المساء = مصطفى بوزيدي
علال القادوس..
العدد :2523 - 08/11/2014
لماذا نخاف الأمطار ونحن الذين نقيم من أجلها صلاة الاستسقاء؟
لماذا يضع البعض منا يده على قلبه، كلما تهاطلت أمطار الخير على بلادنا؟
يبدو التساؤل غريبا بعض الشيء، ولكن نظرة واحدة لحالة طرقنا بعد كل قطرات مطر تغني عن ألف جواب..
في شارع محمد الخامس بالبيضاء، غرق الترامواي، واضطر المواطن إلى الاستعانة بالحجارة لقطع الشانطي، بل أصبح ركوب الدراجات النارية والهوائية أمرا طبيعيا لتجنب السباحة في جو ماطر.. وربما فكر بعض مسؤولينا في توزيع «شامبريرات» على كل راغب في عبور الشارع.. وقد يصبح أمر الاستعانة بـ «زودياكات» حلا ناجعا قد يدخل قريبا في حسابات مجالسنا البلدية..
وفي الرباط، غابت الشركة المكلفة بالتطهير وظهر رجل اسمه علال، الذي أنقذ حي المسيرة من الغرق.. تداولت المواقع صوره بشكل واسع ونال لقب «علال القادوس»..
الأمر لايدعو للضحك، الضحك هو اللي دايرينو المسؤولين الذين يتلذذون كل سنة بالتفرج على غرق العديد من المدن مع كل زخات مطرية..
وقد تحول مركب الأمير مولاي عبد الله إلى صورة «للتقشاب» بين مستعملي الفايسبوك.. بعد أن فقد عشبه وهو الذي لم تعد تفصله عن احتضان منافسات الموندياليتو سوى أسابيع قليلة..
ففي كل سنة،تحول التساقطات المطرية شوارعنا إلى برك مائية، تتوقف معها حركة السير في مناطق مختلفة،ويعانى المواطنون كثيرا قبل وصولهم إلى مقرات عملهم.. في حين تتعطل الدراسة في بعض المدارس التي تغرقها الأمطار..ويتم عزل بعض القرى عن العالم الخارجي..
في الرباط، كما في البيضاء وباقي المدن، اشتكى المواطنون من تحول الأزقة والشوارع إلى برك مائية بفعل اختناق البالوعات.. التي لا نفكر في «تسريحها» إلا عندما يحل فصل الشتاء، وننسى مع كل فصل ربيع غرق مدينة بأكملها وسط الفيضان... وعرفت حركة السير توقفات متواصلة لوسائل النقل دون سابق إنذار.. جرفت مياه الأمطار كل ما وجدته أمامها.. وأصبحنا ننتظر كوارث طبيعية.. وحتى شركات الماء والكهرباء التي تتقن جيدا فن الرفع من تسعيرتها، تقف عاجزة كعادتها دائما أمام ظاهرة الوديان غير المبررة في شوارع مدننا، واضطر الناس لنزع أحذيتهم باش يقطعو الشانطي.. وأصبح الشارع عبارة عن مستنقع.. ولا ماعجبك حال سير شكي، راه الشتا هادي..
وفي المناطق الجبلية يزداد الأمر سوءا مع كل فصل شتاء.. الناس كيقتلهم غير البرد، يرتفع ثمن الحطب.. ويصبح التفكير في الاستعانة بملابس بالية لحرقها الحل الأنجع لتفادي قساوة البرد.. وكم من منزل تهدم بفعل غزارة الأمطار.. يحدث كل هذا نتيجة ضعف البنية التحتية، الشوانط كيتشقو بحالا مصوبينهم من الفرشي.. وأمام هذا الوضع غير الصحي.. يجد وزير النقل نفسه بين مطرقة حوادث السير التي ترتفع يوما بعد آخر وبين سندان رداءة شوارعنا التي تصلح أن تكون ملعبا للكولف.. بفعل عدد الحفر فيها..
وقد تساهم الأمطار في الرفع من نسبة مشاهدة تلفزيون لعرايشي، وهو ما لم تحققه مسلسلات العثمانيين والمكسيكيين وحتى سيتكومات رمضان.. كبر الاهتمام بمشاهدة النشرة الجوية لتجنب حالات الطوارئ المفاجئة.. أصبح المواطن يخاف أن تتساقط الأمطار لكي لا تسقط معها منازل أخرى.. وتتحول شوارعنا إلى مسابح كبيرة مفتوحة بالمجان أمام كل راغب في الاستحمام..
وربما، إن استمرت الأمطار في الهطول لمدة أطول، قد يفكر بعض مسؤولينا في القيام بصلاة الاستنشاف.. حتى يتمكنوا من إنقاذ ما يمكن إنقاذه.. ويضطرون في الكثير من الأحيان إلى الاستعانة بالدعاء «الله يعطينا الشتا على قد لقوادس اللي عندنا»
ساحة النقاش