السيناريوهات في لبنان.. بين زيارة ماكرون والتحريض على حزب الله
<!--<!--
السبت ٢٩ أغسطس ٢٠٢٠ - ٠٢:٥٥ بتوقيت غرينتش
يعود الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون الثلاثاء المقبل إلى لبنان كما وعد اللبنانيين في إطار البروباغاندا التي سبقته إلى بيروت بعد انفجار المرفأ. لعودة ماكرون دوافع وسيناريوهات يريد فرضها على المشهد السياسي اللبناني في محاولة لاستعادة دور فرنسا (الأم الحنون) في لبنان. لكن الحيثيات المشبوهة وموقع ماكرون داخليا وخارجيا لا يجعل من هذه السيناريوهات مقبولة لدى شريحة كبيرة جدا من اللبنانيين.
العالم - قضية اليوم - حسين الموسوي
هناك خطّان يتأرجح بينهما الوضع السياسي في لبنان. الأول التدخلات الخارجية لفرض معادلة جديدة من خلال الحكومة التي تنتظر التكليف والتشكيل. والثاني الحملة التي بدأت تتضح وتقوى من الداخل والخارج ضد حزب الله وربطه بنترات الأمونيوم التي انفجرت في مرفأ بيروت.
المصادر الفرنسية كشفت أنّ ماركون اعتبر أنّ الحرب الاهلية حاصلة لا محالة إذا ما تخلى المجتمع الدولي عن لبنان وتركه لمصيره. لكن لأي مواطن لبناني أن يسأل متى كان المجتمع الدولي مهتما بلبنان لأجل لبنان؟ وما المقصود بتعبير يترك لمصيره؟
قليل من التفكير يقودنا إلى أنّ ماكرون حرص على ممارسة لعبة التصريحات العاطفية في زيارته الأولى إلى لبنان، وكلامه المباشر بأنّ النظام السياسي اللبناني يحتاج للتغيير. وكان المستمع للرئيس الفرنسي يظن أنّه مولود لأم وأب لبنانيين. لكن لا يبدو ماكرون قادرا على ترجمة تصريحاته العاطفية على الأرض. فهو يفتقد للمصداقية ويبحث عنها أمام مواطنيه داخليا وأمام زملائه الأوروبيين. وبالتالي فإن تحركاته اللبنانية لا تنم عن دوافع بريئة بل تشير إلى أنّ باريس تسعى لقيادة مشروع غربي لترسيخ معادلة جديدة في لبنان تقوم على الآتي:
- القاعدة الاولى هي ما قاله ماكرون للرئيس الأميركي دونالد ترامب وإقناعه بأنّ الضغط على بيروت لن يضعف حزب الله وحلفائه وبالتالي لا بد من سياسة جديدة تقوم على تشكيل حكومة يستبعد منها الحزب بذريعة حكومة تكنوقراط (وهو ما أكد الأمين العام لحزب الله السيد حسن نصرالله رفضه بشكل قاطع)؛
- الحكومة الجديدة في حال تشكيلها وفقا للرؤية الفرنسية الغربية ستكون سهلة أمام مساعي باريس وحلفائها لتمرير انتخابات جديدة رغم الجو غير المناسب في لبنان. والانتخابات ستكون بوابة لتغييرات تستهدف الحزب ومن معه حيث سيعمل على انتاج اكثرية وإن بالتزوير لضرب صورة حزب الله وإضعاف وجوده حتى وإن كان ذلك إعلاميا فقط؛
- التلويح بمزيد من العقوبات والفقر والاقتصاد المنهار في حال رفض الرؤية الفرنسية الغربية، وهذا ما يبدو واضحا في كلام ماكرون حول وقوع حرب أهلية في حال ترك لبنان والمقصود في حال عدم قبول خطته؛
كل ذلك ترافق مع تحريض متزايد في الأيام الأخيرة ضد حزب الله وربطه بانفجار مرفأ بيروت. والتحريض يركز فقط على اتهامات لا أساس لها إلّا في عقول من يديرون هذه الحملة لدى الأطراف والإعلام داخل لبنان وخارجه.
أولا: حملة التحريض تقودها وزارة الحرب الإسرائيلية والموساد. وذلك باعتراف الإعلام الإسرائيلي الذي كشف أنّ الموساد هو من ينسق ويشرف على الحملات التحريضية ضد حزب الله فيما يتعلق بانفجار بيروت، معتبرا ذلك فرصة تاريخية للتصويب على الحزب.
ثانيا: التجارب السابقة تؤكد أنّ الاتهامات المساقة ضد الحزب تخدم أولا وأخيرا الاحتلال الإسرائيلي. وذلك وفقا لتجارب عدة حصلت في أكثر من دولة تبين لاحقا أنها من تدبير الموساد
* قضية نترات الامونيوم في تايلند عام 2012 والتي اتهم فيها المواطن اللبناني-السويدي حسين عتريس والتي اتضح لاحقا أنها مواد شرعية وتم شراؤها بشكل شرعي لكن سجلت على أنها نترات أمونيوم لاتهام حزب الله بالتخطيط لتنفيذ هجمات
* قضية نترات الأمونيوم في قبرص عام 2015. والتي اتهم فيها المواطن اللبناني حسين بسام عبدالله. المعلومات تكشف أنه أمام إنكار عبدالله على التهم الموجهة إليه من قبل السلطات القبرصية أقنعه محاميه بقبول صفقة يسجن فيها 6 سنوات بدل 14 سنة. الملفت أنّ محاميه الذي هندس هذه الصفقة لكي يعترف عبدالله تحت التهديد ويستغل الموساد القضية أوصلت المحامي إلى منصب وزير الدفاع القبرصي وهو سافاس أنغليديس
المشترك في كل تجارب السابقة هو أنّ الموساد كان الطرف الذي أبلغ سلطات تلك الدول بموضوع الأمونيوم، وهو من ضغط لإدانة المتهمين حتى بدون أدلة.
بين التحريض ضد حزب الله وبين زيارة ماكرون، يبدو أن المشهد المقبل سيعيش حالة من الضغط القوي على لبنان وعض على الأصابع بين ممثلي المشروع الغربي والقوى اللبنانية.
ساحة النقاش