http://kenanaonline.com/AAC-ES-SMARA

الفرع المحلي للجمعية الوطنية لقدماء المحاربين بالسمارة

المساء = حسناء زوان

كم مسؤولا يستحق الرمي في القمامة؟

العدد :2486 - 24/09/2014

في كاريان طوما التقيت بها.. كانت تصرخ وصوتها يختنق بالبكاء: «علاش كايحتقرونا؟ هدمو لي براكتي، اللي كانت ساتراني أنا واوليداتي، وولينا ساكنين في «كراج» بحال الزريبة، فيه نعسو وفيه ناكلو وفيه نديرو كل شي. علاش تايعاملونا بحال الحيوانات؟ راه حتى احنا بنادم ومغاربة وعندنا كرامة، ولا حيت حنا دراوش وماشي من هادوك اللي عندهم الظهر اللي يحميهم ويدافع عليهم؟...».

ظللت أنصت لها دون أن أجد جوابا عن أسئلتها الحارقة تلك سوى الصمت. وماذا يمكن أن نقول لامرأة تشعر بالحكرة وتصيح ملء جرحها؟ الكلمات وحدها لا تكفي لأنها لن تبرئ جرح تلك السيدة، ولن تعيد إليها كرامتها المهدورة ولا منزلها الذي هدمته السلطات دون أن تأبه لمصيرها ومصير
عائلتها.

هاته السيدة لديها حلم بسيط كبساطة أحلام كل الفقراء: أن تجد مأوى يشعرها وأبناءها الأربعة بآدميتهم بدل العيش في «كراج» كالبهائم، على حد قولها.

مثل هذا الحلم هو لا شيء بالنسبة إلى أصحاب «الكروش الحرام»، وكل من ينهبون هاته البلاد دون أن يرف لهم جفن. لكن بالنسبة إلى «امي فاطنة»، وهذا هو اسمها، هو حلم مستحيل أشبه بالمعجزة في زمن انقرضت فيه المعجزات.

أمثال «امي فاطنة» يعدون بالملايين.. كلهم يحلمون بالسكن الكريم والشغل الكريم والعيش الكريم، الذي يحفظ لهم آدميتهم، بدل هذا الإحساس المريع بالحكرة، وبأنهم مجرد جرذان على رأي «ملك ملوك إفريقيا» الذي قتلته الجرذان. 

الغريب أن هؤلاء «الجرذان» هم من يكونون وقود الثورات، وهم من يلهث وراءهم الطامعون في منصب في الجماعة أو في مجلس المدينة أو في البرلمان في كل انتخابات جماعية أو برلمانية.. هؤلاء هم من تتصارع عليهم الأحزاب للظفر بأصواتهم، موهمة إياهم بأنها ستؤمن لهم السكن الكريم والشغل الكريم والعيش الكريم؛ لكن بمجرد ما تنتهي الانتخابات ينفض الكل من حولهم وكأنهم أصيبوا بوباء إيبولا، ويتركونهم وحدهم يواجهون فقرهم ومآسيهم اليومية دون أن يأبه لهم أحد أو ينتبه إليهم.. يتركونهم بدون مسكن ولا شغل ولا حتى كرامة.

بعد تلك الزيارة التي قمت بها لكاريان طوما بيوم أو يومين شاهدت شريط فيديو على الأنترنيت لمحتجين أوكرانيين يرمون نائبا برلمانيا لهم، يدعى فيتالي زوراسكاي، في حاوية أزبال لأنهم، ببساطة، كانوا غاضبين عليه..

قلت لنفسي: هذا البرلماني قدم فقط مشروع قانون إلى مجلس النواب الأوكراني، وانظر ماذا فعل به أبناء بلده؛ أما مسؤولونا نحن فيراكمون ثرواتهم على ظهورنا، ويختلسون أموالنا، ويتاجرون بأصواتنا وبمآسي فقرائنا، دون أن يجرؤ أحد على أن يشير إليهم بأصبعه أو حتى أن يرفع صوته بالاحتجاج عليهم.

ترى لو كانت لـ»امي فاطنة»، وكل أشباهها، وهم يعدون بالملايين في هذا البلد السعيد، جرأة أولئك الغاضبين الأوكرانيين، كم كانوا سيرمون من مستشار جماعي ومن برلماني ومن وزير ومن رئيس للحكومة في حاوية للأزبال؟

 وكم من حاوية أزبال كانت ستكفي في هاته العملية المقدسة؟ 

صراحة، لا أعرف بالتحديد. اُنظروا بأنفسكم في تاريخ حكوماتنا وبرلماننا ومؤسساتنا، وعدوا كم مسؤولا يستحق الرمي في القمامة..

المصدر: المساء = حسناء زوان
  • Currently 0/5 Stars.
  • 1 2 3 4 5
0 تصويتات / 40 مشاهدة
نشرت فى 26 سبتمبر 2014 بواسطة AAC-ES-SMARA

ساحة النقاش

الفرع المحلي للجمعية الوطنية لقدماء المحاربين بالسمارة

AAC-ES-SMARA
»

أقسام الموقع

ابحث

تسجيل الدخول

عدد زيارات الموقع

281,106