<!--
<!--<!--[if gte mso 10]> <style> /* Style Definitions */ table.MsoNormalTable {mso-style-name:"Table Normal"; mso-tstyle-rowband-size:0; mso-tstyle-colband-size:0; mso-style-noshow:yes; mso-style-parent:""; mso-padding-alt:0cm 5.4pt 0cm 5.4pt; mso-para-margin:0cm; mso-para-margin-bottom:.0001pt; mso-pagination:widow-orphan; font-size:10.0pt; font-family:"Times New Roman"; mso-ansi-language:#0400; mso-fareast-language:#0400; mso-bidi-language:#0400;} </style> <![endif]-->
فلاش بريس = سامي السلامي
الدعوة لمنع روسيا من «الفيتو».. الإشكالات و المآلات
إن المتابع لمستجدات وتطورات الصراع الروسي ـ الغربي حول الملف الأوكراني، وبعض التصريحات الصادرة عن الولايات المتحدة وحلفائها، يجد نفسه من حين لآخر ما بين ضبابية المشهد السياسي الدولي وصعوبة التكهن بمآل الصراع، في ظل غياب التوافق وعدم النية لتغليب المصلحة المشتركة لدى كل الأطراف وخصوصا الولايات المتحدة.
فبعد المسلسل المضني من العقوبات الغربية للتأثير على القطاعين الاقتصادي والدفاعي الروسيين، وما تبعه من توصيف خطير لروسيا بالخطر الثاني الذي يتهدد العالم بعد وباء «إيبولا» خلال خطاب أوباما الأخير أمام الجمعية العامة للأمم المتحدة، جاء الدور على أحد شركاء واشنطن ليدلي بدلوه في توزيع محكم للأدوار، حيث اقترح الرئيس البولندي «برونسلاف كوموروفسكي» منع روسيا من استخدام حق النقض «الفيتو» في جلسات لمجلس الأمن حول الشأن الأوكراني.
وبالرجوح للمقترح نجده معيبا من الناحية القانونية، حيث أطرت المادة 27 من الميثاق الأممي عمل مجلس الأمن فيما يخص التصويت سواء في المسائل الإجرائية التي تتخذ فيها القرارات بتسعة أعضاء من بين الـ 15، فيما تستوجب القرارات الصادرة في المسائل الموضوعية تسعة أعضاء من بينهم الأعضاء الخمس الدائمين مع امتناع من كان طرفا في النزاع بالتصويت في القرارات المتخذة طبقا لأحكام الفصل السادس.
وهنا نجد أن اقتراح الرئيس البولندي جاء بناء على اعتبار روسيا «طرفا في النزاع» دون أي سند أو مبرر قانوني، وحاصرا دراسة الملف داخل مجلس الأمن تحت الباب السادس دون السابع وهذا إخلال تام بعمل المجلس. ويبدو أن الرئيس البولندي يذهب ضمنيا إلى الدعوة نحو منع روسيا من مباشرة حقوق العضوية ومزاياها المتمثلة في «الفيتو»، متناسيا أن القيام بمثل هذا الفعل يستوجب قرارا من الجمعية العامة بناء على توصية لمجلس الأمن وفقا للمادة الخامسة من الميثاق الأممي.
وبما أن مثل هكذا توصية صادرة عن مجلس الأمن تندرج ضمن المسائل الموضوعية، فإن الفيتو الروسي سيكون حاضرا لإفشالها، أي أن الرئيس البولندي يوزع اقتراحات معيبة قانونيا هدفها الأساسي التشويش السياسي على الطرف الآخر.
وهنا لابد لنا من ترك الجانب القانوني للموضوع والتوجه صوب التحليل السياسي، ففشل الولايات المتحدة وحلفائها في تركيع روسيا بدا واضحا وإن أثرت العقوبات عليها نسبيا ولينت من مواقفها تجاه الأزمة الأوكرانية، إلا أن الموقف الروسي من لعب دور دولي محوري مازال ثابتا، ودعوات موسكو لتكريس الولاء لمبادئ تعدد الأطراف في القضايا الدولية أصبحت مطلبا ملحا.
وعليه، فإن ترابط العلاقات ما بين الدول في العالم المعاصر ستجعل من العقوبات ذات تأثير شامل على الاقتصاد العالمي ولن تنحصر تداعياتها على الجانب الروسي، واستمرار الاتحاد الأوروبي في دوامة صراع يعود لزمن الحرب الباردة سيضر بالأخير كثيرا، خصوصا وأن الجغرافيا نأت بواشنطن عن التهديدات الجيوبوليتيكية المباشرة لهذا الصراع.
لن ننكر هنا أن روسيا تضررت من محاولة وضع الدرع الصاروخي للناتو في خاصرتها بالرغم من انتزاعها لشبه جزيرة القرم الاستراتيجية، وأن الصراع في حدودها وليس في حدود الولايات المتحدة، إلا أن الجغرافيا لن تشفع لأمريكا في حال استمر صانعوا قرارها في تهورهم، في ظل غياب الرؤية الإستراتيجية الواضحة لتدبير الصراع والاكتفاء بالحلول الترقيعية المتمثلة في لعبة السيناريوهات.
ومن ثم، فإن المتابع للشأن الروسي عن كثب يرى حجم الاستعداد الذي تبديه موسكو والرسائل المشفرة التي ترسلها للغرب أثناء التدريبات العسكرية الواسعة التي تجريها منذ أشهر عديدة، بل إن موسكو أرسلت خلال الأسبوع الحالي تهديدا شديدا ومبطنا لواشنطن، حينما أبلغتها طبقا لبنود اتفاقية «ستارت 3» أنها حققت التوازن النووي، وهذه رسالة ذات دلالات سياسية كبيرة.
عجلة دوران الغرب بدأت تبطئ وتهدد بتحول خطير وهذا واقع موضوعي، والتعامل الغربي اللاعقلاني مع روسيا الاتحادية ليس سوى نتاج لأزمة فكرية، ثقافية، اقتصادية وأمنية، أصبحت فيها مفاهيم تهديد السلم والأمن الدوليين تتماشى وفق الفلسفة الذرائعية الأمريكية لترسيخ أنموذج للعلاقات الدولية تتخذ فيه القرارات في إطار القطب الواحد، ما سيذهب بالمنتظم الدولي نحو حافة الهاوية في حال استمرار التشدد الأمريكي الخطير.
ساحة النقاش