http://kenanaonline.com/AAC-ES-SMARA

الفرع المحلي للجمعية الوطنية لقدماء المحاربين بالسمارة

فلاش بريس = محمد الأشهب

حملات انتخابية في ثكنات عسكرية!

إذا كانت المهمة الاستشارية التي يضطلع بها «المجلس الوطني لحقوق الإنسان» أهلته لأن يقدم المزيد من الاقتراحات البناءة، على مستوى تحسين سجل البلاد في احترام أوضاع حقوق الإنسان، فإن ثمة خطوطا حمراء يتعين عدم الاقتراب منها، إلا في نطاق منظور سياسي شامل، لا يتعلق بدور المجلس، بل بمجمل مكونات المشهد السياسي.
وهذه المرة الأولى التي يتجاوز فيها المجلس حدود صلاحياته، ويكاد ينصب نفسه وصيا على الأحزاب السياسية، علما أن مهمته الأساسية تكمن في رفع لواء التحديات التي تطال أوضاع حقوق الإنسان، وليس التطاول على بنيات الدولة القائمة، بما قد يفتح الباب واسعا أمام المجهول. فبعض الأبواب الموصدة يكفي فتح شقوق في بنياتها لتتسرب أشياء ليست في الحسبان، ولا نحتاج إلى تذكير الإخوة في المجلس أن تردي الحياة السياسية إبان فترة الاستفتاء تسللت منه مغامرات غير محمودة.
لعل أبرز هذه الخطوط أن مشاركة حاملي السلاح من أفراد القوات المسلحة الملكية والدرك والأمن والقوات المساعدة، في الاستشارات الشعبية، كانت تختص فقط بالقضايا ذات الطابع الوطني، مثل الاستفتاءات الدستورية، كونها تهم كافة المغاربة ومنهم حاملي السلاح كمواطنين، على اختلاف مهنهم ومشاربهم واتجاهاتهم السياسية والفكرية، ولم تثر هذه المشاركة في أي استحقاق أي إشكاليات.
لكن عندما يتعلق الأمر بانتخابات البلديات والجهات والتشريعيات، فإن الجانب السياسي يبرز على ما عداه من النزاعات، لأن التصويت لا يرتدي طابعا وطنيا، وإنما حزبيا لفائدة هذا الطرف أو ذاك. ومن غير المفهوم كيف يمكن والحالة هذه القيام بحملات انتخابية في الثكنات العسكرية ومقرات الأمن والدرك والقوات المعنية، كما أنه من غير المفهوم أن يتم الاقتصار في ممارسة حق دستوري على التصويت من دون ضمان حق الترشح. وإذا كان المجلس الوطني لحقوق الإنسان يقترح رفع الفيتو عن التصويت لفائدة حاملي السلاح، فعليه ألا يتوقف عند «ويل للمصلين» لأن ذلك يفرض أن يتوازى هذا الحق مع صلاحية الترشح، وإلا فإن مبدأ المناصفة والمساواة هنا، يحول حاملي السلاح إلى خزان انتخابي، من دون أن يكون له حق ممارسة أهلية التصويت والترشح. فالمسألة هنا تصبح ناقصة تضرب مبدأ المساواة في العمق، أما إذا كان هناك من يفكر في أنها البداية فتلك قضية أخرى.
إذا سلمنا جدلا بأن حق الانتخاب دستوري لا غبار عليه، فإن أبرز ما يترتب عليه أن يواكبه حق الاختيار بين البرامج والمترشحين، وبالتالي، فإن الباب المغلق في نطاق حظر الانتساب الحزبي على حملة السلاح الذين يقومون بواجبهم الوطني في حماية حدود وأمن وسلامة البلاد، يصبح مفتوحا على مصراعيه. ففي أقل تقدير سيتم نقل أشكال المبارزات والصراعات الحزبية الدائرة إلى داخل المؤسسة العسكرية، حيث لا يمكن التفريق بين المشاركة في الاقتراع واختيار هذا الحزب أو ذاك.
المسألة قابلة للنقاش، لكن في نطاق محدد، أي المشاركة في الاستفتاءات الدستورية، وإذا كان لابد من تطوير المنظومة القانونية لضمان حق المساواة في الاقتراع بين العسكريين والمدنيين، فإنه يتعين دراسة الموضوع من كل جوانبه وتداعياته، إما من خلال المقاربة مع تجارب دولية، وإما من خلال احتساب الجوانب الإيجابية والسلبية.
وإذا كان صحيحا أن المؤسسة العسكرية انفتحت أكثر على المجتمع، وتهاوت الحواجز الفاصلة بين ما هو عسكري وما هو مدني، يوم فتحت الثكنات أمام زيارات العموم، وانبرى النقاش حول التاريخ العسكري ليشمل مثقفين وباحثين، فإن قرب وتلاحم المؤسسة العسكرية، على اختلاف مكوناتها مع المجتمع، لا يحتاج إلى المشاركة في الانتخابات فقط، لأنه قائم بقوة الواقع وجدلية الانصهار.
وقبل التوقف عند المحاذير، يتعين الربط بين الكثير من الدعوات المنفلتة التي تصدر بين الحين والآخر، من قبيل تدريس اللهجة العامية التي تتوق في عمقها لضرب مقومات الوجود العربي للأمة، تنضاف إليها تقليعات «حرية المعتقد» وحدود ممارسة الشعائر.
الأمر يرتبط ببعضه، والمغرب لا يمكنه أن يتحول إلى حقل تجارب على أهواء أشخاص وأفكار، تسعى إلى التقليد فقط، من دون أن نضع في الاعتبار معالم الخصوصيات المغربية، وكان أجدى بالمجلس الوطني لحقوق الإنسان أن ينشغل بما تأسس من أجله، أي الانتقال من بلورة الحقوق السياسية إلى تجليات اقتصادية واجتماعية وثقافية، أما تجريب آراء طروحات، قد تبدو من الوهلة الأولى مقنعة، دون التعمق في خلفياتها وانعكاساتها على الأمد البعيد، فإنه ليس من العقل والحكمة.
والأهم هو مبدأ التعايش. فلكل فكرة من يناصرها ومن يناهضها، وكذلك هي سنة الحوار الذي لا يفقد ودا.

 

المصدر: فلاش بريس = محمد الأشهب
  • Currently 0/5 Stars.
  • 1 2 3 4 5
0 تصويتات / 34 مشاهدة
نشرت فى 9 مارس 2015 بواسطة AAC-ES-SMARA

ساحة النقاش

الفرع المحلي للجمعية الوطنية لقدماء المحاربين بالسمارة

AAC-ES-SMARA
»

أقسام الموقع

ابحث

تسجيل الدخول

عدد زيارات الموقع

281,268