http://kenanaonline.com/AAC-ES-SMARA

الفرع المحلي للجمعية الوطنية لقدماء المحاربين بالسمارة

فلاش بريس = محمد الأشهب

في معنى المناطق المنكوبة

لا تعرف الأجيال الجديدة معنى لتصنيف إحدى مناطق البلاد أنها «منكوبة». وحمدا لله أن العناية الربانية حفظت البلاد. فمنذ زلزال أكادير المفاجئ لم تحدث كوارث بنفس الدرجة في الارتجاج الذي أدى إلى وقوع ضحايا وخسائر مادية كبرى. لكن تجربة زلزال الحسيمة لم تغب عن البال، ومؤسف أن تداعياته الاجتماعية لازالت قائمة في بعض أنواع المعالجات التي تخفت حسب درجة تراجع الحماس.
تصنيف «كلميم» منطقة منكوبة، يفرض في المقام الأول إقرار موازنة مالية خاصة لمواجهة مضاعفة الفيضانات وآثارها الاجتماعية والاقتصادية والبيئية. فقد أسفرت عن وقوع ضحايا أبرياء وشردت العوائل وأجهزت على البنيات وخلفت المزيد من المآسي الإنسانية، غير أنه لحد الآن لم نسمع عن مبادرة بهذا الصدد تتخذها الحكومة، وخصوصا وزارة المالية، في وقت يناقش فيه البرلمان مشروع الموازنة المالية للعام القادم
.
عندما نتحدث عن تخصيص موازنة تصرف لفائدة تطويق مضاعفات الحوادث المأساوية التي تسبب فيها غضب الطبيعة، يقود الأمر إلى طرح السؤال المحوري: هل توجد ضمن بنود موازنات القطاعات المختلفة التزامات مالية احتياطية لمجابهة الطوارئ، أكانت في صورة كوارث طبيعية أو تداعيات اجتماعية، ففي كل مرة طرحت فيها مسألة التغلب على المؤشرات السلبية لمواسم الجفاف، تبدأ المصالح المعنية في البحث عن كيفية تأمين الموارد لتعويض خسائر الفلاحين وإرجاء استحقاقات ديونهم. ما يؤكد غياب الوعي الاستباقي والاحتياطي الذي يسهل أداء القطاعات المعنية خلال مجابهة مثل هذه الحالات
.
لا القائمون على إقرار مشاريع القوانين المالية يضعون في الاعتبار شروط التأمين من مخاطر الطبيعة التي توالت صدماتها، بسبب المتغيرات المناخية، ولا نواب الكتل البرلمانية في المعارضة والمولاة يهتمون بطرح هكذا إشكاليات، فيما أن البرامج الاستعجالية يجب أن تكون موضع دراسة وتحيين، لا تتطلب غير دخولها حيز التنفيذ. فعامل الزمن هنا يظل حاسما، وكل تأخير في اتخاذ المبادرة تنجم عنه المزيد من الخسائر والضحايا
.
لعل الصورة التي قدمها المسؤولون في تأخر اتخاذ الإجراءات الاستعجالية، والذهاب إلى المناطق المنكوبة للاستماع إلى إفادات رجال السلطة والمنتخبين تختزل إلى حد ما جوانب من معضلة غياب الرؤية الاستباقية والتنفيذية التي تهتم بحماية وتأمين أرواح وممتلكات المواطنين في المقام الأول، فالنار حين تشتعل يصار إلى إطفائها، قبل البحث عمن استعملها أو الظروف المحيطة بالتهابها الذي يأتي على الأخضر واليابس
.
لا تقولوا إن عقلية المغاربة لا تعمل بمنطق الاحتراز والاحتياط، ففي الحجز في الفنادق الفخمة إبان مواسم الاحتفالات يتم الإبقاء على حزمة غرف استثنائية، وفي حجز تذاكر السفر بين العواصم على الدرجة الأولى يتم العمل بنفس الطريقة، حتى لا تقع مفاجأة آخر لحظة. لكن عندما يتعلق الأمر باحتياطات الخدمات والإجراءات الطارئة عند الضرورة، تغيب هذه العقلية، أو هذا على الأقل ما يمكن استشفافه من سلوكات الارتباك والتردد، إلى أن تصدر أوامر المرجعيات العليا
.
يتوفر الولاة والعمال على صلاحيات دستورية وقانونية تؤهلهم لاتخاذ القرارات بأسرع وقت ممكن، بعد إشعار الإدارة المركزية، أو حتى من دون إشعارها، حين يرتدي الموضوع طابعا استعجاليا، فلماذا يتم التغاضي عن هذه الصلاحيات التي تسمح بالتدخل لتأمين أرواح وممتلكات المواطنين، والحال أن وزارة الداخلية الوصية تتوفر على مخططات استعجالية بهذا الصدد، يكفي نفض الغبار عنها، وهي التي ترعى مصالح الوقاية المدنية والإطفاء، والوصاية على تدابير إنقاذية
.
المسؤولية واضحة، والظاهر أن المغرب أعد نفسه لكل شيء، إلا أن يكون في مواجهة كوارث طبيعية عاصفة، بدليل أن بنيات المدن لم تصمد أمام رجة الفيضانات التي اقتلعت الأشجار والأحجار وجرفت كل ما يعترضها، لكننا لم نسمع عمن قدم استقالته أو اعتذر للشعب المغربي عن التقصير الحاصل. بل إن المسؤولين المعنيين لم يتوجهوا إلى المناطق المنكوبة إلا بعد صدور أوامر ملكية سامية. ما يعكس غياب المبادرة والجرأة على اتخاذ القرارات المناسبة في الوقت المناسب. وإذا دل هذا على شيء، فإنما يدل على أن التوصيف الراهن في اختيار المسؤولين لم يعد يواكب التطورات، خصوصا عندما يتعلق الأمر بالنزول إلى ساحة الميدان ومعاينة الآفاق الاجتماعية وإبراز مظاهر التضامن
.
لا تبحثوا كثيرا عن مواطن الخلل، يكفي أن القناة الثانية رقصت على جثث الضحايا، ويكفي أن السلطات أنابت عنها مصلحة الأرصاد الجوية في التنبه إلى المحاذير، مع أن هذه الأخيرة ليست سلطة. لماذا إذن تأخرت السلطة التنفيذية في إخبار الرأي العام بالكوارث المرتقبة؟ الأكيد أن بعضها منشغل بأشياء أخرى. وما رقصة القناة الثانية، وهي مؤسسة رسمية، إلا دليل آخر على الاستهتار واحتقار الرأي العام، ولا تسألوا عن أشياء إن تبد لكم تسؤكم. وإذا كان الإعلام الرسمي غائبا إلى هذه الدرجة، فإن ذلك يعني غياب جزء من المشكل العويص في درجات تحمل المسؤولية
.

 

 

المصدر: فلاش بريس = محمد الأشهب
  • Currently 0/5 Stars.
  • 1 2 3 4 5
0 تصويتات / 23 مشاهدة
نشرت فى 5 ديسمبر 2014 بواسطة AAC-ES-SMARA

ساحة النقاش

الفرع المحلي للجمعية الوطنية لقدماء المحاربين بالسمارة

AAC-ES-SMARA
»

أقسام الموقع

ابحث

تسجيل الدخول

عدد زيارات الموقع

281,743