فلاش بريس = حسن البصري
إيبولا يضرب خريطة المغرب
حين كان رئيس تحرير «راديو مارس» يحلل ويحرم كأس أمم إفريقيا على قناة «فرانس 24»، ويقدم الحجة والبرهان على «وطنية» قرار حكومة لا تخاف على شعبها من أي بلاء باستثناء وباء إيبولا، كانت خريطة المغرب المبتورة من صحرائه تنتصب خلف زميلنا في مشهد غريب. إذ كانت تبدو الخريطة من خلال الصورة التي تبثها القناة عبر برنامجها التحليلي وهي منقسمة إلى جزءين.
لم ينتبه المغاربة للنقاش الدائر في بلاطو القناة الفرنسية، ولم يهتموا لدفوعات محللي الكرة الذين أصبحوا بين عشية وضحاها أكثر إحاطة من خبراء منظمة الصحة العالمية بالأوبئة وتاريخها ومدى خطورتها على البلاد والعباد، بل انشغلوا بالخريطة المستفزة منتصبة القامة في الأستوديو ضاربة عرض الحائط بكل مبررات المواطنة التي قدمها المحلل.
صحيح أن الناقد الإذاعي لم ينتبه إلى ما خلفه، لأنه لا يملك مرآة عاكسة تتيح له الإلمام بما وراءه، إلا أن الصور التي كانت تمر أمامه في مختلف الشاشات المثبتة في البلاطو تجعله قادرا على التصدي لمؤامرة هذه القناة، قبل التصدي لحصار عيسى حياتو ومن معه.
ليست المرة الأولى التي تصر فيها «فرانس 24» على استفزاز مشاعر المغاربة بخريطة تعاني من شلل نصفي، بل سبق أن لجأ مهندس ديكورها إلى أعمال مماثلة في كثير من البرامج التي تهم المغرب، مما يجعلنا نؤمن بأنها قناة تضمر للمغرب عكس ما تظهره، أو أنها محطة استفزاز 24 ساعة.
وعد المشرفون على هذه القناة المغرب بإصلاح الخطأ، سيما بعد التدخل الشهير لرئيس جمعية الشباب المغربي للمواطنة والتنمية المستدامة، حين طلب على الهواء مباشرة من مقدم أحد البرامج استكمال الجانب السفلي لخريطة المملكة، وقال له بنبرة مدرس اللغة العربية «املأ الفراغ».
كان موضوع مداخلة الناشط الجمعوي شكوى تقدم بها الرجل ضد نشطاء قبلات الرباط وسلا وما جاورهما، لكنه أصر على تنبيه القناة الفرنسية، معلنا مقاطعته لها بسبب إصرارها على حرمان المغرب من الجزء الخلفي لخريطته ضدا على التاريخ والجغرافيا.
ولأن مقدمي البرامج الرياضية يختزلون الرياضة المغربية في الدار البيضاء والرباط ومراكش، فقد قدمت قناة الأهلي المصري في مناسبتين خريطة المغرب المبتورة، وأصرت على أن تضع الخريطة في كرسي متحرك، وحين احتج مهاجرون مغاربة نيابة عن جمعيات المجتمع المدني وسفارة المغرب في القاهرة، لجأ إخواننا إلى مبرر الظروف القاهرة، ليس نسبة لعاصمة أرض الكنانة، ولكن لإصرار أحد الصحافيين على اللجوء إلى خدمات محرك البحث «غوغل» الذي أوصاه شرا بخريطة ترجع لزمن المرابطين، وقدموا عذرا أقبح من زلة، ومنذ ذلك التاريخ لم تقدم الخريطة الكاملة الأوصاف، بل عوضتها بالعلم المغربي تفاديا لأي إحراج سياسي.
لن نعاتب «فرانس 24» ولن نلومها على الخريطة المعاقة، لأننا نعلم أن الأمر كان مقصودا، لكننا نحذر محللي الفضائيات من مغبة الانسياق وراء ظهور تلفزي أجره قليل وذنبه كثير، وننصحهم بالالتفات بين الفينة والأخرى للخلف لمعرفة ما يتربص بهم من زلات، علما أن «الهاكا» سبق أن أصدرت في شهر يونيو 2010 قرارا بوقف بث الخدمة الإذاعية لـ»راديو مارس» كليا لمدة ثماني وأربعين ساعة، وعقوبة مالية على الشركة قدرها 57 ألف درهم، بسبب «إخلالها بثوابت المملكة المغربية كما هي محددة في الدستور».
في تلك الصبيحة الصيفية طرحت صحفية، تضع على ظهرها علامة 90 سؤالا ختاميا على ضيفها هشام عيوش، وقالت له بنبرة ضاحكة: ما هو أملك عيوش؟ فكان جواب الضيف صادما وبأقل استحياء ممكن: «رئاسة الجمهورية المغربية»، ومنذ تلك اللحظة جلس مستخدمو وصحفيو المحطة الإذاعية في باحة استراحة، وهم يرددون النشيد الوطني بكورال جماعي.
ساحة النقاش