<!--
<!--<!--[if gte mso 10]> <style> /* Style Definitions */ table.MsoNormalTable {mso-style-name:"Table Normal"; mso-tstyle-rowband-size:0; mso-tstyle-colband-size:0; mso-style-noshow:yes; mso-style-parent:""; mso-padding-alt:0cm 5.4pt 0cm 5.4pt; mso-para-margin:0cm; mso-para-margin-bottom:.0001pt; mso-pagination:widow-orphan; font-size:10.0pt; font-family:"Times New Roman"; mso-ansi-language:#0400; mso-fareast-language:#0400; mso-bidi-language:#0400;} </style> <![endif]-->
فلاش بريس = وفاء المهدي
»تكشبيلة«
مرت ذكرى سقوط الأندلس مرورا صامتا، يشي بالوجع الذي يخلفه التاريخ في النفوس بعدما يعدل وجهاته وينسل جامعا أشياءه الجميلة، لتظل الأسئلة مطروحة على من سيأتي عن الغياب وبالغياب.
ففي غرناطة احتفل الغرناطيون بذكرى خروج آخر ملوك الطوائف صاغرا بعد أن سلم آخر معاقل المسلمين، الاحتفال المشوب دائما بنفحة الانتصار،يقابله بصمت قصص العذاب والتعذيب التي صاحبت المسلمين لدى خروجهم من الأندلس،أو الذين استمروا في العيش هناك.
في تراثنا هناك أغنية جميلة لازالت تتردد على الألسن، وهي «تكشبيلة»، فهي تقتطع جزءا من التاريخ لتنقله من جيل لجيل في تغنيها بإشبيلية، والأمل في الرجوع والعودة (تولليولا)، وهي تبرز بشكل خاص لحظة التهجير والطرد، وما صاحبها من إذلال وعذاب (ما قتلوني ما حياوني، غير الكاس للي عطاوني، ألحرامي ما ميموتشي)، وتكتمل الأغنية بـ(جات خباروا فالكوتشي).. الشيء الذي يشير لتشرذم العديد من العائلات في عملية التهجير، فما بقي منها هو فقط خبر ينتقل عبر العربات التي ينتقل عليها المسلمون.
وبما أن ملوك الطوائف كانوا سببا في ضياع الأندلس، لنتساءل هل فعلا انتهى عصر ملوك الطوائف؟ في كل سنة تتناسل طوائف، تظهر طوائف جديدة، فيكون عليها إما أن تذوب في طوائف أخرى، أو تحتضن طوائف جديدة وترسخ مكانتها... وهكذا صار العالم الآن، امتدادا لعصر ملوك الطوائف، لكن مع حذف الملوك والإبقاء على الطوائف، والذين صاروا آلية ووسائل حربية. الماركسيون في تركيا تبنوا تفجيرا بأحد مراكز الشرطة، «داعش» تصول وتجول بمقصلتها على التاريخ والثقافة وكل المبادئ الإنسانية. «القاعدة» تحاول استرداد ما انفلت منها من رعب وخوف القلوب بواسطة الدماء، الكيان الصهيوني يستمر في التقتيل والتفنن في تغيير معالم التاريخ، الجهاديون، «بوكو حرام»، «الحوثيون»... لا اختلاف بين كل هذه الطوائف، فكلها تعتمد العنف، وتتخذ الإيديولوجيات أو الديانات غطاء لرغبتها الموحدة والمتمثلة في السيطرة على الحاضر. فكما يقول جورج أورويل في روايته (1984): «من يسيطر على الماضي يسيطر على المستقبل، ومن يسيطر على الحاضر يسيطر على الماضي».
السلطوية والتعطش للدماء والنفوذ، هي نزعة متأصلة في الإنسان، والظاهر أن الشرائع والقوانين والأعراف لم تستطع الحد منها على مر الزمن، بحيث تتجسد في حالات فردية، كالأعمال الإجرامية، وحالات جماعية كالطوائف التي يعج بها هذا العالم في هذا العصر. لكن ما يجعل هذه الطوائف قادرة على العمل بكل حرية والوصول لهذا الإنسان، والتمثيل به، وبتاريخه وثقافته ومستقبله، هو هذا النظام العالمي الذي صار يحكم الإنسان، من وجهة طائفية صرفة، ويعتمد الطوائف والجماعات آلية أساسية لتحقيق مجموعة من المكتسبات. وقد أبرز نعوم تشومسكي كيف تم تسخير مجموعات من المرتزقة لتنفيذ الهجمات بحسب الأهداف والنتائج المرجوة، كآلية كاسحة.
فقدنا الأندلس، والقدس تم تناسيها في خضم هذه الفوضى، سوريا، العراق.. العديد من الثغور تضيع، والإنسان صار مجرد رقم.
ساحة النقاش