المساء = مصطفى بوزيدي
شهرة حدها طنجة..
العدد :2489 - 27/09/2014
مرت سنوات طويلة من عمر تلفزة مغربية بثت إرسالها يوما بـالأبيض والأسود.. في وقت كان يلزمنا شراء إطار بلاستيكي بالألوان لنتفرج على مباريات كرة القدم.. كانت تلفزتنا الموقرة تبدأ إرسالها وتنهيه حتى قبل أن نستوي في جلستنا.. أصبح بعدها البث التلفزي بالألوان، وظل واقع الحال في تلفزتنا كما هو عليه.. وعندما حملت قناتنا شعار التلفزة المغربية تتحرك.. كان ذلك بعكاكيز مزركشة فقط.. جاءت وجوه وغابت أخرى.. لكن مخاض كل الولادات الجميلة داخل دار لبريهي ظل عسيرا.. وحتى عندما تم افتتاح قناة دوزيم، لم يتحسن الأداء داخل القناة الأولى.. اللي نشوفوه اليوم نعاودوه غدا.. ظلت القناة وفية لمبدأ في الإعادة إفادة.. واللي ما عجبو حال يشرب «لامير».. واحتفلت معنا التلفزة في ذكراها الخمسين وكعادتها كل سنة بمسلسلات تركية.. فتحت الباب على مصراعيه أمام نساء مغربيات للبحث عبر وكالات الأسفار عن رحلات منظمة إلى اسطمبول حيث رائحة «مهند» تعلق بذاكرة كل الفتيات المعجبات..
وعندما كنا نستحي من التفرج مع آبائنا يوما في إشهار لبعض أنواع الشامبو.. صارت الأسر تشاهد دون خجل السيقان العارية لبطلات المسلسلات المكسيكية التي يستمر بثها سنة كاملة.. كنديرو ليها عيد الميلاد.. ولم يعد أمر القبلات شيئا مرفوضا.. وكانت الدبلجة باللهجة المغربية رهان تلفزتنا (كملو الباهية) سواء داخل الأولى أو الدوزيم.. الأكثر من ذلك أن التوسع العثماني وصل إلى بيوتنا.. وأصبحت نساؤنا مستعدات للتخلي عن الأكل والشرب.. دون التخلي عن متابعة مسلسلات تركية يتقاسم أبطالها معنا وجبة الغذاء والعشاء.. وما بين حريم السلطان وزهرة القصر تتنوع المشاهد.. قبلها كانت كوادالوبي قد خلقت الحدث وسرقت الأنظار لتأتي بعدها روزاليندا وتأسر المغربيات في مسلسلات مكسيكية طويلة الأمد... وعندما تحولت قنواتنا إلى تركيا، كانت «خولود» ضيفا مرحبا به، وأصبح مسلسل ما تنسانيش الوجبة الدسمة للعديد من المغاربة، وصار «سي منتصر» نجما فوق العادة.. و«خلود» المرأة التي تستحق الشفقة حينا.. وبعض كلمات العتاب حينا آخر.. أصبحت فردا من العائلة.. وضعنا نحن الرجال في انتظار وجبة عشاء تؤجلها حلقات ما تنسانيش.. تنسى معه النساء الأكل ليلا.. ريجيم ديال بزز.. ونسى تلفزيوننا أن هناك برامج أخرى هادفة تستحق البث والمتابعة.. ونسينا بدورنا قنوات مغربية.. وحتى عندما انتهى المسلسل بعد طول حلقات، تكرمت دوزيم بإعادته من جديد.. وعاودوه الناس من جديد.. وأمام وضع كهذا كانت الهجرة نحو قنوات أجنبية ملاذنا الوحيد للهروب من مسلسلات روجت للسياحة في بلدانها، وساهمت مسلسلات تركية في در أموال طائلة على بلدها، أصبحت تشكل مصدر دخل وطني بالنسبة لتركيا، فقد كشفت وزارة الثقافة والسياحة التركية أن عائدات المسلسلات قد بلغت 65 مليون دولار فالعام، إذ بات يشاهد هذه المسلسلات 150 مليون شخص..
لابد وأن نسبة كبيرة منهم ستكون حتما من المغاربة.. وتساهم دوزيم في مداخيل البلد التركي بشي (بركة) محترمة... وهي دعوة لكل المسؤولين عن تلفزتنا لكي لا ينسوا بدورهم أن هناك جمهورا واسعا مستعدا للتفرج بوفاء على قنواتنا الوطنية وتشجيع إنتاجنا المحلي، فقد سئمنا من متابعة مفروضة لمسلسلات الخردة.. ولا نريد أن تبقى مسلسلاتنا المحلية التي يكلف إنتاجها ملايين كثيرة حبيسة إطار ضيق وشهرتها حدها طنجة..
ساحة النقاش