فلاش بريس= رشيد نيني
وزراء مضورين الحركة
إذا كان وزراء العدالة والتنمية في الحكومة قد أعطوا ما يكفي من الأمثلة على كونهم مجرد«باجدة»في مجال السياسة العمومية، انسجاما مع اعتراف رئيس الحكومة بأنهم لازالوا جددا يتعلمون «الحسانة فروس ليتامة»، فإن وزراء الحركة الشعبية حطموا الرقم القياسي في «الفديع» السياسي، كيف لا ولديهم وزير يحمل اسم مبدع، لم يسجل له إبداع في الحكومة سوى إبداعه لعادة تقديم الشهادة في قضايا خارج البلاد دون أن يطلبها إليه أحد، كما صنع في قضية روبي وبرلسكوني. ولديهم الكروج وزير الشكولاتة الذي ابتلع لسانه عندما نشرنا بالوثائق والأدلة، يكفي أن والده استفاد بفضل وصول ابنه إلى الوزارة، من أرض مساحتها 8200 متر مربع من أراضي الدولة بالسعيدية، بسعر لا يتعدى 200 درهم للمتر، أي بحوالي 50 بالمائة من سعرها الحقيقي.
اليوم يضع وزير الشباب والرياضة الحركي، أوزين مول حفرة الزين، المغرب كله أمام حرج كبير مع الاتحاد الإفريقي لكرة القدم، بسبب تصريحاته المتضاربة والمتسرعة حول تنظيم المغرب لكأس إفريقيا للأمم.
فقد رفض الاتحاد الإفريقي طلب المغرب تأجيل الكأس إلى وقت لاحق وأمهلنا خمسة أيام للرد النهائي.
يعرف السيد أوزين أن قرار تنظيم كأس إفريقيا للأمم بالمغرب، مع كل ما يحيط بذلك من مخاطر على الصحة العامة للمغاربة ودول العالم التي لدينا معها علاقات، لا يوجد بيده كوزير للشباب والرياضة، وإنما بيد مؤسسات الدولة التي وضعت رجالها وعتادها لمواجهة هذا الفيروس القاتل. ولذلك فقد كان عليه أن يحكم إغلاق فمه الواسع جيدا، أو على الأقل إذا تحدث في الموضوع فعل ذلك بتحفظ وبدون «فديع».
الحقيقة أن أحد أكثر أخطاء «الكاستينغ» في حكومة بنكيران الأولى والثانية، هو أوزين. فالرجل يحفه الفشل مثل ظله أينما ذهب.
وفشل معالي الوزير في تدبير ملف استضافة المغرب لكأس إفريقيا للأمم، يحيل المتتبع على صحيفة سوابق هذا الوزير الذي عرف أسرع تسلق طبقي في العالم.
فقد وظف أول مرة في سنة 2006 بتدخل من صهرته حليمة العسالي مستشارا لوزير الفلاحة امحند العنصر، ليتم تعيينه كاتبا للدولة في الخارجية والتعاون سنة 2009، وقد بقي مستشارا في وزارة الفلاحة على عهد حكومة عباس الفاسي، رغم خروج الحركة الشعبية للمعارضة، فالرجل لا يحب المعارضة، بحكم أنه لم يعترض في حياته على شيء.
وخلال مفاوضات العنصر مع بنكيران سنة 2012، حشر أوزين نفسه وحضر دون سابق دعوة للقاء بنكيران في مقر حزب العدالة والتنمية.
وكان رئيس الحكومة قد رفض ترشيح أوزين لمنصب وزير الطاقة والمعادن واعترض حتى على استوزاره، وهذا ما دفع صهرته المرأة القوية في الحركة الشعبية، إلى الاتصال بنافذين متوسلة إليهم منح «نسيبها» حقيبة وزارية مهما كانت، لأنه في حال خروجه من المفاوضات بدون وزارة «غادي يحماق ولا ينتحر».
ومباشرة بعد تربعه على كرسي وزارة الشباب والرياضة «عطات ريحتو».
وبدأ بتفويت صفقة «موندياليتو» أكادير ومراكش لعضو ديوانه حميد فريدي. ثم أتبعها بتعيين عادل الشتيوي غير الحاصل على الباكالوريا، عضوا بديوانه مكلفا بصفقات «التريتور».
بعدها عين محمد حداد، شقيق لحسن حداد وزير السياحة، عضوا بديوانه قبل طرده بعد تورطه في قضية رشاو مع مقاولين مناولين لفائدة الوزارة. وهي الفضيحة التي ضرب عنها صفحا رئيس الحكومة وفعل كأنما لم يرها، مع أنه يعلم جيدا كواليسها.
بعدها عين عبد الواحد بوكريان، المسؤول في مؤسسة «فريدريش ناومان» الألمانية، عضوا بديوانه، ضاربا عرض الحائط قانون الجمع بين أجرين وتخويل منصب سياسي لعضو في منظمة أجنبية.
أما الكارثة العظمى فهي تفويته لصفقات متحصلة على تمويل من البنك الدولي لفائدة مكتب دراسات (إم سي إ) الذي يملكه لحسن حداد وزير السياحة، بمبلغ أولي قدره 6 ملايين درهم، وهو المكتب الذي «يمخمخ» فيه حداد مع الأمريكيين بحصوله على تمويلات مجزية لإنجاز دراسات وأبحاث حول التنمية في العالم القروي.
وبما أن الإخوان في الحركة الشعبية «مدورين الحركة بيناتهم»، فإن الكعكة وصلت أطرافها إلى وزارة البيئة التي تديرها الحركية حكيمة الحيطي، والتي فوتت لمكتب دراستها (فوكلوب)، الذي غادرت واجهته منذ توليها حقيبة البيئة.
ويروج داخل أروقة وزارة البيئة، التي تشرف عليها الوزيرة الحركية، حكيمة الحيطي، جدل بخصوص صفقات عمومية فوتتها الوزارة إلى شركة تديرها صديقة مقربة من الوزيرة، يتعلق الأمر بنزهة بوشارب، صديقة الوزيرة وشريكتها السابقة، حصلت على صفقات من الوزارة المنتدبة لدى وزير الطاقة والمعادن والماء والبيئة المكلفة بالبيئة، ضمنها دراسة حول استراتيجية وخطة التواصل في إطار مشروع اعتزمت الوزارة المذكورة إطلاقه.
والمثير للانتباه أن حصة شركة بوشارب، المتخصصة في الدراسات الاستشارية حول قضايا البيئة، توسعت عقب استوزار الحيطي، والتي أعلنت في وقت سابق بيع شركتها التي كانت تحصل على صفقات دراسات من الوزارة التي عينت على رأسها، إلى أجنبي قريب من عائلة الوزيرة.
المدهش أن شركة بوشارب ظفرت بصفقات عدة من الوزارة التي توجد صديقتها على رأسها، علما أن الشركة المذكورة كانت تحصل، سابقا، على صفقات من وزارة البيئة، وجلها بشكل غير مباشر عن طريق القيام بأعمال لصالح شركة الحيطي، التي كانت تظفر بالصفقات العمومية.
والظاهر أن العلاقة القوية بين الحيطي، التي قالت إن والدتها كانت تنعتها بـ«شوارب الخادم» وبين بوشارب صارت أكثر توطدا، خصوصا أن إجراءات التحضير لدخول هذه الأخيرة إلى المكتب السياسي لحزب الحركة الشعبية، جارية على قدم وساق في أفق اقتراح اسمها لشغل منصب كاتبة عامة لوزارة البيئة. فالسيدة بوشارب اشتغلت بشركة الحيطي مدة تقارب 20 سنة، كما تعددت وقائع تكشف ارتباطهما الوثيق، إلى درجة أنه حينما غادرت الوزيرة الحركية منصب رئيسة جمعية «كونيكتين كروب»، تولت نزهة بوشارب المهمة مباشرة بعد ذلك. كما تشير وثائق إلى اتفاق سابق لشركة بوشارب مع جامعة عبد المالك السعدي، للإشراف على مسلك تكويني في الجامعة، خلال الموسم الجامعي الماضي، 2013-2014 ، حول التدبير العمومي، كان ضمن فريقه الأكاديمي الوزيرة الحيطي التي أنجزت جل دراساتها التطبيقية في بحثها لرسالة الدكتوراه بإسرائيل، بعدما استفادت من دعم شركة (مارسولو اخوانكو)، الذي فتح لها أبواب شركته (أونبريرمنتال كونسولتونس إل تي دي)، لكي تستفيد من أبحاثها.
وإذا عرفنا أن مدام الحيطي أنجزت الشق الأهم من بحثها الجامعي في إسرائيل، فهمنا سر زياراتها المتكررة لهذه الدولة التي تغتصب حق شعب بأكمله. وفهمنا أيضا سر حصول أوزين مول حفرة الزين على ذلك الميني ماستر عقب دورة تدريبية، أو ما يصطلح عليه باسم (ميني لإم بي آ)، نظمته جامعة الشرق الأوسط في بوسطن لفائدة مجموعة من الطلبة العرب والإسرائيليين، بعدما فشل مشروع «جامعة للسلام الإسرائيلي العربي» الذي كان وراءه أندري أزولاي.
ساحة النقاش