<!--
<!--<!--<!--<!--
فلاش بريس = المهدي الكًًََراوي
وجهنا وجه «التراكسْ»!
أكثر شيء لا يفهمه جهابذة الحزب الحاكم عندنا هو أن «الفرحة ما دايمة لا ليك لا لغيرك», والأكيد أن رئيس الحكومة لن يجد في الانتخابات المقبلة أي موجة يركب عليها متاعه ومتاع حزبه للوصول مجددا إلى كراسي السلطة, لأن حلاوة الربيع العربي مثلها مثل العنب المجفف، لذلك كان المغاربة يقولون «حد الحلاوة زبيبة».
وإذا كان بنكيران يعول على ما قدمه للمغاربة من زيادات في الأسعار للرجوع إلى الحكومة في سنة 2016, فليسمح لنا أن نقول له «عولتي بكري», أما إذا كان يعول من جديد على الربيع العربي فليسمح لنا أيضا أن نرفع إلى علمه أنه «ما كا تعاود غير الصلاة على النبي».
وشتان بين الأمس واليوم, بين صور قيادات وبرلمانيي العدالة والتنمية وهم يلتقطون صور «شوفوني» مع باعة الدلاح والبغرير, وحالة التخفي عن الأنظار التي يعيشونها هذه الأيام بعد أن أصبحت البلاد غاطسة تحت السيول, وحال جثث العباد تنقل على شاحنات النفايات..
ولأن «عند الحزة يبان الحبيب», فإن حال الإخوان عندنا يشي بالعكس, وقد رأينا فجأة كيف اختفت صور «شوفوني» التي أدمنوا عليها ولم نرهم يلتقطون صورا مع ضحايا الفيضانات ومع الأسر المشردة وفي المناطق المنكوبة التي كانوا يستعملون فقراءها في صور «السيلفي»، لما كانت تلك المناطق مقالع حقيقية لأصوات «البيجيدي».
ولما كان الأمر يتعلق باستمالة أصوات الناخبين، كان الرباح يفترش الأرض ويأكل «البيصارة» مع بسطاء المغاربة, أما وقد أصبح وزيرا على الطرق والقناطر, فقد رفع الجلسة مع العامة وعوضها بجلسات العمل الفاخرة في الفنادق والمطاعم ومع علية القوم وكبار المقاولين الأتراك, وكأنه يقول لنا «البيصارة فاتت وقتها». أما والبلاد تتنفس تحت الماء والعالم يشاهد طرقات بنيت فوق مجاري الوديان والأنهار، والمغاربة يجرفون بمنازلهم وأولادهم كالحصى, ولا يجدون سيارة إسعاف واحدة مجهزة ولا طواقم طبية ولا وقاية مدنية, ومع ذلك لا يجد وزراء الحزب الحاكم أدنى إحساس بالذنب, فذلك معناه شيء واحد: «وجهكم قاسح».
وحين كان المغاربة يحصون أمواتهم وخسائرهم, وآخرون محاصرين بالثلوج والمياه, والبقية معزولة عن العالم الخارجي لانقطاع الطرق وتهدم القناطر، لم يجد عباقرة الحزب الحاكم عندنا سوى نشر هذا البلاغ الذي يقولون فيه : «قرر فريق العدالة والتنمية بمجلس النواب تأجيل الزيارة التضامنية التي كان قد قررها من قبل إلى المناطق المتضررة من الفيضانات الأخيرة إلى وقت لاحق».. كما لو كانت النكبة التي أصابت المغاربة لم تقنعهم, أو أنهم يريدون التيقن من أن هذه الفيضانات لا يقف وراءها شباط أو «البام».. لذلك يمكن أن نفهم سر اهتمامهم في الموقع الرسمي لحزب العدالة والتنمية بمقتل ثلاثة أشخاص في مظاهرات بمصر, وعدم اهتمامهم بالمغاربة الذين قتلوا بسبب البنية التحتية لوزارة عزيز الرباح وكان جزاؤهم أن ينقلوا جثثا في شاحنات النفايات.
وخلال أسبوع النكبة المغربية كان بنكيران مشغولا بالترحاب بالشركات الخليجية ويوزع القبل والابتسامات على رؤوس الأموال, والرباح يقطع حلوى عيد ميلاد شركة الطرق السيارة, وبوانو يغيض لشكر ويتصارع معه حول تسمية قاعة في البرلمان باسم الراحل الزايدي, فيما كان بوليف يعطي الدروس للأفارقة في مجال الطيران, والفريق النيابي منشغلا بتعديل مدونة الانتخابات. أما البقية في الحزب وذراعه الدعوي فقد كانت قلوبهم مع مرسي بعد أن برأت المحكمة في مصر الرئيس السابق حسني مبارك.
هذه باختصار أجندة عمل الحزب الحاكم في المغرب خلال أسبوع واحد من الفيضانات, وهي أجندة تبين بالملموس أن الحزب فقد البوصلة عن الشعب, وأن المغاربة عندهم الله، أما الحكومة فقد وضعت الجرافات لإنقاذنا والمروحيات لإغاثة الأجانب, هكذا وبدون حرج يقولون لنا «وجهكم وجه التراكس» !
ساحة النقاش