<!--[if !mso]> <style> v\:* {behavior:url(#default#VML);} o\:* {behavior:url(#default#VML);} w\:* {behavior:url(#default#VML);} .shape {behavior:url(#default#VML);} </style> <![endif]-->
<!--<!--<!--[if gte mso 10]> <style> /* Style Definitions */ table.MsoNormalTable {mso-style-name:"Tableau Normal"; mso-tstyle-rowband-size:0; mso-tstyle-colband-size:0; mso-style-noshow:yes; mso-style-parent:""; mso-padding-alt:0cm 5.4pt 0cm 5.4pt; mso-para-margin:0cm; mso-para-margin-bottom:.0001pt; mso-pagination:widow-orphan; font-size:10.0pt; font-family:"Times New Roman"; mso-ansi-language:#0400; mso-fareast-language:#0400; mso-bidi-language:#0400;} </style> <![endif]-->
»نركبو الهبال«
المساء = حسناء زوان
يوليو 29، 2015، العدد: 2745
في صغري كنت أمارس لعبة «اهبل.. تربح».. مثلا كنت أستمع إلى نصائح أبي وأقول: حاضر، وإلى أوامر معلمي فأهز رأسي موافقة على كلامه، صائبا كان أم خاطئا، لا يهم، المهم بالنسبة إلي أن يرضى عني، وبالنسبة إليه أن أكون مطيعة، وإن كنت في دواخلي غير راضية.. واليوم، كما الأمس، مازلت أمارس اللعبة ذاتها، وإن بتقنيات أكثر تطورا من الأول. ولا أعتقد أني الوحيدة التي تتقن هذه اللعبة في هذا البلد. هناك أشخاص عديدون يشبهونني في هذه الهواية، وكلهم يبحثون عن شيء واحد فقط: العيش بسلام في بلد كل ما فيه يبعث على الجنون وعلى السكتة القلبية أو الإصابة بضغط الدم وكل الأمراض المزمنة التي تصيب المغاربة. أصبحت أمثل بإتقان كبير دور البلهاء، وأنا أستمع في كل مرة إلى سياسيينا وهم يرصون الأكاذيب «طوبة فوق طوبة»، أو حين أستمع إلى تصريحات الوزراء أو الماسكين بدفة الاقتصاد. أسمع إليهم، أبحلق فيهم، دون أن أفهم ، أحيانا كثيرة، شيئا من كلامهم لأني لا أعرف صراحة إن كانوا يتحدثون إلينا نحن المغاربة أم إلى شعب آخر في الموزمبيق أو في كوكب مارس. لكني في الأخير أقول آمين، كما اعتدنا، كلنا، أن نفعل في هذا البلد حين يتحدث زعماؤنا ومدراؤنا في العمل وكل من هو أعلى منا مرتبة. صرت أمثل دور «الهبيلة» حين أصادف في الشارع نشالين ولصوصا يسرقون «البزاطم والصيكان» و«يشرملون» النساء بسبب أو بدونه، فيما الشرطة تطاردهم مرة، ومرات كثيرة تغمض عينيها، لكنها أبدا لا تطارد الحيتان الكبرى التي تسرقنا بالقانون، وأحيانا بـ»العلالي». أمثل دور «الهبيلة» حين أذهب إلى المقاطعة لسحب عقد الازدياد أو شهادة السكنى فيطلب مني الموظف هناك ثمن قهوة بـ20 درهما! يفعل ذلك بكل وقاحة ودون أن يرف له جفن، فأدخل يدي في جيبي وأمنحه ثمن القهوة كما يفعل الكثيرون من البلهاء في هذا البلد، مع أني أسمع صوتا في داخلي يقول لي إن ذاك عمله وعليه أن يقوم به مثل أي موظف محترم بدل ابتزاز المواطنين البسطاء، لكني أقمع تمردي الداخلي، وأمنح ذلك الموظف ثمن قهوته وأضيف عليها ابتسامة بليدة تليق بدور البلهاء التي أتقمصها. أحيانا أتمادى أكثر في بلاهتي، فأردد أنا الأخرى مقطع «العام زين»، الذي كنت دوما أستمع إليه في نشراتنا الجهوية أيام إدريس البصري. أفعل ذلك كثيرا حين أسمعهم يتحدثون عن أجمل بلد في العالم، وعن خيراته وثرواته التي لا تحصى، وعن الأمن المستتب فيه، والذي لا يوجد في أي بلد آخر.. أستمع وأغمض عيني كي لا أرى ما لا أريد أن أراه. الآن بعد كل هذه السنوات من «ركوب الهبال» صرت أتقن جيدا كل الأدوار التي لها علاقة بالبلاهة والبلادة. صارت علاقتي وعلاقة الكثيرين أمثالي بالدولة أشبه بعلاقة «طوم وجيري»: «شي عايق بشي». الفرق الوحيد هو أننا لا ننصب لها الفخاخ والمصائد كما يفعل جيري بطوم لأننا نعرف مخالب الدولة جيدا، وكيف أنها تستطيع الفتك بنا في أي لحظة. لذلك كل ما نستطيع أن نفعله هو أننا «نركب الهبال» كي نبقى فقط في سلام ولاشيء غير ذلك.
ساحة النقاش