<!--
<!--<!--[if gte mso 10]> <style> /* Style Definitions */ table.MsoNormalTable {mso-style-name:"Table Normal"; mso-tstyle-rowband-size:0; mso-tstyle-colband-size:0; mso-style-noshow:yes; mso-style-parent:""; mso-padding-alt:0cm 5.4pt 0cm 5.4pt; mso-para-margin:0cm; mso-para-margin-bottom:.0001pt; mso-pagination:widow-orphan; font-size:10.0pt; font-family:"Times New Roman"; mso-ansi-language:#0400; mso-fareast-language:#0400; mso-bidi-language:#0400;} </style> <![endif]-->
فلاش بريس = طارق أوشن
وزراء تاركون للصلاة!
العهدة على الوزير المنتدب لدى رئيس الحكومة المكلف بالشؤون العامة والحكامة، السيد محمد الوفا، في واحدة من المستملحات التي ألف أن يوزعها على الشعب المغربي منذ حديثه عن «مراحيض المؤسسات التربوية» و«مدارس أوباما باباه» و«المدير وصاحبتو» و«البنت لي خاصها راجل» أيام كان وزيرا للتربية الوطنية، إلى «الملاوي وخبز الشعير والمطلوع» بعد تغييره كرسيا وزاريا بكرسي.
يذكرنا محمد الوفا أن في حكومة عبد الإله بنكيران وزراء تاركين للصلاة، وهو الذي ترك حزبا «عريقا» بأكمله للبقاء في التشكيلة الوزارية غداة تعديل حكومي. قانون الترحال السياسي لا يسري على الوزراء فقد ألفنا أن يتلون «المحظوظون» يسارا ويمينا دون أدنى خجل أو قليل حياء. هي الأخلاق السياسية إن تركها وزير أو نائب أو رئيس جماعة يحاسب عليها من طرف ناخبيه، أما صلاته وقيامه وصومه وزكاته، فأمرها متروك لرب العباد يوم الحساب حيث لا ظل يستظل به المرء إلا ظله تعالى.
لا شك أن مشاكل المغرب مرجعها ترك المسؤولين كبارهم وصغارهم للمسؤوليات المنوطة بهم، مقابل اهتمام وتسابق محمومين على ميزات المنصب سلطة ووجاهة اجتماعية ومالا وفيرا. فتراهم يقررون في مصائر العباد ويقربون الأصول والخلان ويتدافعون على السفريات والمهمات وعلى سيارات الدولة والمساكن الوظيفية وتعويضات التمثيلية، وما خفي أعظم بكثير! وفي البرلمان بغرفتيه، رأينا كيف تبدو المقاعد فارغة من النواب والوزراء على حد سواء، وإذا حضروا غفت عيونهم في اللحظات التي لا تلهيهم فيها الهواتف الذكية عن متابعة الجلسات، بل وصل الأمر إلى حد توقيف جلسة مساءلة دستورية لدقائق للرد على اتصال. ولأن الغياب صار سنة، لم يجد حزب الاستقلال غضاضة في منح نوابه وموظفي فريقه البرلماني عطلة استثنائية للنفير إلى أجدير، حيث التأموا على موائد الكسكس بدل حضور جلسة مناقشة «السياسات العامة» للبلد. كيف لا والحكومة تركت قطاعا كاملا يعنى بشؤون الرياضة والشباب دون وزير فعلي أو مجرد وزير لتصريف الأعمال.
وزراؤنا لا يتركون الصلاة وحدها، وهذا شأن شخصي، بل يتركون المكاتب لتخليص الزوجات من قبضة الأمن أو لحضور المهرجانات وهلم فعاليات بالغصب والاختيار.
الحبيب الشوباني، الوزير المكلف بالعلاقات مع البرلمان والمجتمع المدني، وبعد أن أعيته مهمة تتبع ملابس زوار البرلمان وفق ما تقتضيه مقاسات «خياط العدالة والتنمية»، قرر التسجيل في سلك الدكتوراه. ولأجل ذلك اعتذر عن حضور المجلس الحكومي حيث يتداول الشأن العام، ليحضر شأنه الخاص بكلية العلوم القانونية بجامعة محمد الخامس، وهي الزيارة التي لم تمر دون أن تثير الكثير من الكلام. لكن المهم في القضية كلها هو السؤال: هل يتم ترشيح الوزراء للمسؤولية الحكومية للتفرغ خدمة للصالح العام أو الاعتكاف بمدرجات الكليات والحصول على الشهادات؟ وزير الاتصال مصطفى الخلفي كان رفض المشاركة في لوائح حزب العدالة والتنمية للانتخابات التشريعية الأخيرة، بدعوى الرغبة في مواصلة تحصيله الأكاديمي، لكن إغراء الوزارة صار أقوى من كل مقاومة أو اعتبار أدبي لينتهي به المطاف على بقايا كراتين يصلي عليها بجوار زميله في الحزب والحكومة إدريس الأزمي. وفي الانتخابات التي سبقتها أعلن النائب البرلماني وقتها، فؤاد عالي الهمة، أنه سيتفرغ للحصول على نفس الدرجة العلمية. بعد سنوات عاد الهمة مستشارا ملكيا ونسي الجميع أمر الدكتوراه. وفي المقابل يعتصم، عادل أوتنيل، الطالب المغربي من ذوي الاحتياجات الخاصة، بكلية الآداب بفاس مع إضراب إنذاري عن الطعام لمدة 72 ساعة، احتجاجا على منعه من مناقشة أطروحته «ظاهرة الاغتراب في شعر الصعاليك»، وهو الذي تحدى كل العقبات متنقلا من تيزنيت، مدينته الأصلية، إلى أكادير فعاصمة القرويين فاس، في مسار أكاديمي متميز. صدق من قال إن «الدكتوراه» حظوظ.
قال الإمام أحمد رحمه الله: جاء في الحديث «لا حظ في الإسلام لمن ترك الصلاة». لكنها في السياسة ليست بالضرورة مرادفا لحسن أداء الأمانة أو للكفاءة في التدبير، ولن تغني عن الوزراء تقصيرهم أو محدودية أدائهم. ساستنا مستعدون لترك كل شيء إلا المنصب والكرسي الوزاري، مهما تعددت فضائحهم وتكاثرت أخطاؤهم وفاحت روائح زلاتهم. وحدها فضيحة مباشرة على شاشات التلفزيون العالمية قد تكلفهم المنصب، لكنهم لن يعدموا مع ذلك «مظلة» تعتبر ذلك «شجاعة سياسية» ولو استهل مسؤوليته الحكومية بصور له متخشعا باكيا في الصفوف الأخيرة لصلاة استسقاء.
ساحة النقاش