http://kenanaonline.com/AAC-ES-SMARA

الفرع المحلي للجمعية الوطنية لقدماء المحاربين بالسمارة

الحق في التمشخير

أسوأ شيء يمكن أن يحدث للسياسيين والمسؤولين في هذه البلاد أن يكون هناك من يسخر منهم. فهم يريدون أن يضحكوا علينا دون أن يكون هناك من يضحك عليهم، ويحبون أن ينقلبوا على ظهورهم من «التكًرشيخ» وأن نبقى مع ذلك أمامهم جامدين نتألم في دواخلنا بصمت، وربما طلبوا إلينا أن نبتسم ونهتف بأسمائهم رافعين ذلك الشعار البليد الذي يقول بـ«الروح بالدم نفديك يا فرتلان».
أقسى عقاب يمكن أن ينزل بالمسؤولين في هذه البلاد، هو أن تجعل أبناء الشعب يضحكون من صنيع بعضهم كل صباح، ويسخرون منهم في مجامعهم الخاصة والعامة. حتى أصبح حلم بعضهم أن يرى مسؤوله المباشر في العمل أو مديره المرتشي أو النصاب مصلوبا على أعمدة الصحافة لكي يشفي غليله فيه طيلة الأيام التي ستلي صلبه.
مسؤولونا يمكن أن يسامحوك إذا تكلمت معهم بغضب وخرجت في مسيرة منددة بهم، فهم يعرفون أن المسيرات لو كانت تجدي نفعا لكنا حررنا فلسطين منذ خمسين عاما.
ويمكن أن يغفروا لك أن تكتب عنهم بجدية إلى الرأي العام وتنشر فضائحهم على الملأ، فلو كان النشر يفيد في اعتقال لصوص المال العام لوجدنا أنفسنا الآن نصدر المساجين إلى الخارج لكثرتهم واستحالة الاحتفاظ بهم في سجون المملكة.
ويمكن أن يتغاضوا عنك إذا ذهبت إلى القضاء ورفعت دعوى ضدهم، فهم يعرفون أن ما يوجد في المغرب ليس سوى مبنى الوزارة الفخم الذي يمد فيه الوزير وحاشيته أرجلهم، أما العدل فيوجد في السماء.
لكن أن تسخر منهم وتزيل عن عوراتهم أوراق التوت كما تصنع عارضات «الستريبتيز» مع قطع ملابسهن، فهذا ما يخرجهم عن وقارهم المصطنع ويحولهم إلى خصوم شرسين يصنعون ما بوسعهم لإسكات صوتك الشامت ومحو ابتسامتك الساخرة وإخماد ضحكات الجمهور التي يتردد صداها في آذانهم طيلة الليل ويحرمهم من النوم.
فهؤلاء أيضا لديهم ضمائر، لكنها نائمة للأسف. وبمجرد ما تجد من يوقظها يبدأ أصحابها في تنويمها من جديد حرصا على راحتها. وليس هناك من ضمائر مرتاحة في هذه البلاد مثل ضمائر بعض المسؤولين، ذلك أنها غارقة في النوم ومرتاحة من التأنيب الذي يعذب الضمائر المتيقظة التي يبقي عليها أصحابها حية.
لذلك يجب أن تستمر السخرية وأن تستمر الابتسامة على شفاه الجمهور. فعندما يبتسم المهزوم يفقد المنتصر لذة النصر. وهم قد انتصروا علينا في أكثر من حرب، هزمونا ونحن نبحث عن عمل بحيث حفروا الخنادق السحيقة حول الوظائف المهمة وأرسلوا أبناءهم إلى الخارج لكي يدرسوا ويحصلوا على الشهادات العليا حتى إذا ما عادوا وجدوا الوظائف ساخنة بانتظارهم، فيما بقينا نحن وراء الخندق السحيق نستمع إلى مزايا سياسة التعريب وندرس في فصول مظلمة عانينا فيها من التيارات الهوائية أكثر مما سنعانيه في ما بعد بسبب التيارات السياسية، فكلاهما أصاب أجهزتنا التنفسية بعسر حاد في استنشاق هواء الحرية النقي.
هزمونا ونحن نصارع الأمراض من أجل التطبيب المجاني، ونجحوا في جعلنا نقف في الخطوط الأمامية لمواجهة الأمراض والجراثيم والكلاب المصابة بالسعار، عراة إلا من إيماننا بأنه ليست هناك سوى موتة واحدة في هذه الدنيا.
هزمونا عندما جعلونا نتصور أننا كلنا سواسية أمام القانون، فبدأنا نفتح أفواهنا أكثر من اللازم وقلنا إنه حتى الأقوياء في هذه البلاد يمكن أن يقفوا أمام العدالة، إلى أن جاء من ذكرنا بأن أسنان المشط عندنا ليست متساوية وأن من ثبت أنهم لصوص يستحقون الجلد في مكان عام لا أحد عاد يفكر في متابعتهم، وبالمقابل أصبحوا يتابعوننا نحن الذين لم نختلس ميزانية ولم نهرب في حقائبنا شيئا، يتابعوننا بتهمة التهكم على أسيادنا والسخرية من زعمائنا وسرقة الضحك العام من أفواه الجماهير.
ومع ذلك، ورغم انتصاراتهم الباهرة علينا وطرحنا أرضا، فإنهم يستكثرون علينا حتى الضحك معهم بسبب هذه الهزائم النكراء.
يستكثرون علينا أن نمزح معهم ونمد أيدينا المرتعشة إلى ما تحت آباطهم لكي نَهُرَّهُمْ قليلا ونشاكسهم. يستكثرون علينا أن نقول لهم باسمين إننا نعرفكم واحدا واحدا، ونعرف من يكذب علينا منكم ومن ينافقنا ومن يحتال علينا بابتساماته الوديعة التي تخفي أنياب الذئب الحادة، ومن يسرق مصروف جيبنا اليومي ويهدره على عاداته السرية الصغيرة التي في كل مرة يعقبها ندم شديد، من طرفنا طبعا.
أخذتم كل شيء، صادرتم الفرح وحولتموه إلى سلعة مهربة تروجونها بينكم في أسواقكم الخاصة. أدخلتم السعادة ضمن القطاعات التي شملتها الخوصصة وفرقتم أسهمها بينكم وجلستم قرب هواتفكم تنتظرون من يزف إليكم خبر ارتفاع سنداتها في بورصة الوطن.
حولتم التطبيب من حق إلى امتياز لأنكم بسبب جنسياتكم المزدوجة تطيرون إلى مستشفيات الجيران كل سنة لإجراء تحاليل شاملة، ويفوتكم في كل مرة أن تجروا تحليلا واحدا على القلب لتفطنوا إلى أن قلوبكم أصبحت أكثر قسوة على الوطن والبسطاء من أبنائه.
فرقتم بينكم رخص استغلال ثروات البلاد الكبرى وفرقتم علينا رخص استغلال سيارات الأجرة والمخادع الهاتفية. 
والآن لا نطلب من سعادتكم شيئا آخر غير أن تتركونا نبتسم قليلا، وأن نضحك بسلام، فالهم كما تعرفون أيها السادة «إلى كْثَر كَيْضَحَّكْ»، ونحن لدينا احتياطي فادح من الهم يكفينا نحن وذريتنا من بعدنا.
دعونا نضحك قليلا يا سادة، فحتى المحكومون بالإعدام يتركون لهم حرية اختيار رغبتهم الأخيرة في هذه الحياة، لتكن رغبتنا نحن ورقابنا تحت أحذيتكم الثقيلة هي هذه بالضبط، أن «نتمشخر» عليكم قليلا، فهل ستحرموننا من هذه النزوة أيضا؟

 

المصدر: فلاش بريس= رشيد نيني
  • Currently 0/5 Stars.
  • 1 2 3 4 5
0 تصويتات / 15 مشاهدة
نشرت فى 15 سبتمبر 2014 بواسطة AAC-ES-SMARA

ساحة النقاش

الفرع المحلي للجمعية الوطنية لقدماء المحاربين بالسمارة

AAC-ES-SMARA
»

أقسام الموقع

ابحث

تسجيل الدخول

عدد زيارات الموقع

281,294