<!--
<!--<!--[if gte mso 10]> <style> /* Style Definitions */ table.MsoNormalTable {mso-style-name:"Table Normal"; mso-tstyle-rowband-size:0; mso-tstyle-colband-size:0; mso-style-noshow:yes; mso-style-parent:""; mso-padding-alt:0cm 5.4pt 0cm 5.4pt; mso-para-margin:0cm; mso-para-margin-bottom:.0001pt; mso-pagination:widow-orphan; font-size:10.0pt; font-family:"Times New Roman"; mso-ansi-language:#0400; mso-fareast-language:#0400; mso-bidi-language:#0400;} </style> <![endif]-->
فلاش بريس = محمد الأشهب
تعاون في الشمال وجمود في الشرق
في أقرب تقدير أن ما عجزت عنه السلطات الجزائرية، حيال رصد نشطاء «جند الخلافة» المتورطين في مقتل الرهنية الفرنسي إرفي كودال، وأعمال عنف وإرهاب أخرى، تحقق إلى جوارها، حيث اليقظة والصرامة تلاحقان الخارجين عن القانون، مغاربة أو عربا أو أجانب.
تزيد المسألة أهمية، إذا علمنا أن اعتقال المشتبه المتحدر من أصول جزائرية، جرى في منطقة لا تبعد كثيرا عن الشريط الحدودي الذي يسري مفعول إغلاقه من طرف واحد منذ أزيد من عشرين سنة. ذلك أن تسلل مهاجمين محتملين يعني ارتخاء الجانب الجزائري، في فرض رقابة متشددة على المواقع الموجودة تحت نفوذه، فضلا عن أن الانتقال من منطقة القبائل شرق الجزائر إلى غربها ينم عن غياب رصد حقيقي لتحركات أعضاء التنظيمات المتطرفة.
لئن كانت القضية في جوهرها شأنا جزائريا محليا، فإن غياب مظاهر التنسيق ومجالات التعاون الأمني تبقى لافتة. وهذه ثغرة لا يستهان بدلالاتها في صعوبات التصدي للظاهرة الإرهابية، عابرة الحدود والمجالات. ومع الإقرار الموضوعي باستحالة فرض رقابة كاملة على أجزاء شاسعة من الشريط الحدودي، فإن الأمر يحيل على وجود اختلالات في الطرف الآخر. ليس أقلها تأثيرا أن السلطات الجزائرية تبدي المزيد من التساهل إزاء تنامي أشكال الهجرة غير الشرعية المتسللة من حدودها في اتجاه المغرب. بل إنها وفق وقائع ثابتة عمدت في وقت سابق إلى ترحيل لاجئين سوريين،وغضت الطرف عن تنامي حركة التسلل، اعتقادا منها أنها تضاعف بهذا الأسلوب في متاعب وأعباء المغرب.
الرابط بين تسلل المهاجرين غير الشرعيين وترحيل اللاجئين، أن التعاطي وتصدير الأعباء في اتجاه المغرب يمكن أن يشكل حافزا مضاعفا أمام التنظيمات المتطرفة التي تبحث عن ملاذات في أي مكان محتمل. إلا أن الأخطر في الأمر هو أن تسلل مشتبه جزائري في الانتساب إلى «جند الخلافة» يعكس وجود مخططات مبيتة لجذب المغرب إلى دائرة الأعمال الإرهابية.
ليست المرة الأولى التي يحدث فيها هكذا تسلل. فقد أبانت تحريات عن ارتباط الخلايا المتطرفة مع بعضها، فكرا وتنظيما وتخطيطا. وبالتالي فهذه التطورات لا تتنصل عن محاولات جس نبض المغرب في أهبته واستعداده. أغرب ما في الأمر أنه في الوقت الذي شرعت فيه السلطات المغربية في تنفيذ الخطة الاستباقية «حذر» التي أفضت إلى نشر منظومة حمائية شاملة، على نطاق واسع، يقدم منتسب إلى «جند الخلافة» على مغامرة التسلل إلى داخل الحدود. ما يفيد بأن الثغرة الوحيدة المتبقية، إنما تكمن في الأوضاع الاستثنائية على الشريط الحدودي.فهي مغلقة رسميا من طرف الجزائر، لكنها في ذات الوقت مفتوحة في وجه المتسللين المحتملين.
أبعد من ذلك أن دائرة الاستهداف، حين عجزت عن تصويب ضربات أمام الجدار الأمني الصلب، لجأت إلى هذا النوع من التحركات شبه الفردية. وهو أسلوب متعارف عليه، ضمن أنماط المخططات التي تروم ضرب معاقل الأمن والاستقرار. وإذا كان من خلاصات يتعين وضعها في الاعتبار فهي أن المغرب لا يزال واقعا تحت أضواء الاستهداف الأعمى والمجنون.
من جهة لأنه تمكن من إحباط الكثير من العمليات والمخططات قبل أن تصل إلى حيز التنفيذ، وفق المنهجية الاستباقية التي أبانت عن جدواها وفعاليتها، ومن جهة أخرى لأن نموذجه في الاستقرار وعدم التأثر بموجة الإرهاب الكاسح، يغري بمغامرات التطاول.
لكن ما هو جوهري في هذه المعادلة أنها تعكس درجات عالية من اليقظة والانخراط في أسبقيات تثبيت الأمن وحماية الممتلكات وصون مظاهر الاستقرار.
ليس بعيدا عن الشريط الحدودي المغربي الجزائري أن ثمة تعاونا رائعا يسري مفعوله في العلاقات بين المغرب وإسبانيا. ويكفي التأكيد على النتائج الإيجابية التي أسفر عنها في ساحة الميدان، على مستوى تفكيك مزيد من الخلايا النائمة، خصوصا تلك التي اعتمدت منهجية التطوع لفائدة «دولة الإسلام في العراق وسوريا». فهذا التعاون الذي يشمل تبادل الخبرات والمعلومات واستقصاء المخاطر قبل وقوعها يمثل نموذجا يحتذى. ما دفع وزراء داخلية سابقين في فرنسا إلى طرح إشكاليات تعليق التعاون الأمني بين بلادهم والمغرب في لحظة أشد حرجا.
لا تنفصل الحرب على الإرهاب في مداها بين دول وأخرى، لأن الخلافات مهما كانت حدتها، لا تجيز التغاضي عن المخاطر المحدقة بحياة المواطنين. ومن المؤسف أنه في الوقت الذي يمضي فيه التعاون المغربي الإسباني قدما في الاتجاه الصحيح، لا زالت الصورة أكثر مدعاة للقلق، على صعيد غياب التعاون بين المغرب والجزائر، من دون أن نتحدث عن أطراف أخرى.
ساحة النقاش