جريدة “العلم” في أغسطس 2012، أن العشرات من الفتيات توافدن من الجارة اسبانيا على المدن الواقعة في الشمال المغربي كطنجة وتطوان والمضيق(…) بشكل لم يسبق له مثيل، من ضمنهم قاصرات وفتيات صغيرات، بقصد بيع خدمات جنسية لزبائن مغاربة على وجه الخصوص، بأسعار أقل من تلك التي تحددها نظيراتهن المغربيات.
ولاحظت الجريدة أن الشبكات الدولية المتاجرة في البشر تسعى إلى الرفع من سيولتها المالية في مجال الدعارة داخل المغرب عبر التنسيق مع متدخلين ووسطاء يُنشّطون نفس الميدان على طول منطقة الشمال المغربي، وكذا مدينتي سبتة ومليلية الخاضعتين لاسبانيا.
وأوضح تقرير التحالف ضد الاستغلال الجنسي للأطفال سنة 2007 أن حوالي 80% من حالات استغلال القاصرين هي اعتداءات جنسية، وأن 75% من المعتدين من أقارب الأطفال.
استقطاب وتعارف واستخدام لمواقع التواصل الاجتماعي:
من أجل إرضاء أمثل للرغبة الجنسية، تُسلك أساليب متنوعة للوصول إلى عاملات الجنس، فهناك أشكال عفوية للقاء كاستغلال الأماكن العامة المختلطة مثل المطاعم والحانات وبعض المقاهي المعروفة لدى العموم كأماكن للتلاقي، وكذا في الشارع العام، ولا ننسى المواقف الخاصة لعاملات الجنس المنتشرة على الأرصفة وجنبات بعض الشوارع في مدن شتى، حيث اعتاد المارة رؤية فتيات في مقتبل العمر بملابس تجلب الانتباه، أضف إلى ذلك سيارات الأجرة والحافلات والقطارات.
ولا يتم التواعد دائما باشتراط مقابل مادي، فمثلا في حالة البلجيكي فيليب سرفاتي كانت فتيات تمارس معه الجنس مقابل وعود بتسفيرهن إلى الديار الأوروبية، أو قضية “بيدرو- غارسيا رودريقيق” من مواليد 1950 الذي أحيل في كانون الثاني/ يناير 2009، على المحكمة الابتدائية بمدينة ابن سليمان بتهم تعددت بين النصب والاحتيال والعلاقات الجنسية غير الشرعية الناتج عنها حمل وولادة، وكان الاسباني بيدرو يعد شبابا وفتيات بالهجرة إلى اسبانيا بمقابل مادي، كما أنه ربط علاقات جنسية مع فتيات، ظهر أنه قام بالفعل من تمكينهن من الوصول إلى الضفة الأخرى.
إلا أن هنالك من يفضل سلك الطريق المختصر والاستعانة بوسطاء محترفين في البغاء يتكلفون باصطحاب الفتاة أو بتسهيل عملية التواصل بين طالب الخدمة وعارضها.
وتداولت تقارير إعلامية كثيرة أمثلة عن تورط عاملين في قطاع السياحة في الوساطة الجنسية، من ضمنهم أصحاب فنادق، سائقي سيارات الأجرة، أرباب ومستخدمين في ملاهي ومطاعم
وفي المقابل، ومع بروز شعبية مواقع التواصل الاجتماعي، فقد ازدادت حالات الإقبال على التعارف من خلال الانترنت، اما بشكل مباشر مع عاملة جنس أو التواصل مع وسطاء يتكلفون بالمهمة.
أثبتت الكثير من الدراسات أن مواقع للتواصل الاجتماعي وعلى رأسها فيسبوك، الذي أضحى أهم وسيلة لتوفير وساطات في مجال الدعارة والسياحة الجنسية، بتسهيله لعملية الاستدراج نحو ممارسة الجنس وتصريف التوجهات الجنسية التي يمنعها القانون في جل بلدان العالم، وأثبتت بعض من هذه الدراسات المنجزة في الولايات المتحدة الأميركية أن الموقع أمسى آلية مهمة في الوساطة الجنسية.
وفي آذار/ مارس من هذا العام (2015) أوقفت عناصر الدرك الملكي شبكة مشكلة من 11 عنصرا، تنشط في استقطاب الخليجيين لممارسة الدعارة الراقية في فيلات بمنطقة دار بوعزة المجاورة للدار البيضاء، حيث كان متزعم الشبكة يستغل عاملة جنس في إنتاج أفلام خليعة، وكان يروج لها عبر الانترنت ومن خلال فيسبوك متقمصا دور سائح خليجي.
وجاء توقيف “بوعزة. أ”، الذي تقمص دور السائح الخليجي، وقام بتصوير عاملة جنس مغربية تعرض مؤخرتها وتدعو السيّاح الخليجيين إلى زيارة المغرب، قبل أن ينشر الشريط على مواقع التواصل الاجتماعي فيما بعد.
وفي وقت سابق، كشف المدون والناشط في صفوف حركة 20 فبراير، محمد سقراط، أنه يعرف شبانا مغاربة نسجوا علاقات جنسية بواسطة فيسبوك، إلى درجة أنه وصفه بـ “معجزة العصر”، مستغلين الإمكانات التي يوفرها الموقع للإغواء بعيدا عن الفضوليين وعن الرقابة.
وتتم أيضا عمليات استقطاب الزبناء من خلال مواقع الدردشة، أو بإنشاء صفحات على فيسبوك تُظهر بروفايلات عاملات الجنس أو المثليين جنسيا أو شواذ يعرضون خدمات بمقابل مادي في ظل فراغ قانوني.
وفي شباط/ فبراير 2014، تطرقت تقارير إعلامية الى عمليات تعقب أعلنت عنها مديرية الأمن الوطني بالمغرب، تخص شبكات تنشط عبر “فيسبوك” في استدراج الفتيات المغربيات، خاصة من هن دون سن الثلاثين، تحت غطاء الترويج لعروض عمل ورحلات سياحية بأسعار مغرية، باتجاه بلدان خليجية، كالإمارات والبحرين، ليتم إجبارهم على العمل في المراقص والملاهي الليلية وأيضا في الدعارة الراقية.
وأوضح تحقيق لصحيفة “المساء” نشرته في عدد 13 شباط/ فبراير 2014، أن شبكات ومافيا تهجير الفتيات الى بلدان الخليج، قد “لجأت الى فضاء الانترنت، بعد أن اشتد الخناق على الوسطاء المحليين لوكالات التهجير”. اذ تعرض الكثير منهم لمحاكمات في الخليج كما في المغرب، بتهم الاتجار في البشر وتهجير فتيات بهدف العمل في الدعارة.
شبكات تنشط في تهجير الفتيات نحو بلدان الخليج:
تعتمد شبكات الدعارة في تهجير الفتيات نحو الخليج قصد استغلالهن في الدعارة، على استدراجهن عن طريق النصب والايهام بعقود عمل مزورة تهم بعض المجالات المناسبة للمرأة، مثل مهنة نادلة، مربية، مدلكة، مرشدة سياحية أو عارضة أزياء… ويحدد سعر الحصول على أحد هذه العقود، بين 1500 و4000 دولار، تضاف اليه عمولة للوسيط، ويتم الأداء بالمغرب وقبل أوان السفر، طبعا.
وفي الدار البيضاء كبرى المدن المغربية، مثلا، كانت الشرطة قد أوقفت نهاية العام 2001 شبكة للدعارة والوساطة في البغاء، تعمل على استمالة التلميذات القاصرات وتوهمهن بتوفير إمكانية السفر للعمل بدولة الإمارات العربية المتحدة، قبل أن تغير وجهتهن نحو قصر أحد الأثرياء الإماراتيين بالعاصمة الرباط لقاء مبالغ مالية كبيرة تتحصل عليها الوسيطة؛ كشفت تحريات الشرطة القضائية، أن الوسيطة كانت تتردد على المدارس التعليمية الإعدادية والثانوية، للبحث عن فتيات تتوفر فيهن هذه المواصفات: طول القامة، الجمال، شعر طويل أشقر أو أسود؛ دون أن تتعدى أعمارهن 17 سنة، وقد عثر بحوزتها على صور كثيرة لفتيات في أوضاع مختلفة.
نشرت صحيفة “الأحداث المغربية” في عددها ليوم 17 حزيران/ يونيو 2005، موضوعا حول تقرير أمني، حول الوجهة الجديدة التي أضحت تستقطب الفتيات المغربيات، اذ سجل التقرير الأمني توافد نحو 80 فتاة خلال هذه السنة لامتهان الدعارة في إسرائيل جلهن من ضواحي مدينة ابن أحمد وجارتها مدينة سطات (وسط) وقليل منهن من منطقة الشمال، عبر مصر.
وفي سنة 2008، تم الإطاحة بشبكة بالدار البيضاء، تختص في التهجير نحو لبنان. وحسب مصادر إعلامية، فإن الأمر يتعلق بشبكة تقودها امرأة في الخمسينات من العمر بتواطؤ مع شقيقتها وابنة أختها المقيمة بدولة بالإمارات برفقة زوجها الإماراتي.
وفي نفس السنة أيضا تمكنت الأجهزة الأمنية المغربية بمدينة أغادير، من تفكيك شبكة إجرامية على علاقة بتهجير فتيات مغربيات بينهن قاصرات، نحو دول خليجية، وسوريا ولبنان، إثر ذلك، تم اعتقال 13 فتاة بالمحطة الطرفية لمدينة إنزكان، يتحدرن من مختلف المدن المغربية، كن في طريقهن صوب مدينة سطات ومنها نحو مطار النواصر، للتوجه نحو الوجهتين سوريا ولبنان.
وخلال حملات أمنية، سنة 2010، أقدمت السلطات البحرينية على ترحيل نحو 500 فتاة مغربيات، وفرضت على الملاهي الترفيهية التابعة للفنادق بنودا توجبها بتشغيل فنانين مؤهلين ومعتمدين يتوفرون على بطاقات فنانين مصادق عليها رسميا ببلدانهم الأصلية، كما عممت السلطات الأردنية والإماراتية واللبنانية والسورية مذكرات مماثلة لإيقاف مجموعة من المغربيات، يمتهن حرفا بالفنادق والعلب الليلية، بدعوى أنهن ينتمين لعالم الدعارة.
وفي آب/ أغسطس 2011، تم الكشف عن شبكة دعارة اثر القبض على مواطن تونسي يقيم بالمغرب، يمتلك مطعما للوجبات السريعة، بتهمة تزعمه الشبكة المكونة من عاملات جنس قاصرات، عقب التوصل لمعلومات تدينه بالتوسط لمجموعة من الفتيات بهدف ممارسة الجنس مع سائح فرنسي بفندق بإقليم الخميسات، مقابل مبلغ مالي. فيما أوقفت الشرطة عددا من القاصرات داخل نفس الفندق، وعرض الموقوف كمتهم رئيسي على المحكمة بتهمة النصب والاحتيال والتهجير إلى الخارج، والتحريض على الفساد والوساطة في البغاء والتعاطي له وأخذ صور مخلة بالآداب للفتيات.
كشف مصدر أمني في آيار/ مايو 2014، للصحافة عن فتح تحقيق موسع بشأن شبكة تعمل في تزوير أعمار الفتيات لتهجيرهن الى الخليج بغرض الدعارة، اثر تمكن 18 فتاة من الوصول الى الخليج، في أقل من أسبوعين، غادرن مطار محمد الخامس بالدار البيضاء بوثائق مزورة، نظرا لأن أغلب الفنادق الخليجية تشترط عدم تجاوز الفتاة 20 سنة.
وفي آذار/ مارس 2015 أطاحت الأجهزة الأمنية بمدينة مكناس بتنسيق مع النيابة العامة بمدينة آزرو، بشبكة وساطة جنسية في تهجير الفتيات الجميلات للعمل في الدعارة بدول من الخليج العربي، إذ أحيل خمسة عناصر من متزعمي الشبكة على القضاء، بعد مداهمة مخابئ قاموا بحجز الفتيات بداخلها وإطلاق الكلاب على الشرطة.
في حزيران/ يونيو من هذا العام أوقفت السلطات الأمنية مستشارة من حزب سياسي بالدار البيضاء، متورطة في عمليات تهجير مغربيات نحو الخليج، اثر توصلها بإرسالية من السفارة السعودية، باستعمال عقود عمل مزورة في الفنادق ومجال الحلاقة والتزيين.
وذكرت صحف مغربية إنّ سفارة السعودية في المغرب راسلت المصالح المغربية أكثر من مرة بشأن شبكة تنشط في تهجير الفتيات إلى دول الخليج بعد تزوير أعمارهن، اثر اكتشافها تزويرًا في بعض المعطيات.
70 في المائة من المغربيات المهاجرات لدول خليجية هاجرن عن طريق شبكات الدعارة:
كشف تقرير الرابطة المغربية للمواطنة وحقوق الإنسان حول الاتجار بالبشر بالمغرب وبمخيمات تندوف، أن المغرب أصبح يعتبر مصدرا لهذه الظاهرة وكذلك وجهة وممرا لها وذلك بالنظر لعدد ضحايا الاتجار، فيما تعتبر مخيمات تندوف بؤرة لظاهرة العبودية القسرية حيث يتم الاتجار بالأطفال والنساء من قبل ميليشيات البوليساريو منذ أكثر من 36 سنة، بحسب التقرير.
وأبرز التقرير أن عدد شبكات الاتجار بالبشر بالمغرب والتي تمكنت مصالح الأمن الوطنية من إلقاء القبض على أعضائها ما بين سنوات 2009 و2012 وصلت إلى ما مجموعه 405 شبكة، أغلبها ينشط بمدن الرباط ،الدار البيضاء والقنيطرة.
كما تناول تقرير الرابطة، ظاهرة الاستغلال القسري التي يتعرض لها المهاجرون المنحدرون من دول إفريقيا جنوب الصحراء خلال مسار تنقلهم نحو أوروبا.
وَمِمَّا يشجع هذه الشبكات على توسيع نشاطاتها داخل المغرب، الأرباح السريعة والهامة التي تجنيها من وراء هذه التجارة، وتوفر الضحايا وسهولة الإيقاع بهم، وتفيد بعض التقارير السرية، كما ورد في التقرير، أن دعارة المغربيات بالخليج تدر على القائمين عليها أزيد من 7 مليون دولار، ففي الفترة بين 2002 و2004 تم ضبط أكثر من 1000 مغربية في وضعية تلبس في امتهان الدعارة بدولة الإمارات وفق تقارير إعلامية محلية، إذ تمت إدانة أزيد 800 منهن بالسجن النافذ بهذا البلد، فيما تم في الكويت توقيف 200 فتاة مغربية.
وكشفت دراسات ميدانية أخرى أن وجود ما لا يقل عن 20 ألف مغربية معظمهن قاصرات في سوق الدعارة في عدد من البلدان العربية، يجعلهن يعشن أوضاع استغلال جنسي بشع في هذه بلدان.
وكشف تقرير لوزارة الخارجية المغربية صدر في 2009، عما يسمى بـ”الفنانة المغربية” في العاصمة السورية دمشق لوحدها تتواجد 2000 مواطنة مغربية، فضلا عن اللواتي يشتغلن في الملاهي الليلية بمواصفات أخرى.
وفي 2011 تقدمت إحدى الفتيات المغربيات المقيمة بسوريا الى السفارة المغربية بدمشق تطلب الحماية من المغرب من محاولة استغلالها من طرف شبكة في الدعارة والنصب عليها، ما جعل وزارة الخارجية تراسل المدير العام للأمن الوطني بالمغرب تدعوه الى مباشرة تحقيق بخصوص نشاط شبكة في موضوع تهجير فتيات مغربيات نحو سوريا، وذكرت تقارير إعلامية نقلا عن إفادات الفتاة أنها وجدت نفسها بداخل شقة بالعاصمة السورية من ضمن 50 فتاة أخرى، ونشرت الصحافة أن الفتيات يتم جلبهن مقابل منحهن مبالغ مالية تتراوح بين 250 و7500 دولار.
تتعرض الفتيات في هذه البلدان، لأشكال متعددة من الإذلال والمهانة، لتجد أنفسن ضحية للاسترقاق وللاغتصاب والترويض، وفق شهادات فتيات عشن تجارب من هذا المنوال، في كل من سوريا ولبنان، ليجند أنفسهن رهائن “معسكرات اذلال” فيما يشبه السجون، بحسب وصف إحدى الشهادات، داخل منازل أعدت خصيصا لهذه “النخاسة”، التي تديرها وتتحكم فيها شبكات متخصصة في “الدعارة الراقية”، شبهتها إحدى الشهادات بـ “مقصورات الدعارة” و”الأقفاص”.
وان كان الشائع أن المستهدف بامتهان الدعارة هو العنصر النسوي، إلا أن تقارير أمنية كشفت عن بروز توجه آخر لهذه الشبكات يوجه نشاطه نحو الشباب الذكور، والتي أشارت الى تسجيل حالات استقطاب لشباب مغاربة للعمل في وظائف بعينها، إلا أنهم وجدوا أنفسهم هناك، بين أحضان شواذ ليمارسون عليهم نزواتهم الشاذة، ما استدعى خضوع حالات للإشراف النفسي، جراء المعاناة التي قاسوها والعقد النفسية التي أصيبوا بها.
أجانب في قلب فضائح جنسية ضد أطفال:
أعاد تصريح الوزير الفرنسي الأسبق الذي اتهم فيه زميلا له في الحكومة، لم يفصح عن هويته، بإقامة علاقات جنسية مع أطفال في مدينة مراكش، خلال العام 2002، وأن الأمن المغربي اعتقله قبل أن يطلق سراحه، أعاد النقاش حول موضوع حماية الأطفال والقُصر المغاربة من الاستغلال في السياحة الجنسية، الى الواجهة من جديد، حيث تحركت فعاليات داخل المجتمع المدني مطالبة الجهات الفرنسية بفتح تحقيق حول التصريح الذي أدلى به الوزير السابق “لو فيري” ضد زميله لإحدى القنوات الفرنسية.
وفي هذا السياق أكدت السلطات المغربية أنها “تتابع الملف بما يلزم من الجدية، وأنها أعطت تعليمات للنيابة العامة والوكيل العام للملك باستئنافية مدينة مراكش للقيام بالتحريات القضائية اللازمة لاستجلاء الحقيقة”، خاصة ان الوزير أشار في تصريحه الى أن الشرطة المغربية اعتقلته على خلفية الاعتداء الجنسي.
عام 2011 ذكرت صحيفة “الفيغارو” بواقعة مداهمة الشرطة حفلا بمراكش، ضم الى جانب قاصرين مغاربة، فرنسيين من ضمنهم وزير سابق، لتطمس القضية اثر اتصالات من الجانب الفرنسي. وأمام صمت السياسيين والمسئولين المغاربة قررت جمعية “متقيش ولدي” رفع دعوى ضد مجهول.
في 30 آذار/ مارس 2014 أكد مرصد الشمال لحقوق الإنسان، في بيان له أن الشرطة أوقفت ألمانيا بتطوان بعد محاصرة مجموعة من المواطنين له، بعد أن أثارهم دخول قاصرين بالزي المدرسي الى داخل عربته السياحية. وأكد مصدر أمني لم يذكر اسمه، لفرانس بريس، أن المعني صحفي ألماني يبلغ من العمر40 سنة ومنتج أفلام وثائقية، قام باستدراج قاصرين في السادسة عشر من العمر من أمام مدرستين.
وبالنظر إلى بيانات “إيكبات” (المنظمة الدولية لمكافحة الاستغلال الجنسي للأطفال)، فإن أغلب المعتدين على الأطفال جنسيا سرعان ما يمتعون بإطلاق السراح بعد إلقاء القبض عليهم.
وبعدما كان الاستغلال الجنسي للأطفال بالمغرب محصورا على معتدين مغاربة عرفت الآونة الأخيرة بروز العديد من القضايا التي كان المعتدون فيها أجانب، وتشير بعض التقارير الوطنية ازدياد حجم الاستغلال الجنسي للأطفال من قبل الأجانب خاصة في المدينة السياحية الأولى مراكش، وذهب الباحثون و المهتمون إلى أنه من بين العوامل المساهمة في استفحال هذه الآفة يكمن في كساد سوق الجنس الأسيوية بعد كارثة تسونامي و توجيه هواة اللذة الجنسية بوصلتهم نحو المغرب خصوصا و أن تلك الظرفية تزامنت مع مراهنة المغرب على تطوير القطاع السياحي في أفق جلب 10 ملايين سائح.
أسباب السياحة الجنسية:
عرض تحقيق تلفزيوني قامت به القناة الإسبانية الثالثة سنة 2009، حالات استغلال جنسي لأطفال في مراكش تتراوح أعمارهم بين 10 و 12 سنة. من بين الضحايا طفلان قاصران يتم استغلالهن مقابل عمولة داخل بعض الفنادق، الى جانب حالة الطفل الذي يتعاطي الى جانب أسرته المكونة من الأم الأرملة وأخته، الدعارة داخل منزلهم بأحد الأحياء الفقيرة. وحالات أخرى للتلميذات يتم الإيقاع بهن من طرف الوسطاء بمحيط مدارس وإعداديات، ولا يتجاوزن في الغالب 14 سنة، بحي كيليز الراقي، إذ يختار السائح ما يشاء لقاء 50 حتى 100 دولار، أضف إليها إتاوات الشرطة والوسطاء وأوكار الدعارة والنقل.
تحول الاقتصاد المغربي من اقتصاد نمطي يعتمد على الزراعة والتجارة الداخلية، الى اقتصاد منفتح ومتنوع، وضع الصناعة السياحية على قائمة الاهتمامات في البرامج الحكومية، ومع رعاية برنامج “جلب 10 ملايين سائح في أفق 2010″ من طرف الملك، والذي انطلق سنة 2000 بعد المكتسبات التي حققها المنتج المغربي سنتي 1999 و2000، بتسجيل سوق السياحة المغربية نموا معدله 17 بالمائة، الذي راهن عليه ال<
ساحة النقاش