<!--
<!--<!--[if gte mso 10]> <style> /* Style Definitions */ table.MsoNormalTable {mso-style-name:"Table Normal"; mso-tstyle-rowband-size:0; mso-tstyle-colband-size:0; mso-style-noshow:yes; mso-style-parent:""; mso-padding-alt:0cm 5.4pt 0cm 5.4pt; mso-para-margin:0cm; mso-para-margin-bottom:.0001pt; mso-pagination:widow-orphan; font-size:10.0pt; font-family:"Times New Roman"; mso-ansi-language:#0400; mso-fareast-language:#0400; mso-bidi-language:#0400;} </style> <![endif]-->
المساء = مصطفى بوزيدي
قتل الثقاقة ونشر التفاهة
مارس 15، 2015العدد: 2630
قلت له ذات مساء : “مبروك عليك الدار الجديدة، واش ركبتي البارابول ولا مازال؟”..
كنت أعرف أن صديقي لا تستهويه برامج التلفزيون العمومي، أعلم حجم ولعه ببرامج أجنبية.. وكان يدعوني دائما للتفرج على برامج جادة.. كان يحصي لي عددها ويعرفني على أسماء القنوات التي تبثها… وعدت أكرر السؤال بصيغة أخرى.. “هي تصالحتي مع الأولى والدوزيم”.. ابتسم نصف ابتسامة.. وقال لي: “هاد ليامات حولت التلفزيون إلى مصباح يختلف عن تلك التي تنير منازلنا.. أشعله وأكتم الصوت لأنني أعرف أنهم لن يقولوا شيئا جديدا.. ثم أتسمر أمامه، وأحمل “الأيباد” لأبحر في بحر المعلومات، وفي كل لحظة أرفع بصري لأرى ماذا يجري.. حتى أصبحت أتقن لغة الميم”..
وعدت لأمضغ السؤال من جديد.. “ولكنك تساهم عن قصد أو عن غير قصد في رفع نسبة المشاهدة”.. هذه المرة، تمتم ببضع كلمات، أشاح بوجهه، وحمل هاتفه النقال..وركب رقما لا أعرفه.. ثم ردد بصوت غير مسموع : “دوز أخويا تركب لينا داك لبارابول راه ولينا صمْكين مع الرباط ودوزيم”..
مل صديقي من الدخول في عناد مع قنوات لعرايشي، مل من مشاهدة مسلسلات تركية مدبلجة.. وهو الذي يعلم أكثر من غيره أن القنوات الأجنبية هي ملاذنا الوحيد للهروب من مسلسلات روجت للسياحة في بلدانها، وساهمت مسلسلات تركية في در أموال طائلة على بلدها، إذ تشكل مصدر دخل وطني بالنسبة لتركيا، فقد كشفت وزارة الثقافة والسياحة التركية أن عائدات المسلسلات قد بلغت 65 مليون دولار فالعام، إذ بات يشاهد هذه المسلسلات 150 مليون شخص.. لابد وأن نسبة كبيرة منهم ستكون حتما من المغاربة.. وتساهم دوزيم في مداخيل البلد التركي بشي (بركة) محترمة.. فتحت الباب على مصراعيه أمام نساء مغربيات للبحث عبر وكالات الأسفار عن رحلات منظمة إلى اسطمبول حيث رائحة مهند تعلق بذاكرة كل الفتيات المعجبات.. والسلطان سليمان والسلطانة هيام ينتظران الوافدين لأخذ صور تذكارية قرب قصر السلطان…
تلفزيون لا يتابعه البعض أيضا إلا من أجل متابعة النشرة الجوية، لأن البرامج مكررة، ولخبار بايتة، لذلك يفضل البعض مشاهدة النشرة الجوية لمعرفة أحوال الطقس، باش يعرف واش يخرج بتيشورت نص كم ولا يكمد عظامو بمونطو.. الأكثر من ذلك أن البعض اعتبر التلفزيون لا يصلح إلا للإضاءة، يستعملوه بولة للإضاءة واخا ياله كيضوي غير على راسو..
يدرك صديقي أن مشاهدة التلفزيون لساعات طويلة تعرض للإصابة بالسكري وبالنوبة القلبية، فما بالك بالتلفزيون العمومي.. والذين يقضون أربع ساعات، على الأقل، في مشاهدة التلفاز أو للهو بألعاب الفيديو أو استخدام الكمبيوتر، أكثر عرضة، وبمعدل الضعف، للإصابة بالنوبات القلبية أو أمراض القلب الأخرى، والسكتة الدماغية ومرض السكري.. فلا عجب إذا علمنا أن نسبة كبيرة من لمغاربة راكبهم السكر، را هاد الشي كامل خارج من دار لبريهي وحنا ما فخبارناش.. وربما خاف صديقي على نفسه من أمراض مزمنة، ففضل عدم متابعة التلفزيون العمومي بصفة نهائية، بصوت أو بدون صوت..
وقبل أن أودع صديقي الغاضب على قنوات لعرايشي، أخبرني أنه ذاهب لوضع القطيعة الدائمة بينه وبين تلفزيون يقتل الثقافة وينشر التفاهة.
ساحة النقاش