http://kenanaonline.com/AAC-ES-SMARA

الفرع المحلي للجمعية الوطنية لقدماء المحاربين بالسمارة

<!--

<!--<!--[if gte mso 10]> <style> /* Style Definitions */ table.MsoNormalTable {mso-style-name:"Table Normal"; mso-tstyle-rowband-size:0; mso-tstyle-colband-size:0; mso-style-noshow:yes; mso-style-parent:""; mso-padding-alt:0cm 5.4pt 0cm 5.4pt; mso-para-margin:0cm; mso-para-margin-bottom:.0001pt; mso-pagination:widow-orphan; font-size:10.0pt; font-family:"Times New Roman"; mso-ansi-language:#0400; mso-fareast-language:#0400; mso-bidi-language:#0400;} </style> <![endif]-->

المساء= جمال بدومة

أمراض مزمنة

مايو 21، 2015، العدد: 2687

في المغرب، عندما يمرض «أبناء الذوات» يركبون أول طائرة متوجهة إلى الخارج كي يعالـَجوا في أفضل المستشفيات؛ وعندما يتعطل عضو أو جهاز في جسد «بوزبال» يتشرد على أبواب المستشفيات العمومية أو ينقل على وجه السرعة إلى أول مشعوذ  كي يبيعه الوهمَ أو ينتهي مربوطا في «بويا عمر». ولا يسعنا إلا أن نحيي الجهود التي يبذلها وزير الصحة الدكتور حسين الوردي من أجل إغلاق هذا المكان، الذي يُربط فيه المرضى النفسيون بالسلاسل مثل الحيوانات، كما لو كنا نعيش في العصر الحجري. الوزير جعل من «تطهير» الضريح معركة شخصية، وسمعناه يصيح تحت قبة البرلمان، بكثير من الصدق: «يا إما أنا يا إما بويا عمر»…كيف يُعقل أن نتخلّص من المرضى النفسيين بهذه الطريقة البدائية؟ كيف نترك السماسرة يتاجرون في مآسي الناس الذين يدفعهم الجهل واليأس إلى هذا المكان الموبوء؟ إنها جريمة يشارك فيها الجميع، ومعركة أخرى ضد «العفاريت والتماسيح»، في صورتهم الحقيقية، وكل ما نتمناه هو أن ينجح الدكتور الوردي في إفراغ الضريح من نزلائه، وألا ينتهي هو نفسه… في «بويا عمر»، لأن أصعب شيء هو أن تكون مسؤولا عن صحة المواطنين حين تكون نيتك صادقة. جسد المغربي مثل بيته، كما تتسع الغرفة الصغيرة لعائلة بكاملها يتسع الجسد الواحد لأسرة من الأمراض، دون أن يئن أو يشتكي. بعض الإحصائيات تشير إلى أن أكثر من ثلاثة ملايين مغربي مصابون بأمراض مزمنة، مثل السكري والروماتيزم والفشل الكلوي وتشمع الكبد… وكثيرون يجمعون بين هذه الأمراض دفعة واحدة، دون أن يمنعهم ذلك من الحياة، والتمتع بالأكل والشرب ومختلف أنواع الشهوات، رافعين شعار المملكة الخالد: «موت وحدة اللي كانية»، في انتظار زيارة مفاجئة من عزرائيل!
ولو فتشنا عن السبب الرئيسي في وفاة المغاربة، لن نجد أيا من الأمراض
المزمنة ولا السرطان ولا السيدا، حفظنا الله وإياكم، بل سنجد مرضا واحدا يمكن أن نسميه «فوبيا الطبيب». ولا شك أن من علامات التخلف في بلد ما أن يتفادى المواطنون الذهاب إلى الطبيب، رغم تردي أحوالهم الصحية، خوفا من مصاريف العلاج. كثير من المغاربة يفضلون أن يتركوا الأمراض تتكدس في أجسادهم كما يتكدس الركاب في حافلة شعبية،بدل إهدار كل ما تملكه الأسرة بين العيادات الخاصة أو التشرد على أبواب «السبيطارات». وإذا حصلوا على سرير مهترئ في غرفة رطبة، داخل «الباطوارات» التي تسمى مستشفيات عمومية، يبتزهم الممرضون من عديمي الضمائر،ويتعامل معهم بعض الأطباء كما يتعامل البيطري مع الحيوانات،لذلك يفضل كثيرون حلولا أخرى غير المستشفى. «اللهم الواحد يموت فدارو ولاّ يقتلوه فالسبيطار بالفقصة».
أما العيادات الخاصة، التي يستعد أحد الوزراء إلى احتكارها، فحدث ولا حرج،
يفحصون جبيك أولا. المريض عندهم مثل نزيل في فندق سيئ الخدمة، مجرد بقرة حلوب ينبغي استنزافها إلى الآخر. يخترعون لك أمراضا إضافية وعمليات لا مبرر لها كي تطول مدة الإقامة، وبسهولة يمكن أن تصاب بجلطة وأنت تغادر إذا ما تأملت الفاتورة، خصوصا أنك تترك شيكا على بياض قبل الدخول… «ودخول الحمّام ماشي بحال خروجو»!
في البلدان التي تحترم مواطنيها، يعالج المريض أيا كان أصله أو عرقه أو
مستواه الاجتماعي، دون أن يتحدث معه أحد عن «الثمن»، حتى المهاجرون غير الشرعيين يدخلون إلى المستشفيات العمومية دون أن يشكل غياب أوراق الإقامة أو النقود عائقا أمام علاجهم، لأن الدولة تملك صناديق خاصة للتكفل بمثل هذه الحالات، وتعتبر الحق في الحياة مقدسا وصحة وكرامة الإنسان قبل كل شيء.
في المغرب، بسبب الفقر وضيق ذات اليد، تأخذ الأمراض راحتها في كل عضو،
وتسكن وتتوالد، مع توالي السنوات الإهمال. بدل أن يتبهدلوا على أبواب المستشفيات، وأن يوفروا أموال الاستشارة الطبية، يفضل ملايين المواطنين الذهاب عند فقيه أو مشعوذ أو دجال، كي يمنحهم قليلا من الوهم بثمن مناسب، ويتركون الأمراض تتجول بحرية في أجسادهم. المهم هو «السبب والكمال على الله». إلى أن تبسط الأمراض نفوذها بالكامل على الجسد، «ويأخذ صاحب الأمانة أمانته». عندها نسمع حوارات سوريالية من هذا القبيل : «باش مات مسكين؟» – «والو، غير موت الله، كان ما بيه ما عليه، نعس ما صبح، سبحان الله…». ولو أجريت تشريحا للجثة لوجدت أن عدد الأمراض التي تحالفت للقضاء عليه أكثر من عدد الدول التي تتحالف للقضاء على تنظيم الدولة الإسلامية!

المصدر: المساء= جمال بدومة
  • Currently 0/5 Stars.
  • 1 2 3 4 5
0 تصويتات / 33 مشاهدة
نشرت فى 21 مايو 2015 بواسطة AAC-ES-SMARA

ساحة النقاش

الفرع المحلي للجمعية الوطنية لقدماء المحاربين بالسمارة

AAC-ES-SMARA
»

أقسام الموقع

ابحث

تسجيل الدخول

عدد زيارات الموقع

281,185