http://kenanaonline.com/AAC-ES-SMARA

الفرع المحلي للجمعية الوطنية لقدماء المحاربين بالسمارة

فلاش بريس = سلمى الغزاوي

العيش في مطرح النفايات..

من يكترث بنا إذا انهارت بيوتنا فوق رؤوسنا، حاصدة أرواحنا، وجارفة معها كل ما كنا نملكه يوما ما؟ بما أننا في نظرهم مجرد جرذان نقطن في جحور حقيرة.. من يكترث بنا إذا مات أطفالنا في المغرب المنسي جراء البرد القارس؟ طالما أن أطفالهم المحظوظين ينعمون بالدفء داخل بيوتهم الشاسعة، وأمام مدافئهم المتقدة دوما.. من يكترث بنا إذا تعرضنا يوميا لحوادث سير مروعة، ومتنا على هامش الطرقات بعد انتظارنا الطويل للإغاثة؟ طالما أن السبب المباشر لوفاتنا ليس قطعا طرقاتنا القاتلة، بل مجرد «عامل بشري».. من يكترث بنا إذا قصدت امرأة عاثرة الحظ المستشفى كي تضع جنينها، لتجد الأبواب موصدة في وجهها، وتنجب مولودها على الرصيف، كأية قطة متشردة؟ طالما أن زوجات قشدة القوم يضعن مواليدهن المميزين داخل أرقى المصحات.. من يكترث بنا إذا احتجنا على وجه السرعة إلى سيارة إسعاف لتقل أحدنا إلى المستعجلات، لنتفاجأ بأن الموت أسرع بكثير من الإسعاف؟ طالما أننا يجب أن نطلب مباشرة سيارة نقل الأموات، لأننا في الواقع مجرد أشباح ننغص عليهم حياتهم..
من يكترث بنا إذا حصلنا على شهادات عليا، وبعدما بلغنا من اليأس عتيا، قررنا الاحتجاج والمطالبة بحقنا المشروع في التوظيف، لنفاجأ بهم وهم  يكسرون عظامنا ويحطمون أحلامنا، بتهمة  الأمل في غد أفضل..؟ من يكترث بنا إذا فرغت صناديق التقاعد بعد أن نهبها قطاع طرق المال العام، غير آبهين لمصير أولئك المتقاعدين الذين أفنوا عمرهم في خدمة الوطن؟ طالما أن المشكل الأساسي هو أنه يتحتم على المتقاعدين أن يتعاقدوا مع الموت قبل أن يحين موعد تقاعدهم
..
من يكترث بنا إذا تعرض أطفالنا لأبشع الممارسات داخل مدارسهم، علي يد بعض من يفترض أنهم كادوا أن يكونوا رسلا؟ طالما أن أولادهم يدرسون في أرقى المدارس والجامعات الأوربية
..
من يكترث بنا إذا توسد المتشردون منا الحجارة، والتحفوا السماء، وفتشوا في صناديق القمامة عن فضلات ليبقوا قيد شبه حياة؟ طالما أنهم ينامون على الحرير، ويقيمون ولائم يومية، تكفي بقاياها لإطعام مدشر بأكمله.. من يكترث بنا إذا حكم على أحدنا بالسجن لارتكابه سرقة صغيرة نتيجة غبائه؟ طالما أنهم ينهبون بلدا بكامله دون حسيب أو رقيب، وتتضخم أرصدتهم السرية بالخارج يوما بعد يوم، ليأتوا بعدها ويعظونا باتباع سياسة التقشف.. من يكترث بنا إذا كنا قد قدمنا إلى الحياة لنعيش في المأساة كأبطال في رواية «البؤساء» لفيكتور هيغو، ويحكم علينا بالموت الحتمي كما لو كنا أبطال «غسان كنفاني» في روايته «رجال تحت الشمس»؟ طالما أننا جئنا إلى هذا الوطن عن طريق الخطأ.. من يكترث بنا إذا عشنا  في مزبلة النسيان كقمامة داخل أكياس مهترئة، ومتنا كقمامة تحملها شاحنات نقل الأزبال إلى محطتها الأخيرة في مطرح نفايات الوطن..؟

 

 

المصدر: فلاش بريس = سلمى الغزاوي
  • Currently 0/5 Stars.
  • 1 2 3 4 5
0 تصويتات / 33 مشاهدة
نشرت فى 22 ديسمبر 2014 بواسطة AAC-ES-SMARA

ساحة النقاش

الفرع المحلي للجمعية الوطنية لقدماء المحاربين بالسمارة

AAC-ES-SMARA
»

أقسام الموقع

ابحث

تسجيل الدخول

عدد زيارات الموقع

281,311