التمساح الذي يظهر ويختفي
حسن الهيثمي
الاثنين 16 يونيو 2014 - 13:17
عندما طالعت خَبَر ظهور تمساح قبل أيام بنهر أبي رقراق، تذكرت أغنية جميلة لعبد الهادي بلخياط، بعنوان "القمر الأحمر"، للشاعر والمحامي المراكشي عبد الرفيع الجواهري، وألحان الراحل عبد السلام عامر، "تتغزل" كلماتها في نهر أي رقراق الذي ينبع من عيون الأطلس المتوسط، ويتجه صوب المُحيط الأطلسي، ليستريح بعد سفر طويل.
وتساءلت، كيف تصف هذه الأغنية المغربية الجميلة، النهر الذي اعتاد الرباطيون والسلاويون مُناداته بـــ"بُوركراك"، بكونه "رقراق ذاك العظيم على شاطئيه ارتمى اللحن والمزهر"، ثم يظهر فجأة وسط مياهه تمساح يتجاوز طوله المتر والنصف؟
يا إلهي، النهر الهادئ "الذي ارتمى على شاطئيه اللحن والمزهر، وفي موجه يستحم الخلودُ" كما تقول كلمات الأغنية، أصبح مَلاَذا للتماسيح التي لايُمكن رصدها إلا بأجهزة "صونار" المُتطورة جدا، هل هي مُحاولة لخروج هذه الكائنات إلى العلن، وإماطة اللثام عن وجهها "التمساحي" البشع ؟ أم هي رحلة جماعية للتماسيح الحيوانية، بعدما استنجدت بها التماسيح البشرية ؟ يسأل أحد أصدقائي الظرفاء، قبل أن يُواصل حديثه المازح، شارحا عدم قدرة التماسيح على المُواجهة المباشرة، فهي تتربص الفريسة مُختفية في الوحل، أو بين طحالب الأنهار والبحيرات الراكدة، قبل تنفيذ هجوم المباغت، مثل أي ثعلب ماكر، يظهر ويختفي مثل ثعلب الراحل محمد زفزاف.
هذا ما فعله تمساح نهر أبي رقراق الذي ظهر ثم اختفى، دون أن يبالي بتسببه لاستنفار مَصَالح الوقاية المَدنية، فضلا عن بثه الرعب في قلوب المصطافين في شاطئ الرباط وسلا، وزبناء مقاهي "مارينا"، وأصحاب قوارب الصيد والنقل بين ضفتي نهر أبي رقراق.
مَاذَا لَوْ امتلك هذا التمساح أو (التمساحة)، قَليلا من "الرجولة"، واختار مُوَاجَهة رجال الوقاية المدنية، عوض الاختفاء في الأوحال، مُتحينا فُرصة أخرى للظهور ثم الاختفاء مثل تماسيح اليابسة؟
علقت صديقة فيسبوكية، على هذا الحادث النادر، بطريقة لاتخلو من ذكاء، عندما اعتبرت التمساح كائن سياسي بامتياز، اختار نهر أبي رقراق، ولم يختر نهر أم الربيع مثلا، ليكون قريبا من رئيس الحكومة، عبد الإله ابن كيران، الذي هَاجم غير ما مرة التماسيح البشرية، التي تُعَرقل بالتحالف مع كائنات أخرى اسمها "العفاريت" مسيرة الإصلاح التي استأنف قطارها السير في 20 فبراير.
أما الصديق سعيد، فيُحذر من مغبة نقل التمساح -في حالة العثور عليه - إلى حديقة الحيوانات القريبة من مدينة تمارة، مُقترحا ترحيله إلى بلده الأصلي، فلدينا ما يكفي من التماسيح، ولسنا في حاجة إلى تمساح أجنبي، أما إذا أثبت الأبحاث أنه "ولد البلاد"، فما علينا سوى وَضْعه في جَناح الزواحف والبرمائيات، في انتظار ظهور تماسيح أخرى.
على الأقل يتم حصر عددها، وتقديمها في نتائج إحصاء السكان المُرتقب إنجازه صيف هذه السنة، في انتظار تعداد كائنات أخرى لامرئية، وما علينا سوى انتظار حُلول شهر رمضان الأبرك، حيث تتم "سَلْسَلَة" العفاريت، لتكون المناسبة سانحة لتقديم إحصاء شامل عن جميع الكائنات البشرية.
اللهم احفظ هذا البلد الأمين من كيد التماسيح والعفاريت.
ساحة النقاش