<!--
<!--<!--[if gte mso 10]> <style> /* Style Definitions */ table.MsoNormalTable {mso-style-name:"Table Normal"; mso-tstyle-rowband-size:0; mso-tstyle-colband-size:0; mso-style-noshow:yes; mso-style-parent:""; mso-padding-alt:0cm 5.4pt 0cm 5.4pt; mso-para-margin:0cm; mso-para-margin-bottom:.0001pt; mso-pagination:widow-orphan; font-size:10.0pt; font-family:"Times New Roman"; mso-ansi-language:#0400; mso-fareast-language:#0400; mso-bidi-language:#0400;} </style> <![endif]--><!--<!--
المساء = حسناء زوان
لا ثريا ولا «نسوانجية»
مارس 11, 2015العدد 2627:
يوم الأحد الأخير كان ثامن مارس. تابعت عبر التلفزة والمواقع الإلكترونية مسيرة الرباط وتصريحات الفاعلات الحقوقيات والسياسيين وأنا أفكر في بيت المتنبي: «عيد بأية حال عدت يا عيد». نفس الكلمات المكرورة، نفس الوجوه، نفس اللهجة، نفس الحماس الذي يأفل قبل أن يشع، ونفس الشهادات التي تقول كل شيء ولا تقول شيئا.
بقيت أتابع هذا الكرنفال وسؤال واحد ظل يناوشني: ماذا بعد؟
في الشارع، بحثت عن 8 مارس فلم أجده، فقط بعض النسوة يحملن ورودا حمراء، ربما أهداها لهن زملاؤهن في العمل أو أصدقاؤهن؛ وما عدا ذلك لا أحد بدا مهتما. في الليل، كان كل شيء قد انتهى. استعاد الزمن وجهه القديم.. «سالات الحفلة» كما نقول، أو Game is over كما يقول الإنجليز.
وماذا بعد؟
أعرف أن هذا السؤال ستطرحه العديدات مثلي، فيما البقية قد لا تعبأ أبدا بطرحه أو طرح أي سؤال آخر يشبهه، لأن لديها من المشاكل ما يكفيها؛ وحتى «النسوانجيات» قد لا يستطعن الإجابة عن هذا السؤال باستثناء ما يتقيأنه من تصريحات في وسائل الإعلام يعرفن قبل غيرهن أنها مجرد فقاعات إعلامية لا غير؛ أما أنا فأعرف شيئا واحدا فقط هو أنني سأفتح عيني صباحا على يوم آخر لا مناصفة فيه، ولا رائحة فيه للورد الذي يوزعونه علينا في الثامن من كل مارس.
سأضطر، كعادتي كل يوم، إلى الاستيقاظ في السادسة والنصف صباحا كي أهيئ الفطور وأوصل ابني إلى مدرسته وأذهب إلى عملي؛ وفي المساء سأدفن ما تبقى من اليوم في المطبخ ومشاغل المنزل كأي امرأة عاملة تتوزعها هموم البيت والعمل، وكل همها انتظار آخر الشهر لتقبض أجرتها، التي تعرف جيدا أنها أقل بكثير مما يقبضه زملاؤها في المهنة.
سأفعل ذلك وأنا أردد داخلي لازمة محمود درويش الرائعة: لا شيء يعجبني… لأنتهي بنفس قولته: تعبت من السفر.. والانتظار..
أنا، أيضا، لا شيء يعجبني.. لا هتافات 8 مارس.. لا الناعقين الساخطين عليه.. ولا المداحين الممجدين لاسمه.. لست من هؤلاء ولا من هؤلاء؛ فأنا مجرد امرأة عادية، همومها بسيطة كباقي هموم نساء هذا الوطن، لكنها تكره من يتاجر بقضاياها ويدعي الدفاع عنها، ثم «يأكل الثوم بفمها».
أنا امرأة غير واقعية، ومع ذلك لا أومن بالمناصفة لأني، بكل بساطة، لا أومن بالأوهام. وكل ما أحلم به أن أكون أنا أنا ولا شيء غيري، أن أعيش كما الآخرين 365 يوما بالتمام والكمال، وليس فقط يوما واحدا يعلبونني فيه، ويحولونني إلى مجرد شعارات على الأفواه ويرمونني بالورد، وفي اليوم الموالي ينسونني كأنني لم أكن.
لا أريد أن أكون ثريا تذوي في البيت ولا «نسوانجية» تطارد وهما زئبقيا ينفلت باستمرار.
لا أريد أن أكون مجرد شعار يتردد فقط في المناسبات، وخارج المناسبات لا أحد يأبه له.
أريد فقط وطنا يسع أحلامي، وأنا أحلامي بسيطة لا تحتاج إلى ثامن مارس ولا إلى تاسعه أو عاشره.
أحلامي أن أعيش في وطن نتقاسم خيراته جميعا، وليست فيه درجة أولى ولا درجة عاشرة..
وطن لا تكون فيه المواطنة حكرا على فئة دون غيرها.. وطن لا يحتاج إلى 8 مارس، ولا تنتظر نساؤه هذا اليوم كي يتذكرها مسؤولوه.. وما جديد اليوم الموالي؟ لا شيء سوى النسيان..
ساحة النقاش