http://kenanaonline.com/AAC-ES-SMARA

الفرع المحلي للجمعية الوطنية لقدماء المحاربين بالسمارة

<!--

<!--<!--

المساء = محمد أمزيان

»بخور الصالحين«

العدد :2596  03-02-2015

وأخيرا وافقت الحكومة على تقنين زراعة واستهلاك القنب الهندي، وما على المواطنين إلا أن ينتظروا قليلا نتائج تصويت أعضاء البرلمان، والذي سيتم في غضون بضعة أسابيع على أكثر تقدير. غير أن كل الدلائل والتخمينات ترجح أن يسلك البرلمان خط الحكومة فيوافق معشر النواب، معارضة وموالاة، بـ«نعم»، لأن القضية «تخدم المصلحة العليا للوطن»، حسب تصريح لمسؤول تجاري كبير في البلاد.
«لدينا أحسن قنب هندي في العالم»، يقول رئيس الغرفة
التجارية في البلدة والابتسامة قد استطونت وجهه القمحي، مضيفا، في تصريح نقلته عنه صحيفة «الشعب«، أن «السياح يأتون إلى بلادنا للاستمتاع بالبحر والحشيش». وفي السياق نفسه، قال مدير مؤسسة القنب الهندي للأغراض التجارية والطبية إن «القنب الهندي جزء لا يتجزأ من ثقافة بلادنا»، وإن «90 % من المواطنين مؤيدون لتقنين زراعة واستهلاك الكيف».
مهلا، لا تذهبوا بعيدا
بخيالاتكم وتظنوا أن هذا الخبر ملفق وأن الغرض منه إشاعة الأكاذيب لأغراض انتخابوية دنيوية زائلة، فأنا لا أتحدث هنا عن المغرب ولا عن منطقة كتامة بالتحديد، والتي تستقبل كانت فعلا، في الفترة الممتدة ما بين السبعينيات وأواسط الثمانينيات من القرن الماضي، أفواجا من السياح الأوربيين قبل أن تسيطر مافيا الكيف على تفاصيل المنطقة وتعجن التهريب بالسياسة والجريمة... أنا أتحدث عن جمايكا «الشقيقة» التي توصلت أخيرا إلى إدراك حقيقة أن «الكيف» ثروة وطنية تستدعي حمايتها بتشريعات وقوانين وطنية تعيد هيكلة القطاع كله ليتواءم مع السياسة الاقتصادية والصحية والروحية للبلاد. أحد أتباع حركة«الراستافاري»قال للصحيفة الهولندية المذكورة إن«الماريخوانا تقربنا من الرب».وللتذكير، فإن «الراستافاري» هي حركة دينية ثقافية وحركة وعي بالذات الأفريقية، نشأت في صفوف الجمايكيين السود أواسط الثمانينيات من القرن الماضي، وكان بوب مارلي أحد وجوهها البارزة، وخاصة عندما تحول إلى الكنيسة الأرثوذكسية الإثيوبية.
هذه النبتة العجيبة التي استقرت عندنا
في المغرب بين أحضان جبال الريف، جاءت من بعيد، من الهند والسند أو من الصين... لا أحد يعرف تحديدا، وربما اكتشفها إنسان ما قبل التاريخ واستخدمها للتداوي وتسكين آلام الصيف والشتاء، لكن لا أحد يعلم متى دخلت المغرب ولا من أدخلها... قد تكون جاءت خلسة في متاع ابن بطوطة (ولد مع بداية القرن الـ14م) لما عاد من بلاد الشمس في الشرق الأقصى، وقد يكون الحُجاج جلبوها معهم من سيناء لاعتقادهم بأنها من البخور ذات النفع والخيرات... ألم يطلق الصوفيون قديما على هذه النبتة لقب «بخور الصالحين»؟
وزير
العدل الجمايكي، الذي قدم المقترح إلى البرلمان نيابة عن زملائه الوزراء، متفائل جدا بخطوته التاريخية ومؤمن بأن البرلمان سيباركها له. والسؤال المنطقي الذي يطرحه المواطنون العاديون مثلنا هو: وماذا يستفيد المواطن من التقنين؟ الجواب عند وزير العدل الجمايكي طبعا: 56 غراما للمواطن الفرد، يحق له استهلاكها لأغراضه الشخصية و5 نبتات كاملة يسمح له بزراعتها في مشتله الخاص في البيت أو في الحديقة.
وعلى سبيل التخمين والافتراض، فإن
وزير عدلنا ستهزه النخوة الوطنية ولن يرضى بالهزيمة أمام نظيره الجمايكي، ولذلك فسيضاعف مقدار الجرعات ويسمح للمواطن المغربي بامتلاك 150 غراما للاستهلاك الشخصي وبزرع 25 نبتة لأصحاب البالكون و50 نبتة إلى مائة لأصحاب الحدائق الخلفية، وبهذا يقضي، بضربة معلم، على «احتكار» كتامة لزراعة الكيف.
النقاش المغربي - المغربي حول تقنين زراعة القنب الهندي ليس
نقاشا «عقيما» في نظري، شريطة أن تشارك فيه الأطراف المعنية مباشرة بهذه الزراعة وتعمل على إخراجه من دائرة المساومات والمزايدات السياسوية. ولقد سبق لسكان المنطقة أن حصلوا في تاريخ ليس ببعيد على «ظهائر» رسمية لزراعته واستهلاكه في مناطق محددة، وهذا يعد نوعا من التقنين. غير أن بداية «تصنيع» القنب الهندي دفعت المهربين إلى استغلال الفلاحين أبشع استغلال، وقد وقفت بنفسي على حالات لفلاحين يعيشون في فقر مدقع رغم الأطنان التي تنتجها أراضيهم سنويا من القنب الهندي؛ فالدعوة إلى التقنين في حد ذاتها لا داعي إلى رفضها، ولكن توظيف الدعوة إلى التقنين لأغراض سياسوية هو ما يتوجب التنديد به والتحذير منه.

وتعميما للفائدة إليكم إعادة لمقال سابق في نفس الموضوع للسيد مصطفى المسناوي

المساء= مصطفى المسناوي

عن الكيف.. باعتباره «ثروة وطنية»..

أواسط الأسبوع الماضي، عرفت إحدى لجان البرلمان مداخلات قوية حول موضوع نادرا ما يتم التطرق له بما يتطلبه من جرأة وابتعاد عن «لغة الخشب» (حسب التعبير الفرنسي)، ويتعلق الأمر تحديدا بالملابسات غير الطبيعية المحيطة بزراعة نبتة الكيف في بلادنا، حيث ورد،مثلا، أن هذه النبتة تضمن العيش لقرابة مليوني شخص شمال المغرب، كما أن قرابة 60 ألفا من المواطنين متابعون بسببها، يختبئ ثلثاهم في الجبال وهم في حالة فرار.
القوي والجريء في هذه المداخلات أنها طالبت باعتماد سياسة جديدة تجاه النبتة السحرية، تبتعد عن المراوحة غير الواضحة بين غض الطرف عن زراعتها مرة وتجريم زراعتها مع إتلاف حقولها مرة أخرى، وتذهب باتجاه ضرورة العمل على تقنين هذه الزراعة باعتبار الكـِيف مادة مطلوبة في المجالين الطبي والصيدلي؛ بل إن هناك من تساءل عن إمكانية إدراج زراعة الكيف ضمن «المخطط الأخضر»، مع إنشاء تعاونيات فلاحية لتنظيم هذه الزراعة ووضع أسس تصديرها إلى كل البلدان التي تطلبها (صيدليا وطبيا)، وهي كثيرة، في الخارج. 

والحقيقة أن هذه المداخلات البرلمانية لا تفعل سوى تأكيد بعض النقاشات التي صارت منتشرة على الصعيد العالمي بخصوص طبيعة نبتة الكيف (وليس مادة الحشيش المستخلصة منها) وهل هي مخدر أم مجرد مهدئ؟ إضافة إلى بعض التقارير الطبية الأوربية (وعلى رأسها تقرير مؤسسة بيكلي البريطانية) التي أشارت، غير ما مرة، إلى أن أضرار النبتة على صحة الفرد وعلى المجتمع هي أقل بكثير من الأضرار التي تتسبب فيها الكحول والتبغ، وهو ما يمكن تأكيده بالعودة إلى تاريخ تدخين الكـِيف في بلادنا، حيث لم نسمع أن استعمال الغليون التقليدي (السبسي) أدّى إلى أضرار مماثلة لتلك الناجمة عن تدخين التبغ والحشيش المغلف بالورق أو عن تعاطي المشروبات الكحولية (المصنعة محليا أو المستوردة من الخارج). 

ولعل أحسن عنوان يذهب في اتجاه المداخلات الواردة أعلاه هو ذاك الذي اختارته يومية «أخبار اليوم» المغربية (عدد الجمعة 6 أبريل) حين استعارت تعبيرا مشهورا للمؤرخ اليوناني هيرودوت قال فيه إن «مصر هبة النيل»، فكتبت بالبنط العريض: «الشمال «هبة» الكيف»، مع عنوان جانبي: «مزارعون يقولون: الله أعطانا هذه النبتة كما أعطى البترول للسعودية»، بما يعني ضرورة تغيير المسؤولين عندنا لنظرتهم إلى الكيف من نبتة شيطانية سامة تنبغي محاربتها إلى «ثروة وطنية» يحسدنا عليها العالم برمته وينبغي الحفاظ عليها وتطويرها والاعتماد عليها كمصدر هام للعملة الصعبة في الأزمنة الصعبة. 

لقد حاولت الدولة الحدّ من زراعة هذه «الثروة الوطنية» عن طريق تشجيع الفلاحين على زراعات بديلة تقوم أساسا على أشجار اللوز والزيتون مع الاستعانة بتربية الماعز؛ لكن سرعان ما تبين أن الأرض ترفض الزراعات الجديدة بحزم؛ ليس لأنها صارت «محشّشة» (كما قال الفنان الساخر أحمد السنوسي - بزيز- ذات يوم)، ولكن لأنها تتعاطف مع سكانها بعد أن أدركت أنهم ربما يموتون في أماكنهم ويتحولون إلى رميم قبل انقضاء السنوات التي يتطلبها نمو شتلات اللوز والزيتون واستمتاع المعيز بالنظر إلى العالم من فوق أغصانها العالية.  

وإذا كانت جرأة البرلمانيين لم تتجاوز حدّ الدفاع عن تقنين زراعة «النبتة» في الإطار الطبي الصيدلي (باعتبارها تساهم، من بين ما تساهم فيه، في خفض الضغط الدموي وتسكين الألم وعلاج الماء الأزرق في العين)، فإن بالإمكان التفكير في ما هو أكثر من ذلك عن طريق اقتراح تحويل الكيف إلى منتوج محلي قابل للتصدير عالميا وللاستهلاك من قبل جميع المواطنين، المرضى منهم والأصحاء، وذلك بإنتاج سجائر «مدرّحة» (كما يقول الإشهار)، تضم نسبا مضبوطة من التبغ ومن النبتة السحرية (نفس النسب المعتمدة من قبل «القصّاصين» -أي قصّاصي الكيف، للتوضيح- وخبراء «السبسي» التقليديين)، يمكننا أن نكتب على علبتها الملونة، بالأخضر طبعا، اسم سجائر «كتامة»؛ ومن المؤكد أن هذه السجائر (التي ستعيد شركة التبغ إلى اسمها الأصلي الذي تأسست به: شركة التبغ والكيف) سوف تكتسح العالم أجمع، وربما هددت بالقضاء على كل أنواع السجائر المعروفة حتى الآن والحلول مكانها في قلوب المدخنين وفي جيوبهم، وهذا هو الأساس.

 

المصدر: المساء = محمد أمزيان
  • Currently 0/5 Stars.
  • 1 2 3 4 5
0 تصويتات / 241 مشاهدة
نشرت فى 4 فبراير 2015 بواسطة AAC-ES-SMARA

ساحة النقاش

الفرع المحلي للجمعية الوطنية لقدماء المحاربين بالسمارة

AAC-ES-SMARA
»

أقسام الموقع

ابحث

تسجيل الدخول

عدد زيارات الموقع

279,837