<!--
<!--<!--[if gte mso 10]> <style> /* Style Definitions */ table.MsoNormalTable {mso-style-name:"Table Normal"; mso-tstyle-rowband-size:0; mso-tstyle-colband-size:0; mso-style-noshow:yes; mso-style-parent:""; mso-padding-alt:0cm 5.4pt 0cm 5.4pt; mso-para-margin:0cm; mso-para-margin-bottom:.0001pt; mso-pagination:widow-orphan; font-size:10.0pt; font-family:"Times New Roman"; mso-ansi-language:#0400; mso-fareast-language:#0400; mso-bidi-language:#0400;} </style> <![endif]-->
فلاش بريس = المهدي الكًًََراوي
حكومة «دي موضي»
الثراء بلاء أو «بلية» بالعامية مثلها مثل التدخين والمخدرات.. والمصاب بالغنى الفاحش والمال السهل لا يتوقف عن جنون الركض وراء الملذات التي تهبها كل هذه «البليات» يوما بعد يوم.. وفي حالة مراكش فإن حماقات الأغنياء الجدد لا تتوقف عن التبييض.. فبعد ابتلائهم بـ»الصونا والماساج والجاكوزي»، دخلت النساء عالم الوشم أو «التاتواج» وأكملنها بـ «الخلخال» المذهب في أخمص القدمين حيث تتجاور سلسلة ذهبية بأحجار نفيسة مع وشم لرأس أفعى مع أرجل عارية تنتقل من متجر إلى متجر وتمر من مقهى إلى مقهى وسط العيون المتدلية لبسطاء المراكشيين.
النساء الثريات وزوجات الأغنياء في مراكش لهن سلوك خاص وعيشة فريدة ونمط حياة يختلف كثيرا عن حياة بائعة الخبز في قعر باب دكالة حيث تقضي يومها أمام طبق الخبز الذي تغطيه بغطاء صوفي أبيض، وتحته تخبئ «طاجين اللوبيا» الذي يسكت جوعها مع توالي ساعات اليوم عليها، في انتظار بيع قطع من خبز لا تجني منه سوى 20 سنتيما كربح، أي «ربعة ديال الريالات» كتذكير لمن تعتقد أن القطع النقدية الصفراء لم يعد لها وجود في المغرب من فرط تعود بعضهن على الأداء بالبطاقة البنكية.
المراكشيون الذين يتابعون ما يجري ويدور على مسرح الشارع في المدينة الحمراء يعتقدون أن أحسن مسلسل تركي أو مكسيكي غير مدبلج ليس ما يبث على قنوات القطب العمومي بل ما يعاش على الهواء مباشرة في حياة مراكش، حيث الأغنياء يعافون الفقراء كما يعافون المرض والموت ويخافون منه، وحيث جنون هؤلاء ليس له حدود حتى أن شركة مراكشية كانت مشهورة في استيراد السلع من الصين تحولت هذه الأيام إلى شركة تضع خدماتها رهن إشارة الأثرياء في شراء أو استئجار سلع بشرية من نوع خاص.
فآخر تقليعة من تقاليع حماقات الثراء المراكشي، هي تنافس زوجات الأثرياء على التهافت على هذه الشركة التي تعرض عليهن خادمات فيليبينيات يتكلمن الإنجليزية ويقمن بكل أشغال البيت من كنس وطبخ وتصبين وحتى أشياء أخرى تضاف إلى التعبئة الأصلية وتضاعف معها أجرتها الشهرية لو أضفنا مثلا أعمال التدليك وما جاورها وأشياء أخرى يعلم الله مبتدأها ومنتهاها.. إلا أن أجمل شيء في هذه التقليعة هي تباهي المراكشيات بالخادمات الفيليبينيات باصطحابهن في دفع «الشاريو» في الأسواق الممتازة وإرسالهن لجلب الأبناء من المدارس الخاصة وإجابتهن على المكالمات الهاتفية بالإنجليزية حتى يدخلن «الفقصة» على صديقاتهن اللائي لازلن يتوفرن على خادمات مغربيات أكل عليهن الدهر وشرب.
أسواق مراكش الممتازة والعادية أصبحت ممتلئة بالخادمات الفيليبينيات، أغلبهن لا ينطقن بالعربية سوى بـ «سيدي ولالة وشكرا»، وأكثرهن لا يعرفن عن المغرب ومراكش سوى ما رأته أعينهن من قصور فاخرة ومتاجر راقية، حتى اعتقدن أننا من نزود الخليج بالبترول وليس العكس.. تركوا أوضاعا صعبة بالفيليبين ورمت بهم المتاجرة في البشر إلى جنون أغنياء مراكش الجدد الذين أصبحوا يتعففون من الأيدي العاملة المحلية التي يعتبرونها لم تعد تساير الموضة الجديدة في استعباد البشر.
المغرب الذي أصبح يستورد «البلغة» من الصين والقمح من أمريكا والتمر من إسرائيل والمسلسلات من تركيا والمكسيك وكان لديه وزيرا للنقل اسمه غلاب استورد مدونة للسير من السويد ولديه حاليا وزير للمالية مع بنكيران يستورد ملايير الأموال المهربة من بنوك أوربا...هو نفسه المغرب الذي أصبح مع بنكيران يحتاج إلى استيراد وزراء من دولة أخرى بعدما جرب طلاق الاستقلال وفضائح الحركة الشعبية والتجأ إلى قطاع غيار الأحرار، دون أن ينجح في إسقاط الفساد والريع، والنتيجة أننا أصبحنا أمام حكومة «دي موضي».. يعني بالعامية «فات عليها الوقت».
ساحة النقاش