http://kenanaonline.com/AAC-ES-SMARA

الفرع المحلي للجمعية الوطنية لقدماء المحاربين بالسمارة

<!--

<!--<!--[if gte mso 10]> <style> /* Style Definitions */ table.MsoNormalTable {mso-style-name:"Table Normal"; mso-tstyle-rowband-size:0; mso-tstyle-colband-size:0; mso-style-noshow:yes; mso-style-parent:""; mso-padding-alt:0cm 5.4pt 0cm 5.4pt; mso-para-margin:0cm; mso-para-margin-bottom:.0001pt; mso-pagination:widow-orphan; font-size:10.0pt; font-family:"Times New Roman"; mso-ansi-language:#0400; mso-fareast-language:#0400; mso-bidi-language:#0400;} </style> <![endif]-->

المساء = حسناء زوان

»كازا.. يا كازا«

العدد:2609  18-02-2015

في حديث عابر مع مـُسن بيضاوي عن الدار البيضاء وملامحها العمرانية، قال لي الرجل إن مدينته صارت أشبه بابن جاحد تبرأ من جذوره ونسيها.
أحسست في كلام الشيخ بغصة عميقة، ذكرتني بتلك النظرات الأسيانة
والدموع المتيبسة في العيون، التي رأيتها يوم كانت الجرافات تهدم إعدادية مولاي يوسف، الشهيرة باسم «إعدادية القبة».. كان عمرها آنذاك يناهز المائة عام، لكن معاول الهدم لم تأبه لثقل التاريخ، الذي كانت تتلفع به، وسوتها بالأرض، قبل أن يستنبتوا بدلها ملعبا لكرة القدم.
وقبل ذلك فعلوا الشيء
نفسه بسينما فوكس، التي كانت تحفة معمارية فحولوها إلى محطة للحافلات، وبملعب الكوريدا، وبغيره من المآثر التي كانت مفخرة للمدينة، قبل أن يفتح الجميع أعينهم ويجدوا مدينتهم مجرد فضاء مشوه بدون هوية ولا شخصية.
الذين
عاشوا في الدار البيضاء خلال الستينيات والسبعينيات،وحتى قبلها، يعرفون جيدا ما كانت تعنيه الدار البيضاء «أيام العز»، وما صارت تعنيه الآن.
هم
وحدهم من يشعرون بتلك الغصة التي أحسستـُها في كلام ذاك المسن البيضاوي وهو يسترجع ذكريات مدينته، التي شوهوها بعد أن صيّروها مجرد قرية كبيرة، تتعايش فيها كل التشوهات العمرانية والحضارية والسيكولوجية.
هي علاقة عشق قديمة تحمل في ثناياها آلاف الذكريات، حيث الصبا والشباب والكبر وحتى الشيب
..
ذكريات
جمعت بين قلوب البيضاويين بأماكن خالدة ولا يمكن أن تحتل مكانها بنايات أخرى، مهما تجملت وتزينت وتلألأت فلن تخطف القلوب، بل ستزيدها حسرة على ماض جميل ولـَّى..
حين قال لي ذاك الشيخ إن «كازا» بالأبيض والأسود لاتزال
رائحتها في ثيابه، لن تزيلها مساحيق الغسيل الحديثة، أحسستُ بفداحة الجريمة التي ارتكبها المسؤولون والمهندسون المعماريون في حق هاته المدينة.
لم
تكن الدار البيضاء أبدا بهذا القبح والتشوه المعماري،الذي صار يؤذي الأعين، والقلوب أيضا؛ إذ باستثناء ما تركه الفرنسيون من معمار،لا يمكن للزائر أن يلمس أي خصوصية أو هوية لهذه المدينة،لأن الحيتان الكبرى والعفاريت والتماسيح، على حد قول رئيس حكومتنا الموقرة، أجهزت على كل المساحات الخضراء وعلى كل المعالم الأثرية، وعاثت في المدينة فسادا، وحولت كل جميل فيها إلى قبح يقذي العين.
أنا لست ضد التجديد ولا التحديث أو
التطوير، لكني ضد القتل الحضاري الممنهج، ضد طمس هوية مدينة بأكملها، ضد التزييف الذي صار أشبه بالدمامل المتقيحة في جسد هاته المدينة، ضد محو ذاكرة جماعية، بهدف واحد هو الربح المادي الصرف، فيما التاريخ والهوية والذاكرة وكل الأشياء الجميلة.. إلى الجحيم.
 لا أعرف ما الذي سيتبقى من
هذه المدينة بعدما أجهزوا على معالمها العمرانية والثقافية، التي كانت مفخرة للبيضاويين وللمغاربة؛ إذ حتى الشوارع المعروفة ببناياتها الجميلة، التي بناها الفرنسيون في عشرينيات وثلاثينيات وأربعينيات القرن الماضي، صارت تعاني الإهمال، ومعرضة هي الأخرى للانهيار، فيما حيتان العقار والمال تتربص بها الدوائر لتحويلها هي الأخرى إلى علب معمارية كتلك التي صارت تمتلئ بها الدار البيضاء من أقصاها إلى أقصاها، وكأن قدر هاته المدينة أن تصير فضاء مسطحا تتكدس فيه العلب الإسمنتية لا غير.
وطبعا، حين تصير
مدينة بحجم الدار البيضاء بهذا القبح، وتختلط فيها كل التشوهات المعمارية والحضارية، آنذاك لا يمكن أن نستغرب هذا الانتشار المثير والمرعب للجريمة، لأنه حين تفقد مدينة هويتها فماذا يمكن أن ننتظر بعد ذلك سوى التشوهات السلوكية والفوضى في أبشع صورها!

المصدر: المساء = حسناء زوان
  • Currently 0/5 Stars.
  • 1 2 3 4 5
0 تصويتات / 43 مشاهدة
نشرت فى 18 فبراير 2015 بواسطة AAC-ES-SMARA

ساحة النقاش

الفرع المحلي للجمعية الوطنية لقدماء المحاربين بالسمارة

AAC-ES-SMARA
»

أقسام الموقع

ابحث

تسجيل الدخول

عدد زيارات الموقع

281,303