http://kenanaonline.com/AAC-ES-SMARA

الفرع المحلي للجمعية الوطنية لقدماء المحاربين بالسمارة

 

 

 

عبد العزيز الرماني

 

صحفــــــي

 

سوق «الهضرة»

 

أهم ما ميز فترة حكم محمد السادس أنه اختار أسلوبا جديدا في التواصل يعتمد على الفعالية في الميدان وسياسة القرب. وقد تبين بوضوح أن الملك محمد السادس يفضل الفعل على الكلام، وأنه لا يستند على كثرة التصريحات والندوات والاستجوابات الصحفية.
وفي وقت فضل فيه الملك قلة الكلام، طفت على السطح لغة الحجاج والجدال في البرلمان، وبين قادة الأحزاب، ومكونات الحكومة، و«جبهة» المعارضة، وانتعشت بشكل سريع كأنها الفطريات في مملكة النباتات.
وفعلا فقد كثر الضجيج والتهريج حتى صعب على المرء التمييز بين صحيح الكلام وضعيفه، فهذا يتهم رئيس الحكومة بأنه يدعم الموساد والصهيونية، والآخر يتهم المعارضة بالتماسيح ويشك في أن بينهم عفاريت. وفي البرلمان بغرفتيه لا تكاد تسمع سوى «الدرديك، والقعادي، والطعارج، والبنادر..».
وآلتا الطعريجة والبندير فارغتان من الوسط، ولو كانتا محشوتين بأي شيء لما سمعت لهما صوتا أو ضجيجا. كما أن البرميل أثناء تدحرجه لا يثير الضجيج إلا إذا كان فارغا من الداخل.
ملآى السنابل تنحني تواضعا   والفارغات رؤوسهن شوامخ 
ونحن لسنا ممن يعيب على المؤسسات الدستورية والديمقراطية كثرة الكلام والحديث، ولكن المغاربة يقولون دائما أن «الكلام بدروجو». والبرلمان يجب أن يكون مدرسة يتعلم منه أبناؤنا قواعد السياسة والإقناع والتواصل.
طلب مرة من ونستون تشرشل، عندما كان رئيساً للوزراء، إبداء الرأي في موضوع متنازع عليه بين حزبي العمال والمحافظين، وعندما انتهى من كتابة محاور الخطاب الذي سيلقيه أمام مجلس النواب، طلب من سكرتيره الخاص أن ينقحه ويعيد ترتيب أفكاره وحججه؛ لتكون أكثر فصاحة وأقوى إقناعا. وبعد أن قرأ السكرتير محاور الخطاب قال لتشرشل: «إنها جميلة جدا يا سيدي، ولكني لم أفهم هل أنت مع أم ضد المشروع؟»، فأجاب تشرشل: «وهذا ما أردته بالضبط، أريد أن أتكلم ولا أريدهم أن يفهموا شيئا».
ليت سياسيينا تكلموا وليتنا لم نفهم شيئا، ولكن سياسيينا أثاروا الكثير من الضجيج والتشويش، ففهمنا أنهم لا يفهمون شيئا.
وفي سابقة غريبة طلع علينا سياسي من خارج البرلمان ينتمي إلى حزب «النهضة والفضيلة» فأخبرنا بما لم يكن في الحسبان، وهو قرب خروج المهدي المنتظر في مدينة تامسنا قرب الرباط.
وقال السياسي الصوفي حمزة الكتاني إن المصادر التاريخية التي اعتمدها تقول إن خروج المهدي سيكون في المغرب وبالتحديد في مدينة تامسنا التي لم يعد يذكر اسمها منذ 300 سنة، فظهر فجأة  في هذا الزمن. وقد تدارك الكتاني الواقع السياسي الحالي فقال إن الوقت موات لذلك «لأن استدعاء علامات الساعة هروب من الحاضر، عبر استدعاء ما هو خارج الطبيعة، للتغطية على الفشل في السيطرة وتطويع الطبيعة».
وهذا الكلام معناه أيضا أن الذي جعل الكتاني يحلم بعودة المهدي المنتظر هو الانكسارات السياسية، وعدم رضاه عن الحاضر في صيغته السياسية والحكومية، لكنه للأسف لا يستطيع أن يتقدم لنا بمقاربة فكرية صالحة للدفع بعجلة الحكامة في البلاد، أما التحليق في العوالم الغيبية والروحانية فذاك أمر آخر.
والفقيه النهاري أسمعنا كلاما غريبا حول كارثة بوركون، ومنه أن الذين قضوا تحت أنقاض المنازل المهدمة، كان بإمكانهم النجاة لو تواجدوا حينها في المسجد، بينما اكتفى الزمزمي بفتاويه الجنسية المتنوعة.
في أيام هارون الرشيد ادعى أعرابي النبوة، فأتوا به فسأله الرشيد: من تكون؟ أجابه الأعرابي: نبي كريم. فسأله هارون الرشيد: «إن بيننا علوجا فهل تقدر على أن تنبت لهم لحى على ذقونهم في الحين»، فأجابه الأعرابي على الفور: «وما حاجة العلوج للحى، أنا  قادر أن أقص لحى كل من حولك في الحين».
ويوم أصيب شاب حاصل على الدكتوراه في الأدب، بهستريا نفسية في أحد أحياء الدار البيضاء فقرر الدعوة إلى ما سماه «مذهب الصفاء والإخاء»، وقال لأهل حومته :»أنا المراد بين العباد، أنا النبي التقي السداد»، جاء الجيران إلى أبيه، واخبروه أن ابنه خرج عن الجادة، وأنه ادعى النبوة، وأن الشرطة إذا علمت بحاله فستعتقله في الحين.
هرول الأب نحو الابن ومعه حبل في يده، ولوى ذراعيه من الخلف ثم كتفهما، وعاد به أمام الملأ وهو يصفعه، ويطلب منه أن يصمت، وكان الابن يجيبه وهما عائدان في الطريق: «اضربني يا أبي، واصفعني كما تشاء، فكل الأنبياء قبلي ذاقوا مرارة الإهانة والتعذيب».

 

المصدر: فلاش بريس = عبد العزيز الرماني
  • Currently 0/5 Stars.
  • 1 2 3 4 5
0 تصويتات / 25 مشاهدة
نشرت فى 25 أغسطس 2014 بواسطة AAC-ES-SMARA

ساحة النقاش

الفرع المحلي للجمعية الوطنية لقدماء المحاربين بالسمارة

AAC-ES-SMARA
»

أقسام الموقع

ابحث

تسجيل الدخول

عدد زيارات الموقع

282,623