<!--
<!--<!--[if gte mso 10]> <style> /* Style Definitions */ table.MsoNormalTable {mso-style-name:"Table Normal"; mso-tstyle-rowband-size:0; mso-tstyle-colband-size:0; mso-style-noshow:yes; mso-style-parent:""; mso-padding-alt:0cm 5.4pt 0cm 5.4pt; mso-para-margin:0cm; mso-para-margin-bottom:.0001pt; mso-pagination:widow-orphan; font-size:10.0pt; font-family:"Times New Roman"; mso-ansi-language:#0400; mso-fareast-language:#0400; mso-bidi-language:#0400;} </style> <![endif]-->
المساء = حسناء زوان
»ثقوا في دولتكم «!
لعدد :2603 11-02-2015
في الأسبوع الماضي، كان وزير الداخلية، محمد حصاد، يلقي كلمة في حفل تنصيب والي كلميم الجديد. وحين بدأ يشيد بخصال الوالي السابق محمد عالي العظمي، المعروف بـ«عمر الحضرمي»، بعد إعفائه من مهامه، قاطعه أحد المنتخبين وقال له إن الوالي السابق كان يحارب الفساد، فأجابه الوزير بكل بساطة: «كل شيء في وقته. ثقوا بدولتكم».
طبعا، لم يقل الوزير للمستشار المنتخب كيف سيثق المواطن بدولته، في الوقت الذي تعفي واليا كان يحارب الفساد وأطلق مشاريع في المدينة، كما تقول هيئات حقوقية ومدنية تسانده، وخرج الناس غاضبين إلى الشارع بسبب إعفائه.
لا أعتقد أن وزير الداخلية أو أي مسؤول في الحكومة أو في الدولة يمكن أن يحل هذا الإشكال: أن تطلب الدولة من مواطنيها أن يثقوا بها، وفي الآن نفسه تمارس أمامهم كل السلوكات التي تفقدهم هاته الثقة! الأمر أشبه بزوج يخون زوجته أمام ناظريها، ثم يطلب منها أن تثق به وبوفائه لها!
لا أفهم صراحة هذه الازدواجية،كما لا أفهم كيف تسعى الدولة إلى المطالبة بهاته الثقة، وهي تعلم جيدا أنها طيلة عقود الاستقلال وحتى قبل الاستقلال لم تقدم إلى المواطنين دلائل ملموسة كي يثقوا بها.لذا كانت علاقتهم بها مؤسسة دوما على الحذر والتوجس . ألا يقول المغاربة في مثلهم الشعبي: «تلاتة ما فيهم أمان: العافية والمخزن والزمان».
كان على وزير الداخلية،قبل أن يجيب ذاك المستشار، أن يسأل نفسه: ماذا قدمت الدولة طيلة هاته العقود إلى المغاربة كي تحسن علاقتهم بها؟وماذا فعلت حكومته والحكومات التي قبلها كي تشعر المواطنين بأنهم،فعلا،مواطنون وليسوا مجرد رعايا أوأصوات انتخابية فقط، يلجؤون إليها عند الحاجة؟
لو أن الدولة ومؤسساتها كانت تستحضر المواطن في سياساتها ولا تغيبه أو تهمشه لما احتاج وزير الداخلية أن يطلب الثقة من المواطنين، لأن الثقة لا تبنى بالأوامر ولا بالترهيب أو الابتزاز. إنها أشبه بعقد سياسي بين الدولة والمواطن يمكن أن ينفرط في أي لحظة إذا وقع اختلال في العلاقة بين الطرفين.ولا أعتقد أن هاته التراكمات الثقيلة من سوء الفهم الذي وقع بين الطرفين طيلة سنوات الاستقلال يمكن أن تمّحي بمجرد طلب بسيط من وزير الداخلية. يكفي فقط أن نعرف مستوى العزوف السياسي لدى المواطنين كي ندرك حجم انعدام الثقة لديهم في الحكومة وممثليها والدولة ومؤسساتها؛فاستطلاع الرأي، الذي قامت به، مؤخرا، مؤسسة عبد الرحيم بوعبيد ومعهد «أفريتي» المتخصص في الدراسات الاستقصائية، كشف أن 44.3 في المائة من المستجوبين فقط عبروا عن رغبتهم في الإدلاء بأصواتهم في الانتخابات الجماعية المقبلة التي ستقام شهر شتنبر المقبل. والآن، بعد مضي أزيد من 40 يوما تقريبا من أصل الـ60 يوما، المدة المحددة للتسجيل في اللوائح الانتخابية، لم تسجل سوى 900 ألف طلب جديد من أصل 8 ملايين مواطن.
أتفهم جيدا التخوف الذي أبداه رئيس الحكومة، عبد الإله بنكيران، من تكرار سيناريو 7 شتنبر 2007.. هو تخوف مشروع لا يخص بنكيران وحده، بل الدولة كلها، لأنه يضع صورة المغرب الديمقراطية، التي ظل يتغنى بها كأغنية مشروخة، على المحك.
الدولة مطالبة الآن، قبل أي وقت آخر،بإعادة النظر في علاقتها بالمواطن قبل أن يفوت الأوان ولا تجد من يضع ولو ورقة واحدة في صناديق الاقتراع لأن الثقة حين تنشرخ تنشرخ مرة واحدة.
ساحة النقاش