<!--
<!--<!--[if gte mso 10]> <style> /* Style Definitions */ table.MsoNormalTable {mso-style-name:"Table Normal"; mso-tstyle-rowband-size:0; mso-tstyle-colband-size:0; mso-style-noshow:yes; mso-style-parent:""; mso-padding-alt:0cm 5.4pt 0cm 5.4pt; mso-para-margin:0cm; mso-para-margin-bottom:.0001pt; mso-pagination:widow-orphan; font-size:10.0pt; font-family:"Times New Roman"; mso-ansi-language:#0400; mso-fareast-language:#0400; mso-bidi-language:#0400;} </style> <![endif]-->
فلاش بريس = محمد الأشهب
في الأصل التجاري لأكبر كذبة في التاريخ
أول ما يتبادر إلى الذهن، من خلال الكشف عن التجاوزات الفاضحة في تحويل المساعدات الأوروبية الموجهة إلى مخيمات تيندوف. أن الأمر يتعلق بشبه «أصل تجاري» تستفيد منه جبهة بوليساريو والجزائر للإبقاء على معاناة المقيمين في تلك المخيمات.
يترتب على ذلك استخلاص موضوعي مفاده أن حل التوتر القائم ليس مطلوبا، أقله من طرف الجهات المستفيدة التي حولت المخيمات إلى دجاج يبيض ذهبا، فيما المسؤولية ملقاة بنفس القدر وأكثر على الدولة الجزائرية الراعية لهكذا تجاوزات، لاشك أنها بدورها تستفيد منها، وإلا لما وقفت ضد كافة المساعي التي بذلتها المفوضية السامية لشؤون اللاجئين، لمجرد إجراء إحصاء دقيق لرهائن المخيمات.
من هنا يمكن الإحاطة بالاعتبارات الحقيقية التي تقف وراء النفخ في أعداد السكان، ليس لأن ذلك يبرر على حد الزعم المغلوط إمكان قيام كيان وهمي بمواصفات «الدولة الوهمية» فقط، ولكن لأن تضخيم أعداد اللاجئين يجلب للمنتفعين من أنواع المساعدات الإنسانية مكاسب عديدة. يتداولها المعنيون في انتشار الأسواق السوداء التي تعرض تلك المساعدات خارج المخيمات، وصولا إلى بعض البلدان الإفريقية.
غير أن مصدر الالتباس لا يكمن في تحويل المساعدات الإنسانية، بل يشمل الإمكانات المتاحة أمام الاتجار في الأسلحة والتهريب بشتى فروعه وأنواعه، ودلت تقارير موضوعية لمنظمات دولية أن ازدهار تجارة الأسلحة والتهريب التي تشمل المخدرات والبشر، وجد ملاذات آمنة في مخيمات تيندوف وحولها. ما يؤكد الأهمية البالغة لتصريحات سابقة صدرت عن الأمين العام للأمم المتحدة بان كي مون تحذر من مخاطر انتشار الظاهرة الإرهابية في المنطقة.
كل الدلائل تشير إلى أن انعدام الأمن وغياب الاستقرار واستشراء اليأس عوامل سلبية تؤثر في الدفع في اتجاه تنامي الأعمال الإرهابية. وفي الوقت الذي ينشغل فيه الاتحاد الأوروبي أكثر بتمدد عدوى الإرهاب، يصبح حريا بنوابه في البرلمان الأوروبي الذين كانوا وراء قرع جرس الإنذار حيال استغلال المساعدات الإنسانية، أن ينتبهوا أكثر إلى أن من يقدم على الاتجار في هكذا مساعدات، لن يثنيه أي رادع عن الاتجار في الأسلحة والمواد المهربة، فالمسألة لا تزيد عن كشف السطح الظاهر في أعلى الجليد.
بارتباط مع ذلك، فإن صدور تقرير بهذا الصدد من نواب في البرلمان الأوروبي، يشكل ردا حازما على بعض المواقف المناوئة التي اندفعت في اتجاه سلبي. وإذا كان هناك من انتهاكات لأوضاع حقوق الإنسان في مخيمات تيندوف، فإن تحويل المساعدات الإنسانية لأهداف تجارية، يشكل ذروة الاستخفاف بالمانحين الأوروبيين قبل غيرهم. لكن الأساس في التعاطي مع هذه التطورات، إنه إذا كانت الأوضاع الإنسانية في مخيمات تيندوف بهذا القدر من المأساوية التي تضرب كل مبادئ وقيم حقوق الإنسان في العمق، فلا أقل من البحث عن مقارنة إنسانية بديلة تنهي أسباب الأزمة.
لعل أقرب طريق إلى ذلك يكمن في احترام إرادة سكان المخيمات في العودة الطوعية، لأنه إذا كان القانون الدولي يكفل حق اللجوء، فإنه في ذات الوقت يضمن حق العودة، وليس جديدا هنا التأكيد على سقوط أطروحة اللجوء، بالنظر إلى أن منطقة العودة تعتبر آمنة وتتطبع بكافة مظاهر الاستقرار والمشاركة والاندماج. وبدل الإبقاء على الدور الإنساني في تقديم المساعدات التي لا تصل إلى الأهالي المعنيين، فإن اختصار الطريق يبدأ من تكريس مبدأ العودة الطوعية الذي يحرر الناخبين من أعباء الدعم، وفي ذات الوقت يضمن للسكان مظاهر العيش الحر الكريم في وطنهم وبين ذويهم.
ثمة مرجعية قائمة بهذا الصدد، محورها القرارات الصادرة في مجلس الأمن الدولي، والتي حضت الجزائر مرات عديدة على تسهيل مهمة المفوضية السامية لشؤون اللاجئين للقيام بإحصاء دقيق للمقيمين في مخيمات تيندوف، وإذا كان مفهوما أن الجزائر تمانع وتماطل في الامتثال لهذه القرارات، فالسبب في ذلك يعزى في جانب منه إلى الاستغلال الإنساني المفرط في الاستحواذ على المساعدات الإنسانية الموجهة إلى أهالي المخيمات، ولم يعد في ظل التطورات الحاصلة حجب الحقائق ممكنا، لأن ترقيع الأعداد إنما يترجم عمليا من خلال الزيادة في حجم المساعدات التي تتحول إلى عمولات في جيوب وخزائن تجار هذه المساعدات. على أن الأهم في لعبة تضخيم الأرقام أن السخاء الجزائري الذي كان يستند إلى المداخيل الوافرة من ضخ النفط والغاز، تحول إلى شح ملحوظ، إذ تريد للمجتمع الدولي والمانحين الأوروبيين وغيرهم أن يساهموا في إدامة توتر هي المسؤولة الوحيدة عن صنعه.
وما دام العالم استيقظ على واقع التزييف في هذه القضية التي تعتبر أكبر كذبة في العالم، فلا أقل من وجهة نظر تجار الحروب وانتهازيي الأزمات أن تقتات الجزائر نفسها على جانب من تلك المساعدات وإن لم تقل ذلك صراحة، غير أن الواقع يحيل على حقائق فاضحة لم يعد في الإمكان التستر عليها. وما ظهر من تقارير الاتحاد الأوروبي ليس سوى بداية انفراط الكذبة الكبرى.
ساحة النقاش