شرشبيل و السنافر المغربية
<!--<!--
“رأي اليوم” أيوب رضواني* كاتب مغربي
وثائقي للجزيرة حول “السنافر والقرية المفقودة”. شخصيات كرتونية بلجيكية اخترعت قبل 60 عاما، حملت من البساطة والتعقيد، عالجت ظواهر ورسمت شخصيات وأحلاما وكوابيسا بسلاسة والروعة؛ من الناس من وجد في السلسة “السنفور الملك” تجسيدا لشخصية هتلر، ومنهم من اعتبر شرشبيل على وزن إسرائيل…فهل يمكن إسقاط واقع سنافر الغابة على ما يعيشه سنافر المملكة؟!
قرية تضم 99 سنفورا وسنفورة واحدة، بشرتهم زرقاء بسيطة تلغي التمييز على أساس العرق أو اللون أو حتى طبقة المجتمع، فلا ترى سنفورا (مثقفا) يدعى امتلاك الأرض على أساس عرقي لأنه أقدم إنسان استوطنها، ولا تسمع بسنفور قوي البنية يخالف القوانين لقرابته من بابا سنفور!
السنافر أقزام يعيشون خارج الزمن (متوقف) ما يذكر بتقرير للبنك الدولي عن أحوال سنافر المملكة السعيدة، وأنهم خارج زمنهم؛ فهم من ناحية المعيشة مكافئون لسنافر فرنسا سنة 58، إسبانيا سنة 63 والبرتغال سنة 65!!
ورغم كون السنافر يعيشون في قرية معزولة (مفقودة)، فإنها توفر لهم كل أسباب الرفاه والسعادة، ما لا يضطرهم لفتح الأبواب مشرعة باتفاقيات للتبادل الحر وسياحة جنسية، وانتظار الرفاه من نموذج تنموي موعود مفقود!!!
في قرية السنافر تتعاون كل الأطياف؛ تجد الشجاع يدافع عن الخجول والنشيط يساعد الكسول، بعيدا عن منطق (راسي يا راسي) و غير تفوتني و تجي فاش بغات!!
شعب السنافر يملك منازل جذابة كروية بسيطة، فلن تلقى سنفورا يبيعهم علب كبريت كمنازل اقتصادية محققا ثروة بسرعة البرق! أشكال السنافر الكروية وبيوتهم الدائرية المصنوعة من الفطر الخالية من الزاويا، دليل بساطة حياتهم وخلوها من التعقيد، فلا يبيتون في العراء لأيام انتظارا لرسالة 1212، ولا يمضون سنة في انتظار موعد سكانير!!
لا ينغص صفاء وسعادة القرية غير (شرشبيل) الشرير الساذج، من يخسر (الاستحقاقات) كل مرة رغم إدعائه امتلاك الكاريزما وحس القيادة.شرشبيل يريد القضاء، أو على الأقل تلقين السنافر درسا (إعادة تربيتهم)، ولو كان ذلك آخر شيء في حياته، فهل ينجح؟!!
شرشبيل مخداع، تحوم حوله شبهات فساد، شرير ويعتقد نفسه راشدا مقارنة بالسنافر، فلا يقوم بشيء عن أمره، إن هو إلّا وحي يوحى!! ينظر للسنافر على أنها كائنات فاقدة الأهلية، لا تعرف مصلحتها محتاجة دائمة لرعاية سامية.
الغريب أن شخصية شرشبيل لا تخيف الأطفال، فقد حرص مؤلف القصة على تصويره بمظهر يدخل القلب، تماما كما يفعل الإعلام عامة، والأبواق المأجورة وأعمدة المخدرات المكتوبة خاصة، في تصوير الذئب حملا وديعا، و تقريب الفأر المقزز للقلوب على حساب القط الذي طالما كان رفيقا للإنسان؛ طوم وجيري.
سنفورة هي الأنثى الوحيدة بين كل ذكور السنافر، ومع ذلك نادرا ما يتقرب إليها أحد؛ كحال سنفورة المياه المعدنية؛ فرغم تفردها باستغلال الماء دون وجه حق، غالبا ودائما، لا يجرؤ أحد على مساءلتها.
سنفورة واحدة من شخصيات قام شرشبيل بإرسالها للقرية كحصان طروادة لتثير الفوضى؛ رمز الأحادية والإحتكار وتشتيت والتحكم بالسنافر من الداخل؛ فنرى سنفور محتكر المحروقات، سنفور البنوك، سنفور المعادن، سنفور العقار، سنافر المقالع وأعالي البحار…
سنفورة (وأشباهها) لم تنل إعجاب أحد بشعرها القصير الأسود، إلى أن قرر (بابا سنفور) تقديم دعمه الكامل لها إعلاميا وسياسيا فتغير مظهرها، لتصبح شقراء جذابة ترتدي تنورة قصيرة وحذاء بكعب عال. حينها، جن جنون السنافر وبدأ الصراع بينهم على إرضاءها، لكنها قررت تجاهلهم جميعا والاستمتاع بالمشاكل التي تتسبب بها. فهل يستفيق السنافر من غفلتهم؟!..حفظ الله الوطن.
ساحة النقاش