http://kenanaonline.com/AAC-ES-SMARA

الفرع المحلي للجمعية الوطنية لقدماء المحاربين بالسمارة

<!--

<!--<!--[if gte mso 10]> <style> /* Style Definitions */ table.MsoNormalTable {mso-style-name:"Table Normal"; mso-tstyle-rowband-size:0; mso-tstyle-colband-size:0; mso-style-noshow:yes; mso-style-parent:""; mso-padding-alt:0cm 5.4pt 0cm 5.4pt; mso-para-margin:0cm; mso-para-margin-bottom:.0001pt; mso-pagination:widow-orphan; font-size:10.0pt; font-family:"Times New Roman"; mso-ansi-language:#0400; mso-fareast-language:#0400; mso-bidi-language:#0400;} </style> <![endif]-->

المساء = عبد الله الدامون

الرشوة.. أطعمناها وسقيناها حتى صارت وحشا

العدد   2015-01-15-2580:

الرشوة في المغرب غير موجودة، إنها فقط ترقص فوق رؤوسنا بينما نحن نطعمها ونسقيها كل يوم.. إنها تشبه ديكا حبشيا يعشش فوق رؤوسنا، ومن فرط تعوّدنا عليه لم نستطع فراقه، لذلك صرنا نتحدث عن الرشوة وكأننا نتحدث عن صديق عزيز.
لو أن هيئة أو جمعية قررت أن تحصي المصطلحات الأكثر استعمالا بين المغاربة، فستجد أن الرشوة تقبع على رأس اللائحة؛ وهي رشوة تأخذ صيغة تعابير ومصطلحات كثيرة، حيث يقول علماء اللغة واللسانيات إن الشعوب عادة ما تمنح أسماء كثيرة للأشياء التي تتعايش معها لفترة طويلة ويحدث انسجام كبير بين الطرفين.
يموت فرد من عائلة المغربي، فيكون أول ما يفعله الأخير ذلك الصباح هو أن يعطي رشوة لكي يتم تسريع إجراءات الدفن. وبما أن «إكرام الميت دفنه»، فلا بأس من تطبيق الدين عبر دفع الرشوة. ثم يتواصل مسلسل الإرشاء لدى محاولة الحصول على قبر ملائم ومن خلال إكرام قراء القرآن من أجل أن يرتلوا الآيات التي تتحدث عن الجنة والنعيم عوض آيات النار والجحيم، وهلم رشوة.
تقول نكتة مغربية إن مواطنا ذهب إلى مكتب الحالة المدنية لتسجيل ابنه الذي ازداد للتو.. سأله الموظف: ماذا ستسمي ابنك؟ أجاب الأب: أبو بكر الصديق. فقال له الموظف: الأسماء الطويلة والمُركّبة ممنوعة، فأخرج الأب خمسمائة درهم ووضعها على المكتب، فسارع الموظف إلى سؤاله: هل تريد أن أضيف إلى الاسم عبارة «رضي الله عنه»؟
هكذا هي الرشوة تصنع الطريق في أي مكان، في البر والبحر والجبل والإدارة وأمور الدين والدنيا، وسنكون واهمين جدا لو أننا أملنا في القضاء عليها يوما، لأنه لا يمكن القضاء على وحش أطعمناه يوما إثر يوم ورعيناه حق رعايته.
الرشوة عندنا اختلطت بكل شيء، يقبضها المسؤول والموظف والمنتخب والطبيب والقاضي والمحامي والصحافي والموظف والوزير والعمدة والبرلماني والشرطي والفقيه والبواب وأصناف كثيرة من المجتمع، لذلك صار ضروريا أن نقوم بالتطبيع معها عوض محاربتها، تماما مثل الحشيش الذي حاولنا محاربته طويلا، وفي النهاية بدأنا نتحدث عن ضرورة تشريعه وتقنينه.
في البلدان المتقدمة، عادة ما يقبض المسؤولون هدايا كثيرة من ضيوفهم أو من مسؤولين أجانب؛ وهذه الهدايا تبقى في ملكية المسؤول إلى أن يغادر مسؤوليته فيضعها في ملكية الدولة، أي أنه يضعها في جيب الشعب. وفي الولايات المتحدة الأمريكية، لا يمكن أن يحتفظ رئيس البلاد بهدية تزيد قيمتها المادية على خمسين دولارا، مع أنها مجرد هدايا بسيطة.
في المغرب يحدث العكس، إذ يحتفظ المسؤول بكل هدية يزيد سعرها على خمسين دولارا؛ وكلما كان المسؤول مرتشيا أكثر، ازدادت قيمته وحظي باحترام أكبر، وإلا فمن أين لبعض الأسياد والأعيان بكل الثروات التي راكموها؟ !اُنظروا إليهم فقط ودققوا في ثرواتهم تلك، وستجدون أن تسعين في المائة منهم اغتنوا عن طريق الرشوة واللصوصية والسطو والنهب.
يعرف المغاربة كل الطرق التي يتم بها دفع الرشوة، بدءا برشوة المسؤولين الكبار، الذين يفضلون عادة أن يتم وضع أموالها الطائلة مباشرة في حساباتهم البنكية بالخارج، باعتبارها وسيلة آمنة لا تبقي أي أثر للجريمة، وانتهاء برشوة شرطي أو دركي بئيس على الطريق، تدفع له مائة درهم ويرد عليك الصرف، مثلما حدث لرجال البوليس الثلاثة في منطقة طانطان، الذين اقتسموا خمسين درهما في ما بينهم بعد أن سلبوا سائحا إسبانيا إياها، فكانت الفضيحة.
المواطن المغربي له إحساس كبير بالكرامة، رغم كل محاولات التدمير التي استهدفتها على مرّ الزمن، والمواطن المغربي قد ينتقد بلاده ومسؤوليه إلى درجة القسوة، لكنه يحس بإحراج كبير حين يسمع الآخرين ينتقدون بلاده ويصفونها ببلاد الفساد والرشوة؛ لكن عندما يتحول شريط مثل «شريط طانطان» إلى فيديو عالمي، فإنه لا يبقى مجال للإحساس بأي نوع من الكرامة.
على مدى السنوات الماضية، شاهدنا أشرطة فيديو كثيرة على «اليوتوب» تفضح الأمنيين المرتشين على الطرقات، لكن الفيديو الأخير في طانطان جعلنا نمسك برؤوسنا هلعا ونطلب من الله أن يلطف بنا ويرسل علينا مزيدا من المطر في ما تبقى من هذا الفصل، ولا يحرمنا من هذه النعمة مستقبلا، رغم كل موبقاتنا.
الحكاية بدأت وانتهت في حاجز أمني بضواحي طنطان، حين أوقف شرطي سائحا إسبانيا يمتطي دراجة نارية ويضع على «الكاسْك» كاميرا صغيرة لم يرها الشرطي الذي طلب منه جواز السفر، ثم تطور النقاش بشكل يدعو إلى الرثاء، و»تشرمل» أفراد الشرطة إلى درجة بدوا معها وكأنهم عثروا على أزيائهم البوليسية في مكان ما فارتدوها وجاؤوا لقطع الطرقات.
الفيديو لا ينبغي الحديث عنه بقدرما تجب مشاهدته، وآنذاك سيحس كل مغربي بأن هذه البلاد التي يوجد بها أفراد شرطة مثل هؤلاء هي بلاد يجب أن تتضرع إلى الخالق سبحانه كي يلطف بها.

 

المصدر: المساء = عبد الله الدامون
  • Currently 0/5 Stars.
  • 1 2 3 4 5
0 تصويتات / 48 مشاهدة
نشرت فى 21 يناير 2015 بواسطة AAC-ES-SMARA

ساحة النقاش

الفرع المحلي للجمعية الوطنية لقدماء المحاربين بالسمارة

AAC-ES-SMARA
»

أقسام الموقع

ابحث

تسجيل الدخول

عدد زيارات الموقع

281,179