عبد الله الدامون
قريبا سيحول بنكيران المغاربة إلى «طرزانات»
العدد :2388 - 30/05/2014
عندما أقرت حكومة بنكيران، أو التي يعتقد أنها حكومته، أول زيادة في أسعار المحروقات، غضب الناس واعتبروا أن رئيس الحكومة خان ثقتهم، لكن هذا الأخير أثبت لهم أنه لا يزال عند حسن الظن، لذلك نصحهم بأن يتجاوزوا الزيادة في أسعار المحروقات عبر الركوب في «الطوبيسات»؛ وبذلك انتهت المشكلة.. مشكلته وليس مشكلتنا.
منذ ذلك الوقت مرت أشياء وأشياء، ومرت زيادات وزيادات، ومرت خيبات وخيبات وإحباطات وصدمات، ويبدو أن الناس تعودوا عليها إلى درجة أنهم نسوا أول نصيحة لبنكيران بركوب الحافلات من أجل التغلب على الزيادة في أسعار المحروقات.
اليوم، عاد المغاربة لتذكر تلك النصيحة الغالية، والسبب هو الزيادة في أسعار «دانون» وما يشبهه، حيث عاد بنكيران مرة أخرى إلى تقديم النصح إلى المغاربة، حيث أسدى إليهم نصيحة غالية، وهي أن يصنعوا «الرّاْيب» في بيوتهم كاحتجاج على الزيادة في أسعار «دانون».
لقد توضحت كل الأشياء إذن، وبنكيران عنده الداء والدواء، عنده الزيادة في الأسعار، وعنده دواء السعار. لكن عنده مشكلة بسيطة جدا، وهي أنه لا يملك الشجاعة لكي يقول للمغاربة إنه لا يملك من أمره وأمرهم شيئا، وإن الأمر في البداية والنهاية قضية عبدٍ مأمور.
بنكيران،الذي ينصح الناس بركوب الحافلات وصنع«الرّايْب»في بيوتهم،هو نفسه الذي أعطى قبل أشهر تصريحا كان له وقع القنبلة حين خاطب الفاسدين قائلا «عفا الله عما سلف»، وكأنهم كانوا يسرقون من جيبه وليس من جيوب ملايين المغاربة.
الذين كانوا يتغابوْن ويعتقدون أن الأمور ستتحسن مستقبلا ظهرت لهم اليوم خريطة الطريق واضحة لا غموض فيها، فبنكيران يسير في طريق مرسوم سلفا، ومن يريد أن يشتكي فإن الشكوى إلى الله، ولـَلآخرة خير وأبقى.
لكن، لماذا لا نساير بنكيران في طبيعة تفكيره ونضعه أمام نظريات مشابهة لنظرية ركوب الحافلات وصنع «الرّايبْ» في المنازل. بنكيران يعرف جيدا أن الانتخابات لعبة مخدومة،والتزوير فيها يتم بطرق جهنمية بحيث يمكن صنع الخرائط الانتخابية بوسائل لا علاقة لها بطرق التزوير المفضوحة كما في الماضي، بل تتم بطرق فيها الكثير من الإبداع والابتكار. لماذا إذن، وكرد على ذلك، لا ينصحنا بنكيران بالبقاء في منازلنا يوم الانتخابات وعدم الذهاب إلى صناديق الاقتراع؟
ويعرف بنكيران أن أسعار الدواء في المغرب هي الأكثر غلاء في العالم كله، فلماذا لا ينصحنا، إذن، بمقاطعة الأدوية في الصيدليات والعودة إلى زمن الأعشاب وصنع الأدوية بطرق تقليدية أو العودة إلى زمن السحر والشعوذة ابتغاءً للعلاج؟
وماذا نفعل أمام ارتفاع فواتير الماء والكهرباء؟ هل نعود إلى زمن الشموع والقناديل ونسكن الكهوف، باش يْكون بنكيران عْلى خاطْرو؟
وإذا لم يعد المغاربة يستطيعون تحمل سعر «البوطاغاز»، هل سيذهبون إلى الغابة لجمع الحطب والحشائش لكي يطهوا فوقها طعامهم؟
بنكيران يعرف، أيضا، أن وحوش العقار في المغرب طغوا وتجبروا وجمعوا أموال قارون مقابل بيع منازل مغشوشة وعلب كبريت للمغاربة البؤساء، فلماذا لا يقدم إلينا واحدة من نصائحه القيمة لكي يقاطع المغاربة هؤلاء الوحوش، وعوض شراء دور الصفيح العصرية يتوجه المغاربة نحو البوادي ويشتروا أراضي رخيصة ويبنوا عليها منازل واسعة ومريحة؟
ويعرف بنكيران أن قطاع التعليم الخصوصي في المغرب صار منجما حقيقيا لمراكمة الثروات وحلب جيوب الناس، فهل يمكن لبنكيران أن ينصحنا بأن ندرس أبناءنا في منازلنا ونعود إلى زمن «المسيد» و»المدارس الوطنية» مثل أيام الاستعمار؟
يعرف بنكيران أن أغلبية كبيرة ممن يسمون أنفسهم رجال أعمال ومقاولين لا يؤدون الضرائب ويمُصّون عرق عمالهم ويحتالون على صندوق الضمان الاجتماعي ويُهرّبون أموالهم إلى الخارج، لماذا لا ينصحنا رئيس الحكومة بمقاطعة البضائع التي تنتجها المصانع التابعة لهؤلاء؟
من يبحث عن حل لمن.. هل بنكيران هو الذي يجب أن يبحث عن حلول لمعضلات المغاربة أم إن المغاربة من عليهم أن يبحثوا عن حلول لمعضلات بنكيران؟
الجواب واضح.. نحن الذين يجب أن نساعد بنكيران على الخروج من معضلته.. يمكننا أن نعود إلى الغابة ونصطاد الوحوش ونطبخ على حطب الأشجار ونسكن الكهوف ونستحم في الأدوية ونلبس مثل طرزان.. عند ذاك سيكون بنكيران بألف خير.
ساحة النقاش