العدد :2288 - 03/02/2014 - المهدي الكراوي
اليوم فقط فهمنا أن سياسة «حابس يابس على قلبك كابس»، التي تسلكها المعارضة عندنا بمجلسي النواب والمستشارين في مواجهة بنكيران وحكومته، ليست سوى سياسية خاصة بالنقل التلفزي، أما ما يقع بعيدا عن كاميرات التلفزيون في الاجتماعات المغلقة وداخل اللجان فشيء آخر، والدليل أن «التبوريدا حدها الكاميرا»، بعدما اتفقت المعارضة والحكومة على عدم المساس بالامتيازات الخاصة بأجور الوزراء ومعاشاتهم، واستبعاد مقترح لتخفيض أجور الوزراء وجعلها متساوية مع أجور البرلمانيين.
وتمثلا للمثل الشعبي «لا تقطع عادة لا تتعادى»، فقد فضلت الحكومة الإبقاء على جميع الامتيازات المالية التي يتمتع بها الوزراء، بما فيها تقاعدهم الذي يكلف ميزانية الدولة ما يكلفه «غسيل الفندق»، لكن مع ذلك يجد الوزير بدون حقيبة عبد الله باها «الوجه لحمر» ليقول تحت قبة البرلمان: «لا يجب تضييق الخناق كثيرا على الوزراء حتى لا يأتي وقت لا نجد فيه من يتقلد منصب وزير»، كما لو أن «اللي وجهو وجه» تضييق الخناق عليه هو هذا الشعب وأولئك المعطلون وآلاف الموظفين الذين يعانون ردحا من الزمن من جمود أجورهم ومعهم كل الأسر المغربية التي تكابد يوميا ارتفاع الأسعار.
لكن الذي لم يخطر على بال الوزير باها هو أن اليوم الذي لن نجد فيه من يريد تقلد منصب وزير «هاداك هو يوم السعد»، بالنسبة إلى الديمقراطية في هذا البلد، فعلى الأقل سنكون أمام وزراء «عندهم النفس»، وقلبهم على البلد وعلى الشعب وليس على الشوكولاته وسيارات المرسيدس والامتيازات الوظيفية التي يمنحها منصب وزير في المغرب، لأن حب الوطن والوطنية لا يقاس بالأجر والمعاش بالملايين، وإذا ما حصل يوما في المغرب أن أحدا لا يريد تقلد منصب وزير فإن باها سيكون قد أخطأ العنوان، لأن «إمارة الدار على باب الدار».
إن منطق الوزير باها يسمى الطمع، وما يقومون به حاليا إزاء أجور ومعاشات الوزراء التي لا يريدون المساس بها ويطمحون إلى تسمينها، ليس سوى «زيد الشحمة على ظهر المعلوف»؛ وعوض أن تظهر الحكومة إرادة قوية لإرجاع «الشان» لمنصب وزير عبر تخفيض تعويضاته طالما أنه في مهمة انتدابية ليخدم الشعب، نرى أنها «ضارباها النفس» ليس على الشعب الذي صوت لصالحها كي تصلح حاله، بل على امتيازات أعضائها ومعاشاتهم وسيارات الخدمة وسفرياتها في الدرجة الأولى، متناسية أن الوزراء وجدوا «باش يدمرو ماشي باش يتفيكو ويديرو لاباس»، وقديما كان المغاربة يقولون «بالحفا والجفا بحال خدام الشرفا».
وخلال أسبوع واحد، رأينا توزيعا رائعا للأدوار ما بين قادة العدالة والتنمية، فالبرلماني بوانو قام بواجبه في البرلمان وأدى دور الدرع المضاد للرصاص، وظهر عبر الشاشة «كايطاكي» على بنكيران، فيما الأخير ظهر «ناشط مع راسو» ومنشرح الصدر في الصفوف الأولى من مسرح محمد الخامس يغالب دموع الضحك أمام «عين السبع»، اسم العرض الساخر الأخير لحسن الفذ؛ أما البرلماني عبد العزيز أفتاتي فكان نصيبه هو أن أركبوه فوق بغل و»صيفطوه» كي يفك العزلة عن سكان أنفكو في قمم جبال الأطلس.
وإذا كان الناس قديما يقولون «ربك رب العطا يعطي برد على قد الغطا»، فقد ظهر ذلك جليا على بنكيران حين كان ملفوفا في «ترواكار ديال المليفة» وعلى رأسه طربوش «ديال الفورير»، و»ميت بالضحك» مع حسن الفذ في مسرح العاصمة؛ أما مغاربة أنفكو وتونفيت ودوار أغدو «اللي شاداهم التقفقيفة في العظام» بسبب الفقر والبرد، فأرادوا أن يفكوا عنهم العزلة بواسطة بغل وعلى ظهره برلماني من «البيجيدي».
ومع أن الحكاية تقول إن الناس سألوا يوما البغل: «شكون بّاك؟ قاليهم العود خالي»، فإن المقصود من كل ذلك أنها «ما بقاتش فلبغل بقات في البردعة آش فيها آالسي أفتاتي !
ساحة النقاش