http://kenanaonline.com/AAC-ES-SMARA

الفرع المحلي للجمعية الوطنية لقدماء المحاربين بالسمارة

فلاش بريس= رشيد نيني

بيداغوجيا الخطأ (2/2)

 

أتذكر عبارة للعالم المصري أحمد زويل، الحاصل على جائزة «نوبل» في الكيمياء سنة 1999، عندما كان يقارن بين أنظمة التعليم عندنا ونظيراتها الغربية، فقال «هم يدعمون الفاشل حتى ينجح ونحن نحطم الناجح حتى يفشل». ففي حالة منظومتنا التربوية، نحن لا نساعد أحدا على النجاح أبدا، فإن كان فاشلا سخرنا منه، وإن كان ناجحا فعلنا المستحيل لنفشله.
فالذي يستحق السخرية ليس نادية، بل مدرسها غير الكفء من جهة، وجميع مكونات المنظومة التربوية من جهة أخرى، سواء الذين كونوه في مركز تكوين المعلمين، أو الذين لم يضمنوا له حقه في التكوين المستمر، ليتعلم هو أيضا معنى أن يكون الخطأ حقا مكفولا، أو الذين لم يضمنوا للطفلة نادية حقها في التعليم الأولي، لتتعلم كتابة الأحرف والأرقام وهي في سن الثالثة، بدل الانتظار إلى غاية التعليم الأساسي. من هنا لم تكن دراسة مديرية المناهج بوزارة التربية الوطنية ذات مصداقية، لأنه ليس أداء رجال التعليم وحدهم من يحتاج لتقويم، بل إن كل مكونات منظومة التربية والتكوين ببلادنا تحتاج لتقويم موضوعي، وإلا هل مدير مديرية المناهج، والذي قال أثناء تقديمه لنتائج هذه الدراسة، إن المنظومة هي «سبورة بيضاء لا أثر فيها لخط أبيض»، هل هو استثناء في هذا السواد؟

بمعنى أن معلم نادية ليس وحده النوطة النشاز في هذه المنظومة العرجاء، بل إن هذه المنظومة مليئة بالنوطات النشاز، نشاز تدبيري ومالي وتربوي وعلائقي، فمنذ الاستقلال لم يستطع وزير واحد أن يستمر في هذه المنظومة أكثر من ثلاث سنوات، وكلما جاء وزير ألغى كل ما جاء به سابقوه، فيقضي السنتين الأوليين في تشخيص الوضع الذي خلفه سابقه، وعندما يبدأ في تنفيذ ما يراه حلا في السنة الثالثة، يتم تغييره وهكذا
..
فعندما كنا ننتقد قبل سنتين في هذا العمود اختيارات الوزير السابق محمد الوفا، وخاصة تخلصه من التعليم الأولي، وتجميد الميزانية الضخمة التي كانت موجهة لدعم الجمعيات والنوادي المشتغلة في مجال تعليم الأطفال من 3 إلى 6 سنوات، ثم عندما انتقدنا أيضا قراره بتجميده التكوين المستمر للمدرسين لمجرد أن بعض المقتصدين في النيابات والأكاديميات يتلاعبون بفواتير التغذية، كان البعض يصف هذا النقد بالتحامل، لكن قيمة شريط الفيديو هذا هو أنه يزكي طرحنا بقوة. فنادية البالغة من العمر الآن 6 سنوات لم تستفد من التعليم الأولي بقرار من محمد الوفا، ومدرس نادية لم يستفد من التكوين المستمر منذ أربع سنوات، بسبب قرارات هذا الوزير ذاته. وما يؤسف له، هو أن بلمختار بالرغم من إعلانه أكثر من مرة أنه «وحدو مضوي البلاد»، وأنه يختلف عن سابقه، ما يزال التعليم الأولي، وهو المرحلة الأساسية والمصيرية في تعلم الأطفال، ما يزال غير موجود نهائيا في أجندته، بل وما يزال التكوين المستمر أيضا متوقفا، إذن ليست نادية من تستحق السخرية، بل مدرسها صعودا إلى الوزير
.
وهاهو بلمختار يخرج في خرجة إعلامية ليتهم رجال التعليم ويصف نصفهم بكونهم لا يصلحون لهذه المهنة، بناء على دراسة أنجزها «خبراء» معروفون باسترزاقهم مع المنظمات الدولية، والأخطر هو توظيف الدراسة لجلد رجال التعليم وحدهم دون غيرهم، واستغلال تخاذل النقابات وانشغال النقابيين في حروب الانشقاقات. فلو كان بلمختار حسن النية في تنفيذ مبدأ المحاسبة كما ينص على ذلك دستور 2011، فإن هذا المبدأ يقتضي أن يبدأ «كنس السلالم من الأعلى»، كما يقول الفرنسيون، وليبدأ من المسؤولين المحيطين به، والذين تورطوا بشكل كامل في مهازل البرنامج الاستعجالي واقتاتوا جميعا من ريعه، مديرون مركزيون يتقاضون راتب 30 ألف درهم شهريا دون أن يعلم أحد ما يقومون به تحديدا، اللهم إلا إرسال مذكرة أو مذكرتين في السنة. فمدير المناهج الذي استغل نتائج دراسة مشكوك في علميتها ليوصي بضرورة القيام بـ«صدمة نفسية» للخروج من حالة الكارثة التي تعيشها المنظومة، هو أيضا مسؤول عن كل ما اقترفه صاحب بيداغوجيا الإدماج، إذ كان من أشد المدافعين عنه، وعن «الخبراء» الأجانب الذين استقدمهم هذا البلجيكي «بوشعكاكة» على حد تعبير الوزير السابق محمد الوفا، عندما كانوا يتقاضون 3 آلاف درهم كراتب يومي من المال العام. وعندما جاء الوزير المراكشي وطردهم، «قلب الفيستة» وبدأ يمدح الوفا، وهناك تصريحات موثقة في مواقع إلكترونية كثيرة، لحوارات ومقالات له، يمدحه فيها، لكن عندما جاء رشيد بلمختار، «قلب الفيستة» مرة أخرى وبدأ يعزف على ما يستهويه هو أيضا دون خجل، وما يستهوي الوزير الحالي هو أن رجل التعليم هو المسؤول عن واقع التردي في التعليم، بينما الحقيقي هو أن هذا التردي يتحمل مسؤوليته أولا متخذو القرارات الخاطئة والمفتقدة للشجاعة والنزاهة، وإلا هل يمكن لمدير المناهج أن يكشف للرأي العام التعليمي ما ينتجه جهاز اسمه «الوحدة المركزية للبحث التربوي»، والذي يتم تمويله من المال العام، دون أن يرى أحد أي أثر له على المناهج التي يدرسها أبناء المغاربة؟

هل يتحمل بلمختار مسؤوليته ويكشف للرأي العام حقيقة ما يجري في سوق الكتاب المدرسي، والتي تتحكم فيها مديرية المناهج؟

إذن في انتظار أن تتعافى الطفلة نادية من جروح نفسية سببها لها مدرس أرعن وغير كفء، وفي انتظار أن تتم محاسبة هذا المدرس على خطاياه في حق هذه الطفلة البريئة، سيكون علينا كبلد، أن ننتبه إلى أن نادية هي من عليها أن تسخر منا، لأننا مسؤولون عن عدم تعليمها، وعن انتهاك حقها الفطري في الخطأ الذي لا يمكن التعلم من دونه

 

المصدر: فلاش بريس= رشيد نيني
  • Currently 0/5 Stars.
  • 1 2 3 4 5
0 تصويتات / 28 مشاهدة
نشرت فى 12 ديسمبر 2014 بواسطة AAC-ES-SMARA

ساحة النقاش

الفرع المحلي للجمعية الوطنية لقدماء المحاربين بالسمارة

AAC-ES-SMARA
»

أقسام الموقع

ابحث

تسجيل الدخول

عدد زيارات الموقع

280,263