<!--
<!--<!--[if gte mso 10]> <style> /* Style Definitions */ table.MsoNormalTable {mso-style-name:"Table Normal"; mso-tstyle-rowband-size:0; mso-tstyle-colband-size:0; mso-style-noshow:yes; mso-style-parent:""; mso-padding-alt:0cm 5.4pt 0cm 5.4pt; mso-para-margin:0cm; mso-para-margin-bottom:.0001pt; mso-pagination:widow-orphan; font-size:10.0pt; font-family:"Times New Roman"; mso-ansi-language:#0400; mso-fareast-language:#0400; mso-bidi-language:#0400;} </style> <![endif]-->
المساء= جمال بدومة
ألسنــة قــذرة
أبريل 16، 2015، العدد: 2658
عندما يقرر وزيران في الحكومة أن يتزوجا، لا يسعنا إلا أن ننسى السياسة وحساباتها ونردد «مبارك ومسعود»، بل أن نزغرد إذا استطعنا إلى ذلك سبيلا، لأننا عثرنا أخيرا على نبإ مفرح وسط زحمة الأخبار المضجرة التي تسقط علينا تباعا منذ مدة وبلا توقف، من طانطان إلى اليمن.
ليس هناك أجمل من أن يؤلف الله بين قلبين، ويتقاسم صاحباهما الحياة في السراء والضراء. أما أن تكون العروس مطلقة والعريس متزوجا فتلك تفاصيل لا تهم إلا المعنيين بالأمر، حتى وإن كانا شخصيتين عموميتين، فإن حياتهما لا تعني أحدا آخر غيرهما، والتدخل في الشؤون الخاصة للآخرين فضول وسماجة وقلة أدب. ذلك هو المفروض، لكن المشكلة أن الأمور لا تجري على هذا النحو في بلد الثلاثين مليون «بركاك»… قبل أن يتسرب خبر عقد قران الوزيرة المنتدبة في التعليم العالي على وزير العلاقات مع البرلمان والمجتمع المدني،تحولت الحياة الشخصية لسمية بنخلدون ولحبيب الشوباني إلى مادة رئيسية في الصحف والمواقع الإلكترونية والمنتديات الاجتماعية، وما إن تحدثت إحدى اليوميات عن عقد قران وشيك، حتى جاء دور المحللين والمعلقين والمنظرين والفلاسفة كي يتساءلوا عن «دلالات» هذا الزواج و«توقيته»، وبعضهم «استنكر» قيام زوجة الوزير الأولى بخطبة الزوجة الثانية، ناسين أن المدونة التي يتغنى بها الجميع تنص على ذلك، وأن الزوجين الموجودين تحت الأضواء لم يرتكبا جرما أو يقترفا خطيئة، بل سعيا إلى إعطاء صيغة قانونية لارتباطهما في احترام تام للتقاليد والأعراف. «فرقوا الجوقة ماكاين مايتشاف»، كما يقول الفرنسيون.
الحملة المسعورة التي استهدفت الوزيرين، قبل الإعلان عن الزواج، تعكس الحضيض الذي وصل إليه الخطاب الإعلامي والسياسي في البلاد: صحف صفراء ومواقع تافهة وجدت سعادتها في نهش عرض امرأة محترمة، لا لشيء إلا لأنها وزيرة، بالتاء المربوطة، لأن العقلية الذكورية مازالت تتحكم في الرؤوس وتدفعنا إلى الإساءة إلى المرأة كلما استطعنا إلى ذلك سبيلا، بشكل تلقائي ومجاني في كثير الأحيان.
وكي تكتمل المهزلة، كان لا بد أن يدخل حميد شباط على الخط، لأن الرجل يفتش عن خطبه في المزابل، كان لا بد أن يستغل الخبر القذر في حربه الدونكيشوتية ضد الحكومة. الأمين العام لحزب الاستقلال، «يا حسرة»، لم يتردد في وصف عبد الله الشوباني، أمام أنصاره في الرشيدية، بـ«زير النساء» الذي «يفرق بين الزوج وزوجته»، في تأويل مغرض للأخبار التي تداولتها الصحف الصفراء، التي تقتات على أعراض الناس وجثث القتلى ومصائر المجرمين. ولا غرابة عندما يتعلق الأمر بشخص متخصص في ما يمكن تسميته بـ«جرائم الحرب السياسية»، ألم يسبق له أن حقق إنجازا غير مسبوق عندما مثّل بجثة مجهولة المصير؟ شباط، الذي مرّغ حزب علال الفاسي واحمد بلافريج وامحمد بوستة في مستنقع بلا قرار، سبق له أن افترى على المهدي بنبركة ووصفه بأقذع النعوت ووجه إليه تهما جعلت مئات الشرفاء يخرجون في مظاهرة تنديدية أمام «المجلس الوطني لحقوق الإنسان» عام 2009، لكن الذاكرة قصيرة عند بعض الاتحاديين، الذين انتهوا متحالفين مع الرجل الذي سبق أن وجه أكبر إساءة إلى شهيد الحزب ومؤسسه الذي لم يعثر بعد على قبر. ومن يتأمل المشهد السياسي في السنوات الأخيرة، يكتشف أن شباط بات يشكل خطرا على التجربة الديمقراطية الهشة في المغرب، لأنه يحتل موقعا أكبر منه ويتصرف دون أدنى حس بالمسؤولية، تارة يتهم رئيس الحكومة بالانتماء إلى «داعش»، وتارة يقول إنه لص، وتارة ينهش أعراض الناس، فقط لأنهم خصوم سياسيون، حتى الموتى لا يوقرهم!
في كل الأحزاب العالمية، يوجد أشخاص مثل شباط، دورهم تأدية المهمات القذرة و«البلطجة» بشكل عام، لكنهم لا يمسكون أبدا بالأمانة العامة، لا يتحوّلون إلى وجه الحزب، الذي «يصبح» عليه المواطن كل يوم، لأنهم بلا وجه أصلا، كل ما يملكونه جبهة صلبة تصلح لكسر اللوز!
ساحة النقاش