<!--[if !mso]> <style> v\:* {behavior:url(#default#VML);} o\:* {behavior:url(#default#VML);} w\:* {behavior:url(#default#VML);} .shape {behavior:url(#default#VML);} </style> <![endif]-->
<!--<!--<!--[if gte mso 10]> <style> /* Style Definitions */ table.MsoNormalTable {mso-style-name:"Table Normal"; mso-tstyle-rowband-size:0; mso-tstyle-colband-size:0; mso-style-noshow:yes; mso-style-parent:""; mso-padding-alt:0cm 5.4pt 0cm 5.4pt; mso-para-margin:0cm; mso-para-margin-bottom:.0001pt; mso-pagination:widow-orphan; font-size:10.0pt; font-family:"Times New Roman"; mso-ansi-language:#0400; mso-fareast-language:#0400; mso-bidi-language:#0400;} </style> <![endif]-->
التعديل الحكومي..الامتحان الأخير لبنكيران
المساء = محمد أحداد
مايو 18، 2015، العدد: 2684
للمرة الثانية تخضع حكومة عبد الإله بنكيران للترميم. المرة الأولى جاءت في سياق صراع عنيف مع حزب الاستقلال بعد وصول حميد شباط إلى قيادة حزب علال الفاسي. وقتها أضاعت الحكومة ومعها الدورة السياسية المغربية الكثير من العمر الحكومي في مهاترات فارغة وصراعات جانبية أجلت الانخراط في مشاريع الإصلاح. اضطر بنكيران المنتشي باكتساحه للانتخابات التشريعية إلى تقديم تنازلات كثيرة، منها «تفويت» وزارة الخارجية والتعاون إلى صلاح الدين مزوار، الذي كان إلى وقت قريب أحد أشرس أعداء الحزب الإسلامي.
ووجه الأمين العام لحزب العدالة والتنمية بانتقادات حادة من حزبه، بل إن قيادات من الأمانة العامة عبرت بوضوح عن استغرابها من التشكيلة الحكومية الجديدة، التي أبعدت الحزب عن وزارة حساسة وأرغمته على التحالف مع من كان يريد «القضاء عليه» في إطار التحالف الثماني إبان الانتخابات التشريعية الماضية. بنكيران ظل هادئا وعرف أن قيادة السفينة الحكومية في ظل وضع إقليمي مطبوع بتراجع الإسلاميين في كل من تونس ومصر يعد في حد ذاته إنجازا. لم ينتظر رئيس الحكومة كثيرا ليوجه رسائل مشفرة في كل اتجاه، وقال بما يلزم من الاقتضاب في أول مجلس وطني لحزب العدالة والتنمية تلا التعديل الحكومي: من أراد أن يكون معي فمرحبا به ومن لا يريد فليغادر الحزب.
في ظرف وجيز استطاع حزب العدالة والتنمية أن يتأقلم مع الوضع الجديد، بل صار أشد المدافعين عن تحالفه مع حزب التجمع الوطني للأحرار، وقد بدا ذلك جليا أثناء انتخاب رئيس مجلس النواب حينما حاول كريم غلاب الرئيس السابق أن ينافس الطالبي العالمي.
التعديل الحكومي الأول لم يفرضه سوء التدبير الحكومي أو فشل قطاعات بعينها، بقدر ما فرضته متغيرات سياسية لحقت بالمشهد السياسي المغربي، الفريق الأول، ممثلا بحزب العدالة والتنمية والتقدم والاشتراكية، يقول إن هاته المتغيرات متحكم فيها وغايتها الأولى هي تقويض البيت الحكومي. وعلى هذا الأساس يمكن أن نفهم بعمق المقولة التي صرح بها أفتاتي للصحافة: شباط يسير بسرعة أكبر من التي طلبوها منه. أما الفريق الثاني، ممثلا في حزب الاستقلال، فيقول عنها إنها نتيجة حتمية لمحاولة رئيس الحكومة ومعه حزبه الهيمنة على الحكومة.
انسحب حزب الاستقلال وانضم حزب التجمع الوطني للأحرار، وكأن لا شيء جرى في الحقل السياسي، والذي جرى بعد مضي ما يقارب 4 سنوات من العمر الحكومي أن الديوان الملكي أصدر بلاغا أول يذكر فيه أنه جمد مهام أوزين الوزارية ويأمر بفتح تحقيق فيما يصبح بفضيحة «الكراطة» خلال كأس العالم للأندية التي أقيمت بالمغرب قبل أن يصدر بلاغا ثانيا يؤكد فيه أن أوزين طلب إعفاءه من منصبه، ثم بعد أن تفجرت قضية «الكوبل» الحكومي بين لحبيب الشوباني وسمية بنخلدون أصدر الديوان الملكي بلاغا يذكر فيه أن 3 وزراء طلبوا إعفاءهم من مهامهم الحكومي، وفهم حينئذ أن فضيحة «الشوكولاطة» التي تورط فيها عبد العظيم الكروج رمته خارج البيت الحكومي.
قبل ما يربو عن السنتين من نهاية العمر الحكومي يطرح السؤال عن أهمية إجراء تعديل حكومي في هذا التوقيت بالذات؟ امحند العنصر قال إنه سلم رئيس الحكومة لائحة تضم 6 أسماء مرشحة للاستوزار، وحزب العدالة والتنمية فعل مسطرة الاستوزار من أجل البحث عن بديل لـ»الكوبل»، مع ما يصاحب ذلك من تضييع للزمن الحكومي والانصراف عن معالجة القضايا الأساسية المتعلقة بتنزيل البرنامج الحكومي والإعداد للانتخابات الجماعية المقبلة المقرر إجراؤها في شتنبر المقبل.
في المرة الأولى لدغ بنكيران من داخل تحالفه الحكومي، وفي المرة الثانية تصدعت حكومته بـ«نيران صديقة»، وفي كلتا المرتين، وكما قلنا سابقا، تهدر مكونات الأغلبية المزيد من العمر الحكومي، بل ستساهم أكثر في إضعاف الجسد الحزبي الهش أصلا كما هو حاصل الآن داخل حزب الحركة الشعبية.
التعديل الحكومي هو قبل كل شيء إقرار بوجود فشل في تدبير قطاعات عينها، لكنه إقرار بفشل الحكومة، وإذا استثنينا قضية «الكوبل» الحكومي التي تحكمت فيها أمور شخصية بحتة أحدثت زوبعة في صفوف حزب العدالة والتنمية وخلقت جدلا واسعا على مواقع التواصل الاجتماعي، فإن إعفاء كل من أوزين والكروج اقترن بفضائح مدوية، وهو ما يشكل تعاملا أو لنقل تجاوبا مع انتظارات الرأي العام.
الآن، يلوح في الأفق أن حكومة بنكيران ستخضع لتقويم ثالث، وستضطر الأغلبية الحكومية إلى البحث عن بديل لثنائي الحركة الشعبية والعدالة والتنمية. يدرك العنصر جيدا أن وزارة الشبيبة والرياضة، وبكل الإمكانيات التي تتوفر عليها، تشكل ورقة ليس سياسية فقط، وإنما انتخابية أيضا، ولذلك حرص على أن يحتفظ بها لنفسه، فيما يدرك بنكيران، بعد كل الأزمات التي عصفت بالحكومة، شيئا واحدا: السياسة الجيدة لا تمارس بنوايا طيبة.
هل يكون العدالة والتنمية أكبر الخاسرين في التعديل الثاني؟
بوغالم: «بيجيدي» دخل مرحلة السباق النهائي والتعديل ليس في مصلحته
المهدي السجاري:لم يكن رئيس الحكومة، عبد الإله بنكيران، يتوقع أن يهتز تحالف الأحزاب الأربعة من الداخل مرة أخرى، وهو الذي طالما لوح بورقة التماسك والانسجام الحكوميين، قبل أن يجد نفسه في محك حقيقي لإيجاد مخرج لقضايا «محرجة» تورط فيها بعض وزرائه، خاصة بالنسبة للوزير والوزيرة المنتميين لحزب العدالة والتنمية.
صحيح أن حكومة عبد الإله بنكيران لم تكن الاستثناء في التعديلات الوزارية، لكن هذه التعديلات ارتبطت هذه المرة بقضايا أثارت زوبعة إعلامية كبيرة وضغوطات من الرأي العام باعتراف بنكيران نفسه. «شبهة» شراء الشكلاطة من المال العام وفضيحة ملعب الأمير مولاي عبد الله وخطبة الوزيرين التي أثارت زوبعة إعلامية محليا ودوليا، كلها قضايا عجلت بإبعاد أربعة وزراء من الفريق الحكومي.
في هذا الخضم، تنفس الأمين العام لحزب العدالة والتنمية الصعداء بعدما خرج من عنق الزجاجة ووجد لنفسه مخرجا لمأزق مس بصورة الحزب والحكومة، بعدما استغلت المعارضة «خطبة الوزيرين» لضرب التحالف الحكومي الذي يقوده الحزب الإسلامي.بنكيران اعتبر أن مسألة التعديل الحكومي عادية ويمكن أن تشمل أي وزير في الحكومة. ورغم أنه عبر عن أسفه، خلال المجلس الحكومي المنعقد الخميس الماضي،من مغادرة ثلاثة وزراء لمركب الحكومة، إلا أنه سجل في المقابل أن الاستقالة في السياسة ومغادرة الحكومة شيء عصري، ولا تكون بالضرورة لأسباب حقيقية، بل إن الإعلام وأشياء أخرى تدخلت في الموضوع. وهنا بعث الرجل برسائل مفادها أن «الحكومة بخير وأمامها ملفات وأوراش كبيرة يجب أن تعمل عليها».
عباس بوغالم، أستاذ العلوم السياسية بجامعة مولاي إسماعيل، اعتبر في تصريح لـ«المساء» أن مقاربة التعديل الوزاري من منظور الربح والخسارة بالنسبة للعدالة والتنمية تفيد بأن هذا الإجراء جاء على غير العادة بالنسبة للأسباب التي تكون وراء التعديلات، ومنها وجود خلافات داخل الائتلاف أو إجراء انتخابات سابقة لأوانها وغيرها.
وأوضح بوغالم أن التعديل شمل وزيرين لأسباب مرتبطة بعلاقة حب بينهما، حيث أصبح حزب العدالة والتنمية في مأزق كان في غنى عنه، خاصة فيما يتعلق بتوقيت تفجر هذه القضية، حيث كان الحزب في أوج المواجهة مع المعارضة، والتي وصلت إلى حد مطالبة بنكيران بتقديم استقالته.
وأكد أن هذه القضية كانت لها مجموعة من الأبعاد، إذ أن صورة العدالة والتنمية تعرضت للاهتزاز رغم أن الرأي العام تميز باتجاهين أحدهما لم ير في المسألة ما يستدعي كل هذا اللغط، في حين هناك اتجاه آخر كان محل استهداف من قبل جهات أخرى وظفت هذه القضية لأغراض سياسية للنيل من الحزب، خاصة على مستوى وسائل الإعلام.
كما كان لهذه القضية أثر على مستوى قواعد الحزب، بعدما أثارت نقاشات وانقسامات، وهو ما شكل، حسب بوغالم، خطرا على الحزب لاسيما أنها جاءت في وقت يحتاج إلى تماسك قواعده باعتبارها القاعدة الخلفية الداعمة للحزب المشارك في الائتلاف الحكومي، فإذا به يجد نفسه أمام قضية كانت لها تداعيات عدة على مستوى مختلف مكونات الائتلاف.وأضاف بوغالم قائلا: «العدالة والتنمية دخل في مرحلة السباق النهائي، خاصة أن عمر الحكومة أصبح سنة تقريبا، وبالتالي ليس في مصلحته أن يقوم بتعديلات أو أن يتعرض لهزة بهذا الشأن، لكنه اضطر للقيام بهذا التعديل لأنه لم يكن أمام اختيار ما، وهو ما جعله يعيد ترتيب أوراقه، خاصة أن ما وقع قلص قوته التفاوضية مع مكونات المعارضة وأيضا مع باقي أحزاب الائتلاف». وأبرز في هذا السياق أن التعديل الوزاري كان مطروحا بالنسبة لتعويض منصب وزير الشباب والرياضة، لكن كان هناك أيضا توقع بتغيير بعض الوزراء في قطاعات أخرى، الذين أبانوا أن أداءهم لم يكن في المستوى. بيد أنه تم التغاضي عن هذه التغييرات التي كانت مرتقبة في قطاعات أخرى، بعدما هم التعديل وزيرين من العدالة والتنمية، مشيرا إلى أن من بين تداعيات التعديل إشكالية من سيخلف الوزيرين والمسطرة التي سيتم اتباعها.وفي المقابل، اعتبر الخبير السياسي أن حزب العدالة والتنمية يمكنه استثمار خطوة التعديل، إذ أن تقديم وزيرين لاستقالتهما يحمل إشارات تدل على أن الحزب يغلب المصلحة الوطنية على المصلحة الحزبية، وأن المناصب الوزارية ليست همه الأساسي، بدليل أن الوزيرين قدما استقالتهما رغم أن الأمر يتعلق بأمر شخصي، وهو ما لا يحدث إلا في أرقى الديمقراطيات.على بعد حوالي سنة من نهاية ولايتها، تقف حكومة عبد الإله بنكيران أمام مجموعة من التحديات المرتبطة أساسا بتنفيذ التزاماتها تجاه المواطنين وتحقيق الإصلاحات المعلن عنها. تحديات تحتاج إلى فريق حكومي متماسك ولأداء جيد يسرع من وتيرة العمل، بعدما أبان بعض أعضاء الحكومة عن ضعف ملحوظ في تدبير القطاعات التي أسندت إليهم.
محداش: التعديلات المتكررة صيد ثمين للمعارضة قد تستثمره لإظهار ضعف الحكومة، قال إن حزب بنكيران أصبح يحكمه هاجس نيل رضا القصر أكثر من رضا المواطنين.
يرى حسن محداش، أستاذ القانون الدستوري بالكلية متعددة التخصصات بالرشيدية، أن التعديل الثالث يرتبط بأخطاء شخصية لوزراء،أخطاء وقعت خلال مرحلة حساسة من تاريخ الحكومة بحكم الاستحقاقات الانتخابية المقبلة،لهذا فالرحيل، يقول محداش، كان بمثابة وضع حد للقيل والقال الجماهيري، الذي مارس ضغطا عبر وسائط الاتصال الرقمية، وهو ما نتجت عنه إقالة أو استقالة جزء من الوزراء، للحد من التشويش على الأداء الحكومي. وأضاف أن التعديل هذه المرة لم يكن نتيجة تفجير داخلي لتجربة حكومة بنكيران أكثر منه استجابة لضغط الرأي العام. وأوضح محداش أن الملاحظ في حكومة بنكيران أنها أضحت تشتغل على نوع من الفضائحية، وهي مسألة تفقدها رصيد الثقة وتجعلها أمام محك إبراء الذمة.
– ما هي قراءتك للتعديل الثالث لحكومة بنكيران؟
< التعديل الوزاري، كما هو متعارف عليه، هو تغيير جزئي لتشكيلة الحكومة قبل انقضاء مدة ولايتها، ودوافع التعديلات الوزارية يمكن تحديدها في ثلاث حالات:
– الحالة الأولى: عندما تكون قد مرت على التشكيل الحكومي مدة معينة من ولايتها، ورغبة منه في إعطاء فريقه الحكومي نفسا جديدا يقوم رئيس الوزراء بتعويض بعض أعضاء حكومته بأعضاء أكثر دينامية ومردودية.
– الحالة الثانية: الاستقالة، حيث من الممكن أن يتقدم وزير أو أكثر بتقديم استقالته من الحكومة، وهذه الحالة هي التي تمخضت عنها حكومة بنكيران الثانية بتاريخ 20 أكتوبر.
– الحالة الثالثة: نتيجة ارتكاب خطأ سياسي جسيم قد يؤثر على شعبية الحكومة أو يشوش على سيرها العادي، كما هو الحال في حالة وزير الشباب و الرياضة، وكذلك الحادثة الأخيرة التي كان بطلاها كلا من الحبيب الشوباني وسمية بنخلدون أو ما يسمى بـ»الزواج الحكومي» بأسلوب أكثر سخرية.
وللإشارة، فليست هناك أي إشارة إلى بروتوكول خاص بالتعديل الوزاري، على مستوى الدستوري، وإن كان التعديل منصوصا عليه في دستور 2011 من خلال الفصل 47.
وعلى المستوى السياسي، فهذا التعديل يعتبر الثالث من نوعه، وهو ما يدل، من جهة أولى، على خلل على مستوى اختيار الوزراء والتسابق نحو الاستوزار دون اعتبار لعامل الموضوعية في اختيار ذوي الخبرة والمؤهلات، مما يؤثر على طريقة تدبير القطاعات التابعة لهم وعلى مقدرة الوزراء. أما من جهة ثانية، فإن هذه التعديلات المتكررة تعتبر صيدا ثمينا للمعارضة قد تستثمره لإظهار ضعف الحكومة وانعدام تماسكها وقلة خبرتها، وبالتالي فشلها في تحمل مسؤولياتها، خصوصا ونحن على مشارف تنظيم انتخابات جماعية.
– كيف تنظر إلى الكيفية التي تم بها إعفاء الوزراء الثلاثة؟
< كما يعلم الجميع، فإن الوزير عبدالعظيم الكروج، الذي شمله الإعفاء، كان قد تعرض لحملة على صفحات الجرائد والمجلات لما أطلق عليه «فضيحة الشكلاطة». ونفس الشيء بالنسبة لزميله في الحكومة والحزب محمد أوزين بعد فضيحة «الكراطة». أما فيما يخص الوزير الشوباني والوزيرة سمية بنخلدون، فقد تعرضا بدورهما في الآونة الأخيرة لسيل من الحملات الإعلامية حول ما أطلق عليه «الزواج الحكومي».
فيما يخص حالة الوزير الكروج، وإذا كان إعفاؤه جاء بطلب من رئيس الحكومة، وإعفاء الوزير محمد أوزين جاء بإيعاز من الملك، فإن إعفاء الشوباني وبنخلدون جاء بناء على طلب استقالتيهما من الحكومة.
إذن، من خلال هذه الحالات الثلاث، وبغض النظر عما وقع داخل كواليس القصر والحكومة، نحن أمام حالة تم فيها طلب إعفاء وزير من طرف الملك مباشرة، وحالتين تم فيهما طلب الإعفاء من طرف رئيس الحكومة. وبالرجوع إلى مقتضيات الدستور الحالي نجد بأن الإقالة والاستقالة منصوص عليهما تحديدا في الفصل 47.
وفي ما يخص الإقالة من طرف الملك، فإن قرته الثالثة تنص على أن «للملك بمبادرة منه بعد استشارة رئيس الحكومة أن يعفي عضوا أو أكثر من الحكومة من مهامهم».
و في ما يخص الإقالة من طرف رئيس الوزراء فهي منصوص عليها في الفقرة الرابعة من نفس الفصل، حيث نقرأ: «ولرئيس الحكومة أن يطلب من الملك إعفاء عضو أو أكثر من أعضاء الحكومة بناء على استقالتهم الفردية أو الجماعية».
إذن، نحن أمام حالتين تمتا وفق مقتضيات دستورية واضحة تخول للملك حق الإقالة وتخول لرئيس الحكومة حق طلب الإقالة.
– التعديل الثاني لحكومة بنكيران هل هو عنوان للفشل؟
< إذا كان مبدأ التعديل الحكومي يظل دائما واردا في العمل الحكومي، فإن السؤال المطروح يبقى حول دواعيه و تداعياته. ومن حيث الدواعي فالتعديل ليس بغرض ضخ دماء جديدة في الجسم الحكومي للرفع من مردوديته.
التعديل أيضا لم يأت نتيجة حالة خارجة عن إرادة رئيس الحكومة نتيجة رغبة حليف له مغادرة سفينته، كما هو الحال بالنسبة لاستقالة الوزراء المنتمين لحزب الاستقلال، و لكن التعديل جاء عقب فضائح متتالية وضجة أثارت السخرية في وسائل الإعلام المغربية والدولية، كانت أولاها فضيحة دفع فاتورة علب الشكولاطة لحفل عقيقة ابن الوزير الكروج من ميزانية وزارته. والملاحظ أن هذا الأخير لم يشمله التعديل في حكومة عبد الإله بنكيران الثانية، ولكنه تأخر ليتم إرجاع سببه إلى ضعف أدائه. وثانيتها كانت فضيحة «الكراطة»، وكان بطلها وزير الشباب و الرياضة. والثالثة كان بطلاها الشوباني المتزوج أصلا، الذي يعتزم الزواج من زميلته المطلقة بنخلدون، مما طرح تساؤلات حول تعدد الزوجات في الحكومة. نحن، إذن، أمام حالة اضطرارية نتيجة حالات فضائحية.
أما فيما يخص التداعيات، فهي بالطبع سلبية، ولن تزيد أمور الحكومة إلا تعقيدا. فبالإضافة إلى التعقيد على مستوى التناقض الحاصل في التوجهات السياسية والإيديولوجية لأعضائها، هناك الشرخ على مستوى الحزب الذي يقود التحالف. ويتعلق الأمر بحزب العدالة والتنمية، الذي عرف تصدعا داخليا جراء فضيحة الزواج الحكومي، الذي انتقده أحد قادته بقوة. فبعد مباركته للإقالة، قال عبد العزيز أفتاتي، عضو لجنة الأخلاقيات والشفافية، في تصريح له لجريدة «أخبار اليوم» إن الإقالة جاءت متأخرة وأن تدبير الشأن العام يتطلب التفرغ الكلي وألا تشوبه المصالح الخاصة أو الحياة الخاصة.
إذن، يمكن اعتبار هذا التعديل بمثابة فشل جديد لحكومة بنكيران. فبالإضافة إلى فشلها في مواجهة التحديات السياسية والاجتماعية والثقافية أصبح لزاما عليها مواجهة تحديات أخرى داخلية وتنظيمية وأن تقنع أفرادها بالفصل بين التزاماتهم العامة وحياتهم الخاصة.
لكن بما أن ولاية حكومة بنكيران لم تنته بعد، فيمكن تحويل الفشل إلى نجاح، ولكن هذا مرتبط بمقدرة هذا التعديل الحكومي على خلق دينامية جديدة في العمل الحكومي وتعزيز دور الحكومة في تفعيل مقتضيات الدستور في مجالات السياسة العامة، وعلى قدرتها على إيجاد حلول ناجعة وفعالة و تكريس مبادئ الحكامة و ربط المسؤولية بالمحاسبة ورفع شعار المصلحة العليا للبلاد أكبر من أي اعتبار.
– هل يعكس هذا الفشل عدم قدرة الحكومة على التفاعل مع البيئة السياسية والاستجابة لبعض مطالبها الملحة؟
< يمكن الحديث عن غياب التجربة في طريقة ممارسة الفعل السياسي من داخل المؤسسات. فرياح الربيع العربي هي التي أتت بشكل مفاجئ بالعدالة والتنمية لسدة الحكم دون أن يكون متوفرا على أطر متغلغلة في دواليب الإدارة ولها فهم احترافي لأدبيات تدبير الشأن العام. فعلاقة الشوباني ببنخلدون خدشت في العمق صورة المغرب فيما يتعلق بمسألة التعدد وإعطاء صورة حداثية عن بلادنا. وهو ما قد يعيد النقاش إلى مرحلة إعداد مدونة الأسرة خلال بداية القرن الواحد والعشرين، مرحلة كان لها وما عليها بين الحداثة والدين، وهو النقاش المراد التحكم فيه حاليا في مسالة الإجهاض.
إن هذا التعديل الثاني يرتبط بأخطاء شخصية لوزراء، أخطاء مورست خلال مرحة حساسة من تاريخ الحكومة بحكم الاستحقاقات الانتخابية المقبلة. لهذا فالرحيل كان بمثابة وضع حد للقيل والقال الجماهيري الذي مارس ضغطا عبر وسائط الاتصال الرقمية، الشيء الذي نتج عنه إقالة أو استقالة جزء من الوزراء للحد من التشويش على الأداء الحكومي. والتعديل هذه المرة لم يكن نتيجة تفجير داخلي لتجربة حكومة بنكيران أكثر منه استجابة لضغط الرأي العام.
– هل يمكن اعتبار حزب العدالة والتنمية أكبر الخاسرين في هذا التعديل؟
< بالفعل، يمكن اعتبار حزب العدالة والتنمية الخاسر الأكبر، خصوصا أنه يعتبر التعديل الحكومي الثاني، وهو ما يؤشر على وجود خلل على مستوى عملية الاستوزار، وعلى حالة الارتباك والتخبط التي أضحى يعيشها الحزب بفعل هذه الهزات، وهو ما من شانه أن يؤثر على مستوى بنياته التنظيمية ومرجعيته الإيديولوجية، وفيه مكمن الاستدلال أيضا على عدم اعتماد معايير موضوعية وصارمة في انتقاء الوزراء بفعل عدم اعتماد عامل الخبرة لدى الكثير منهم، فلا يمكن اختزال إعفاء الوزراء في مسألة الأحداث المرتبطة بها فقط، وإنما أيضا في طريقة تدبير هؤلاء الوزراء للقطاعات الوزارية التابعة لهم. والملاحظ أن حكومة بنكيران أضحت تشتغل على نوع من الفضائحية، وهي مسألة تفقدها رصيد الثقة وتجعلها أمام محك إبراء الذمة، فأمام تواضع الأداء في تدبير الشأن العمومي والسياسات العمومية، يزداد نصيب الفضائح خصوصا «حادثة الشوكولاطة» و»حادثة ملعب الأمير مولاي عبد الله»، خصوصا أن الحزب يعتمد في أدبيات اشتغاله على تصريف نوع من الطهرانية، وبرنامجه يرتكز بالأساس على شعار محاربة الفساد، وما يزيد من متاعب حزب العدالة والتنمية كون أن المواطن العادي يستبطن فكرة أن الأمر لا يتعلق بتحالف حكومي، وإنما هي حكومة حزب العدالة والتنمية، وبالتالي فالحزب هو المعرض أكثر لفقد نصيب الثقة. لذا تبقى مصداقية الحزب مشوبة بعيب عدم الرضا من طرف المواطنين مادام يشتغل بهذه الطريقة، ويبقى بعيدا عن التجسيد الفعلي لمطامح وتطلعات المواطنين، والكثير من الأصوات تتعالى وتعتبر أن الحزب لا يختلف كثيرا عن باقي الأحزاب الأخرى، وترى أن حزب العدالة والتنمية يمكنه أن يقدم كل التنازلات من أجل الاستمرار في قيادة الحكومة، والذي يستجيب لمطامح بعض القيادات الحزبية التي لا يهمها إلا الجري وراء المناصب والاستوزار، وهذا يمكن استشفافه من خلال طبيعة التحالفات التي عقدها والتي تنم عن تلك النظرة المصلحية الضيقة، كمان الحزب أصبح يحكمه هاجس نيل رضا القصر أكثر من رضا المواطنين، مما يجعله غير معني بتطبيق برنامجه.
– ما هي التحديات المطروحة على حكومة بنكيران الثالثة؟
< حكومة بنكيران أمام تحديات جسام، خصوصا في ظل تعاظم المشاكل التي أضحت تتخبط فيها، فهي بحاجة إلى إعادة الاعتبار للعمل الحكومي والتركيز أكثر على الفعل والعمل بدل الاشتغال على نوع من الفضائحية، والابتعاد أيضا على ازدواجية الخطاب، فترديد مقولة التغيير في ظل الاستقرار يجب أن يتم إخضاعها لمحك الأجرأة والتطبيق لا أن يتم استغراقها في الشعاراتية، وتوظيفها كسند لتمويه وتضليل الرأي العام. وكذا التركيز على تنفيذ برنامجها في مختلف المجالات السياسية والاجتماعية والاقتصادية والثقافية، بدل الدخول في صراعات سياسية غير مجدية مع المعارضة، فهي مدعوة أكثر إلى اعتماد المقاربة التشاركية في أدبيات اشتغالها مع المعارضة، مما سيعزز أكثر فرص نجاحها في تنفيذ برامجها.
إن حكومة بنكيران أمام تحدي التنزيل الديموقراطي للدستور بما يثويه من مقومات وقواعد وضوابط تشكل أرضية مرجعية ومعيارية للمضي في تكريس مبادئ الحكامة في تدبير السياسات العمومية وربط المسؤولية بالمحاسبة وعدم إخضاع العمل الحكومي لعامل الترضية السياسية والحسابات السياسية الضيقة ووضع المصلحة العليا للبلاد فوق أي اعتبار فهي معنية بمحاربة الفساد وتجفيف منابعه من خلال تعزيز حكم القانون والنزاهة والشفافية. كما أنها أيضا على محك اعتماد القوانين التنظيمية خلال هذه الولاية التشريعية التي تشكل معصم التنزيل الديموقراطي للدستور، لكن إخراجها يجب أن يخضع لمعيار الجودة وعدم التسرع مع الإشراك الفعلي لمكونات المعارضة البرلمانية.
الانتخابات والتقاعد والمقاصة.. تحديات كبرى تنتظر حكومة بنكيران الثالثة
خديجة عليموسى
تنتظر الحكومة التي يقودها حزب العدالة والتنمية في نسختها الثالثة تحديات كبرى، من أبرزها الورش الانتخابي بجميع استحقاقاته الجماعية والجهوية والتشريعية، إلى جانب ملف إصلاح أنظمة التقاعد، الذي يرتبط بمصير شريحة واسعة من المغاربة، بالإضافة إلى صندوق المقاصة.
إن الحكومة مطالبة، قبل انصرام ولايتها، بأن تجد الحلول الملائمة لإنقاذ صناديق التقاعد من الانهيار، خاصة الصندوق المغربي للتقاعد المهدد بفقدان سيادته المالية، إن لم تجد له الحكومة علاجا قبل متم السنة المقبلة.
ومن الملفات الكبرى التي أرقت الحكومات المتعاقبة، ولا زالت لم تجد طريقها نحو الحل النهائي في عهد حكومة بنكيران، ملف صندوق المقاصة الذي يلتهم سنويا ملايير الدراهم، إذ خلال سنة 2012 فقط استنزف ما يفوق 53 مليار درهم، قبل أن تعتمد الحكومة نظام المقايسة، قبل نحو سنتين، لمواجهة نزيفه.
ويبقى ربح رهان ملف الاستحقاقات الانتخابية المقبلة، وتوفير شروط إنجاحها، خاصة المتعلقة بالجهات والجماعات، التي ستنظم لأول مرة في عهد الدستور الجديد، أهم استحقاق ينتظر الحكومة في طبعتها الثالثة، فما بين دعوات غير مباشرة ومباشرة لتأجيل الانتخابات، والصادرة عن بعض مكونات المعارضة التي تتعلل بتزامن الحملة الانتخابية مع عطلة فصل الصيف، مما يكون له تأثير على نسبة المشاركة، وأخرى تشدد على ضرورة إجرائها في موعدها ويتعلق الأمر بأحزاب الأغلبية، التي أكدت على أنه لا يمكن أن يكون أي تأخير لهذه الاستحقاقات سيما وأن المرسوم المحدد للآجال قد صدر ولا مجال للتراجع.
وفي هذا السياق، يرى عبد المالك احزرير، أستاذ العلوم السياسية بجامعة المولى إسماعيل بمكناس، أن تشكيل الحكومة للمرة الثالثة له تأثير على تأخير عمل الحكومة، وليس المهم تشكيلها بل العمل على تنزيل البرامج انسجاما مع التصريح الحكومي، مؤكدا، في تصريح له لـ»المساء» أن هناك تحديات كثيرة مطروحة على الحكومة، تتمثل أساسا في تنزيل مقتضيات الدستور والقوانين التنظيمية والمجالس الدستورية غير الموجودة، وكذا بناء جهوية موسعة على مستوى الترتيبات والانتخابات الجماعية، فضلا عن الانتظارات المتعلقة بالملف الاجتماعي كإصلاح أنظمة التقاعد وصندوق المقاصة.
ومن بين المعيقات التي ترتبط بتحديات الحكومة مدى توفر الموارد الاقتصادية التي لها دور في تنزيل عدد من الإصلاحات، هذه الموارد يعتبرها أستاذ العلوم السياسية ممركزة في يد وزراء غير سياسيين، وهو ما ينعكس على أداء باقي الوزارات التي لها أدوار اجتماعية ولا يمكن لها القيام بها دون إيجاد الدعم من هذه الوزارات مثل وزارة الفلاحة والاقتصاد والمالية لما لها من تأثير على الميزان التجاري والصناعة وقطاع الخدمات.
ويعتبر ملف التقاعد من أبرز الملفات التي تتطلب التسريع بها، من أجل الحد من مخاوف هذه الفئة، وهو ما يتطلب من الحكومة أن تستجيب لمطالب النقابات التي تعمل بمنطق «التبادل»، هذه الأخيرة ستعرقل إصلاح ملف القاعد ما لم توافق الحكومة على ملفاتها المطلبية المرتبطة بقطاعات أخرى، يقول أحزرير، الذي يرى أيضا أن قطاع الصحة لا زال يتطلب العديد من الإصلاحات، خصوصا وأن المجلس الأعلى للحسابات وقف على عدد من الاختلالات، التي تشوب المستشفيات الجامعية وعددا من المؤسسات الصحية.
ومن الرهانات الأخرى ذات الأهمية ملف إصلاح منظومة العدالة، الذي ظل معطلا لعقود من الزمن، والذي وصل إلى مراحله النهائية في شقه المتعلق بالتشريع، خاصة مشروع القانون المتعلق بالمجلس الأعلى للسلطة القضائية والقانون الأساسي للقضاة واللذين لا زالا قيد الدراسة والمناقشة بالبرلمان، إلى جانب مسودة مشروع القانون الجنائي التي تعرف الكثير من الجدل السياسي والإعلامي، بسبب عدد من المقتضيات التي يرفضها بعض الحقوقيين بمبرر الحريات الفردية من قبيل تجريم الإفطار العلني والعلاقات الجنسية خارج إطار الزواج، إضافة إلى التشريع الخاص بالمهن القضائية المختلفة والتي هي محط مشاورات أولية بين وزارة العدل والحريات والمعنيين بهذا الإصلاح.
وبعيدا عن قطاع العدالة والاستحقاقات الانتخابية، فإن ملف التعليم بدوره يظل ذا أهمية بالغة، نظرا لتخصيص الملك محمد السادس عددا من خطبه لهذا المجال، فضلا عن توالي التقارير الدولية المنتقدة له، وهو ما يدعو الحكومة إلى التعجيل بإصلاحه والبحث عن مخرج للمشاكل البنيوية والمعقدة التي يتخبط فيها.
ولاشك أن التحديات المطروحة التي ذكرت آنفا تستدعي قيام الحكومة بتسريع وتيرة الإصلاحات قبل انتهاء مدة ولايتها عوض الانشغال بالملاسنات والنقاشات الجانبية التي لن تفيد المواطن في أي شيء، يقول أستاذ العلوم السياسية.
حكومة بنكيران .. سفينة لا ترسو على بر.
خالد فاتيحي ( صحافي متدرب)
لا تكاد سفينة أول حكومة في تاريخ المغرب الحديث، يقودها حزب العدالة والتنمية، ترسو على جانب «الطور» حتى تعصف بها أمواج اختلالات من داخل البناء الهندسي للحكومة. فمنذ تشكيلها في نسختها الأولى بعد حصول إخوان عبد الإله بنكيران على المرتبة الأولى في اقتراع 25 نونبر2011، وتكليفه من قبل الملك محمد السادس بتشكيل حكومة ما بعد الربيع العربي، ونجاحه في تكوين أغلبية مريحة ضمت إضافةً إلى العدالة والتنمية ثلاثة أحزاب سياسية (حزب الاستقلال وحزب الحركة الشعبية وحزب التقدم والاشتراكية)، شهدت حكومة بنكيران تعديلين جوهريين، أربك إلى حد ما أداء عدد من القطاعات الحكومية.
ففي 11 ماي 2013 سيفجر حزب الاستقلال بزعامته الجديدة ممثلة في حميد شباط، قنبلة ثقيلة في وجه زعيم الحزب الإسلامي، زادت من توتر الأجواء السياسية في بلد يقول المراقبون إنه يعاني أصلا من أزمة اجتماعية واقتصادية خانقة، فبعد اجتماع مجلسه الوطني، قرر إعلان انسحابه من الحكومة الحالية التي يترأسها عبد الإله بنكيران.
انسحاب حزب الاستقلال جاء في ظل أزمة اقتصادية خانقة كان يمر بها المغرب واشتداد الحصار حول الحزب الإسلامي من طرف جهات لطالما اتهمها أمينه العام بـ«الرغبة في إجهاض مسار الإصلاح الذي دخل فيه المغرب، و»العودة بالأمور إلى ما كانت عليه قبل قيام الحركات الاحتجاجية المطالبة بالإصلاح ومحاربة الفساد المستشري في المملكة»، كما يردد دائما.
وفيما اعتبره مراقبون تكلفة باهظة من شأنها أن «تمس بمصداقية حزب العدالة والتنمية بسبب معارضة حزب الأحرار وتصويته ضد البرنامج الحكومي الأخير في البرلمان». بقي حزب التجمع الوطني للأحرار هو الأمل المنشود، مع ما لبعض قادته وأعضائه من تحفظات حيال حزب العدالة والتنمية، لم يترددوا في التعبير عنها صراحة في أكثر من مناسبة.
واعتبر التعديل الوزاري الجديد في حكومة بنكيران في نسختها الثانية، بمثابة طوق النجاة لحكومة عبد الإله بنكيران بعد أن واجه الائتلاف الحاكم هزة عنيفة، إثر انسحاب حزب الاستقلال المعارض وما رافقه من توتر سياسي خطير دام قرابة ثلاثة أشهر.
شهدت الفترة المخصّصة لتشكيل حكومة ثانية لتعويض وزراء حزب الاستقلال المستقيلين، العديد المشاورات والمفاوضات اتسمّت بمد وجزر خطيرين، قبل أن يعلن عن التّركيبة الجديدة من قبل رئيس الحكومة في ما اعتبر محاولة أخيرة لإنقاذ الأغلبية التي يقودها. وحملت التشكيلة الجديدة أسماء جديدة لأول حكومة يقودها الإسلاميون في تاريخ المغرب ضمت 19 وزيرا جديدا، كان من أبرزها محمد حصاد، وزيرا للداخلية، عوضا عن امحند العنصر، الذي انتقل إلى وزارة التعمير وإعداد التراب الوطني. ورأى مراقبون أن حزب العدالة والتنمية، كان هو أكبر الخاسرين بعد هذا التعديل، نظرا لكون رصيد الحزب من الحقائب الوزارية بقي على حاله دون تغيير في حين ارتفع عدد الحقائب الوزارية للحكومة إلى 39 بعد أن كان 31 في الحكومة السابقة.
تباينت ردود أفعال الوسط السياسي المغربي حول التعديلات الجديدة لحكومة بنكيران، بين من اعتبر أنها لم تصل إلى النتائج المرجوة منها، باعتبار أن توزيع الحقائب الوزارية، غلب عليه منطق الريع السياسي لإرضاء المصالح الحزبية، في حين رأى شق آخر أنها كانت المنقذ الأخير لحكومة الائتلاف من التفكك والتشتّت، خاصّة أن بنكيران اعتمد في التشكيلة المعدلة على زيادة نسبة الحضور النسائي في حكومته، مما أسهم في إخراج البلاد من عنق الزجاجة .
وبعد أقل من سنتين من تشكيل النسخة الثانية لحكومة بنكيران، وسيادة الانسجام والتوافق في كثير من القرارات الحكومية، ستعرف الحكومة رجة ثانية، بسبب ما بات يعرف بـ«فضائح» وزراء داخل الإتلاف الحكومي، تمثلت بداية فيما عرف « بفضيحة الشكلاط» التي تورط فيها عبد العظيم الكروج، الوزير المنتدب لدى وزير التربية الوطنية المكلف بقطاع التكوين المهني، تلاها إعفاء الملك للوزير محمد أوزين، وزير الشباب والرياضة، في السابع من يناير الماضي على خلفية مسؤوليته السياسية، في ما اصطلح على تسميته «فضيحة ملعب الرباط»، الذي تحول إلى بركة من المياه بسبب تهاطل الأمطار. واهتزت دعامات البناء الحكومي من جديد من أجل إخراج نسخة ثالثة، في أقل من أربع سنوات، على إثر إعفاء ثلاثة وزراء آخرين، نتيجة ما وصف بـ «استهتار بالمنصب الوزاري»، في إشارة إلى قضية زواج الحبيب الشوباني وسمية بنخلدون.
وفي الوقت الذي يترقب فيه المغاربة موعد الإعلان عن التعديل الحكومي الثالث، فإن أسئلة عدة تطرح حول إن كانت حكومة بنكيران 3 قادرة على تسريع وتيرة تنفيذ البرنامج الحكومي والسياسات العمومية، من أجل كسب رضا المواطنين في سنة انتخابية بامتياز، وإضفاء المصداقية على العمل الحكومي، ورفع التحديات الاقتصادية والاجتماعية التي يواجهها الشعب المغرب.
ساحة النقاش