http://kenanaonline.com/AAC-ES-SMARA

الفرع المحلي للجمعية الوطنية لقدماء المحاربين بالسمارة

<!--

<!--<!--[if gte mso 10]> <style> /* Style Definitions */ table.MsoNormalTable {mso-style-name:"Table Normal"; mso-tstyle-rowband-size:0; mso-tstyle-colband-size:0; mso-style-noshow:yes; mso-style-parent:""; mso-padding-alt:0cm 5.4pt 0cm 5.4pt; mso-para-margin:0cm; mso-para-margin-bottom:.0001pt; mso-pagination:widow-orphan; font-size:10.0pt; font-family:"Times New Roman"; mso-ansi-language:#0400; mso-fareast-language:#0400; mso-bidi-language:#0400;} </style> <![endif]-->

المساء = عبد الله الدامون

البرلمان المغربي سيرك فعلا، لكنه سيرك قديم.. قديم جدا

مايو 05، 2015، العدد: 2673

كلما ارتفع الضجيج والنعيق في البرلمان، استغرب الناس وقالوا إن البرلمان المغربي لا يستحق هذه «الشُّوهة»، وأضافوا أيضا أن المغاربة يريدون برلمانا في المستوى،ثم أكملوا الحكاية بعودتهم إلى زمن الراحل الحسن الثاني مستعيرين منه عبارة شهيرة وردت في إحدى خطبه وصف فيها البرلمان بـ»السيرك».
أخطر ما يهدد المغاربة ليس الفقر، بل النفاق، لذلك تراهم يمرون على القضايا
الخطيرة ويلامسونها بشكل خفيف جدا ثم يطلقون حولها سيلا من التعليقات والتحليلات وكأنهم غاصوا في أعماقها،ويتناسون أنه عندما وصف الحسن الثاني البرلمان بـالسيرك» فإن البرلمان وقتها كان أكثر جدية من البرلمان الحالي.في ذلك الوقت،كانت لاتزال هناك أحزاب معارضة شريفة،ولو نسبيا،وكان لايزال وقتها مناضلون شرفاء ونسبة كبيرة من المغاربة تقاتل وتكافح من أجل حياة كريمة، قبل أن يصل هذا الزمن الرديء، الراكعون فيه أكثر من الواقفين، والجبناء يفترسون الشجعان، والكلاب تطارد الأسود.
عندما يعود الناس حاليا إلى عبارة الحسن الثاني القديمة وكأنها حكمةٌ لا
تـُضاهَى ووصفٌ مرٌّ لواقع مأساوي، فإنهم لا يمتلكون الشجاعة لكي يتساءلوا أيضا من خلق ذلك السيرك الذي يسمى البرلمان.. ألم تحدث أسوأ أنواع التزوير والضحك على إرادة الشعب في زمن الحسن الثاني؟ ألم تجْر أبشع أشكال تحريف الإرادة الشعبية تحت عينيه؟ ألم يكن يعرف جيدا من الذين يصلون إلى البرلمان ولماذا وصلوا بالضبط؟ من الطبيعي، إذن، أن يصف البرلمان بالسيرك لأنه كان أدرى الناس به، لذلك علينا ألا نقف عند «ويل للمصلين»، بل يجب أن نذهب رأسا إلى آخر الآية لنعرف من أنشأ السيرك ولماذا، لأنه إذا بقينا نمارس مع أنفسنا هذا النفاق البشع فلن نصل يوما حتى إلى أرنبة أنوفنا. نحن شعب متخلف وفقير ومريض، وفوق كل هذا نريد أن نضيف إلى أنفسنا صفة الشعب المنافق.
عندما نرى حاليا تلك الجلبة إثر ما يجري بين رئيس الحكومة عبد الإله
بنكيران وبين خصومه من أحزاب أخرى، فلا يجب أن نفتعل ذلك الاستغراب الفاقع وكأننا في بلد محترم،بشعب حرّ،أنتج برلمانا حقيقيا. نحن نعرف جيدا كيف جاء بنكيران إلى الحكومة وكيف صار شباط زعيما لحزب الاستقلال وكيف أصبح لشكر زعيما اتحاديا لا يشق له غبار. نعرف كيف نشأت الأحزاب، ومن أرضعها، وكيف اقتسم زعماؤها الغنائم والثروات، ونعرف كيف تتقاسم الأحزاب «كوطا» البرلمان وباقي «كوطات» المجالس والمصالح، فلا نفهم لماذا يستغرب الناس سيركَ البرلمان، مع أنه خـُلق أصلا لكي يكون سيركا.
نرى بنكيران وهو يقدح في خصومه ببرودة دم كاملة ويرشف ماء بين الفينة
والأخرى، فنعرف أن الرجل وصل أخيرا إلى الاقتناع بأن هذه البلاد لن تتحرك أبدا نحو المستقبل، وأنه من الأفيد أن ينشغل الواحد بتصفية حساباته مع خصومه لأن السياسة الحقيقية يرسمها الآخرون خارج الحكومة وخارج البرلمان.
نرى خصوم بنكيران وهم يتهمون رئيس الحكومة بكونه من أنصار «داعش» وبكونه
مخبرا للموساد الإسرائيلي، فنعرف أن السيرك في هذه البلاد فاق كل حدود الفرجة ووصل درجة الفرجة العبثية، لأن الفرجة العادية هي أن تقفز حيوانات السيرك هنا وهناك، أو يقفز النمر وسط حلقة مشتعلة ويرقص الفيل على رجْلين، لكن الفرجة غير العادية هي أن تبدأ كل هذه الحيوانات بالرقص والغناء والحديث مثل البشر، فنعرف أن الأدوار تداخلت بشكل مرعب بين سيرك الحيوانات وسيرك البشر.
الناس يعودون إلى ما يسمونه حكمة الحسن الثاني حول سيرك البرلمان، وينافقون
أنفسهم ولا يعترفون بأن سيرك اليوم ما هو إلا امتداد لسيرك الأمس، أيام كان الناس متشوقين إلى الحرية والديمقراطية وكانوا يدلون بأصواتهم بحماس لتغيير الوضع، فتتم سرقة صناديق الاقتراع أمام أنظار الجميع وتـُفرغ من إرادة الشعب ويتم ملؤها بإرادة المخزن، وأحيانا يعترض المخازنية والجدارمية والقياد سيارات تحمل صناديق الاقتراع فيصادرونها ويضعون مكانها صناديق أخرى خرجت مباشرة من مقر وزارة الداخلية. لهذه الأسباب سمى الحسن الثاني برلمان مملكته بالسيرك لأنه يعرف جيدا كيف نشأ، فكل شيء كان يجب أن يكون مجرد سيرك مضحك، للفرجة، والمخزن يجب أن يكون هو الشيء الجدي الوحيد في هذه البلاد، لا يُضحك، بل يخيف.
البرلمان الحالي سيرك لأنه موجود تماما في نفس مكان السيرك الذي نشأ في زمن
التزوير الفاقع والمباشر لإرادة المغاربة؛ الفارق الوحيد هو أن التزوير في الماضي كان يتم بطريقة «ديريكْت» و«على عينيك يا بن عدّي»، بينما التزوير اليوم يتم بطريقة ديمقراطية تماما، والإرادة الشعبية لا يمكن تزويرها لأن الشعب لم يعد أصلا قادرا على الاختيار بين أحزاب تتشابه كما يتشابه البطيخ الأصفر في موسم الصيف.
البرلمان المغربي سيرك فعلا، لكنه سيرك قديم.. قديم جدا
.

 

المصدر: المساء = عبد الله الدامون
  • Currently 0/5 Stars.
  • 1 2 3 4 5
0 تصويتات / 30 مشاهدة
نشرت فى 6 مايو 2015 بواسطة AAC-ES-SMARA

ساحة النقاش

الفرع المحلي للجمعية الوطنية لقدماء المحاربين بالسمارة

AAC-ES-SMARA
»

أقسام الموقع

ابحث

تسجيل الدخول

عدد زيارات الموقع

281,708