الناصرة – “رأي اليوم”- من زهير أندراوس:
ما زال النقاش في إسرائيل دائرًا وبحدةٍ شديدةٍ حول أهداف العملية العسكريّة، وهل حققت شيئًا منذ أنْ انطلقت في الرابع عشر من الشهر الماضي، وانطلق النقاش مرّة أخرى حول العملية العسكريّة البريّة، بين مؤيّدٍ ومعارضٍ، وفي القناة الثانية بالتلفزيون الإسرائيليّ، قال المُحلل المُخضرم، أمنون أبراموفيتش، أُريد أنْ أُذكّر دعاة إعادة احتلال قطاع غزّة، بأنّ الأمريكيين، مع جميع أسلحتهم المتطورّة والمتقدّمة، لم يتمكّنوا من حسم المعكرة في الفلوجة العراقيّة، التي يبلغ عدد سكانها 60 أف نسمة، وليس 1.8 مليون، كما هو الحال في قطاع غزّة، مُشدّدًا على أنّ عملية عسكريّة بريّة لإعادة احتلال قطاع غزّة ستجبي ثمنًا باهظًا من إسرائيل، إنْ كان ذلك في الخسائر البشريّة، وإنْ كان ذلك في تأجيج الرأي العام العالميّ ضدّها، على حدّ تعبيره.في السياق ذاته، وكما كان متوقعًا، يُواصل الإعلام الإسرائيليّ باللغة العبريّة مهرجان “الاحتفال” بما أسماها الضربة شبه المُميتة لحركة حماس، بعد نجاح أجهزتها الأمنيّة والعسكريّة باغتيال قادة كتائب القسام في رفح في ساعات الفجر الأولى من صباح أمس، ولكن مع ذلك، ساد الإجماع بين المُحللين للشؤون العسكريّة على أنّ محاولة اغتيال القائد العام محمد الضيف واغتيال القادة رائد العطار ومحمد أبو شمالة ومحمد برهوم في رفح لن تعطي إسرائيل صورة للنصر على حركة حماس. ففي صحيفة (هآرتس) العبريّة توقّع المُحلل أمير أرون، أنْ تؤدّي محاولة اغتيال الضيف، التي وفق كلّ المؤشرات فشلت، توقّع، تورّط إسرائيل في المحاكم الدوليّة بتهمة ارتكاب جرائم حرب، بسبب مقتل زوجة الضيف وطفله الرضيع، وقال في هذا السياق، إنّ محاولة اغتياله مشابهة تمامًا لاغتيال الشهيد صلاح شحادة، القائد العّام السابق للقسّام، في العام 2002، والتي راح ضحيتها 17 مدنيًا، بمن فيهم زوجته وكريمته، لافتًا إلى أنّ اغتيال شحادة أدّى لتورّط القادة العسكريين للعملية في المحاكم الأوروبيّة، التي ما زالت تُلاحقهم، خصوصًا وأنّ التنظيمات الحقوقيّة الفلسطينيّة، بالتعاون مع منظمات حقوقيّة في الغرب، تقوم بإعداد الملّفات عن هؤلاء القادة لتقديمهم للمحاكمة في أيّ دولة أوروبيّة يصلون إليها، وكان العديد من المسؤولين الإسرائيليين قد ألغوا زياراتهم إلى خارج إسرائيل خشية الاعتقال، كما أنّ عددًا منهم لاذوا بالفرار في الدقيقة التسعين، بعد أنْ كانت أوامر الاعتقال بانتظارهم، فيما بقي قائد المنطقة الجنوبيّة آنذاك، الجنرال في الاحتياط دورون ألموغ، في الطائرة الإسرائيليّة، ولم ينزل منها في مطار هيثرو بالعاصمة البريطانيّة لندن، بعد أنْ تبينّ له بأنّ رجال الشرطة البريطانيين بانتظاره لاعتقاله، وعاد إلى إسرائيل على متن نفس الطائرة.وخلُص أورن إلى القول إنّ عملية اغتيال الشهداء الثلاثة من شأنها أنْ تُورّط رئيس الوزراء الإسرائيليّ، بنيامين نتنياهو في المحاكم الدوليّة، ذلك لأنّ لجنة إسرائيليّة برئاسة قاضية في المحكمة العليا الإسرائيليّة أقرّت بأنّ احتمال إصابة أطفال أوْ مدنيين في عملية الاغتيال، تُلزم القادة السياسيين والعسكريين بإلغائها، على حدّ قوله.أمّا مُحلل الشؤون العسكريّة في موقع صحيفة (يديعوت أحرونوت) على الإنترنت، رون بن يشاي، فأكدّ على أنّ تلك العمليات والتي جاءت في يومين متتاليين، لن تؤثر على الجهاز العسكري لحركة حماس بشكل ملموس، موضحًا أنها ستؤدي إلى تقصير مدة العملية والحيلولة دون الانجرار إلى حرب استنزاف، على حد تعبيره.كما أشار الصحيفة إلى أنّ اغتيال العطار وأبو شمالة وبرهوم المسؤول عن الدعم اللوجيستي في لواء رفح لن يؤثر على تغيير جيش حركة حماس النظاميّ، مؤكدًا على أنّ حركة حماس تتمتع بحنكة عسكرية قوية، يتم تعيين قادة جدد في حال تمّ اغتيال قادة الحركة أو العسكريين منهم بأسرع وقت ممكن.وتابع بن يشاي، المُقرّب جدًا من المؤسسة الأمنيّة الإسرائيليّة، تابع قائلاً إنّ اغتيال القادة العسكريين في رفح لن يؤثر بأّي شكل من الأشكال على منظومة حماس الصاروخية. ولكن بالمقابل، أشار إلى أنّ عملية الاغتيال ستؤثر على العمليات الهجومية التي بحاجة إلى قادة وذو تجربة وشخصية قوية تمكنهم من اتخاذ قرارات جريئة لتنفيذ عمليات هجومية خلف خطوط العدو. بالإضافة إلى ذلك، رأى أنّه على الرغم من أنّ المهام القيادية في الجناح العسكريّ لحركة حماس ستتأثر، لكنّه من الصعب جدًا التقدير ما هو حجم التأثير على القدرة في إدارة المعركة ضد إسرائيل. وخلُص بن يشاي إلى القول لقد رأينا في السابق كيف أنّه عند اغتيال أحمد الجعبري في مطلع عملية (عامود السحاب) استوعبت حركة حماس الصدمة وقامت بتعيين خليفة له بشكل سريع ومباشر وقد استمر التنظيم بإدارة المعركة وإطلاق الصواريخ حتى نهاية المعركة، على حدّ قوله.
ساحة النقاش